سورة النساء
خطاب للمكلفين من بني آدم ﴿اتقوا﴾ مخالفة ﴿ربكم الذي خلقكم من نفس وا حدة﴾ أي: فرعكم من أصل واحد وهو نفس آدم أبيكم ﴿وخلق منها زوجها﴾ عطف على محذوف تقديره: أنشأها (1) من تراب وخلق حواء من ضلع من أضلاعها (2) ﴿وبث منهما﴾ نوعي الإنس (3)، وهما الذكور والإناث، فوصفهما بصفة هي بيان لكيفية خلقهم منها، ويجوز أن يكون الخطاب في ﴿يا أيها الناس﴾ للذين بعث إليهم النبي (صلى الله عليه وآله) فيكون قوله: ﴿وخلق منها زوجها﴾ عطفا على ﴿خلقكم﴾ (4)، والمعنى: خلقكم من نفس آدم وخلق منها أمكم حواء ﴿وبث منهما رجالا كثيرا ونساء﴾ غيركم من الأمم الكثيرة ﴿تساءلون به﴾ (5) أي: تتساءلون به فأدغمت التاء في السين، وقرئ: ﴿تساءلون﴾ بطرح التاء الثانية (6)، أي: يسأل بعضكم بعضا بالله وبالرحم، فيقول: بالله وبالرحم افعل كذا على سبيل الاستعطاف، أو تسألون غيركم بالله وبالرحم فوضع " تفاعلون " موضع " تفعلون " للجمع (7) ﴿والأرحام﴾ نصب (8) على ﴿واتقوا الله... والأرحام﴾ أو أن يعطف على محل الجار والمجرور كما تقول: مررت بزيد وعمرا، وأما جره فعلى عطف الظاهر على المضمر، وقد جاء ذلك في الشعر نحو قوله: فاذهب فما بك والأيام من عجب (9) ولا يستحسنون ذلك في حال الاختيار، والمعنى: أنهم كانوا يقرون بأن لهم خالقا وكانوا يتساءلون بذكر الله والرحم، فقيل لهم: اتقوا الله الذي خلقكم واتقوا الله الذي تتناشدون به واتقوا الأرحام فلا تقطعوها، أو واتقوا الله الذي تتعاطفون بإذكاره وإذكار الرحم، وفي هذا أن صلة الرحم من الله بمكان كما جاء في الحديث: " للرحم حجنة (10) عند العرش " (11) (12)، وعن ابن عباس: " الرحم معلقة بالعرش، فإذا أتاها الواصل بشت به وكلمته، وإذا أتاها القاطع احتجبت عنه " (13)، والرقيب: الحافظ، وقيل: العالم (14).
﴿وآتوا اليتامى أموا لهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموا لهم إلى أموا لكم إنه كان حوبا كبيرا(2) ﴾
﴿اليتامى﴾ الذين مات آباؤهم فانفردوا عنهم، واليتم: الانفراد، ومنه الدرة اليتيمة، وهذا خطاب لأوصياء اليتامى، أي: أعطوهم ﴿أموا لهم﴾ بالإنفاق عليهم في حالة الصغر والتسليم إليهم عند البلوغ وإيناس الرشد ﴿ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب﴾ أي: لا تستبدلوا ما حرمه الله عليكم من أموال اليتامى بما أحله الله لكم من أموالكم فتأكلوه مكانه، أو لا تستبدلوا الأمر الخبيث وهو اختزال (15) أموال اليتامى بالأمر الطيب وهو حفظها، والتفعل بمعنى الاستفعال كالتعجل والتأخر ﴿ولا تأكلوا أموا لهم إلى أموا لكم﴾ أي: ولا تنفقوها معها ولا تضموها إليها في الإنفاق حتى لا تفرقوا بين أموالكم وأموالهم قلة مبالاة بالحرام وتسوية بينه وبين الحلال، والحوب: الذنب العظيم.
﴿وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلث وربع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا (3) وآتوا النساء صدقتهن نحلة فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيا مريا (4) ﴾ لما نزلت الآية في أكل أموال اليتامى خاف الأولياء أن يلحقهم الحوب بترك الإقساط في حقوق اليتامى وتحرجوا من ولايتهم، وكان الرجل منهم ربما كانت تحته العشر من الأزواج أو أقل فلا يقوم بحقوقهن، فقيل لهم: ﴿وإن خفتم﴾ ترك العدل ﴿في﴾ أموال ﴿اليتامى﴾ فتحرجتم منها فخافوا أيضا ترك العدل والتسوية (16) بين النساء، لأن من تاب من ذنب وهو مرتكب مثله فهو غير تائب، وقيل: معناه إن خفتم الجور في حق اليتامى فخافوا الزنا أيضا (17) ﴿فانكحوا ما طاب﴾ أي: حل ﴿لكم من النساء﴾ ولا تحوموا حول المحرمات ﴿مثنى وثلث وربع﴾ محلهن النصب على الحال تقديره: فانكحوا الطيبات لكم من النساء معدودات هذا العدد ثنتين ثنتين وثلاثا ثلاثا وأربعا أربعا، وإنما وجب التكرير لأن الخطاب للجميع ليصيب كل ناكح يريد الجمع بين ثنتين أو ثلاث أو أربع ما أراد من العدد الذي أطلق له، وهذا كما تقول للجماعة: اقسموا هذا المال وهو ألف درهم بينكم درهمين درهمين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة، ولو أفردت لم يكن له معنى، ولو جعلت مكان الواو " أو " فقلت: أو ثلاثة ثلاثة أو أربعة أربعة أعلمت أنه لا يسوغ لهم أن يقسموه إلا على أحد أنواع هذه القسمة، وذهب معنى تجويز الجمع بين أنواع القسمة التي دلت عليها الواو ﴿فإن خفتم ألا تعدلوا﴾ بين هذه الأعداد كما خفتم فيما فوقها ﴿فواحدة﴾ أي: فاختاروا واحدة وذروا الجمع، وقرئ: " فواحدة " بالرفع (18) أي: فحسبكم واحدة، أو المقنع واحدة ﴿أو ما ملكت أيمانكم﴾ سوى بين الحرة الواحدة وبين الإماء من غير حصر ولا توقيت عدد
﴿ذلك﴾ إشارة إلى اختيار الواحدة أو التسري ﴿أدنى ألا تعولوا﴾ أقرب من أن لا تميلوا ولا تجوروا، من عال الميزان: إذا مال، وعال في حكمه: إذا جار ﴿وآتوا النساء صدقتهن﴾ أي: وأعطوهن مهورهن ﴿نحلة﴾ أي: عن طيبة أنفسكم، من نحله كذا: إذا أعطاه إياه عن طيبة من نفسه نحلة ونحلا، وانتصابها على المصدر لأن النحلة بمعنى الإيتاء، أو يكون حالا من المخاطبين أي: آتوهن صدقاتهن ناحلين طيبي النفوس بالإعطاء، أو من الصدقات أي: منحولة معطاة عن طيبة الأنفس، وقيل: نحلة من الله أي: عطية من عنده لهن (19)، والخطاب للأزواج، وقيل: للأولياء، لأنهم كانوا يأخذون مهور بناتهم (20) ﴿فإن طبن لكم عن شئ﴾ خطاب للأزواج ﴿منه﴾ أي: من الصداق ﴿نفسا﴾ تمييز وتوحيدها، لأن الغرض بيان الجنس والواحد يدل عليه، والمعنى: فإن وهبن لكم شيئا من الصداق وطابت عنه نفوسهن من غير إكراه ولا خديعة ﴿فكلوه هنيا مريا﴾ أي: أكلا هنيئا مريئا، وهما صفتان من هنؤ الطعام ومرؤ: إذا كان سائغا لا تنغيص فيه، وقيل: الهنئ: ما يلذه الآكل والمرئ: ما يحمد عاقبته وينساغ في مجراه (21)، ويجوز أن يكون كلاهما حالا من الضمير أي: كلوه وهو هنئ ومرئ، وقد يوقف على ﴿فكلوه﴾ ويبتدأ ﴿هنيا مريا﴾ على الدعاء، وهذه عبارة عن التحليل والمبالغة في الإباحة.
