سورة الأنعام

مكية غير ست آيات، وهي مائة وخمس وستون آية كوفي، ست بصري، ﴿لست عليكم بوكيل﴾ (1) كوفي، ﴿كن فيكون﴾ (2) و ﴿إلى صرا ط مستقيم﴾ (3) غيرهم.

وفي حديث أبي: " أنزلت علي الأنعام جملة واحدة يشيعها سبعون ألف ملك لهم زجل (4) بالتسبيح والتحميد، فمن قرأها صلى عليه أولئك السبعون ألف ملك بعدد كل آية من الأنعام يوما وليلة " (5).

وروى الحسين بن خالد عن الرضا (عليه السلام) مثل ذلك إلا أنه قال: " سبحوا له إلى يوم القيامة " (6).

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون (1) هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون(2) ﴾

﴿وجعل الظلمات والنور﴾ أي: أنشأهما وأحدثهما، والفرق بين الخلق والجعل: أن الخلق فيه معنى التقدير، والجعل فيه معنى التصيير (7) كإنشاء شئ من شئ أو تصيير شئ شيئا أو نقله من مكان إلى مكان، ومن ذلك: ﴿وجعل منها زوجها﴾ (8) ﴿وجعل الظلمات والنور﴾ ﴿وخلقناكم أزواجا﴾ (9)، والمعنى: أنه ﴿خلق السماوات والأرض﴾ وما اشتملا عليه من أجناس المخلوقات، وأنشأ الليل والنهار وما لا يقدر عليه سواه ﴿ثم﴾ إنهم ﴿يعدلون﴾ به مالا يقدر على شئ منه، وهذا استبعاد لفعلهم، وكذلك ﴿ثم أنتم تمترون﴾ استبعاد لأن يمتروا فيه بعد أن ثبت أنه محييهم ومميتهم وباعثهم، وقوله: ﴿ثم قضى أجلا﴾ معناه: كتب وقدر أجلا، يعني: أجل الموت ﴿وأجل مسمى عنده﴾ أجل القيامة، وقيل: الأجل الأول ما بين أن يخلق إلى أن يموت، والثاني ما بين الموت والبعث (10).

﴿وهو الله في السماوات وفى الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون (3) وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين (4) فقد كذبوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزءون(5) ﴾

﴿في السماوات﴾ متعلق بمعنى اسم الله، كأنه قيل: وهو المعبود فيهما، ومثله قوله: ﴿وهو الذي في السماء إله وفى الأرض إله﴾ (11) أو هو المعروف بالإلهية أو المتوحد بالإلهية فيهما، وعلى هذا فقوله: ﴿يعلم سركم وجهركم﴾ تقرير له، لأن من استوى في علمه السر والعلانية هو الله وحده (12)، ويجوز أن يكون ﴿هو﴾ ضمير الشأن و ﴿الله... يعلم سركم وجهركم﴾ مبتدأ وخبرا و ﴿في السماوات﴾ يتعلق ب? ﴿يعلم﴾ (13)، ويجوز أن يكون ﴿في السماوات﴾ خبرا بعد خبر على معنى أنه الله، وأنه في السماوات والأرض بمعنى أنه عالم بما فيهما لا يخفى عليه شئ منه، فكأن ذاته فيهما، و ﴿يعلم سركم وجهركم﴾، خبر ثالث أو كلام مبتدأ بمعنى: هو يعلم سركم وجهركم ﴿ويعلم ما تكسبون﴾ من الخير والشر ويثيب عليه ويعاقب، و ﴿من﴾ في قوله: ﴿من آية﴾ للاستغراق، و ﴿من﴾ في ﴿من آيات ربهم﴾ للتبعيض، أي: وما يظهر لهم دليل من الدلائل التي يجب فيها النظر وبها يحصل الاعتبار ﴿إلا كانوا﴾ عنه (14) ﴿معرضين﴾ لا يلتفتون إليه ولا يستدلون به ﴿فقد كذبوا بالحق﴾ الذي أتاهم به محمد (صلى الله عليه وآله) وهو القرآن الذي تحدوا به فعجزوا عنه ﴿فسوف يأتيهم﴾ أخبار الشئ الذي استهزأوا به وهو القرآن، أي: سيعلمون بأي شئ استهزأوا في الآخرة أو في الدنيا.

﴿ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكنهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهر تجرى من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين(6) ﴾ مكن له في الأرض: جعل له مكانا، ومكنه في الأرض: أثبته فيها، ومنه قوله تعالى: ﴿ولقد مكنهم فيما إن مكنكم فيه﴾ (15)، ولتقارب المعنيين جمع بينهما في قوله: ﴿مكنهم في الأرض ما لم نمكن لكم﴾ والمعنى: ﴿ألم﴾ ير كفار قريش ﴿كم أهلكنا من﴾ أمة، وكل أمة مقترنة في وقت قرن، أعطيناهم من البسطة في الأجسام والسعة في الأموال ما لم نعطكم، عدل عن الغيبة إلى الخطاب على طريقة الالتفات ﴿وأرسلنا السماء﴾ يعني: المطر هنا ﴿عليهم مدرارا﴾ مغزارا، والمراد به: الغيث والبركة ﴿وأنشأنا﴾ وخلقنا من بعد هلاكهم أمة أخرى، وفيه دلالة على أنه سبحانه لا يتعاظمه أن يفني عالما وينشئ عالما آخر كقوله: ﴿ولا يخاف عقبها﴾ (16).

﴿ولو نزلنا عليك كتبا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين (7) وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضى الامر ثم لا ينظرون (8) ولو جعلنه ملكا لجعلنه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون (9) ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون (10)﴾ ﴿كتبا﴾ أي: مكتوبا ﴿في قرطاس﴾ في صحيفة ﴿فلمسوه بأيديهم﴾ ولم يقتصر بهم على الرؤية والمعاينة لئلا يقولوا: ﴿سكرت أبصرنا﴾ (17)، لقالوا: ﴿إن هذا إلا سحر﴾ لعظم عنادهم وقسوة قلوبهم ﴿لولا أنزل﴾ أي: هلا أنزل على محمد (صلى الله عليه وآله) ﴿ملك﴾ نشاهده فنصدقه ﴿ولو أنزلنا ملكا﴾ على ما اقترحوا ﴿لقضى الامر﴾ أي: لقضي أمر (18) إهلاكهم ﴿ثم لا ينظرون﴾ بعد نزوله طرفة عين، لأنهم لا يؤمنون عند مشاهدة تلك الآية التي لا شئ أبين منها فتقتضي الحكمة استئصالهم ﴿ولو جعلناه ملكا﴾ أي: ولو جعلنا الرسول ملكا كما اقترحوه ﴿لجعلنه رجلا﴾ لأرسلناه في صورة رجل كما كان ينزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أعم الأحوال في صورة دحية الكلبي (19) ﴿وللبسنا﴾ ولخلطنا ﴿عليهم ما﴾ يخلطون على أنفسهم حينئذ، فإنهم يقولون إذا رأوا الملك في صورة

رجل: هذا إنسان وليس بملك، وكذبوه كما كذبوا محمدا (صلى الله عليه وآله)، فإذا فعلوا ذلك خذلوا كما أنهم مخذولون اليوم، فهذا لبس الله عليهم ﴿ولقد استهزئ﴾ تسلية للنبي (صلى الله عليه وآله) عما كان يلقاه من قومه " فحاق بهم " فأحاط بهم الشئ الذي ﴿كانوا... يستهزءون﴾ به وهو الحق حيث أهلكوا من أجل الاستهزاء به، وقيل: فأحاط بهم العذاب الذي يسخرون من وقوعه (20).

﴿قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عقبة المكذبين (11) قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيمة لا ريب فيه الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون (12) وله ما سكن في اليل والنهار وهو السميع العليم (13)﴾

﴿سيروا في الأرض﴾ سافروا فيها ﴿ثم انظروا﴾ (21) بأبصاركم وتفكروا بقلوبكم ﴿كيف كان عقبة المكذبين﴾ المستهزئين بالرسل من الأمم السالفة ﴿لمن ما في السماوات والأرض﴾ سؤال تبكيت، و ﴿قل لله﴾ تقرير لهم، أي: هو لله لا خلاف بيني وبينكم في ذلك، ولا تقدرون أن تضيفوا شيئا منه إلى غيره ﴿كتب على نفسه الرحمة﴾ أي: أوجبها على ذاته في هدايتكم إلى معرفته ونصب الأدلة لكم على توحيده بما أنتم تعترفون به من خلق السماوات والأرض، وقيل: أوجب الرحمة على نفسه في إمهال عباده ليتداركوا ما فرط منهم ويتوبوا (22)، وقيل: كتب الرحمة لأمة محمد (صلى الله عليه وآله) بأن لا يعذبهم في الدنيا بعذاب الاستئصال بل يؤخرهم إلى يوم القيامة (23)، ثم فسر الرحمة بقوله: ﴿ليجمعنكم إلى يوم القيمة﴾ على ما ذكرنا أن المراد به إمهال العاصي ليتوب أو تأخير عذابهم، وقيل: إنه وعيد على كفرهم وتركهم النظر، ومعناه: ليجمعن آخركم إلى أولكم قرنا بعد قرن ﴿إلى يوم القيمة﴾ فيجازيكم على شرككم (24) ﴿الذين خسروا أنفسهم﴾ قيل: هو بدل من الكاف والميم في ﴿ليجمعنكم﴾ وعلى هذا فلا يجوز الوقف على ﴿لا ريب فيه﴾ (25).

والصواب: الوقف والابتداء ب? ﴿الذين خسروا﴾ وخبره ﴿فهم لا يؤمنون﴾ (26) والمعنى: الذين خسروا أنفسهم لاختيارهم الكفر فهم لا يصدقون بالحق (27)، ﴿وله﴾ عطف على ﴿لله﴾، ﴿ما سكن﴾ وتمكن ﴿في اليل والنهار﴾ ذكر في الأول السماوات والأرض وذكر هنا الليل والنهار، فالأول يجمع المكان والثاني يجمع الزمان، وهما ظرفان لجميع الموجودات من الأجسام والأعراض.

والمراد بالسكون هنا الحلول والسكنى.

﴿قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين (14) قل إني أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم (15) من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين (16)﴾ الإنكار في اتخاذ غير الله وليا لا في اتخاذ الولي، فلذلك أولاه همزة الاستفهام دون الفعل الذي هو ﴿أتخذ﴾ ونحوه: ﴿أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون﴾ (28)، ﴿فاطر السماوات والأرض﴾ أي: منشئهما وخالقهما من غير احتذاء على مثال ﴿وهو يطعم ولا يطعم﴾ أي: وهو يرزق ولا يرزق، والمعنى: أن المنافع كلها من عنده، ولا يجوز عليه الانتفاع ﴿قل إني أمرت﴾ أي: أمرني ربي ﴿أن أكون أول من أسلم﴾ لأن النبي سابق أمته في الإسلام، كقوله: ﴿وأنا أول المسلمين﴾ (29)، ﴿ولا تكونن﴾ أي: وقيل لي: ﴿ولا تكونن من المشركين﴾ أي: أمرت بالإسلام ونهيت عن الشرك ﴿من يصرف عنه﴾ العذاب ﴿يومئذ فقد رحمه﴾ الله الرحمة العظمى وهي النجاة، كما تقول: من أطعمته من جوع فقد أحسنت إليه تريد فقد أتممت الإحسان إليه، أو فقد أثابه وأدخله الجنة، لأن من لم يعذب فلابد أن يثاب.

وقرئ: " من يصرف عنه " على البناء للفاعل (30)، والمعنى: من يصرف الله عنه في ذلك اليوم أي: من يدفع الله عنه ويحفظه، وترك ذكر المصروف وهو العذاب، لكونه معلوما أو مذكورا قبله.

﴿وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شئ قدير (17) وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير (18) قل أي شئ أكبر شهدة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحى إلى هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله وا حد وإنني برئ مما تشركون (19) الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون (20)﴾ ﴿وإن يمسسك الله بضر﴾ من مرض أو فقر أو مكروه ﴿فلا﴾ قادر على كشفه ﴿إلا هو وإن يمسسك بخير﴾ من صحة أو غنى ﴿فهو على كل شئ قدير﴾ يقدر على إدامته وإزالته ﴿وهو القاهر فوق عباده﴾ هذا تصوير للقهر والعلو بالغلبة والقدرة، كقوله: ﴿وإنا فوقهم قاهرون﴾ (31) يريد أنهم تحت تسخيره وتذليله، و ﴿الخبير﴾ العالم بكل ما يصح أن يخبر به، والشئ أعم العام لوقوعه على كل ما يصح أن يعلم ويخبر عنه ﴿قل أي شئ﴾ أعظم ﴿شهدة﴾ وأصدق ﴿قل الله شهيد بيني وبينكم﴾ يشهد لي بالنبوة وتبليغ الرسالة إليكم وتكذيبكم إياي ﴿وأوحى إلى هذا القرآن﴾ حجة ودلالة على صدقي ﴿لأنذركم به﴾ لأخوفكم به من عذاب الله ﴿ومن بلغ﴾ أي: ولأنذر به من بلغه إلى يوم القيامة.