﴿ولا تؤتوا السفهاء أموا لكم التي جعل الله لكم قيما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا (5) وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموا لهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموا لهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا (6) ﴾
أي: ولا تعطوا (22) ﴿السفهاء﴾ وهم الذين ينفقون الأموال فيما لا ينبغي من النساء والصبيان والمبذرين ﴿أموا لكم التي جعل الله لكم قيما﴾ تقومون بها وتنتعشون فكأنها قيامكم وانتعاشكم، وقوام الشئ وقيامه وقيمه: ما يقيمه، وقرئ: " قيما " (23)، ﴿وارزقوهم فيها﴾ واجعلوا أموالكم مكانا لرزقهم وكسوتهم إن كانوا ممن يلزمكم نفقته، وهذا أمر لكل أحد أن لا يخرج ماله إلى سفيه يعلم أنه يضعه فيما لا ينبغي ويفسده، رجلا كان أو امرأة، قريبا كان أو أجنبيا ﴿وقولوا لهم قولا معروفا﴾ أي: تلطفوا لهم في القول، وكل ما أحبته النفوس لحسنه عقلا أو (24) شرعا من قول أو عمل فهو معروف وما أنكرته لقبحه فهو منكر ﴿وابتلوا اليتامى﴾ واختبروا عقولهم قبل البلوغ حتى إذا تبينتم (25) منهم رشدا دفعتم إليهم أموالهم من غير تأخير عن حد البلوغ، وبلوغ ﴿النكاح﴾ هو أن يحتلم لأنه يصلح للنكاح عنده أو يبلغ خمس عشرة سنة أو ينبت ﴿فإن آنستم منهم رشدا﴾ أي: أبصرتم منهم تهديا إلى وجوه التصرف وصلاحا في الدين وإصلاحا للمال ﴿فادفعوا إليهم أموا لهم﴾، و " حتى " هذه هي التي تقع بعدها الجمل، والجملة بعدها جملة شرطية لأن " إذا " متضمنة معنى الشرط، وقوله: ﴿فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموا لهم﴾ جملة من شرط وجزاء وقعت جوابا للشرط الأول، فكأنه قيل: وابتلوا اليتامى إلى وقت بلوغهم واستحقاقهم دفع أموالهم إليهم بشرط إيناس الرشد منهم، و ﴿إسرافا﴾ مصدر في موضع الحال أي: مسرفين ومبادرين كبرهم، أو مفعول له أي: لإسرافكم ومبادرتكم كبرهم تفرطون في إنفاقها ﴿ومن كان غنيا﴾ من الأولياء ﴿فليستعفف﴾ بماله عن أكل مال اليتيم، ويقتنع (26) بما رزقه الله من الغنى إشفاقا على اليتيم وإبقاء على ماله ﴿ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف﴾ قوتا مقدرا محتاطا في تقديره على وجه الأجرة، وقيل: يأخذ من ماله قدر الحاجة على وجه الاستقراض (27) ﴿فإذا دفعتم إليهم أموا لهم فأشهدوا عليهم﴾ بأنهم تسلموها وقبضوها، لأن ذلك أبعد من التهمة ﴿وكفى بالله حسيبا﴾ أي: شاهدا على الدفع والقبض فعليكم بالتصادق.
﴿للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا (7)﴾
﴿مما قل منه أو كثر﴾ بدل ﴿مما ترك﴾ بتكرير العامل، وكانت العرب في الجاهلية يورثون الذكور دون الإناث فقال سبحانه: ﴿للرجال﴾ حظ وسهم من تركة الوالدين والأقربين ﴿وللنساء﴾ حظ وسهم منها، من قليلها وكثيرها ﴿نصيبا مفروضا﴾ نصب على الاختصاص، أي: أعني نصيبا مفروضا: مقطوعا واجبا لابد أن يحوزوه، أو هو مصدر مؤكد بمعنى قسمة مفروضة.
وفي هذه الآية دلالة على بطلان القول بالعصبة (28) لأن الله سبحانه فرض الميراث للرجال والنساء.
﴿وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمسكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا (8) وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعفا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا (9) إن الذين يأكلون أموا ل اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا (10)﴾
﴿وإذا حضر القسمة﴾ أي: قسمة التركة ﴿أولوا القربى﴾ ممن لا يرث ﴿فارزقوهم منه﴾ أي: مما ترك الوالدان والأقربون، وهو أمر على الندب، وقيل: هو على الوجوب (29)، والآية منسوخة بآية الميراث (30)، وقال سعيد بن جبير: إن ناسا يقولون: نسخت، والله ما نسخت ولكنها مما تهاون به الناس (31).
والقول المعروف: أن يلطفوا لهم القول ويعتذروا إليهم ويستقلوا ما يعطونهم ولا يمنوا بذلك عليهم، و ﴿لو﴾ مع ما في حيزه صلة لـ ﴿الذين﴾، والمراد بهم الأوصياء أمروا بأن يخافوا الله على من في حجورهم من اليتامى، ويشفقوا عليهم كما يخافون على ذريتهم لو تركوهم ﴿ضعفا﴾ ويشفقون عليهم وأن يصوروا ذلك في نفوسهم حتى لا يجسروا (32)، والمعنى: ﴿وليخش الذين﴾ حالهم أنهم لو قاربوا أن يتركوا خلفهم ﴿ذرية ضعفا﴾ وذلك إذا حان يومهم ﴿خافوا عليهم﴾ الضياع بعدهم لذهاب كافلهم ﴿فليتقوا الله﴾ في يتامى غيرهم أن يجفوهم ويظلموهم ﴿وليقولوا﴾ لهم ﴿قولا سديدا﴾ موافقا للشرع و (33) يخاطبوهم بخطاب جميل، ثم أوعد سبحانه آكلي مال اليتيم ﴿ظلما﴾ أي: ظالمين أو على وجه الظلم من أولياء السوء أو القضاة ﴿في بطونهم﴾ ملء بطونهم، ومعنى ﴿يأكلون... نارا﴾ يأكلون ما يجر إلى النار فكأنه نار في الحقيقة، وقرئ: " وسيصلون " (34)، يقال: صلي النار يصلاها صليا وأصلاه الله النار ﴿سعيرا﴾ أي: نارا مستعرة.