وروي عنهم (عليهم السلام) أن المعنى: ومن بلغ أن يكون إماما من آل محمد (صلى الله عليه وآله) فهو ينذر - أيضا - بالقرآن (32).

﴿أئنكم لتشهدون﴾ استفهام إنكاري، أي: كيف تشهدون ﴿أن مع الله آلهة أخرى﴾ بعد قيام الحجة بوحدانية الله تعالى ﴿قل لا أشهد﴾ بإثبات الشريك له ﴿قل إنما هو إله وا حد وإنني برئ مما تشركون﴾ به من الأوثان وغيرها، وهذه شهادة بالوحدانية وبراءة من كل دين يؤدي إلى الشرك.

﴿ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون (21) ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون (22) ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين (23) انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون (24)﴾ وقرئ: " ويوم يحشرهم ثم يقول " بالياء (33) أي: يحشرهم الله ﴿أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون﴾ أنها تنفعكم، وأضيف الشركاء إليهم لأنهم اتخذوها لأنفسهم ﴿ثم لم تكن فتنتهم﴾ أي: كفرهم، أي: لم تكن عاقبة كفرهم وشركهم إلا جحوده والتبرؤ منه والحلف على الانتفاء (34) منه، وقيل: معناه: لم تكن معذرتهم حين وبخوا بشركهم، أو لم يكن جوابهم حين سئلوا واختبر ما عندهم بالسؤال إلا هذا القول (35).

وقرئ: " لم تكن " بالتاء و " فتنتهم " بالنصب (36)، وإنما أنث ﴿أن قالوا﴾ لوقوع الخبر مؤنثا كقولهم: " من كانت أمك "، وقرئ بالياء ونصب " الفتنة " (37)، وقرئ بالتاء والياء ورفع " الفتنة " (38)، وقرئ: " ربنا " بالنصب (39) على الدعاء والنداء ﴿وضل عنهم ما كانوا يفترون﴾ أي: يفترون إلهيته وشفاعته، وإنما يصح وقوع الكذب منهم مع اطلاعهم على حقائق الأمور ومعارفهم الضرورية لما يلحقهم من الدهش والحيرة من أهوال ذلك اليوم وشدائده، والمبتلى قد ينطق بما لا ينفعه من غير روية وفكر في عاقبته.

﴿ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفى آذانهم وقرا وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين (25) وهم ينهون عنه وينون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون (26)﴾ روي أنه اجتمع الوليد بن المغيرة (40) وأبو جهل وأبو سفيان والنضر (41) وعتبة (42) وشيبة (43) وأضرابهم (44) يستمعون تلاوة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقالوا للنضر: يا أبا قتيلة ما يقول محمد؟فقال: والذي جعلها بيته - يعني الكعبة - ما أدري ما يقول، إلا أنه يحرك لسانه ويقول أساطير الأولين مثل ما حدثتكم، وقال أبو سفيان: إني لا أراه حقا، فقال أبو جهل: كلا، فنزلت (45).

والأكنة على القلوب والوقر في الآذان، مثل في نبو (46) قلوبهم وأسماعهم عن قبوله، وأسند الفعل إلى نفسه في قوله: ﴿وجعلنا﴾ ليدل على أنه أمر ثابت مستقر فيهم كأنهم مجبولون عليه، أو هي حكاية لما كانوا ينطقون به من قولهم: ﴿وفى آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب﴾ (47)، و ﴿يجادلونك﴾ في موضع الحال، و ﴿يقول الذين كفروا﴾ تفسير لجدالهم، والمعنى: أنه بلغ تكذيبهم بالآيات إلى أنهم يجادلونك ويناكرونك ويجعلون كلام الله الذي هو أصدق الحديث أكاذيب وخرافات، وهي الغاية في التكذيب ﴿وهم ينهون﴾ الناس عن القرآن وعن الرسول واتباعه، ويثبطونهم عن التصديق به ﴿وينون عنه﴾ بأنفسهم فيضلون ويضلون ﴿و﴾ ما ﴿يهلكون إلا أنفسهم﴾ ولا يتعدى ضررهم إلى غيرهم وإن ظنوا أنهم يضرون رسول الله (صلى الله عليه وآله) (48).

﴿ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين (27) بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكذبون (28)﴾

جواب ﴿لو ترى﴾ محذوف، والتقدير: لرأيت أمرا فظيعا (49)، والمعنى: ولو ترى إذ أطلعوا على النار حتى يعاينوها، أو أدخلوها فعرفوا مقدار عذابها، من قولك: وقفته على كذا: إذا عرفته وفهمته (50) ﴿فقالوا يا ليتنا نرد﴾ تم هنا تمنيهم، ثم ابتدأوا ﴿ولا نكذب﴾ أي: ونحن لا نكذب ﴿بآيات ربنا﴾ ونؤمن، ويجوز أن يكون معطوفا على ﴿نرد﴾ أو حالا على معنى: يا ليتنا نرد غير مكذبين وكائنين من المؤمنين، فيدخل تحت حكم التمني (51).

وقرئ: ﴿ولا نكذب﴾ و ﴿نكون﴾ بالنصب بإضمار " أن " على جواب التمني، ومعناه: إن رددنا لم نكذب ونكن من المؤمنين ﴿بل بدا لهم ما كانوا يخفون﴾ من الناس من قبائحهم وفضائحهم في صحفهم وبشهادة جوارحهم عليهم، فلذلك تمنوا ما تمنوا ضجرا لا أنهم عازمون على أنهم لو ردوا لآمنوا ﴿ولو ردوا﴾ إلى الدنيا ﴿لعادوا لما نهوا عنه﴾ من الكفر ﴿وإنهم لكذبون﴾ فيما وعدوا من أنفسهم لا يفون به.

﴿وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين (29) ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون (30)﴾ ﴿وقالوا﴾ عطف على قوله: ﴿لعادوا﴾ أي: ولو ردوا لكفروا وقالوا: ما ﴿هي إلا حياتنا الدنيا﴾ كما كانوا يقولونه قبل معاينة القيامة، أو عطف على قوله: ﴿وإنهم لكذبون﴾ أي: وهم كاذبون في كل شئ، وهم الذين قالوا ذلك ﴿ولو ترى إذ وقفوا على ربهم﴾ للتوبيخ والسؤال كما يوقف العبد الجاني بين يدي مولاه (52)، وقيل: وقفوا على جزاء ربهم (53)، وقيل: عرفوه حق التعريف (54) كما يقال: وقفته على كلام فلان، أي: عرفته إياه ﴿قال أليس هذا بالحق﴾ هذا تعيير من الله لهم على تكذيبهم بالبعث ﴿بما كنتم تكفرون﴾ أي: بكفركم.

﴿قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون (31) وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون (32)﴾ ﴿كذبوا بلقاء الله﴾ ببلوغ الآخرة وما يتصل بها من الجزاء، و ﴿حتى﴾ غاية لـ ﴿كذبوا﴾ أي: دام تكذيبهم إلى حسرتهم وقت مجئ الساعة ﴿بغتة﴾ أي: فجأة، وانتصابها على الحال (55) بمعنى: باغتة، وعلى المصدر (56) بمعنى: بغتتهم بغتة ﴿فرطنا فيها﴾ الضمير للحياة الدنيا وإن لم يجر لها ذكر للعلم بها، أو للساعة على معنى: قصرنا في شأنها، نحو قوله: ﴿فرطت في جنب الله﴾ (57)، ﴿وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم﴾ هو مثل قوله: ﴿فبما كسبت أيديكم﴾ (58) لأن الأثقال تحمل على الظهور في العادة كما أن الكسب يكون بالأيدي ﴿ساء ما يزرون﴾ أي: بئس شيئا يزرون وزرهم، حذف المخصوص بالذم، وجعل سبحانه أعمال الدنيا لعبا ولهوا، لأنها لا تجدي (59) ولا تعقب نفعا كما تعقب أعمال الآخرة المنافع العظيمة، وقرئ: " ولدار الآخرة " (60) وتقديره: ولدار الساعة الآخرة، لأن الشئ لا يضاف إلى نفسه، وقوله: ﴿للذين يتقون﴾ دليل على أن ما سوى أعمال المتقين لعب ولهو.

﴿قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون (33) ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين (34)﴾ ﴿قد﴾ هاهنا بمنزلة " ربما " الذي يجئ لزيادة الفعل وكثرته، والهاء في ﴿إنه﴾ ضمير الشأن (61)، و ﴿ليحزنك﴾ قرئ بفتح الياء وضم الزاي (62)، وبضم الياء وكسر الزاي (63)، و ﴿الذي يقولون﴾ هو قولهم: ﴿لشاعر مجنون﴾ (64) و ﴿سحر كذاب﴾ (65)، ﴿فإنهم لا يكذبونك﴾ قرئ بالتشديد والتخفيف (66)، من كذبه: إذا جعله كاذبا، وأكذبه: إذا وجده كاذبا، والمعنى: أنهم لا يكذبونك في الحقيقة وإنما يكذبون الله لأنك رسوله المصدق بالمعجزات، فتكذيبك راجع إليه وإلى جحود آياته، وهذا تسلية له (عليه السلام)، وقيل: معناه: فإنهم لا يكذبونك بقلوبهم ولكنهم يجحدون بألسنتهم (67) كقوله تعالى: ﴿وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم﴾ (68)، ﴿ولكن الظالمين﴾ أقام الظاهر مقام الضمير (69) ليدل على أنهم ظلموا في جحودهم ﴿بآيات الله﴾، وعن علي (عليه السلام) أنه قرئ عنده: ﴿لا يكذبونك﴾ فقال: " بلى والله فقد كذبوه، ولكن لا يكذبونك: لا يأتون بحق أحق من حقك " (70)، ﴿ولقد كذبت﴾ تسلية أيضا ﴿فصبروا على ما كذبوا وأوذوا﴾ أي: على تكذيبهم وإيذائهم ﴿حتى﴾ جاءهم ﴿نصرنا﴾ إياهم على المكذبين ﴿ولا مبدل لكلمات الله﴾ أي: لمواعيده من قوله: ﴿ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون﴾ (71)، ﴿ولقد جاءك من نبأ المرسلين﴾ أي: بعض أنبائهم وقصصهم وما كابدوا (72) من قومهم.

﴿وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغى نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجهلين (35) إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون (36) وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون (37)﴾

كان يعظم على النبي (صلى الله عليه وآله) إعراض قومه عن الإيمان (73) وقبول دينه فنزلت (74)، ونحوه: ﴿فلعلك بخع نفسك﴾ (75)، ﴿فإن استطعت﴾ أي: إن قدرت وتهيأ لك ﴿أن﴾ تطلب ﴿نفقا في الأرض﴾ أي: سربا ومنفذا تنفذ فيه إلى ما تحتها حتى تطلع لهم آية يؤمنون عندها ﴿أو سلما في السماء فتأتيهم﴾ منها ﴿بأية﴾ فافعل، أي: إنك لا تستطيع ذلك، وحذف جواب " إن " (76)، وقيل: فتأتيهم بآية أفضل مما آتيناهم به يريد أنه لا آية أفضل منه (77) ﴿ولو شاء الله لجمعهم على الهدى﴾ بأن يأتيهم بآية ملجئة ولكنه لا يفعل لخروجه عن الحكمة ﴿فلا تكونن من﴾ الذين يجهلون ذلك ويرومون ما هو خلافه ﴿إنما يستجيب الذين يسمعون﴾، ﴿و﴾ الذين تحرص على إيمانهم بمنزلة ﴿الموتى﴾ الذين لا يسمعون، ثم وصف ﴿الموتى﴾ بأنه ﴿يبعثهم﴾ من القبور يوم القيامة ويحكم فيهم ﴿ثم إليه يرجعون﴾ فحينئذ يسمعون، وأما قبل ذلك فلا سبيل إلى إسماعهم ﴿وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه﴾ تركوا الاعتداد بما نزل عليه من آيات الله والمعجزات مع كثرتها، كأنه لم ينزل عليه شئ من الآيات عنادا منهم ﴿قل إن الله قادر على أن ينزل آية﴾ تضطرهم إلى الإيمان كنتق الجبل على بني إسرائيل ونحوه أو آية إن جحدوها جاءهم العذاب ﴿ولكن أكثرهم لا يعلمون﴾ أنه سبحانه يقدر عليه، وأن صارفا من الحكمة يصرف (78) عنه.