﴿يوصيكم الله في أولدكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت وا حدة فلها النصف ولأبويه لكل وا حد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصى بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما (11)﴾
﴿يوصيكم الله﴾ أي: يأمركم به ويفرض عليكم، لأن الوصية منه سبحانه أمر وفرض ﴿في أولدكم﴾ أي: في شأن ميراثهم، وهذا إجمال تفصيله ﴿للذكر مثل حظ الأنثيين﴾ والمعنى: للذكر منهم أي: من أولادكم فحذف العائد لأنه مفهوم، أي: للابن مثل نصيب البنتين، هذا في حال الاجتماع، فأما في حال الانفراد فالابن يأخذ المال كله والبنتان تأخذان الثلثين، ويدل عليه قوله: ﴿فإن كن نساء فوق اثنتين﴾ أي: فإن كانت البنات أو المولودات نساء ليس معهن رجل، يعني: بنات ليس معهن ابن فوق اثنتين أي: زائدات على (35) اثنتين ﴿فلهن ثلثا ما ترك﴾، والضمير في ﴿ترك﴾ للميت وإن لم يجر له ذكر، لأن الآية لما كانت في الميراث علم أن التارك هو الميت، وفي قوله: ﴿للذكر مثل حظ الأنثيين﴾ دلالة على أن حكم البنتين حكم الابن، وذلك أن الابن كما يحوز الثلثين مع البنت الواحدة فكذلك البنتان تحوزان الثلثين، فلما ذكر ما دل على حكم البنتين أتبعه بقوله: ﴿فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك﴾ على معنى: فإن كن جماعة بالغات ما بلغن من العدد فلهن ما للبنتين لا يتجاوزنه ﴿وإن كانت﴾ المولودة ﴿وا حدة فلها النصف﴾ أي: نصف ما ترك الميت ﴿ولأبويه﴾ أي: ولأبوي الميت ﴿لكل وا حد منهما﴾ بدل من ﴿لأبويه﴾ بتكرير العامل ﴿السدس مما ترك إن كان له ولد﴾ الولد يقع على الذكر والأنثى، يعني: فللأب السدس مع الولد ذكرا كان أو أنثى واحدا كان أو أكثر، وللأم السدس مع الولد كذلك ﴿فإن لم يكن له﴾ أي للميت ﴿ولد﴾: ابن ولا بنت ولا أولادهما، لأن اسم الولد يعم الجميع ﴿وورثه أبواه فلأمه الثلث﴾ وهذا الظاهر يدل على أن الباقي للأب ﴿فإن كان له إخوة فلأمه السدس﴾ وإنما يكون لها السدس مع وجود أخوين أو أخ وأختين أو أربع أخوات إذا كان هناك أب عند أئمة الهدى (عليهم السلام) (36) بدلالة أن هذه الجملة معطوفة على قوله: ﴿فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث﴾ فيكون التقدير: فإن كان له إخوة وورثه أبواه فلأمه السدس، وقرئ: " فلإمه " بكسر الهمزة (37) أتبعت الهمزة الكسرة التي قبلها ﴿من بعد وصية يوصى بها﴾ الميت، وقرئ: " يوصى بها " على البناء للمفعول (38) ﴿أو دين﴾ أي: تقسم التركة على ما ذكرنا بعد قضاء الديون وإفراز الوصية، ولا خلاف في أن الدين مقدم على الوصية والميراث وإن قدمت الوصية على الدين في الآية، فكأنه قيل: من بعد أحد هذين فإن لفظة " أو " لا توجب الترتيب وإنما هي لأحد الشيئين أو الأشياء ﴿آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا﴾ أي: لا تدرون من أنفع لكم من آبائكم وأبنائكم الذين يموتون: أمن أوصى منهم أم من لم يوص (39)، يعني: أن من أوصى ببعض ماله فعرضكم لثواب الآخرة بإمضاء وصيته فهو أقرب لكم نفعا ممن ترك الوصية فوفر عليكم متاع الدنيا ﴿فريضة من الله﴾ نصبت نصب المصدر المؤكد، أي: فرض الله فريضة ﴿إن الله كان عليما﴾ بمصالح خلقه ﴿حكيما﴾ فيما فرض من المواريث وغيرها.
﴿ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل وا حد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار وصية من الله والله عليم حليم (12)﴾
﴿ولكم﴾ أيها الأزواج ﴿نصف ما﴾ تركت زوجاتكم ﴿إن لم يكن لهن ولد﴾ ذكر ولا أنثى ولا ولد ولد ﴿فإن كان لهن ولد﴾ منكم أو من غيركم ﴿فلكم الربع﴾ جعلت المرأة على النصف من الرجل بحق الزواج كما جعلت كذلك في النسب، والواحدة والجماعة سواء في الربع والثمن ﴿وإن كان رجل﴾ يعني: الميت ﴿يورث﴾ أي: يورث منه من " ورث "، أو يورث من " أورث "، فيكون الرجل وارثا لا موروثا منه، وهو صفة لـ ﴿رجل﴾، و ﴿كلالة﴾ خبر ﴿كان﴾، أي: وإن كان رجل موروث منه أو وارث كلالة، ويجوز أن يكون ﴿يورث﴾ خبر ﴿كان﴾ و ﴿كلالة﴾ حالا من الضمير في ﴿يورث﴾.
واختلف في معنى الكلالة، والمروي عن أئمتنا (عليهم السلام) أنها تطلق على الإخوة والأخوات (40)، والمذكور في هذه الآية من كان من قبل الأم منهم والمذكور في آخر السورة من كان منهم من قبل الأب والأم أو من قبل الأب، فعلى هذا تكون الكلالة أن يترك الانسان من أحاط بأصل النسب الذي هو الوالد والولد، وتكلله كالإكليل الذي يحيط بالرأس ويشتمل عليه، لأن الكلالة في الأصل مصدر فتطلق على من ليس بولد ولا والد وعلى من لم يخلف ولدا ولا والدا وخلف ما عداهما من الإخوة والأخوات، ويكون صفة للموروث أو الوارث بمعنى ذي كلالة، كما تقول: فلان من قرابتي تريد من ذوي قرابتي ﴿أو امرأة﴾ تورث كذلك ﴿وله أخ أو أخت﴾ يعني: من الأم ﴿فلكل وا حد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث﴾ جعل الذكر والأنثى هاهنا سواء ﴿غير مضار﴾ لورثته، وذلك أن يوصي بزيادة على الثلث أو يوصي بدين ليس عليه يريد بذلك ضرر الورثة ﴿وصية من الله﴾ مصدر مؤكد كقوله: ﴿فريضة من الله﴾، ﴿والله عليم﴾ بمن جار في وصيته ﴿حليم﴾ عنه لا يعاجله بالعقوبة، وهذا وعيد.
﴿تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنت تجرى من تحتها الأنهر خلدين فيها وذلك الفوز العظيم (13) ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خلدا فيها وله عذاب مهين (14)﴾
﴿تلك﴾ إشارة إلى الأحكام المذكورة في اليتامى والمواريث، وسماها حدودا لأن الشرائع كالحدود المضروبة للمكلفين لا يجوز لهم أن يتجاوزوها، قال: ﴿يدخله﴾ و ﴿خلدين﴾ حملا على لفظ " من " ومعناه، وفي قوله: ﴿ويتعد حدوده﴾ دلالة على أن المراد بقوله: ﴿ومن يعص الله ورسوله﴾ الكافر، لأن من تعدى جميع حدود الله التي هي فرائضه وأوامره ونواهيه لا يكون إلا كافرا.