﴿وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شئ ثم إلى ربهم يحشرون (38) والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صرا ط مستقيم (39)﴾ جمع بهذين القولين جميع الحيوانات، لأنها لا تخلو من (79) أن تكون مما يدب على الأرض أو مما يطير ﴿إلا أمم أمثالكم﴾ مكتوبة أرزاقها وآجالها وأعمالها كما كتبت أرزاقكم وآجالكم وأعمالكم (80)، وقيل: أشباهكم في أن الله أبدعها، وفي دلالتها على وحدانيته (81)، وفي أنهم يموتون ويحشرون (82) ﴿ما فرطنا﴾ ما تركنا ﴿في الكتاب﴾ أي: في اللوح المحفوظ ﴿من شئ﴾ من ذلك لم نكتبه ولم نثبت ما وجب إثباته مما يختص به، وقيل: المراد بالكتاب القرآن لأنه تعالى ذكر فيه جميع ما يحتاج إليه من أمور الدين والدنيا إما مجملا وإما مفصلا (83) ﴿ثم إلى ربهم يحشرون﴾ (84) يعني الأمم كلها فيعوضها وينتصف لبعضها من بعض، وفيه دلالة على عظم قدرته ولطف تدبيره في الخلائق المختلفة الأجناس وحفظه لما لها وعليها، وأن المكلفين لم يختصوا بذلك دون من سواهم.

ولما ذكر من خلائقه ما يشهد لربوبيته قال: ﴿والذين كذبوا بآياتنا صم﴾ أي: صم لا يسمعون كلام المنبه ﴿وبكم﴾ لا ينطقون بالحق، خابطون في ظلمات الكفر، فهم غافلون عن تأمل ذلك ﴿من يشأ الله يضلله﴾ أي: يخذله ولا يلطف به، لأنه ليس من أهله ﴿ومن يشأ يجعله على صرا ط مستقيم﴾ أي: يلطف به لأنه من أهله.

﴿قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين (40) بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون (41)﴾ ﴿أرأيتكم﴾ (85) معناه: أخبروني، و " كم " لا محل له من الإعراب، لأنك تقول: أرأيتك زيدا ما شأنه، فلو جعلت للكاف محلا لكنت كأنك تقول: أرأيت نفسك زيدا ما شأنه، وذلك فاسد، والمعنى: أخبروني ﴿إن أتاكم عذاب الله﴾ في الدنيا ﴿أو أتتكم﴾ القيامة من تدعون؟ثم بكتهم بقوله: ﴿أغير الله تدعون﴾ أي: أتخصون آلهتكم بالدعوة كما هي عادتكم إذا أصابكم ضر أم تخصون الله دونها؟﴿بل إياه تدعون﴾ بل تخصون الله بالدعاء دون الآلهة ﴿فيكشف ما تدعون﴾ إلى كشفه ﴿إن شاء﴾ أن يتفضل عليكم بكشفه ﴿وتنسون ما تشركون﴾ أي: وتتركون آلهتكم ولا تذكرونها في ذلك الوقت.

﴿ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون (42) فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون (43) فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبوا ب كل شئ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون (44) فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العلمين (45)﴾ " البأساء " من البأس أو البؤس، و " الضراء " من الضر، وقيل: البأساء: القحط والجوع، والضراء: المرض ونقصان الأنفس والأموال (86)، والمعنى: ﴿ولقد أرسلنا﴾ إليهم الرسل فكذبوهم ﴿فأخذناهم﴾ بالبليات في أنفسهم وأموالهم لكي يتضرعوا ويخضعوا ويتذللوا ويتوبوا عن ذنوبهم ﴿فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا﴾ معناه: نفي التضرع، كأنه قيل: فلم يتضرعوا إذ جاءهم بأسنا، ولكنه جاء ب? ﴿لولا﴾ ليدل على أنه لم يكن لهم عذر في ترك التضرع إلا عنادهم وقسوة قلوبهم ﴿فلما نسوا ما ذكروا به﴾ من البأساء والضراء، أي: تركوا الاتعاظ به ﴿فتحنا عليهم أبوا ب كل شئ﴾ من الصحة والتوسعة في الرزق وأصناف النعم (87) كما يفعل الوالد البار بولده العاق يخاشنه تارة ويلاطفه أخرى طلبا لصلاحه ﴿حتى إذا فرحوا بما أوتوا﴾ من الخير والنعم ولم يزيدوا إلا على البطر والأشر وما تصدوا لتوبة ولا اعتذار ﴿أخذناهم بغتة﴾ أي: مفاجأة من حيث لا يشعرون ﴿فإذا هم مبلسون﴾ آيسون من النجاة والرحمة، وقيل: متحيرون منقطعو الحجة (88) ﴿فقطع دابر القوم﴾ أي: آخرهم لم يترك منهم أحد، واستؤصلت شأفتهم (89) بالعذاب فلم يبق لهم عقب ولا نسل ﴿والحمد لله رب العلمين﴾ على إهلاك أعدائه وإعلاء كلمته، وهذا إيذان بوجوب الحمد لله عند هلاك الظلمة وأنه من أجل النعم.

﴿قل أرءيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون (46) قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون (47) وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون (48) والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون (49)﴾ ﴿إن أخذ الله سمعكم وأبصركم﴾ بأن يصمكم ويعميكم ﴿وختم على قلوبكم﴾ بأن يغطي عليها ما يذهب عقلكم ويسلب تمييزكم ﴿من إله غير الله يأتيكم﴾ بما أخذ منكم وختم عليه، أو أراد يأتيكم بذاك، فوضع الهاء موضع اسم الإشارة ﴿انظر كيف نصرف الآيات﴾ أي: نوجهها في الجهات التي نظهرها أتم الإظهار، مرة في جهة النعمة ومرة في جهة الشدة ﴿ثم هم يصدفون﴾ أي: يعرضون عنها بعد ظهورها، وإنما قابل البغتة بالجهرة لما في البغتة من معنى الخفية وهو وقوع الأمر من غير أن يشعر به وتظهر أماراته (90)، وعن الحسن: ليلا أو نهارا (91) ﴿هل يهلك﴾ أي: ما يهلك هلاك تعذيب وسخط ﴿إلا القوم الظالمون﴾ الذين ظلموا بكفرهم وفسادهم ﴿إلا مبشرين﴾ من آمن بهم وبما جاءوا به ﴿ومنذرين﴾ من عصاهم وكذبهم ﴿يمسهم العذاب﴾ جعل العذاب ماسا، كأنه حي يفعل بهم ما يريد من الآلام، ونحوه: ﴿إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا﴾ (92).

﴿قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلى قل هل يستوى الأعمى والبصير أفلا تتفكرون (50)﴾ أي: ﴿لا﴾ أدعي ملك ﴿خزائن﴾ رحمة ﴿الله ولا أعلم الغيب﴾ الذي يختص الله تعالى بعلمه، وإنما أعلم منه ما يعلمني الله ويخصني به ﴿ولا أقول لكم إني ملك﴾ لأني إنسان تعرفون نسبي، لا أقدر على ما يقدر عليه الملك ﴿إن أتبع إلا ما يوحى إلى﴾ أي: ما أنبئكم بما كان فيما مضى وما يكون فيما يستقبل إلا بالوحي ﴿قل هل يستوى الأعمى والبصير﴾ أي: الضال والمهتدي ﴿أفلا تتفكرون﴾ فلا تكونوا ضالين أشباه العميان وتنصفوا من أنفسكم.

﴿وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولى ولا شفيع لعلهم يتقون (51) ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شئ وما من حسابك عليهم من شئ فتطردهم فتكون من الظالمين (52)﴾

﴿وأنذر به﴾ الضمير يرجع إلى ﴿ما يوحى﴾، و ﴿الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم﴾ الذين يعترفون بالبعث والحشر (93).

الصادق (عليه السلام): " أنذر بالقرآن الذين يرجون الوصول إلى ربهم، ترغبهم فيما عنده، فإن القرآن شافع مشفع " (94).

﴿ليس لهم من دونه﴾ أي: من دون الله ﴿ولى ولا شفيع﴾ فإن شفاعة الشافعين من الأنبياء والمؤمنين تكون بإذن الله تعالى فهي راجعة إليه سبحانه، على أن هذه الجملة في موضع الحال من ﴿يحشروا﴾ والمعنى: يخافون أن يحشروا غير منصورين ولا مشفوعا لهم، ولابد من هذه الحال، لأن كل الناس محشور، فالمخوف إنما هو الحشر على هذه الحال.

ثم ذكر سبحانه المتقين وأمر بتقديمهم وتقريبهم، فقال: ﴿ولا تطرد الذين يدعون ربهم﴾ يعبدونه ﴿بالغدوة والعشي يريدون وجهه﴾ يطلبون ثوابه ويبتغون مرضاته، والوجه يعبر به عن ذات الشئ وحقيقته.

روي: أن رؤساء قريش قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله): لو طردت هؤلاء الأعبد - يعنون فقراء المؤمنين - جلسنا إليك، فقال (عليه السلام): ما أنا بطارد المؤمنين، قالوا: فأقمهم عنا إذا جئنا، قال: نعم، طمعا في إيمانهم فأنزل الله عليه هذه الآية (95).

﴿ما عليك من حسابهم من شئ﴾ كقوله: ﴿إن حسابهم إلا على ربى﴾ (96)، وذلك أنهم طعنوا في دينهم وإخلاصهم، والمعنى: ولو كان الأمر كما يقولون عند الله فما عليك إلا اعتبار الظاهر، وإن كان باطنهم غير مرضي فحسابهم عليهم لا يتعداهم إليك كما أن حسابك عليك لا يتعداك إليهم، كقوله: ﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى﴾ (97)، وقيل: إن الضمير للمشركين (98) والمعنى: لا يؤاخذون بحسابك ولا أنت تؤاخذ بحسابهم حتى يهمك إيمانهم ويجرك الحرص عليه إلى أن تطرد المؤمنين، وقوله: ﴿فتطردهم﴾ جواب النفي و ﴿فتكون﴾ جواب النهي، ويجوز أن يكون عطفا على ﴿فتطردهم﴾ على وجه التسبيب، لأن كونه ظالما مسبب عن طردهم (99)، وقرئ: " بالغدوة والعشي " (100) (101).

﴿وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين (53) وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلم عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهلة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم (54) وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين (55)﴾

أي: ومثل ذلك الفتن العظيم ﴿فتنا بعضهم ببعض﴾ أي: ابتليناهم بهم، وذلك أن المشركين قالوا: ﴿أهؤلاء﴾ يعنون المسلمين ﴿من الله عليهم من بيننا﴾ أي: أنعم الله عليهم بالتوفيق لإصابة الحق من دوننا ونحن الرؤساء والأشراف وهم العبيد والأنذال (102) إنكارا لأن يكون أمثالهم على الحق، ونحوه: ﴿لو كان خيرا ما سبقونا إليه﴾ (103)، ومعنى " فتناهم ": خذلناهم فافتتنوا حتى كان افتتانهم سببا لهذا القول، لأنه لا يقول مثل هذا القول إلا مفتون مخذول ﴿أليس الله بأعلم بالشاكرين﴾ أي: الله أعلم بمن يقع منه الإيمان والشكر فيوفقه للإيمان، ومن صمم على كفره يخذله ويمنعه التوفيق ﴿فقل سلم عليكم﴾ هو أمر بتبليغ سلام الله تعالى إليهم، أو أمر بأن يبدأهم بالسلام تبجيلا لهم، وكذلك قوله: ﴿كتب ربكم على نفسه الرحمة﴾ من جملة ما يقول لهم ليسروا، وقرئ: " إنه " (104) فإنه بالكسر على الاستئناف كأنه تفسير للرحمة، وبالفتح على الإبدال من الرحمة ﴿بجهلة﴾ في موضع الحال، أي: عمله وهو جاهل، بمعنى: أنه عمل عمل الجاهلين، لأن من عمل ما يستوبل عاقبته عالما بذلك فهو من أهل الجهل، ويجوز أن يراد عمله جاهلا بما يتبعه من الضرر والمكروه (105)، ومن كان حكيما لم يقدم على فعل شئ حتى يعلم حاله، وقرئ: ﴿لتستبين﴾ بالتاء والياء (106) مع رفع ﴿سبيل﴾ لأنها تذكر وتؤنث، وبالتاء على خطاب النبي (صلى الله عليه وآله) ونصب الـ " سبيل "، يقال: " استبان الأمر " و " تبين " و " استبنته " و " تبينته "، والمعنى: ومثل ذلك التفصيل البين ﴿نفصل﴾ آيات القرآن في صفة أحوال من لا يرجى إسلامه، ومن يرى فيه أمارات القبول وتباشير الإيمان، ولتستوضح سبيلهم فتعامل كلا منهم بما يجب أن يعامل به فصلنا ذلك التفصيل.