﴿والتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا (15) والذان يأتينها منكم فاذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما (16)﴾ ﴿والتي يأتين الفاحشة﴾ أي: يفعلنها، والفاحشة: الزنا لزيادتها في القبح على كثير من القبائح ﴿من نسائكم﴾ الحرائر ﴿فاستشهدوا عليهن أربعة منكم﴾ أي: من المسلمين ﴿فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت﴾ أي: فخلدوهن محبوسات في بيوتكم، وكان ذلك عقوبتهن في أول الإسلام ثم نسخ بقوله: ﴿الزانية والزاني﴾ الآية (41) (42)، ﴿أو يجعل الله لهن سبيلا﴾ هو النكاح الذي يستغنين به عن السفاح، وقيل: السبيل هو الحد، إذ لم يكن مشروعا في ذلك الوقت (43)، وقد روي: أنه لما نزل قوله: ﴿الزانية والزاني﴾ الآية قال (عليه السلام): " خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا: البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " (44) وعندنا: أن هذا الحكم مختص بالشيخ والشيخة إذا زنيا (45) ﴿والذان يأتينها منكم﴾ يريد الزاني والزانية ﴿فاذوهما﴾ فذموهما وعيروهما، فإن تابا وأصلحا وغيرا الحال ﴿فأعرضوا عنهما﴾ واقطعوا الذم والتعيير وكفوا عن أذاهما، وقرئ: " والذان " بتشديد النون (46).
﴿إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهلة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما (17) وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك اعتدنا لهم عذابا أليما (18)﴾ ﴿التوبة﴾ من تاب الله عليه: إذا قبل توبته، أي: إنما القبول للتوبة واجب على الله لهؤلاء، أوجبه سبحانه في كرمه وفضله ﴿بجهلة﴾ في موضع الحال، أي: ﴿للذين يعملون السوء﴾ جاهلين سفهاء، لأن ارتكاب القبيح مما يدعو إليه السفه والشهوة ولا يدعو إليه العقل والحكمة ﴿ثم يتوبون من قريب﴾ من زمان قريب، والزمان القريب: ما قبل حضور الموت، قال ابن عباس: قبل أن ينزل به سلطان الموت (47) ﴿ولا الذين يموتون﴾ عطف على ﴿للذين يعملون السيئات﴾ سوى سبحانه بين مسوف التوبة إلى وقت حضور الموت وبين من يموت كافرا.
﴿يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا (19)﴾ سورة النساء / 19 كانوا يظلمون نساءهم بأنواع من الظلم فنهوا عن ذلك، كان الرجل إذا مات له قريب عن امرأة ألقى ثوبه عليها وقال: أنا أحق بها من غيري، فقيل: ﴿لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها﴾ أي: تأخذوهن على سبيل الإرث وهن كارهات لذلك أو مكرهات (48)، فقد قرئ بفتح الكاف وضمها (49)، وقيل: كانوا يمسكونهن حتى يمتن، فقيل: لا يحل لكم أن تمسكوهن حتى ترثوا منهن وهن غير راضيات بذلك (50)، وكان الرجل يمسك زوجته إضرارا بها حتى تفتدي ببعض مالها، فقيل: ﴿ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن﴾ والعضل: الحبس والتضييق، والأولى أن يكون ﴿تعضلوهن﴾ نصبا عطفا على ﴿أن ترثوا﴾، و ﴿لا﴾ لتأكيد النفي، أي: لا يحل لكم أن ترثوا النساء ولا أن تعضلوهن ﴿إلا أن يأتين بفاحشة مبينة﴾ وهي النشوز والبذاء والمعصية وإيذاء الزوج وأهله، يعني: إلا أن يكون سوء العشرة من جهتهن فتصيروا معذورين في طلب الخلع، والتقدير: ولا تعضلوهن إلا لأن يأتين بفاحشة أو وقت أن يأتين بفاحشة.
الصادق (عليه السلام) قال: " إذا قالت للزوج لا أغتسل لك من جنابة ولا أبر لك قسما ولأوطين فراشك حل له أن يخلعها " (51).
وكانوا يسيؤون معاشرة النساء فقيل لهم: ﴿وعاشروهن بالمعروف﴾ وهو النصفة في النفقة والإجمال في القول والفعل ﴿فإن كرهتموهن﴾ أي: إن كرهتم صحبتهن فلا تفارقوهن لكراهة الأنفس وحدها، فربما كرهت النفس ما هو أصلح في الدين وأحمد وأحبت ما هو نقيض ذلك.
﴿وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحديهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا (20) وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا (21)﴾ كان الرجل (52) إذا أراد استطراف (53) امرأة رمى زوجته بفاحشة حتى يلجئها إلى الافتداء منه بما أعطاها، فقال سبحانه: ﴿وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج﴾ أي: إقامة امرأة مقام امرأة وأعطيتم التي أردتم الاستبدال بها غيرها ﴿قنطارا﴾ أي: مالا كثيرا ﴿فلا تأخذوا منه﴾ أي: من المؤتى والمعطى ﴿شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا﴾ أي: باهتين وآثمين، انتصب ﴿بهتانا﴾ و ﴿إثما﴾ على الحال، ويجوز أن يكون مفعولا له وإن لم يكن غرضا كما يقال: قعد عن القتال جبنا، والميثاق الغليظ: حق الصحبة والمضاجعة، كأنه قيل: ﴿وأخذن﴾ به ﴿منكم ميثاقا غليظا﴾ أي: بإفضاء بعضكم إلى بعض، وقيل: إن الميثاق الغليظ هو العهد المأخوذ على الزوج حالة العقد من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان (54).
وعن النبي (صلى الله عليه وآله): " استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عوان (55) في أيديكم، أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله " (56).
﴿ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا (22)﴾
كانوا ينكحون روابهم (57)، وكان ناس من ذوي مروءاتهم يمقتونه ويسمونه نكاح المقت، ويقولون لمن ولد عليه: المقتي، ولذلك قال سبحانه: ﴿ومقتا﴾، أي: ولا تتزوجوا ما تزوجه ﴿آباؤكم من النساء﴾ ثم استثنى ﴿ما قد سلف﴾ كما استثنى " غير أن سيوفهم " من قوله: ولاعيب فيهم غير أن سيوفهم * بهن فلول من قراع الكتائب (58) يعني: إن أمكنكم أن تنكحوا ما قد سلف فأنكحوه ولا يحل لكم غيره ولكنه غير ممكن، والغرض المبالغة في تحريمه ﴿إنه كان فاحشة﴾ في دين الله بالغة في القبح ﴿ومقتا﴾ أي: قبيحا ممقوتا في المروءة ولا مزيد على ما يجمع القبحين (59) ﴿وساء سبيلا﴾ أي: بئس طريقا ذلك النكاح السيئ الفاحش.