﴿قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين (56) قل إني على بينة من ربى وكذبتم به ما عندي ما تستعجلون به إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفصلين (57) قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضى الامر بيني وبينكم والله أعلم بالظالمين (58)﴾ ﴿نهيت﴾ عن عبادة ما تعبدون ﴿من دون الله﴾، ﴿قل لا أتبع أهواءكم﴾ أي: لا أجري على طريقتكم التي سلكتموها من اتباع الهوى دون اتباع الدليل ﴿قد ضللت إذا﴾ أي: إن اتبعت أهواءكم فأنا ضال ﴿وما أنا من المهتدين﴾ السالكين طريق الهدى، يعني: أنكم كذلك ﴿قل إني على بينة من ربى﴾ أي: إني من معرفة من ربي، وأنه لا معبود سواه على حجة واضحة ﴿وكذبتم به﴾ أنتم حيث أشركتم به غيره، وإذا كان الشئ ثابتا عندك ببرهان قاطع قلت: أنا على يقين منه وعلى بينة منه، وقيل: معناه: على حجة من جهة ربي وهو القرآن (107) ﴿وكذبتم به﴾ أي: بالبينة، وذكر الضمير على تأويل القرآن، ﴿ما عندي ما تستعجلون به﴾ يعني: العذاب الذي استعجلوه في قولهم: ﴿فأمطر علينا حجارة من السماء﴾ (108)، ﴿إن الحكم إلا لله﴾ في تأخير عذابكم، يقضي ﴿الحق﴾ أي: القضاء الحق في كل ما يقضي من التأخير والتعجيل ﴿وهو خير الفصلين﴾ أي: القاضين، وقرئ: ﴿يقص الحق﴾ أي: يتبع الحق والحكمة فيما يحكم به ويقدره، من قولهم: قص أثره ﴿قل لو أن عندي﴾ أي: في قدرتي ﴿ما تستعجلون به﴾ من العذاب ﴿لقضى الامر بيني وبينكم﴾ لأهلكتكم عاجلا غضبا لربي.

﴿وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمت الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتب مبين (59) وهو الذي يتوفاكم باليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون (60)﴾

الـ ﴿مفاتح﴾ جمع مفتح وهو المفتاح، وجعل سبحانه للغيب مفاتح على طريق الاستعارة، لأن بالمفاتح (109) يتوصل إلى ما في المخازن المغلقة، أراد أنه هو المتوصل إلى جميع المغيبات بذاته وحده، لا يتوصل إليها سواه كما يتوصل إلى ما في المخازن من عنده مفاتح أقفاله، ﴿ولا حبة﴾ ﴿ولا رطب ولا يابس﴾ عطف على ﴿ورقة﴾ وداخل في حكمها، أي: ﴿وما تسقط من ورقة﴾ ولا شئ من هذه الأشياء إلا يعلمه، وقوله: ﴿إلا في كتب مبين﴾ كالتكرير لقوله: ﴿إلا يعلمها﴾ لأن معنى ﴿إلا يعلمها﴾ و ﴿إلا في كتب مبين﴾ واحد، والكتاب المبين: علم الله، أو اللوح المحفوظ، أو القرآن ﴿وهو الذي يتوفاكم باليل﴾ أي: يقبض أرواحكم عن التصرف بالنوم كما يقبضها بالموت (110) ﴿ويعلم ما جرحتم﴾ أي: كسبتم من الأعمال ﴿بالنهار ثم يبعثكم﴾ من القبور ﴿فيه﴾ أي: في شأن ذلك الذي قطعتم به أعماركم من النوم بالليل وكسب الأعمال بالنهار (111) ومن أجله ﴿ليقضى أجل مسمى﴾ وهو الأجل الذي سماه وضربه لبعث الموتى وجزائهم على أعمالهم ﴿ثم إليه مرجعكم﴾ وهو المرجع إلى موقف الحساب ﴿ثم ينبئكم بما كنتم تعملون﴾ في ليلكم ونهاركم، وقيل: ثم يبعثكم من نومكم أي: ينبهكم في النهار لتستوفوا آجالكم (112)، جعل سبحانه انتباههم من النوم بعثا.

﴿وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون (61)﴾ أي: ﴿وهو﴾ المقتدر المستعلي على عباده ﴿ويرسل عليكم﴾ ملائكة ﴿حفظة﴾ يحفظون أعمالكم وهم الكرام الكاتبون، والفائدة في ذلك أن العباد إذا علموا أن الملائكة يحفظون أعمالهم في صحائف تعرض على رؤوس الأشهاد يوم القيامة كان ذلك أزجر لهم عن القبيح ﴿توفته رسلنا﴾ استوفت روحه، وهم (113) ملك الموت وأعوانه (114)، و ﴿حتى﴾ هذه هي التي للاستئناف وما بعدها جملة، وقرئ: " توفاه " بالإمالة (115)، ويجوز أن يكون ماضيا وأن يكون مضارعا بمعنى " تتوفاه " (116) ﴿وهم لا يفرطون﴾ أي: لا يتوانون ولا ينقصون مما أمروا به ولا يزيدون فيه، والتفريط: التقصير والتأخير عن الحد، والإفراط: مجاوزة الحد.

﴿ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحسبين (62) قل من ينجيكم من ظلمت البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجينا من هذه لنكونن من الشاكرين (63) قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون (64)﴾

﴿ثم ردوا إلى الله﴾ أي: إلى حكمه وجزائه ﴿مولاهم﴾ أي: مالكهم الذي يلي عليهم أمورهم ﴿الحق﴾ العدل الذي لا يحكم إلا بالحق ﴿ألا له الحكم﴾ يومئذ لاحكم فيه لغيره ﴿وهو أسرع الحسبين﴾ لا يشغله حساب عن حساب ﴿قل من ينجيكم من ظلمت البر والبحر﴾ مجاز عن مخاوفهما وأهوالهما، يقال لليوم الشديد: يوم مظلم ذو كواكب، أي اشتدت ظلمته حتى صار كالليل ﴿تدعونه﴾ متضرعين بألسنتكم ومسرين في أنفسكم " لئن أنجيتنا " على إرادة القول، أي قائلين: إن أنجيتنا من هذه الظلمة والشدة، وقرئ: ﴿ينجيكم﴾ بالتشديد والتخفيف (117)، و ﴿لئن أنجينا﴾، و ﴿خفية﴾ بالضم والكسر (118) ﴿قل الله ينجيكم﴾ يخلصكم من هذه الشدة ﴿ومن كل﴾ غم ﴿ثم أنتم تشركون﴾ بالله بعد قيام الحجة عليكم.

﴿قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون (65)﴾ أي: ﴿هو القادر على أن﴾ يرسل ﴿عليكم عذابا من فوقكم﴾ كما أمطر على قوم لوط، وعلى أصحاب الفيل الحجارة، وعلى قوم نوح الطوفان ﴿أو من تحت أرجلكم﴾ كما أغرق فرعون وخسف بقارون (119)، وقيل: ﴿من فوقكم﴾ من قبل أكابركم وسلاطينكم الظلمة و ﴿من تحت أرجلكم﴾ من قبل سفلتكم وعبيدكم (120)، وقيل: هو حبس المطر والنبات (121) ﴿أو يلبسكم شيعا﴾ أي: يخلطكم فرقا مختلفي الأهواء، كل فرقة منكم مشايعة لإمام، ومعنى خلطهم: أن يختلطوا ويشتبكوا في ملاحم القتال ﴿ويذيق بعضكم بأس بعض﴾ أي: يقتل بعضكم بعضا، ونحوه قوله: ﴿وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا﴾ (122) قال الصادق (عليه السلام): " هو سوء الجوار " (123)، والمعنى في الآية: الوعيد بأحد أصناف العذاب المعدودة.

وفي الحديث: " إذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة " (124).

﴿وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل (66) لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون (67) وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين (68) وما على الذين يتقون من حسابهم من شئ ولكن ذكرى لعلهم يتقون (69)﴾ ﴿وكذب به قومك﴾ الضمير للعذاب (125) ﴿وهو الحق﴾ أي: لابد أن ينزل بهم ﴿قل لست عليكم بوكيل﴾ بحفيظ، أي: وكل إلي أمركم أمنعكم من التكذيب إجبارا، إنما أنا منذر ﴿لكل نبأ مستقر﴾ أي: لكل شئ ينبأ به ويخبر وقت استقرار وحصول لابد منه، وقيل: الضمير في ﴿به﴾ للقرآن (126) ﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في﴾ الاستهزاء بآياتنا والطعن فيها ﴿فأعرض عنهم﴾ فلا تجالسهم (127) وقم عنهم ﴿حتى يخوضوا في حديث غيره﴾ فلا بأس أن تجالسهم حينئذ ﴿وإما سورة الأنعام / 69 و 70 ينسينك الشيطان﴾ النهي عن مجالستهم ﴿فلا تقعد﴾ معهم ﴿بعد الذكرى﴾، ويجوز أن يراد: وإن أنساك الشيطان قبل النهي قبح مجالستهم فلا تقعد معهم بعد أن ذكرناك قبحها ونبهناك عليه (128) (129) ﴿وما على الذين يتقون﴾ أي: وما يلزم المتقين الذين يجالسونهم شئ مما يحاسبون عليه من ذنوبهم ﴿ولكن﴾ عليهم أن يذكروهم ﴿ذكرى﴾ إذا سمعوهم يخوضون فيها بأن يقوموا عنهم ويظهروا الكراهية لهم ﴿لعلهم يتقون﴾ يجتنبون الخوض كراهية لمساءتهم أو حياء، ويجوز أن يكون ﴿ذكرى﴾ رفعا (130) على: ولكن عليهم ذكرى.

﴿وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولى ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون (70)﴾ ﴿اتخذوا دينهم﴾ الذي كلفوه ودعوا إليه وهو دين الإسلام ﴿لعبا ولهوا﴾ حيث سخروا به واستهزأوا منه، ومعنى " ذرهم ": أعرض عنهم ولا تبال بتكذيبهم واستهزائهم ﴿وذكر به﴾ أي: بالقرآن ﴿أن تبسل نفس بما كسبت﴾ أي: مخافة أن تسلم نفس إلى الهلاك والعذاب، وترتهن بسوء كسبها ﴿وإن تعدل كل عدل﴾ أي: وإن تفد كل فداء ﴿لا يؤخذ منها﴾، ﴿أولئك﴾ إشارة إلى ﴿الذين اتخذوا دينهم لعبا﴾، ﴿الذين أبسلوا﴾ أي: أسلموا إلى الهلاك ﴿بما كسبوا﴾ بكسبهم وعملهم.

﴿قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدينا الله كالذي استهوته الشيطين في الأرض حيران له أصحب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العلمين (71) وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون (72)﴾ أي: ﴿أ﴾ نعبد ﴿من دون الله ما لا ينفعنا﴾ إن عبدناه ﴿ولا يضرنا﴾ إن تركنا عبادته ﴿ونرد على أعقابنا﴾ راجعين عن ديننا الذي هو خير الأديان ﴿بعد إذ هدينا الله﴾ له ﴿كالذي استهوته الشيطين في الأرض﴾ كالذي ذهبت به مردة الجن والغيلان في المهامه (131)، والاستهواء استفعال من هوى في الأرض: إذا ذهب، كأن المعنى: طلبت هويه (132)، وموضع الكاف نصب على الحال من الضمير في ﴿نرد﴾، أي: أننكص مشبهين من ﴿استهوته الشيطين﴾، ﴿حيران﴾ لا يهتدي إلى طريق، تائها ضالا ﴿له﴾ أي: لهذا المستهوي ﴿أصحب﴾ رفقة ﴿يدعونه إلى الهدى﴾ أي: إلى الطريق المستوي، أو إلى أن يهدوه الطريق (133) المستقيم، يقولون له: ﴿ائتنا﴾ وقد اعتسف التيه تابعا للجن لا يجيبهم ولا يأتيهم، وهذا مبني على

ما تزعمه العرب أن الجن تستهوي الإنسان والغيلان كذلك، فشبه به الضال عن الإسلام الذي لا يلتفت إلى دعاء المسلمين إياه ﴿قل إن هدى الله﴾ وهو الإسلام ﴿هو الهدى﴾ وحده وما سواه ضلال ﴿وأمرنا لنسلم لرب العلمين وأن أقيموا الصلاة﴾ أي: أمرنا لأن نسلم ولأن أقيموا الصلاة، بمعنى للإسلام ولإقامة الصلاة، ومعنى اللام التعليل للأمر، وتقديره: أمرنا، وقيل لنا: " أسلموا " لأجل أن نسلم ﴿وهو الذي إليه تحشرون﴾ فيجازي كل عامل منكم بعمله.