﴿حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعمتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم التي أرضعنكم وأخواتكم من الرضعة وأمهت نسائكم وربائبكم التي في حجوركم من نسائكم التي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما (23)﴾ المعنى: حرم عليكم نكاحهن، لأن ذلك هو المفهوم من تحريمهن كما يفهم من تحريم الخمر تحريم شربها ومن تحريم الميتة تحريم أكلها، ويتضمن قوله: ﴿أمهاتكم﴾ تحريم نكاح الجدات من قبل الأب ومن قبل الأم وإن علون بدرجات، وقوله: ﴿وبناتكم﴾ تحريم نكاح بنات الصلب وبنات الابن وبنات البنت (60) وإن نزلن بدرجات، وقوله: ﴿وأخواتكم﴾ يتضمن تحريمهن سواء كن من قبل أب أو من قبل أم أو منهما، ويتضمن العمات: كل أخت لذكر رجع النسب إليه بالولادة من قبل الأب كان أو من قبل الأم، ويتضمن الخالات: كل أخت لأنثى رجع النسب إليها بالولادة من جهة الأم كان أو من جهة الأب، ويتضمن ﴿بنات الأخ وبنات الأخت﴾ كل بنات الإخوة والأخوات من قبل الأب كن أو من قبل الأم قربن أو بعدن، فهؤلاء السبع هن المحرمات من جهة النسب.
ثم ذكر المحرمات من جهة السبب ﴿و﴾ قال: ﴿أمهاتكم التي أرضعنكم﴾ سمى المرضعات أمهات إذ نزل (61) الرضاعة منزلة النسب، وسمى المرضعات أخوات بقوله: ﴿وأخواتكم من الرضعة﴾ فعلى هذا يكون زوج المرضعة أبا للرضيع، وأبواه جداه، وأخته عمته، وكل ولد ولد له من غير المرضعة قبل الرضاع وبعده فهم إخوته وأخواته لأبيه، وأم المرضعة جدته، وأختها خالته، وكل ولد لها من هذا الزوج فهم إخوته وأخواته لأبيه وأمه، وكل ولد لها من غير هذا الزوج فهم إخوته وأخواته لأمه، ومنه قول النبي (صلى الله عليه وآله): " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " (62) وفيه: أن المحرمات السبع بالنسب محرمات بالرضاع أيضا.
سورة النساء / 23 ثم قال: ﴿وأمهت نسائكم﴾ وهذا يتضمن تحريم نكاح أمهات الزوجات وجداتهن قربن أو بعدن من جهة النسب والرضاع، ويحرمن بنفس العقد ﴿وربائبكم التي في حجوركم﴾ أي: في ضمانكم وتربيتكم، سمي ولد المرأة من غير زوجها ربيبا وربيبة لأنه يربهما (63) في غالب الأمر كما يرب ولده، ثم سمي بذلك وإن لم يربهما، وهذا يقتضي تحريم بنت المرأة من غير زوجها على زوجها وتحريم بنت ابنها وبنت بنتها قربت أم بعدت لوقوع اسم الربيبة عليهن، وقوله: ﴿من نسائكم التي دخلتم بهن﴾ متعلق ب? ﴿ربائبكم﴾ والمعنى: أن الربيبة من المرأة المدخول بها محرمة على الرجل وإذا لم يدخل بها فهي حلال له، ومعنى الدخول بهن كناية عن الجماع كما يقال: بنى عليها وضرب عليها الحجاب، فقوله: ﴿دخلتم بهن﴾ معناه: أدخلتموهن الستر، والباء للتعدية، وما يجري مجرى الجماع من التجريد واللمس بالشهوة فذلك أيضا دخول بها عند أبي حنيفة (64) وهو مذهبنا (65)، ﴿وحلائل أبنائكم﴾ أي: وحرم عليكم نكاح أزواج أبنائكم ﴿الذين من أصلابكم﴾ دون من تبنيتم، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تزوج زينب بنت جحش (66) حين فارقها زيد بن حارثة (67) (68) ﴿وأن تجمعوا بين الأختين﴾ في موضع الرفع، أي: وحرم عليكم الجمع بين الأختين في النكاح والوطء بملك اليمين، ويجوز أن يكون الجمع بينهما في الملك ﴿إلا ما قد سلف﴾ ولكن ما مضى مغفور بدليل قوله: ﴿إن الله كان غفورا رحيما﴾.
والمحرمات بالنسب أو السبب على وجه التأبيد يسمين مبهمات، لأنهن يحرمن من جميع الجهات، قال ابن عباس: حرم الله من النساء سبعا بالنسب وسبعا بالسبب، وتلا هذه الآية ثم قال: والسابعة: ﴿ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم﴾ الآية (69) (70).
﴿والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فاتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما (24)﴾
القراءة هنا ﴿المحصنات﴾ بفتح الصاد، أي: وحرمت عليكم اللاتي أحصن ﴿من النساء﴾ وهن ذوات الأزواج ﴿إلا ما ملكت أيمانكم﴾ من اللاتي سبين ولهن أزواج في دار (71) الكفر فهن حلال وإن كن محصنات ﴿كتب الله عليكم﴾ مصدر مؤكد، أي: كتب الله ذلك عليكم كتابا وهو تحريم ما حرم ﴿وأحل لكم ما وراء ذلكم﴾ هو عطف على الفعل المضمر الذي نصب ﴿كتب الله﴾، ومن قرأ: ﴿وأحل لكم﴾ على البناء للمفعول فهو عطف على ﴿حرمت عليكم﴾، ﴿أن تبتغوا﴾ مفعول له، والمعنى: بين لكم ما يحل وما يحرم إرادة أن تبتغوا، أي: تطلبوا ﴿بأموالكم﴾ نكاحا بصداق أو شراء بثمن، فيكون مفعول ﴿تبتغوا﴾ مقدرا، ويجوز أن يكون ﴿أن تبتغوا﴾ بدلا من ﴿ما وراء ذلكم﴾ (72)، ﴿محصنين غير مسافحين﴾ أي: أعفاء غير زناة، والإحصان: العفة وتحصين النفس من الوقوع في الحرام، وقيل: محصنين: متزوجين (73) ﴿فما استمتعتم به منهن﴾ من النساء، و ﴿ما﴾ في معنى النساء ويرجع الضمير في ﴿به﴾ إليه على اللفظ، وفي ﴿فاتوهن أجورهن﴾ على المعنى، والمراد به متعة النساء وهو النكاح المنعقد بمهر معين إلى أجل معلوم، وإليه ذهب ابن عباس وابن مسعود وسعيد بن جبير وجماعة من التابعين وهو مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، وقرأوا: " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى " (74)، ﴿فاتوهن أجورهن﴾ معناه: فاللاتي عقدتم عليهن هذا العقد من جملة النساء فأعطوهن أجورهن، فأوجب إيتاء الأجر بنفس العقد، وإنما يجب كمال المهر بنفس العقد في نكاح المتعة خاصة ﴿ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة﴾ من استئناف عقد آخر بعد انقضاء مدة الأجل ﴿إن الله كان عليما حكيما﴾ فيما شرع لعباده من النكاح الذي به يحفظ الأموال والأنساب.