﴿وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور علم الغيب والشهدة وهو الحكيم الخبير (73)﴾ ﴿قوله الحق﴾ مبتدأ و ﴿يوم يقول﴾ خبره مقدما عليه كما تقول: يوم الجمعة القتال، واليوم بمعنى الحين، أو يكون ﴿قوله الحق﴾ مبتدأ وخبرا و ﴿يوم يقول﴾ ظرفا، والمعنى: وهو الذي خلق السماوات والأرض قائما بالحق والحكمة، وحين يقول لشئ من الأشياء: ﴿كن فيكون﴾ ذلك الشئ ﴿قوله الحق﴾ والحكمة، أي: لا يكون شيئا من السماوات والأرض وسائر المكونات إلا عن حكمة وصواب، و ﴿يوم ينفخ﴾ ظرف لقوله: ﴿وله الملك﴾ كقوله: ﴿لمن الملك اليوم﴾ (134)، ويجوز أن يكون ﴿قوله الحق﴾ فاعل " يكون " على معنى: وحين يقول لقوله الحق أي: لقضائه الحق: ﴿كن فيكون قوله الحق﴾، وينتصب (135) ﴿يوم يقول﴾ بمحذوف دل عليه قوله: ﴿بالحق﴾ كأنه قيل: ويوم يكون ويجدد الخلق يقوم بالحق، ﴿و﴾ وجب ﴿له الملك﴾ في اليوم الذي فيه ﴿ينفخ في الصور﴾ ولا يبقى لأحد فيه ملك، ويجوز أن يكون ﴿يوم ينفخ في الصور﴾ بدلا من ﴿يوم يقول﴾ والصور: قرن ينفخ فيه إسرافيل نفختين فيفنى الخلق بالنفخة الأولى ويحيون بالثانية (136)، وعن الحسن أنه جمع صورة (137) ﴿علم الغيب والشهدة﴾ رفع على المدح.

﴿وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلل مبين (74) وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين (75)﴾ وقرئ: " آزر " بالضم (138) على النداء، ولا خلاف بين النسابين أن اسم أبي إبراهيم تارح (139)، قال أصحابنا: إن آزر كان اسم جد إبراهيم لأمه (140)، وروي أيضا أنه كان عمه (141)، وقالوا: إن آباء نبينا (صلى الله عليه وآله) إلى آدم كانوا موحدين (142)، ورووا عنه (عليه السلام) أنه قال: " لم يزل ينقلني الله تعالى من صلب (143) الطاهرين إلى أرحام المطهرات، لم يدنسني بدنس الجاهلية " (144)، وقد قيل: إن آزر اسم صنم (145) فيجوز أن ينبز (146) به للزومه عبادته، والهمزة في ﴿أتتخذ﴾ للإنكار، وقوله: ﴿فلما جن عليه اليل﴾ من بعد عطف على ﴿قال إبراهيم﴾ وقوله: ﴿وكذلك نرى إبراهيم﴾ جملة اعتراضية بين المعطوف والمعطوف عليه، والمعنى: ومثل ذلك التعريف نعرف به إبراهيم ﴿ملكوت السماوات والأرض﴾ يعني: الربوبية والإلهية ونوفقه لمعرفتها ونهديه لطريق النظر والاستدلال ﴿وليكون من الموقنين﴾ فعلنا ذلك، و ﴿نرى﴾ حكاية حال ماضية.

﴿فلما جن عليه اليل رءا كوكبا قال هذا ربى فلما أفل قال لا أحب الآفلين (76) فلما رءا القمر بازغا قال هذا ربى فلما أفل قال لئن لم يهدني ربى لأكونن من القوم الضالين (77) فلما رءا الشمس بازغة قال هذا ربى هذا أكبر فلما أفلت قال يقوم إني برئ مما تشركون (78) إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين (79)﴾ كان القوم يعبدون الأصنام والشمس والقمر والكواكب، فأراد أن ينبههم على خطائهم ويرشدهم ويبصرهم طريق النظر والاستدلال ليعرفوا أن شيئا منها لا يصح أن يكون إلها، لوضوح دلالة الحدوث فيها (147) ﴿قال هذا ربى﴾ قول من ينصف خصمه مع علمه أنه مبطل فيحكي قوله - كما هو - غير متعصب لمذهبه ليكون ذلك أدعى إلى الحق وأرفع للشغب، ثم يبطله بعد بالحجة في قوله: ﴿لا أحب الآفلين﴾ أي: لا أحب عبادة الأرباب المحتجبين بحجاب، المتغيرين من حال إلى حال، المنتقلين (148) من مكان إلى مكان، فإن ذلك من صفات الأجسام ودلائل الحدوث، وقوله: ﴿لئن لم يهدني ربى﴾ تنبيه لقومه على أن من اتخذ القمر إلها وهو آفل مثل الكواكب يكون ضالا، وأن الهداية إلى الحق تكون بتوفيق الله تعالى ولطفه، وقوله: ﴿هذا أكبر﴾ أيضا من باب استعمال الإنصاف مع الخصوم، ثم قال: ﴿إني برئ مما تشركون﴾ من الأجرام التي تجعلونها شركاء لخالقها، وأما وجه التذكير في قوله: ﴿هذا ربى﴾ مع أن الإشارة للشمس فهو أنه جعل المبتدأ مثل الخبر لكونهما عبارة عن شئ واحد، كقولهم: من كانت أمك، وليصون الرب عن شبهة التأنيث، ألا تراهم لم يقولوا: الله - سبحانه - علامة وإن كان " العلامة " أبلغ من " علام " لهذا المعنى ﴿إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض﴾ أي: للذي دلت هذه المحدثات على أنه صانعها ومبدعها الذي دبر أحوالها: مسيرها وانتقالها وطلوعها وأفولها (149)، وقيل: إن هذا كان استدلاله في نفسه في زمان مهلة النظر وخطور الخاطر الموجب عليه الفكر فحكاه الله سبحانه (150)، والأول أظهر، لقوله: ﴿لئن لم يهدني ربى﴾ وقوله: ﴿يقوم إني برئ مما تشركون﴾.

﴿وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربى شيئا وسع ربى كل شئ علما أفلا تتذكرون (80) وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطنا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون (81) الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمنهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون (82)﴾ كان القوم حاجوه وخاصموه في الدين وفي التوحيد وترك عبادة آلهتهم منكرين لذلك، فـ ﴿قال﴾ لهم: ﴿أتحاجوني في الله وقد هدان?﴾ - ي إلى التوحيد ﴿ولا أخاف ما تشركون به﴾ لأنهم قد خوفوه أن آلهتهم تصيبه بمكروه ﴿إلا أن يشاء ربى شيئا﴾ إلا وقت مشية ربي شيئا يخاف فحذف الوقت، أي: لا أخاف معبوداتكم في وقت قط (151) لأنها لا تقدر على نفع وضر إلا إذا شاء ربي أن يصيبني بمخوف من جهتها، مثل أن يرجمني بكوكب أو يشاء الإضرار بي ابتداء ﴿وسع ربى كل شئ علما﴾ فلا يستبعد أن يكون في علمه إنزال مخوف بي ﴿أفلا تتذكرون﴾ فتميزوا بين القادر والعاجز ﴿وكيف أخاف﴾ لتخويفكم شيئا لا يتعلق به ضرر ﴿و﴾ أنتم ﴿لا تخافون﴾ ما يتعلق به كل خوف وهو إشراككم ﴿بالله ما لم ينزل﴾ بإشراكه ﴿سلطنا﴾ أي: حجة، إذ لا يصح أن يكون عليه حجة، فكأنه قال: ومالكم تنكرون علي الأمن في موضع الأمن ولا تنكرون على أنفسكم الأمن في موضع الخوف ﴿فأي الفريقين﴾ يعني: فريق المشركين وفريق الموحدين ﴿أحق بالأمن﴾ ثم استأنف الجواب عن السؤال بقوله: ﴿الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمنهم بظلم﴾ أي: بمعصية، وعن ابن عباس هو الشرك (152) لقوله: ﴿إن الشرك لظلم عظيم﴾ (153)، ﴿أولئك لهم الامن﴾ من الله ﴿وهم﴾ محكوم لهم بالاهتداء.

﴿وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجت من نشاء إن ربك حكيم عليم (83) ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داوود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزى المحسنين (84) وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصلحين (85) وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العلمين (86) ومن آبائهم وذريتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهدينهم إلى صراط مستقيم (87)﴾

﴿وتلك﴾ إشارة إلى جميع ما احتج به إبراهيم (عليه السلام) على قومه، من قوله: ﴿فلما جن عليه اليل﴾ إلى قوله: ﴿وهم مهتدون﴾ (154)، ﴿آتيناها إبراهيم﴾ أي: أرشدناه إليها وأخطرناها بباله ﴿نرفع درجت من نشاء﴾ في العلم والحكمة، وقرئ بالتنوين (155) أي: نرفع من نشاء درجات، كقوله: ﴿ورفع بعضهم درجت﴾ (156)، ﴿ووهبنا﴾ لإبراهيم ﴿إسحاق﴾ ابنه ﴿ويعقوب﴾ ابن إسحاق ﴿كلا هدينا﴾ إلى النبوة ونيل الكرامات ﴿ومن ذريته﴾ الضمير لنوح (157) أو لإبراهيم (158) ﴿داوود﴾ أي: وهدينا داود ﴿ومن آبائهم﴾ في موضع النصب عطفا على ﴿كلا﴾ بمعنى: وفضلنا بعض آبائهم ﴿وذريتهم﴾، ﴿واجتبيناهم﴾ اصطفيناهم (159).

﴿ذلك هدى الله يهدى به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون (88) أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين (89) أولئك الذين هدى الله فبهديهم اقتده قل لا أسئلكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعلمين (90)﴾ ﴿ذلك﴾ إشارة إلى ما تقدم من التفضيل والاجتباء ﴿هدى الله يهدى به من يشاء﴾ ممن لم يسمهم في هذه الآيات ﴿ولو أشركوا﴾ مع فضلهم وتقدمهم وما رفع لهم من الدرجات لحبطت أعمالهم وكانوا كغيرهم في ذلك، ونحوه: ﴿لئن أشركت ليحبطن عملك﴾ (160)، ﴿أولئك الذين آتيناهم﴾ أعطيناهم ﴿الكتاب﴾ يريد به الجنس ﴿والحكم﴾ بين الناس، وقيل: الحكمة (161) ﴿فإن يكفر بها﴾ بالكتاب والحكم والنبوة أو بالنبوة ﴿هؤلاء﴾ يعني: أهل مكة ﴿فقد وكلنا بها قوما﴾ وهم الأنبياء الذين جرى ذكرهم ومن تابعهم آمنوا بما أتى به نبينا (عليه السلام) قبل وقت مبعثه (162)، وقيل: هم كل من آمن بالنبي (عليه السلام) (163)، وقيل: هم الأنصار (164).

ومعنى توكيلهم بها: أنهم وفقوا للإيمان بها كما يوكل الرجل بالشئ ليقوم به ويتعهده، والباء في ﴿بها﴾ صلة ﴿يكفر﴾ وفي ﴿بكافرين﴾ لتأكيد النفي ﴿فبهديهم اقتده﴾ أي: فاختص هداهم بالاقتداء ولا تقتد إلا بهم، ففي تقديم المفعول هذا المعنى، ويريد بهداهم طريقتهم في الإيمان بالله وتوحيده وعدله، وفي أصول الدين دون الشرائع فإنها يتطرق إليها النسخ فهي هدى ما لم تنسخ، والهاء في ﴿اقتده﴾ للوقف (165) ﴿قل لا أسئلكم عليه أجرا﴾ أي: لا أطلب منكم على تبليغ الرسالة جعلا كما لم تسأله الأنبياء قبلي فإنه ينفر عن القبول ﴿إن هو إلا ذكرى للعلمين﴾ فيه دليل على أن نبينا (عليه السلام) مبعوث إلى كافة العالمين، وأن النبوة مختومة به.

﴿وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شئ قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون (91)﴾ أي: ما عرفوه حق معرفته، وما عظموه حق عظمته، وما وصفوه بما يجب أن يوصف به من الرحمة على عباده واللطف بهم حين ﴿قالوا ما أنزل الله على بشر من شئ﴾ فأنكروا بعثة الرسل والوحي إليهم، وذلك من أعظم رحمته وأجل ألطافه، وإنما قاله اليهود مبالغة في إنكار نزول القرآن على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فألزموا مالابد لهم من الإقرار به من إنزال التوراة على موسى، وأدرج تحت الإلزام توبيخهم وذمهم بتحريفهم للتوراة وإبداء بعضها وإخفاء بعض فقيل: ﴿جاء به موسى نورا﴾ يستضاء به في الدين ﴿وهدى للناس﴾ يهتدون به ﴿تجعلونه قراطيس﴾ ورقات متفرقة ليتمكنوا مما حاولوه من الإبداء والإخفاء، وقرئ: ﴿تجعلونه﴾ بالتاء والياء، وكذلك ﴿تبدونها﴾ و ﴿تخفون﴾ (166)، و ﴿علمتم﴾ خطاب لليهود (167)، أي: علمتم على لسان محمد (صلى الله عليه وآله) مما أوحي إليه ﴿ما لم تعلموا أنتم﴾ مع أنكم حملة التوراة ﴿ولا آباؤكم﴾ أي: ولم يعلمه آباؤكم الذين كانوا قبلكم وهم أعلم منكم، ونحوه: ﴿إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون﴾ (168)، ﴿قل الله﴾ أنزله ﴿ثم ذرهم في خوضهم﴾ أي: في باطلهم الذي يخوضون فيه، و ﴿يلعبون﴾ حال من ﴿ذرهم﴾ أو من ﴿خوضهم﴾، ويجوز أن يكون ﴿في خوضهم﴾ حالا من ﴿يلعبون﴾ أي: خائضين في الباطل، ويجوز أن يكون صلة لـ ﴿يلعبون﴾ أو لـ ﴿ذرهم﴾ (169).

﴿وهذا كتب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون (92)﴾

يعني: القرآن ﴿مبارك﴾ كثير المنافع والفوائد، قراءته خير، والعمل به خير، وفيه علم الأولين والآخرين، وفيه الحلال والحرام، وهو باق إلى آخر التكليف لا يرد عليه نسخ ﴿مصدق الذي بين يديه﴾ من التوراة والإنجيل وغيرهما ﴿ولتنذر﴾ معطوف على ما دل عليه صفة ﴿كتب﴾ كأنه قيل: للبركات ولتصديق ما تقدمه من الكتب وللإنذار (170)، وقرئ: ﴿لتنذر﴾ بالتاء والياء (171)، وسميت مكة أم القرى لأنها مكان ﴿أول بيت وضع للناس﴾ (172) ولأنها قبلة لأهل القرى ومحجهم، ولأنها أعظم القرى شأنا، ولأن الأرض بأسرها (173) دحيت من تحتها فكأنها تولدت منها (174) ﴿والذين﴾ يصدقون ﴿بالآخرة﴾ ويخافونها ﴿يؤمنون به﴾ أي: بالقرآن (175)، وذلك أن أصل الدين خوف العاقبة فمن خافها يحمله الخوف على أن يؤمن.

وخص الصلاة بالذكر من بين سائر الفرائض لأنها عماد الدين، ومن حافظ عليها كانت له لطفا في المحافظة على أخواتها.

﴿ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحى إلى ولم يوح إليه شئ ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون في غمرا ت الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون (93)﴾ ﴿افترى على الله كذبا﴾ فزعم أن الله بعثه نبيا وهو مسيلمة الكذاب (176).

وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " رأيت فيما يرى النائم كأن في يدي سوارين من ذهب فكبرا علي وأهماني، فأوحى الله إلي أن أنفخهما، فنفختهما، فطارا عني، فأولتهما الكذابين اللذين أنا بينهما: كذاب اليمامة: مسيلمة، وكذاب صنعاء: الأسود العنسي " (177) (178).

﴿ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله﴾ هو عبد الله بن سعد ابن أبي سرح، وقيل: هو النضر بن الحارث (179)، والمستهزئون قالوا: ﴿لو نشاء لقلنا مثل هذا﴾ (180)، ﴿غمرا ت الموت﴾ شدائده وسكراته، وأصل الغمرة ما يغمر من الماء فاستعيرت للشدة الغالبة ﴿باسطوا أيديهم﴾ يبسطون إليهم أيديهم يقولون: هاتوا أرواحكم أخرجوها إلينا من أجسادكم، وهذه عبارة عن العنف في السياق (181) والتغليظ والإرهاق (182) في الإزهاق (183) فعل الغريم الملح يبسط يده إلى من عليه الحق ويقول له: أخرج إلي مالي عليك، وقيل: معناه: باسطوا أيديهم عليهم بالعذاب (184) ﴿أخرجوا أنفسكم﴾ خلصوها من أيدينا، أي: لا تقدرون على الخلاص ﴿اليوم تجزون﴾ يعني: وقت الإماتة، أو الوقت الذي يلحقهم فيه العذاب في البرزخ والقيامة، و ﴿الهون﴾ الهوان الشديد، وإضافة العذاب إليه كقولك: رجل سوء، تريد التمكن في الهوان وأنه عريق فيه ﴿وكنتم عن آياته تستكبرون﴾ فلا تؤمنون بها.

﴿ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون (94)﴾ ﴿فرادى﴾ منفردين عن أموالكم وأولادكم وعن أوثانكم التي زعمتم أنها شفعاؤكم وشركاء لله ﴿كما خلقناكم أول مرة﴾ على الهيئة التي ولدتم عليها في الانفراد، وفي الحديث: " تحشرون حفاة عراة غرلا " (185) أي: قلفا (186) ﴿وتركتم ما خولناكم﴾ أي: ما ملكناكم في الدنيا فشغلتم به عن الآخرة ﴿وراء ظهوركم﴾ لم تحملوا منه شيئا واستمتع به غيركم ﴿أنهم فيكم﴾ أي: في استعبادكم ﴿شركاء﴾ لأنهم حين دعوهم آلهة وعبدوها فقد جعلوها لله شركاء فيهم وفي استعبادهم ﴿لقد تقطع بينكم﴾ أي: وقع التقطع بينكم، كما تقول: جمع بين الشيئين تريد أوقع الجمع بينهما على إسناد الفعل إلى مصدره بهذا التأويل، وقرئ: " بينكم " (187) على إسناد الفعل إلى الظرف كما تقول: قوتل خلفكم.

﴿إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الله فأنى تؤفكون (95) فالق الاصباح وجعل اليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم (96)﴾ ﴿فالق الحب﴾ بالنبات ﴿والنوى﴾ بالشجر (188)، وقيل: أراد الشقين اللذين في النواة والحنطة (189) ﴿يخرج الحي من الميت﴾ أي: الحيوان والنامي من النطف والبيض والحب والنوى ﴿ومخرج﴾ هذه الأشياء الميتة من الحيوان والنامي ﴿ومخرج الميت من الحي﴾ عطف على ﴿فالق الحب والنوى﴾ لاعلى الفعل، وموقعه موقع الجملة المبينة (190)، لأن فلق الحب والنوى بالنبات والشجر الناميين من جنس إخراج الحي من الميت ﴿ذلكم الله﴾ أي: ذلك المحيي والمميت هو الله الذي تحق له الربوبية ﴿فأنى تؤفكون﴾ فكيف تصرفون عنه وعن قوله (191) إلى غيره، و ﴿الاصباح﴾ مصدر سمي به الصبح، والمعنى: فالق ظلمة الإصباح وهي الغبش (192) في آخر الليل، أو فالق الإصباح الذي هو عمود الفجر عن بياض النهار (193)، لأن الظلمة هي التي تنفلق عن الصبح كما قال: تفري ليل عن بياض نهار (194) وقرئ: ﴿وجعل اليل﴾ لأن اسم الفاعل الذي قبله بمعنى المضي، ولذلك عطف عليه ﴿والشمس والقمر﴾ أي: وجعل الشمس والقمر ﴿حسبانا﴾، والسكن ما يسكن إليه الرجل ويطمئن استرواحا إليه من زوج أو حبيب، ومنه قيل للمرأة:

سكن، لأنه يستأنس بها، والليل يطمئن إليه التعب بالنهار لاستراحته فيه، ويمكن أن يراد: وجعل الليل مسكونا فيه (195) من قوله: ﴿لتسكنوا فيه﴾ (196) والحسبان - بالضم - مصدر " حسب "، والمعنى: وجعل الشمس والقمر علمي حسبان، لأن حساب الأوقات يعلم بدورهما ومسيرهما، أو محسوبين حسبانا (197)، ﴿ذلك﴾ التسيير بالحساب المعلوم ﴿تقدير العزيز﴾ الذي قهرهما بتسخيرهما ﴿العليم﴾ بتدبيرهما وتدويرهما ومسيرهما.


1- الآية: 73.

2- الآية: 161.

3- قال ابن الأثير: وفي حديث الملائكة: " لهم زجل بالتسبيح " أي: صوت رفيع عال. راجع النهاية: مادة (زجل).

4- المعجم الصغير للطبراني: ج 1 ص 81، الكشاف: ج 2 ص 85، وأورده المصنف في مجمع البيان: ج 3 - 4 ص 271، وانظر نهاية ابن الأثير: مادة (زجل).

5- تفسير القمي: ج 1 ص 193.

6- في نسخة: التضمين، وكذا في الكشاف والبيضاوي.

7- الأعراف: 189.

8- النبأ: 8. وفي جميع النسخ " جعلناكم " بدل " خلقناكم " وهو من سهو النساخ.

9- قاله ابن عباس والضحاك والحسن وقتادة على ما حكاه الماوردي في تفسيره: ج 2 ص 93، والبغوي في تفسيره: ج 2 ص 84.

10- الزخرف: 84.

11- وعليه المشهور من النحاة والمفسرين. راجع معاني القرآن للزجاج: ج 2 ص 228، واعراب القرآن للنحاس: ج 2 ص 56، وانظر التبيان: ج 4 ص 78.

12- ذهب إليه أبو علي على ما حكاه عنه الشيخ في التبيان: ج 4 ص 79.

13- في نسخة: عنها.

14- الأحقاف: 26.

15- الشمس: 15. .

16- الحجر: 15.

17- في معنى " قضي " وضروبها راجع معاني القرآن للزجاج: ج 2 ص 230 تجد تفصيل ذلك.

18- وهو دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة الكلبي، صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، شهد أحدا وما بعدها، كان يضرب به المثل في حسن الصورة، وكان جبريل (عليه السلام) يأتي النبي (صلى الله عليه وآله) في صورته أحيانا، بعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى قيصر رسولا سنة ست في الهدنة فآمن به قيصر وامتنع عليه بطارقته، فأخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك فقال: ثبت الله ملكه. سكن المزة وعاش إلى خلافة معاوية. توفي سنة 45 ه?. (أسد الغابة: ج 2 ص 130، طبقات ابن سعد: ج 4 ص 184، الأعلام للزركلي: ج 2 ص 337).

19- قاله السدي على ما حكاه عنه الطبري في تفسيره: ج 5 ص 154، ونسبه البغوي في تفسيره: ج 2 ص 86 إلى الضحاك.

20- قال الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 8 ما لفظه: فإن قلت: أي فرق بين قوله: * (فانظروا) * وبين قوله: * (ثم انظروا) *؟قلت: جعل النظر مسببا عن السير في قوله: * (فانظروا) * فكأنه قيل: سيروا لأجل النظر ولا تسيروا سير الغافلين، وأما قوله: * (سيروا في الأرض ثم انظروا) * فمعناه إباحة السير في الأرض للتجارة وغيرها من المنافع وإيجاب النظر في آثار الهالكين، ونبه على ذلك ب? * (ثم) * لتباعد ما بين الواجب والمباح، انتهى. قال المحشي: وأظهر من هذا التأويل أن يجعل الأمر بالسير في المكانين واحدا، ليكون ذلك سببا في النظر، فحيث دخلت الفاء فلإظهار السببية، وحيث دخلت * (ثم) * فللتنبيه على أن النظر هو المقصود من السير، وأن السير وسيلة إليه لاغير، وشتان بين المقصود والوسيلة.

21- قاله الزجاج في معاني القرآن: ج 2 ص 232، وعنه القرطبي في تفسيره: ج 6 ص 395.

22- وهو قول ابن عباس. راجع تفسيره: ص 106.

23- قاله الزجاج في معانيه: ج 2 ص 232، والماوردي في تفسيره: ج 2 ص 97، والزمخشري في كشافه: ج 2 ص 9.

24- قاله الأخفش وفقا لمذهبه الجواز في الابدال من ضمير الحاضر. راجع معاني القرآن: ج 2 ص 482، وحكاه عنه الزجاج في معاني القرآن: ج 2 ص 232، والنحاس في اعراب القرآن: ج 2 ص 58، والشيخ في التبيان: ج 4 ص 86.

25- وهو اختيار الزجاج في معاني القرآن: ج 2 ص 232.

26- قال الهمداني: ويجوز عندي وجه آخر وهو أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: هم الذين خسروا أنفسهم. وهو أحسن من الوجه الأول - وهو مختار الزجاج - لأن في الوجه الأول تأخير السبب وتقديم المسبب فاعرفه. راجع الفريد في اعراب القرآن: ج 2 ص 126.

27- الزمر: 64.

28- الأنعام: 163.

29- قرأها حمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 254، وحكاها الشيخ في التبيان: ج 4 ص 90 ونسبها إلى أهل الكوفة سوى حفص ويعقوب.

30- الأعراف: 127.

31- تفسير العياشي: ج 1 ص 356 ح 13 وفيه: عن أبي جعفر (عليه السلام)، وعنه البرهان: ج 1 ص 520 ح 3.

32- وهي قراءة يعقوب. راجع التبيان: ج 4 ص 97، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 395.

33- في نسخة: الانتقام.

34- قاله قتادة على ما حكاه عنه الماوردي في تفسيره: ج 2 ص 102.

35- قرأه نافع وأبو عمرو وعاصم برواية أبي بكر. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 254.

36- وهي قراءة حمزة والكسائي على ما حكاه ابن مجاهد في السبعة في القراءات: ص 254، وابن غلبون في التذكرة في القراءات: ج 2 ص 395.

37- حكاها ابن غلبون في تذكرته: ج 2 ص 395 ونسبها إلى المفضل عن عاصم وحمزة والكسائي.

38- وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف على ما حكاه عنهم الشيخ في التبيان: ج 4 ص 97، وابن مجاهد في السبعة في القراءات: ص 255، وابن غلبون في التذكرة في القراءات: ج 2 ص 396، وفي لفظ الطبري: ج 5 ص 166: " عامة أهل الكوفة ".