﴿ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم (25)﴾ الطول: الفضل والزيادة، أي: من لم يجد غنى وزيادة في المال وسعة يبلغ بها نكاح ﴿المحصنات﴾ أي: الحرائر ﴿فمن ما ملكت أيمانكم﴾ أي: فلينكح أمة مما ملكت أيمانكم، والخطاب للمسلمين ﴿من فتياتكم﴾ من إمائكم لامن فتيات غيركم من المخالفين في الدين ﴿والله أعلم بإيمانكم﴾ والله أعلم بتفاضل ما بينكم وبين أرقائكم في الإيمان ورجحانه ونقصانه فيهم وفيكم، وربما كان إيمان الأمة أرجح من إيمان الحرة، والمرأة أفضل في الإيمان من الرجل فمن حقكم أن تعتبروا فضل الإيمان لافضل الأحساب والأنساب ﴿بعضكم من بعض﴾ أي: أنتم وأرقاؤكم متناسبون لاشتراككم في الإيمان فلا تستنكفوا من نكاحهن ﴿فانكحوهن﴾ والضمير للفتيات أي: تزوجوهن ﴿بإذن أهلهن﴾ أي: بأمر مواليهن ﴿وآتوهن أجورهن﴾ أي: مهورهن ﴿بالمعروف﴾ من غير مطل وإضرار وإحواج إلى الاقتضاء، والمراد: فآتوا مواليهن، لأن الموالي هم مالكو مهورهن (1)، فحذف المضاف ﴿محصنات﴾ عفائف غير مجاهرات بالسفاح ولا مسرات له، وهو قوله: ﴿غير مسافحات ولا متخذات أخدان﴾ والأخدان: الأخلاء في السر ﴿فإذا أحصن﴾ من قرأ بالضم فالمعنى: فإذا زوجن فأحصنهن أزواجهن (2) أي: تزوجن، ومن قرأ بالفتح (3) فمعناه: أسلمن (4)، وقيل: أحصن أنفسهن بالتزويج (5) ﴿فإن أتين بفاحشة﴾ أي: فإن زنين ﴿فعليهن نصف ما على المحصنات﴾ أي: الحرائر ﴿من العذاب﴾ من الحد كما في قوله: ﴿وليشهد عذابهما﴾ (6) وهو خمسون جلدة، ولا رجم عليهن لأن الرجم لا ينتصف ﴿ذلك﴾ إشارة إلى نكاح الإماء ﴿لمن خشي العنت منكم﴾ لمن خاف الإثم الذي يؤدي إليه غلبة الشهوة، وأصل العنت انكسار العظم بعد الجبر، فاستعير لكل مشقة وضرر، ولا ضرر أعظم من الوقوع في الزنا ﴿وأن تصبروا﴾ أي: وصبركم عن نكاح الإماء متعففين ﴿خير لكم﴾.
﴿يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم (26) والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما (27) يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الانسان ضعيفا (28)﴾ الأصل ﴿يريد الله﴾ أن ﴿يبين لكم﴾ فزيدت اللام مؤكدة لإرادة التبيين كما زيدت في " لا أبا لك " لتأكيد إضافة الأب، والمعنى: يريد الله أن يبين لكم ما خفي عنكم من مصالحكم ﴿و﴾ أن ﴿يهديكم سنن الذين﴾ كانوا ﴿من قبلكم﴾ من الأنبياء وأهل الحق لتقتدوا بهم ﴿ويتوب عليكم﴾ أي: وأن يقبل توبتكم ﴿والله يريد أن يتوب عليكم﴾ يوفقكم لها، ويقوي دواعيكم إليها ﴿ويريد الذين يتبعون الشهوات﴾ من المبطلين ﴿أن تميلوا﴾ أي: تعدلوا عن الاستقامة والقصد بمساعدتهم وموافقتهم ﴿ميلا عظيما﴾ إذ لاميل أعظم من الموافقة على اتباع الشهوات ﴿يريد الله أن يخفف عنكم﴾ بإحلال الأمة وغير ذلك من الرخص ﴿وخلق الانسان ضعيفا﴾ لا يصبر على مشقة الطاعة وعن الشهوة.
﴿يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموا لكم بينكم بالبطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما (29) ومن يفعل ذلك عدوا نا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا (30)﴾ ذكر الأكل والمراد به سائر التصرفات و " الباطل ": ما لم يبحه الشرع من الربا والقمار والخيانة والظلم والسرقة ﴿إلا أن تكون تجارة﴾ بالنصب على: إلا أن تكون التجارة تجارة ﴿عن تراض منكم﴾ وبالرفع على: إلا أن تقع تجارة، والاستثناء منقطع معناه: ولكن كون تجارة عن تراض منكم غير منهي عنه، و ﴿عن تراض﴾ صفة لـ ﴿تجارة﴾ أي: تجارة صادرة عن تراض منكم (75)، والتراضي: رضاء المتبايعين بما تعاقدا عليه في حال البيع وقت الإيجاب والقبول ﴿ولا تقتلوا أنفسكم﴾ بأن تقاتلوا من لا تطيقونه فتقتلوا، وقيل: لا يقتل بعضكم بعضا لأنكم أهل دين واحد فأنتم كنفس واحدة (76)، وقيل: لا يقتل الرجل نفسه كما يفعل بعض الجهال في حال غضب أو ضجر (77) ﴿إن الله كان بكم رحيما﴾ ينهاكم عما يضركم لرحمته عليكم ﴿ومن يفعل ذلك﴾ إشارة إلى القتل، أي: ومن يقدم على قتل النفس ﴿عدوا نا وظلما﴾ لا خطأ ولا اقتصاصا ﴿فسوف نصليه نارا﴾ مخصوصة شديدة العذاب.
﴿إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيأتكم وندخلكم مدخلا كريما (31) ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن وسلوا الله من فضله إن الله كان بكل شئ عليما (32)﴾ قال أصحابنا رضي الله عنهم: المعاصي كلها كبائر من حيث كانت قبائح، لكن بعضها أكبر من بعض، وإنما يكون الذنب صغيرا بالإضافة إلى ما هو أكبر منه واستحقاق العقاب (78) عليه أكثر (79)، ونحوه قول ابن عباس: كل ما نهى الله عنه فهو كبير (80)، وقول مجاهد وسعيد بن جبير: كل ما أوعد الله عليه عقابا في العقبى أو أوجب عليه حدا في الدنيا فهو كبير (81)، ومعنى الآية: ﴿إن تجتنبوا كبائر﴾ ما نهيتم ﴿عنه﴾ في هذه السورة من المناكح وأكل الأموال بالباطل وغير ذلك وتركتموها في المستقبل ﴿نكفر عنكم سيأتكم﴾ التي اكتسبتموها بارتكاب ذلك فيما سلف، ويعضده قوله سبحانه: ﴿إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف﴾ (82)، وعن ابن مسعود: كل ما نهى الله عنه من أول السورة إلى رأس الثلاثين فهو كبيرة (83)، وروي: أن رجلا قال لابن عباس: الكبائر سبع؟فقال: هي إلى سبعمائة أقرب، إلا أنه لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار (84) (85).