39- هو الوليد بن المغيرة بن مخزوم، والد خالد بن الوليد، وكان أحد المستهزئين ومن أشدهم عداوة وأذى على النبي (صلى الله عليه وآله) ودعوته المباركة، مات بعد الهجرة بثلاثة أشهر ودفن بالحجون. (الأعلام للزركلي: ج 8 ص 122).

40- هو النضر بن الحارث بن علقمة من بني عبد الدار، صاحب لواء المشركين ببدر، وهو ابن خالة النبي (صلى الله عليه وآله) ومن أشد المشركين أذى عليه، فكان إذا جلس النبي (صلى الله عليه وآله) مجلسا للتذكير بالله والتحذير مما أصاب الأمم الخالية، جلس النضر بعده يحدثهم بأخبار الملوك ونعمهم وموائدهم ويقول: أنا أحسن حديثا منه، أسر يوم بدر وقتل كافرا. (الإصابة في تمييز الصحابة: ج 3 ص 555، الأعلام للزركلي: ج 8 ص 33).

41- هو عتبة بن أبي سفيان، ولد على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولاه عمر بن الخطاب الطائف، شهد مع عثمان يوم الدار، وشهد حرب الجمل مع عائشة وفقئت عينه بها، ولي إمارة مصر من قبل أخيه معاوية لما مات عمرو بن العاص سنة 43 ه?، ثم خرج إلى الإسكندرية مرابطا، فابتنى دارا في حصنها القديم، مات بمصر سنة 44 ه?. (أسد الغابة: ج 3 ص 360، السيرة الحلبية: ج 2 ص 138).

42- هو شيبة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، خال معاوية بن أبي سفيان، من زعماء قريش في الجاهلية، أدرك الاسلام وقتل على الوثنية يوم بدر، وهو أحد الذين نزلت فيهم الآية: * (كما أنزلنا على المقتسمين) *. (أسد الغابة: ج 3 ص 7، الأعلام للزركلي: ج 3 ص 181).

43- في نسخة: أحزابهم.

44- راجع أسباب النزول للواحدي: ص 176، والكشاف: ج 2 ص 13.

45- النبو بتشديد الواو وتخفيفها: الكل والإعياء. (القاموس المحيط: مادة نبو).

46- فصلت: 5.

47- قال الشيخ (قدس سره): وفي الآية - الأخيرة - دلالة على بطلان قول من قال: معرفة الله ضرورة وأن من لا يعرف الله ولا يعرف نبيه لا حجة عليه، لأن الله بين أن هؤلاء الكفار قد أهلكوا أنفسهم بنهيهم عن قبول القرآن وتباعدهم عنه وأنهم لا يشعرون ولا يعلمون بإهلاكهم أنفسهم بذلك، فلو كان من لا يعرف الله ولا نبيه ولا دينه لا حجة عليه لكانوا هؤلاء معذورين ولم يكونوا هالكين، وذلك خلاف ما نطق به القرآن. (التبيان: ج 4 ص 107).

48- راجع تفصيله في الفريد في اعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 136.

49- قال الزجاج: ومعنى " وقفوا " على النار يحتمل ثلاثة أوجه: جائز أن يكونوا عاينوها، وجائز أن يكونوا عليها وهي تحتهم، والأجود أن يكون معناها: دخلوها فعرفوا مقدار عذابها كما تقول في الكلام: قد وقفت على ما عند فلان، تريد قد فهمته وتبينته. (معاني القرآن: ج 2 ص 239).

50- وهو اختيار البلخي والجبائي والزجاج على ما حكاه عنهم الشيخ في التبيان: ج 4 ص 108، راجع معاني القرآن: ج 2 ص 239.

51- وهو قول الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 16.

52- قاله السمرقندي في تفسيره: ج 1 ص 480.

53- أجازه الشيخ الطوسي في التبيان: ج 4 ص 114.

54- واختاره النحاس في اعراب القرآن: ج 2 ص 62 - 63.

55- وهو اختيار سيبويه على ما حكاه عنه النحاس في اعراب القرآن: ج 2 ص 63.

56- الزمر: 56.

57- الشورى: 30.

58- في نسخة زيادة: شيئا.

59- قرأه ابن عامر. راجع التبيان: ج 4 ص 116، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 397.

60- انظر الكشاف: ج 2 ص 17 - 18.

61- وهي قراءة ابن كثير وعاصم وأبي عمرو وحمزة والكسائي وابن عامر. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 257.

62- قرأه نافع وحده. راجع التبيان: ج 4 ص 119، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 257.

63- الصافات: 36.

64- ص: 4.

65- وهي قراءة نافع والكسائي والأعشى إلا النفار، وهو المروي عن علي (عليه السلام) وعن أبي عبد الله (عليه السلام). راجع التبيان: ج 4 ص 119، ومعاني القرآن للفراء: ج 1 ص 331.

66- قاله الكلبي على ما حكاه عنه الماوردي في تفسيره: ج 2 ص 107.

67- النمل: 14.

68- في بعض النسخ: المضمر.

69- رواها الكليني في الكافي: ج 8 ص 200 ح 241، والعياشي في تفسيره: ج 1 ص 359 ح 20، والبحراني في البرهان: ج 1 ص 523 ح 3، والفيض الكاشاني في الصافي: ج 1 ص 513 بلفظ: " لا يأتونك بباطل يكذبون به حقك "، وفي تفسير القمي: ج 1 ص 196 عن الصادق (عليه السلام) بلفظ: " لا يأتون بحق يبطلون حقك ".

70- الصافات: 171 و 172.

71- كابده: أي قاساه. (القاموس المحيط: مادة كبد).

72- في نسخة زيادة: به.

73- انظر الكشاف: ج 2 ص 19.

74- الكهف: 6.

75- انظر الفريد في اعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 143.

76- قاله ابن عباس. راجع تفسيره: ص 108، وعنه الطبري في تفسيره: ج 5 ص 183 ح 13204.

77- في نسخة: يصرفه.

78- في نسخة: " إما " بدل " من ".

79- وهو اختيار النحاس في اعراب القرآن: ج 2 ص 65، والزمخشري في كشافه: ج 2 ص 21.

80- قاله ابن عباس في تفسيره: ص 109، وحكاه القرطبي في تفسيره: ج 6 ص 420 عن سفيان بن عيينة.

81-.

82- قاله الزجاج في معاني القرآن: ج 2 ص 245، ونسبه الماوردي في تفسيره: ج 2 ص 112 إلى قول الجمهور.

83- وهو قول النحاس في اعراب القرآن: ج 2 ص 66، واختاره الجبائي كما حكاه عنه الشيخ في التبيان: ج 4 ص 129.

84- قال شيخ الطائفة (قدس سره): واستدل قوم من التناسخية بهذه الآية على أن البهائم والطيور مكلفة لأنه قال: * (أمم أمثالكم) *، وهذا باطل، لأنا قد بينا من أي وجه قال: إنها * (أمم أمثالكم) *، ولو وجب حملها على العموم لوجب أن تكون أمثالنا في كونها ناسا وفي مثل صورنا وأخلاقنا. فمتى قالوا: لم يقل أمثالنا في كل شئ، قلنا: وكذلك الامتحان والتكليف، على أنهم مقرون بأن الأطفال غير مكلفين ولا ممتحنين فما يحملون به امتحان الصبيان بعينه نحمل بمثله امتحان البهائم، وكيف يصح تكليف البهائم والطيور وهي غير عاقلة؟والتكليف لا يصح إلا لعاقل، على أن الصبيان أعقل من البهائم ومع هذا فليسوا مكلفين فكيف يصح تكليف البهائم ؟!.

85- راجع تفصيلات إعرابها في الفريد في اعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 146 تجد ما يغنيك عن غيره.

86- قاله الزجاج في معاني القرآن: ج 2 ص 248 وحكاه عنه السمرقندي في تفسيره: ج 1 ص 484.

87- في نسخة زيادة: إليهم.

88- وهو قول الفراء في معاني القرآن: ج 1 ص 335، وعنه الشيخ في التبيان: ج 4 ص 137.

89- أصل الشأفة: قرحة تخرج في أسفل القدم فتكوى فتذهب أو إذا قطعت مات صاحبها، واستأصل الله شأفته: أذهبه كما تذهب تلك القرحة، أو أزاله من أصله. (القاموس المحيط: مادة شأف).

90- وهو اختيار الزجاج في معاني القرآن: ج 2 ص 249.

91- حكاه عنه الشيخ في التبيان: ج 4 ص 140.

92- الفرقان: 12.

93- في نسخة: النشر.

94- أوردها المصنف في مجمع البيان: ج 3 - 4 ص 304.

95- رواها السمرقندي في تفسيره: ج 1 ص 487 عن سعد بن أبي وقاص، والرازي في تفسيره: ج 12 ص 234 عن ابن مسعود، وراجع أسباب النزول للواحدي: ص 178 - 179.

96- الشعراء: 113.

97- الأنعام: 164، الاسراء: 15، فاطر: 18، الزمر: 7.

98- قاله الرازي في تفسيره: ج 12 ص 236.

99- وهو اختيار الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 28.

100- قرأه ابن عامر. راجع التبيان: ج 4 ص 144، وتفسير السمرقندي: ج 1 ص 487، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 258.

101-.

102- قال البلخي: قراءة ابن عامر غلط، لأن العرب إذا أدخلت الألف واللام قالوا: الغداة، يقولون: رأيتك بالغداة، ولا يقولون: بالغدوة، فإذا نزعوا الألف واللام قالوا: رأيتك غدوة، وإنما كتبت الواو في المصحف كما كتبوا " الصلاة " و " الزكاة " و " الحياة " كذلك. وقال أبو علي الفارسي: الوجه " الغداة "، لأنها تستعمل نكرة وتتعرف باللام، فأما " غدوة " فمعرفة أبدا، وهو علم صيغ له. وقال سيبويه: غدوة وبكرة جعل كل واحد منهما اسما للجنس كما جعلوا " أم حنين " اسما لدابة معروفة كذلك هذا. انظر التبيان: ج 4 ص 145.

103- النذل والنذيل: الخسيس من الناس والمحتقر في جميع أحواله. (القاموس المحيط: مادة نذل).

104- الأحقاف: 11.

105- وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وحمزة والكسائي. انظر كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 258.

106- انظر التبيان: ج 4 ص 150.

107- قرأه عاصم برواية أبي بكر وحمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 258، وتفسير السمرقندي: ج 1 ص 488.

108- حكاه الزمخشري في كشافه: ج 2 ص 30.

109- الأنفال: 32.

110- في نسخة: بالمفتاح.

111- وهو اختيار الجبائي والزجاج على ما حكاه عنهما الشيخ في التبيان: ج 4 ص 156، وراجع معاني القرآن: ج 2 ص 257.

112- وهو اختيار الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 32.

113- قاله ابن جريج على ما حكاه عنه القرطبي في تفسيره: ج 7 ص 6، وهو اختيار الزجاج في معاني القرآن: ج 2 ص 258.

114- في نسخة: هو.

115- وهو قول الحسن على ما حكاه عنه الشيخ في التبيان: ج 2 ص 158.

116- قرأه حمزة. راجع التبيان: ج 2 ص 158، وتفسير البغوي: ج 2 ص 102، وتفسير السمرقندي: ج 1 ص 490، وحجة القراءات لابن زنجلة: ص 254، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 400.

117- وهي قراءة الأعمش. انظر إعراب القرآن للنحاس: ج 2 ص 71، وتفسير القرطبي: ج 7 ص 7.

118- قرأه يعقوب وعلي بن نصر. انظر التبيان: ج 4 ص 160، وتفسير البغوي: ج 2 ص 103، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 4 ص 150.

119- وهي قراءة أبي بكر عن عاصم. راجع التبيان: ج 4 ص 160، واعراب القرآن للنحاس: ج 2 ص 72، وتفسير البغوي: ج 2 ص 103، والتيسير في القراءات للداني: ص 103، والسبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 259.

120- وهو قول مجاهد وابن جبير. راجع تفسير القرطبي: ج 7 ص 9، وهو اختيار الزجاج: ج 2 ص 259 - 260.

121- قاله ابن عباس ومجاهد على ما حكاه عنهما البغوي في تفسيره: ج 2 ص 104، والقرطبي أيضا في تفسيره: ج 7 ص 9، وحكاه الشيخ في التبيان: ج 4 ص 163 رواية عن أبي عبد الله (عليه السلام).

122- حكاه الزمخشري في كشافه: ج 2 ص 33.

123- الأنعام: 129.

124- التبيان: ج 4 ص 163.

125- تفسير الطبري: ج 5 ص 221 قطعة ح 13371، سنن البيهقي: ج 9 ص 181، تفسير ابن كثير: ج 2 ص 135، الدر المنثور: ج 3 ص 285.

126- وهو قول الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 26.

127- قاله الحسن والسدي. راجع تفسير الماوردي: ج 2 ص 128، والفريد في اعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 166، وحكى الشيخ في التبيان: ج 4 ص 163 هذا القول ونسبه إلى الأزهري.

128- في بعض النسخ: فلا تجادلهم.

129- وهو قول القرطبي في تفسيره: ج 7 ص 14، والهمداني في الفريد: ج 2 ص 167.

130- قال الشيخ في التبيان: ج 2 ص 165: واستدل الجبائي بالآية على أن الأنبياء يجوز عليهم السهو والنسيان قال بخلاف ما يقوله الرافضة بزعمهم أنه لا يجوز عليهم شئ من ذلك. وهذا ليس بصحيح، لأنا نقول: إنما لا يجوز عليهم السهو والنسيان فيما يؤدونه عن الله، فأما غير ذلك فإنه يجوز أن ينسوه أو يسهو عنه مما لم يؤد ذلك إلى الاخلال بكمال العقل، وكيف لا يجوز عليهم ذلك وهم ينامون ويمرضون ويغشى عليهم، والنوم سهو، وينسون كثيرا من متصرفاتهم أيضا وما جرى لهم فيما مضى من الزمان، والذي ظنه فاسد.

131- انظر تفصيل ذلك في الكشاف: ج 2 ص 35، والفريد في اعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 167 - 168.

132- المهامه جمع المهمة والمهمهة: أي المفازة البعيدة والبلد المقفر. (القاموس المحيط: مادة مه).

133- الهوى مصدر هوى هويا - لاهوي هوى - ومعناه: ذهب في الأرض هويا. (راجع القاموس المحيط: مادة هوى).

134- في بعض النسخ: الصراط.

135- غافر: 16.

136- في انتصاب " يوم " خمسة أوجه مذكورة بالتفصيل في الفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 172 فراجع.

137- وعليه أكثر المفسرين، وهو الذي اختاره البلخي والجبائي والزجاج والطبري على ما حكاه عنهم الشيخ في التبيان: ج 4 ص 174.

138- حكاه عنه البغوي في تفسيره: ج 2 ص 107، والقرطبي أيضا: ج 7 ص 20 - 21، واختاره أبو عبيدة على ما حكاه عنه الشيخ في التبيان: ج 4 ص 174، وانظر مجاز القرآن: ج 1 ص 196.

139- وهي قراءة ابن عباس والحسن ومجاهد على ما حكاه عنهم أبو حيان في البحر المحيط: ج 4 ص 164، وفي التبيان: ج 4 ص 175: هي قراءة أبي بريد المدني والحسن البصري ويعقوب. وانظر التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 401.

140- قال النحاس في اعراب القرآن: ج 2 ص 76 ما لفظه: تكلم العلماء في هذا فقال الحسن: كان اسم أبيه آزر، وقيل: كان له اسمان آزر وتارح، وروى المعتمر بن سليمان عن أبيه قال: بلغني انها أعوج قال: وهي أشد كلمة قالها إبراهيم لأبيه، وقال الضحاك: معنى آزر: شيخ. انتهى. وقال الزجاج: وليس بين النسابين خلاف أن اسم أبي إبراهيم " تارح " والذي في القرآن يدل على أن اسمه آذر، وقيل: آذر عندهم ذم في لغتهم. انظر معاني القرآن: ج 2 ص 265.

141- التبيان: ج 4 ص 175.

142- قصص الأنبياء للراوندي: ص 103، وعنه البحار: ج 12 ص 42 ح 31.

143- التبيان: ج 4 ص 175.

144- في نسخة: أصلاب.

145- الحاوي للفتاوى للسيوطي: ج 2 ص 368.

146- وهو قول مجاهد على ما حكاه الماوردي في تفسيره: ج 2 ص 134.

147- النبز - بالفتح -: اللمز. (القاموس المحيط: مادة نبز).

148- انظر تنزيه الأنبياء للشريف المرتضى: ص 20 - 22.

149- في نسخة: المنقلبين.

150- وهو اختيار الجبائي، لكنه قال: إنما كان قبل بلوغه - إبراهيم (عليه السلام) - وقبل كمال عقله ولزوم التكليف له، غير أنه لمقاربته كمال العقل خطرت له الخواطر وحركته الشبهات والدواعي على الفكر فيما يشاهده من هذه الحوادث. راجع التبيان: ج 4 ص 182.

151- وهو قول البلخي على ما حكاه عنه الشيخ في التبيان: ج 4 ص 182 - 183.

152- انظر تفصيل أوجه " قط " وحالات إعرابها في مغني اللبيب: ص 233.

153- تفسير ابن عباس: ص 114.

154- لقمان: 13.

155- الآية: 76 - 82.

156- وهي قراءة أهل الكوفة ويعقوب. راجع التبيان: ج 4 ص 191، وتفسير البغوي: ج 2 ص 112، وتفسير السمرقندي: ج 1 ص 498.

157- البقرة: 253.

158- وهو قول الفراء واختاره الطبري وغير واحد من المفسرين كالقشيري وابن عطية وغيرهم على ما حكاه عنهم القرطبي في تفسيره: ج 7 ص 31.

159- وهو قول الضحاك على ما حكاه عنه السمرقندي في تفسيره: ج 1 ص 499، واختاره الزجاج على ما حكاه الشيخ في التبيان وقال: قال أبو علي الجبائي: الهاء لا يجوز تكون كناية عن إبراهيم، لأن في من عدد من الأنبياء لوطا وهو كان ابن أخته، وقيل: ابن أخيه، ولم يكن من ذريته. وهذا الذي قاله ليس بشئ، لأنه لا يمنع أن يكون غلب الأكثر، وجميع من ذكر من نسل إبراهيم، على أنه قال فيما روى عنه ابن مسعود: إن الياس: إدريس، وهو جد نوح، ولم يكن من ذريته، ومع هذا لم يطعن على قول من قال: إنها كناية عن نوح. انظر التبيان: ج 4 ص 194.

160- قال الشيخ الطوسي (قدس سره): وفي الآية دلالة على أن الحسن والحسين من ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لأن عيسى جعله الله من ذرية إبراهيم أو نوح، وإنما كانت أمه من ذريتهما. راجع التبيان: ج 4 ص 195.

161- الزمر: 65.

162- قاله الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 43.

163- وهو قول الحسن وقتادة، واختاره الزجاج والطبري والشوكاني والبيضاوي والزمخشري. راجع تفسير الحسن البصري: ج 1 ص 358، وتفسير الماوردي: ج 2 ص 140، ومعاني القرآن للزجاج: ج 2 ص 270، وزاد المسير لابن الجوزي: ج 3 ص 81، وتفسير البيضاوي: ج 2 ص 183، والكشاف: ج 2 ص 43.

164- قاله ابن زيد على ما حكاه عنه الرازي في تفسيره: ج 13 ص 68.

165- قاله سعيد بن جبير على ما حكاه عنه السمرقندي في تفسيره: ج 1 ص 499، وحكاه البغوي في تفسيره: ج 2 ص 114 ونسبه إلى ابن عباس ومجاهد، واختاره القرطبي في تفسيره: ج 7 ص 35.

166- وعليه الجمهور إلا ابن عامر وابن ذكوان بكسر الهاء وصلتها. قال النحاس: وهذا لحن، لأن الهاء لبيان الحركة في الوقف وليست بهاء اضمار ولا بعدها واو ولا ياء أيضا. انظر إعراب القرآن: ج 2 ص 81 - 82، والتيسير في القراءات للداني: ص 105، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 4 ص 176.

167- وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو. انظر التبيان: ج 4 ص 198، وتفسير البغوي: ج 2 ص 114، وتفسير السمرقندي: ج 1 ص 500، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 404.

168- وهو اختيار الشيخ الطوسي في التبيان: ج 2 ص 199 وقال: وهذا الذي اخترناه قول مجاهد والطبري والجبائي.

169- النمل: 76.

170- راجع تفصيل ذلك في الفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 189.

171- وهو قول الزجاج في معاني القرآن: ج 2 ص 271.

172- قرأه أبو بكر عن عاصم. راجع التبيان: ج 4 ص 201، وتفسير البغوي: ج 2 ص 115، وتفسير السمرقندي: ج 1 ص 501، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 263.

173- آل عمران: 96.

174- في بعض النسخ: كلها.

175- راجع وجوه تسميتها بذلك في تفسير الماوردي: ج 2 ص 142 تجد تفصيله.

176- قال الشيخ الطوسي (قدس سره): ويحتمل أن يكون كناية عن محمد (صلى الله عليه وآله) - كما عليه الفراء والقرطبي - لدلالة الكلام عليه، وهذا يقوي مذهبنا في أنه لا يجوز أن يكون مؤمنا ببعض ما أوجب الله عليه دون بعض. انظر التبيان: ج 4 ص 201.

177- هو مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفي الوائلي، ولد ونشأ باليمامة في القرية المسماة اليوم بالجبيلة بقرب العيينة بوادي حنيفة في نجد، قدم على النبي (صلى الله عليه وآله) مع وفد بني حنيفة، إلا أنه تخلف مع الرحال خارج مكة، فأسلم الوفد وأسلم معهم، ولما عاد إلى دياره ارتد، وأكثر من وضع أسجاع يضاهي بها القرآن، قتله خالد في عهد أبي بكر حينما هاجم ديار بني حنيفة سنة 12 ه?، وكان من المعمرين. (شذرات الذهب ج 1: ص 23، الأعلام للزركلي: ج 7 ص 226.

178- هو عيهلة بن كعب بن عوف العنسي المذحجي، قيل: إنه كان أسود الوجه فسمي الأسود للونه، متنبئ مشعوذ، من أهل اليمن، أسلم لما أسلمت اليمن، وارتد في أيام النبي (صلى الله عليه وآله) فكان أول مرتد في الاسلام، وأدعى النبوة، وأرى قومه أعاجيب استهواهم بها، فأتبعته مذحج، وتغلب على نجران وصنعاء، واتسع سلطانه حتى غلب على ما بين مفازة حضرموت إلى الطائف إلى البحرين والأحساء إلى عدن، قتل قبل وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) بخمسة أيام، وكان ظهوره في سنة 10 ه?، فكانت مدة أمره من أوله إلى مقتله سنة 11 ه? ثلاثة أشهر فقط. (الأعلام للزركلي: ج 5 ص 111، الكامل في التاريخ: ج 2 ص 336).

179- سنن الترمذي: ج 4 ص 542 ح 2292، مستدرك الحاكم: ج 4 ص 398، تفسير البغوي: ج 2 ص 115.

180- وهو قول الحكم عن عكرمة. انظر تفسير الماوردي: ج 2 ص 144.

181- الأنفال: 31.

182- السياق: نزع الروح، يقال: رأيت فلانا يسوق، أي ينزع عند الموت. (الصحاح: مادة سوق).

183- الارهاق: أن تحمل الإنسان على مالا يطيقه. (القاموس المحيط: مادة رهق).

184- زهقت نفسه زهوقا: أي خرجت. (القاموس المحيط والصحاح: مادة زهق).

185- قاله الحسن والضحاك. راجع تفسير الحسن البصري: ج 1 ص 359، وتفسير الماوردي: ج 2 ص 144، والتبيان: ج 4 ص 203، وزاد المسير لابن الجوزي: ج 3 ص 87، وأخرجه ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك كما في الدر المنثور: ج 3 ص 322.

186- صحيح البخاري: ج 4 ص 204 و ج 8 ص 136، مستدرك الحاكم: ج 2 ص 251، زاد المسير لابن الجوزي: ج 9 ص 36، الدر المنثور: ج 3 ص 323.

187- في نسخة: غلفا. والقلف - بضم القاف وسكون اللام - جمع أقلف كالغلف جمع أغلف، وكلاهما بمعنى من لم يختن. (انظر القاموس المحيط والصحاح: مادة قلف).

188- وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وعاصم برواية أبي بكر وابن عامر وحمزة. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 263.

189- وهو قول الحسن وقتادة والسدي وابن زيد، واختاره الزجاج والقرطبي والزمخشري. انظر تفسير الحسن البصري: ج 1 ص 359، ومعاني القرآن: ج 2 ص 273، وتفسير القرطبي: ج 7 ص 44، والكشاف: ج 2 ص 47، وزاد المسير للجوزي: ج 3 ص 90.

190- قاله مجاهد وأبو مالك. راجع تفسير مجاهد بن جبر: ص 326، والتبيان: ج 4 ص 209، وتفسير الماوردي: ج 2 ص 147، وتفسير البغوي: ج 2 ص 117، وتفسير القرطبي: ج 7 ص 44، والكشاف: ج 2 ص 47.

191- وهو قول الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 47.

192- في بعض النسخ: توليه.

193- الغبش - محركة -: بقية الليل أو ظلمة آخره. (القاموس المحيط: مادة غبش).

194- في نسخة زيادة: وأسفاره.

195- قائله أبو نؤاس، وصدره: تردت به ثم انفرى عن أديمها. يصف فيه شرابا. راجع ديوانه: ص 435، والكشاف: ج 2 ص 49.

196- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 49، والهمداني في الفريد في إعراب القرآن: ج 2 ص 197.

197- يونس: 67، القصص: 73، غافر: 61.