وقرئ: " مدخلا " بضم الميم وفتحها (86) بمعنى المكان والمصدر فيهما ﴿ولا تتمنوا﴾ نهي عن التحاسد وعن تمني ﴿ما فضل الله به﴾ بعض الناس ﴿على بعض﴾ من الجاه والمال، لأن ذلك التفضيل قسمة من الله العالم بأحوال العباد، فواجب على الخلق أن يرضوا بقسمته الصادرة عن الحكمة والعلم بالمصلحة ﴿للرجال نصيب مما اكتسبوا﴾ جعل سبحانه ما قسمه لكل من الرجال والنساء على حسب ما عرفه من مصالحه كسبا له ﴿وسلوا الله من فضله﴾ ولا تحسدوا غيركم بما أوتي من الفضل ولكن اسألوا الله من فضله الذي لا يغيض، قال سفيان بن عيينة (87): لم يأمر بالمسألة إلا ليعطي (88).
﴿ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فاتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شئ شهيدا (33) الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموا لهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا (34)﴾
أي: ﴿ولكل﴾ واحد من الرجال والنساء ﴿جعلنا موالي﴾ أي: ورثة هم أولى بميراثه، يرثون ﴿مما ترك الوالدان والأقربون﴾ الموروثون ﴿والذين عقدت أيمانكم﴾ أي: ويرثون مما ترك الذين عقدت أيمانكم، لأن لهم ورثة هم أولى بميراثهم فيكون عطفا على ﴿الوالدان﴾ ويكون المضمر (89) في ﴿فاتوهم﴾ للموالي، ويجوز أن يكون في ﴿ترك﴾ ضمير ﴿لكل﴾ و ﴿الوالدان والأقربون﴾ تفسيرا لـ ﴿موالي﴾ كأنه قيل: من هم؟فقيل: ﴿الوالدان والأقربون﴾، و ﴿الذين عقدت أيمانكم﴾ مبتدأ ضمن معنى الشرط فوقع خبره مع الفاء وهو قوله: ﴿فاتوهم نصيبهم﴾ والمراد ب? ﴿الذين عقدت أيمانكم﴾ موالي الموالاة، كان الرجل يعاقد الرجل فيقول: دمي دمك وهدمي هدمك وحربي حربك وسلمي سلمك وترثني وأرثك وتعقل عني وأعقل عنك، فيكون للحليف السدس من ميراث الحليف، فنسخ بقوله: ﴿وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض﴾ (90) (91) وقرئ: " عاقدت " (92) و " عقدت " (93)، ومعنى: " عاقدت أيمانكم " عاقدتهم أيديكم وماسحتموهم، ومعنى " عقدت ": عقدت عهودهم أيمانكم ﴿الرجال قوامون على النساء﴾ يقومون عليهن بالأمر والنهي كما تقوم الولاة على رعاياهم ولذلك سموا قواما، بسبب تفضيل الله ﴿بعضهم﴾ وهم الرجال ﴿على بعض﴾ يعني: النساء، وقد ذكر في تفضيل الرجال أشياء: منها العقل والحزم والجهاد والخطبة والأذان وعدد الأزواج والطلاق وغير ذلك ﴿وبما أنفقوا﴾ أي: وبسبب ما أنفقوا في نكاحهن من الأموال يعني: المهر والنفقة ﴿فالصالحات قانتات﴾ أي: مطيعات لله قائمات بما عليهن للأزواج ﴿حافظات للغيب﴾ خلاف الشهادة، أي: راعيات لحقوق أزواجهن وحرمتهم في الفروج والبيوت والأموال في حال غيبتهم ﴿بما حفظ الله﴾ بما حفظهن الله حين أوصى بهن الأزواج في كتابه، أو بما حفظهن الله إذ وفقهن لحفظ الغيب فتكون ﴿ما﴾ مصدرية، وقرئ: " بما حفظ الله " بالنصب (94) على أن " ما " موصولة، أي: بالأمر الذي يحفظ حق الله وأمانة الله وهو التعفف والشفقة على الرجال.
وفي الحديث: " خير النساء امرأة إن نظرت إليها سرتك، وإن أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في مالها ونفسها " (95) وتلا الآية.
﴿والتي تخافون نشوزهن﴾ أي: عصيانهن، وأصل النشوز: الانزعاج والترفع على الزوج ﴿فعظوهن﴾ أولا بالقول والنصيحة ﴿واهجروهن﴾ ثانيا ﴿في المضاجع﴾ والمراقد وهي كناية عن الجماع، وقيل: هو أن يوليها ظهره في المضجع (96) ﴿واضربوهن﴾ إن لم ينجع فيهن الوعظ والهجران ضربا غير مبرح لا يقطع لحما ولا يكسر عظما، وعن الباقر (عليه السلام): أنه الضرب بالسواك (97) ﴿فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا﴾ أي: أزيلوا عنهن التعرض بالأذى والتجني وتوبوا عليهن بعد رجوعهن إلى الطاعة وترك النشوز ﴿إن الله كان عليا كبيرا﴾ فاحذروه ولا تكلفوهن ما لا يطقن.
﴿وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا (35)﴾ الأصل " شقاقا بينهما " فأضيف الشقاق إلى الظرف على سبيل الاتساع، والضمير للزوجين وإن لم يجر ذكرهما لدلالة ذكر الرجال والنساء عليهما (98) ﴿فابعثوا حكما﴾ أي: رجلا رضي ﴿من أهله وحكما من أهلها﴾ كذلك، يصلح كلاهما لحكومة العدل والإصلاح بينهما، والألف في ﴿إن يريدا إصلاحا﴾ ضمير الحكمين وفي ﴿يوفق الله بينهما﴾ للزوجين، أي: إن قصدا إصلاح ذات البين بورك في وساطتهما، وأوقع الله بحسن نيتهما الوفاق والألفة بين الزوجين، وقيل: الضميران للحكمين يوفق الله بينهما حتى يتفقا على الكلمة الواحدة (99)، وروى أصحابنا: أن للحكمين أن يجمعا بينهما إن رأيا ذلك صلاحا، وليس لهما أن يفرقا بينهما إلا بعد أن يستأمراهما ويرضيا بذلك (100).
﴿واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسنا وبذي القربى واليتامى والمسكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا (36) الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا (37)﴾ ﴿وبالوالدين إحسنا﴾ بمعنى: وأحسنوا بالوالدين إحسانا ﴿وبذي القربى﴾ وبكل من بينكم وبينه قرابة ﴿والجار ذي القربى﴾ أي: الذي جواره قريب ﴿والجار الجنب﴾ الذي جواره بعيد، وقيل معناهما: الجار القريب النسب والجار الجنب الأجنبي (101) ﴿والصاحب بالجنب﴾ هو الذي يصحب الإنسان بأن يحصل بجنبه بكونه رفيقه في سفره أو جارا له ملاصقا أو شريكا أو قاعدا إلى جنبه في مجلس، فعليه أن يرعى حقه ﴿وابن السبيل﴾ المسافر المنقطع به، وقيل: هو الضيف (102) (103)، والمختال: التياه الجهول الذي يتكبر عن إكرام أقاربه وأصحابه، والفخور: الذي يفخر بكثرة ماله ﴿الذين يبخلون﴾ بدل من قوله: ﴿من كان مختالا فخورا﴾ أو نصب على الذم أو رفع على الذم أيضا أو يكون مبتدأ خبره محذوف كأنه قيل: الذين يبخلون ويفعلون كذا ملومون مستحقون للعقوبة (104)، أي: يبخلون بما عندهم وبما في أيدي غيرهم فيأمرونهم بأن يبخلوا كما جاء في المثل: " أبخل من الضنين بنائل غيره " (105)، ﴿ويكتمون ما آتاهم الله من فضله﴾: الغنى، بالتفاقر إلى الناس، وقيل: هم اليهود كتموا صفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) (106).
﴿والذين ينفقون أموا لهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ومن يكن الشيطان له قرينا فسآء قرينا (38) وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عليما (39)﴾
﴿رئاء الناس﴾ أي: للمراءاة والفخار وليقال: إنهم أسخياء لا لوجه الله، وقيل: هم مشركو قريش أنفقوا أموالهم في عداوة رسول الله (صلى الله عليه وآله) (107) ﴿فسآء قرينا﴾ إذ حملهم على البخل والرئاء وكل شر وفساد، ويجوز أن يكون وعيدا لهم بأن يكون الشيطان مقرونا بهم في النار ﴿وماذا عليهم﴾ أي: أي شئ عليهم من الوبال والتبعة في الإيمان والإنفاق في سبيل الله، وهذا توبيخ لهم وتهجين وإلا فإن المنفعة كل المنفعة في ذلك ﴿وكان الله بهم عليما﴾ وعيد لهم.
﴿إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما (40)﴾ الذرة: النملة الصغيرة، وقيل: كل جزء من أجزاء الهباء ذرة (108)، وفي هذا دلالة على أنه لو نقص من الأجر أدنى شئ أو زيد على المستحق من العقاب لكان ظلما ﴿وإن تك حسنة﴾ أي: وإن تك مثقال الذرة حسنة، وإنما أنث لكونه مضافا إلى مؤنث، وقرئ: " حسنة " بالرفع (109) على " كان " التامة ﴿يضعفها﴾ أي: يضاعف ثوابها، ﴿ويؤت من لدنه أجرا عظيما﴾ أي: ويعط صاحبها من عنده على سبيل التفضل عطاء عظيما، وسماه أجرا لأنه تابع للأجر، وقرئ: " يضعفها " بالتشديد (110).
﴿فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا (41) يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا (42)﴾ ﴿فكيف﴾ يصنع هؤلاء الكفار ﴿إذا جئنا من كل أمة بشهيد﴾ يشهد عليهم بما فعلوا وهو نبيهم ﴿وجئنا بك﴾ يا محمد ﴿على هؤلاء﴾ يعني: قومه ﴿شهيدا﴾ والمعنى: أن الله سبحانه يستشهد يوم القيامة كل نبي على أمته فيشهد لهم وعليهم.
وعن ابن مسعود أنه قرأ هذه الآية على النبي (صلى الله عليه وآله) ففاضت عيناه (111)، فانظر في هذه الحالة إذا كان الشاهد يبكي لهول هذه المقالة فماذا ينبغي أن يصنع المشهود عليه من الانتهاء عن كل ما يستحيى منه على رؤوس الأشهاد! ﴿يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى﴾ من التسوية، وقرئ: " لو تسوى " بحذف التاء (112) من تتسوى، و " تسوى " بإدغام التاء في السين (113)، يقال: سويته فتسوى، والمعنى: يودون أنهم لم يبعثوا وأنهم كانوا والأرض سواء، وقيل: يودون لو يدفنون فتسوى بهم الأرض كما ﴿تسوى﴾ بالموتى (114)، ﴿ولا يكتمون الله حديثا﴾ ولا يقدرون على كتمانه لأن جوارحهم تشهد عليهم.
سورة النساء / 43 ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكرى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لمستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا (43)﴾ أي لا تقوموا إلى الصلاة وأنتم نشاوى، وقيل: معناه: ﴿لا تقربوا﴾ مواضع ﴿الصلاة﴾ وهي المساجد (115) كقوله (عليه السلام): " جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم " (116)، وقيل: هو سكر النوم وغلبة النعاس خاصة (117)، وروي ذلك عن الباقر (عليه السلام) (118) ﴿ولا جنبا﴾ عطف على قوله: ﴿وأنتم سكرى﴾ لأن محل الجملة مع الواو نصب على الحال، كأنه قيل: لا تقربوا الصلاة سكارى ولا جنبا، لأن الجنب اسم جرى مجرى المصدر الذي هو الاجناب فاستوى فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث ﴿إلا عابري سبيل﴾ أي: لا تقربوا الصلاة في أحوال الجنابة إلا إذا كنتم مسافرين فيجوز لكم أن تؤدوها بالتيمم فإن التيمم لا يرفع حكم الجنابة، فيكون قوله: ﴿عابري سبيل﴾ منصوبا على الحال، وعبور السبيل عبارة عن السفر، فكأنه قيل: لا تقربوا الصلاة غير مغتسلين ﴿حتى تغتسلوا﴾ إلا في حال كونكم مسافرين، ومن فسر الصلاة بالمسجد قال: إن معناه لا تقربوا مواضع الصلاة جنبا إلا مجتازين فيها حتى تغتسلوا من الجنابة.
﴿وإن كنتم مرضى أو على سفر﴾ أراد سبحانه أن يرخص للذين تجب عليهم الطهارة في التيمم عند عدم الماء، فخص أولا من بينهم مرضاهم ومسافريهم لكثرة المرض والسفر وغلبتهما على سائر الأسباب الموجبة للرخصة، ثم عم كل من وجب عليه الطهارة وأعوزه الماء لخوف عدو أو سبع أو عدم ما يتوصل به إلى الماء أو غير ذلك مما لا يكثر كثرة المرض والسفر، فلذلك نظم في سلك واحد بين المريض والمسافر وبين المحدث والجنب وإن كان المرض والسفر سببين من أسباب الرخصة والحدث سببا لوجوب الوضوء والجنابة سببا لوجوب الغسل، ومن قرأ: " أو لمستم " (119) فإن اللمس والملامسة بمعنى الجماع، قال ابن عباس: سمى الله الجماع لمسا كما يسمى المطر سماء (120)، و ﴿الغائط﴾ أصله المطمئن من الأرض، وكانوا يتبرزون هناك ثم كثر ذلك حتى كنوا بالغائط عن الحدث.
والتيمم: أصله القصد، وقد تخصص في الشرع بقصد الصعيد لمسح أعضاء مخصوصة، وقال الزجاج (121): الصعيد: وجه الأرض ترابا كان أو صخرا لا تراب عليه (122).
ولو ضرب المتيمم يده عليه ومسح لكان ذلك طهوره وهو مذهب أبي حنيفة (123)، وهو المروي عن أئمة الهدى (عليهم السلام) (124) ﴿فامسحوا بوجوهكم وأيديكم﴾ وهو ضربة واحدة للوجه واليدين إذا كان بدلا من الوضوء، وضربتان: إحداهما للوجه والأخرى لليدين إذا كان بدلا من الغسل، ومسح الوجه من قصاص الشعر إلى طرف الأنف ومسح اليدين من الزندين إلى رؤوس الأصابع.
﴿ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضللة ويريدون أن تضلوا السبيل (44) والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا (45) من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا (46)﴾ ﴿ألم تر﴾ من رؤية القلب، وعدي ب? " إلى " لأنه بمعنى: ألم تنظر إليهم أو ألم ينته علمك إليهم ﴿أوتوا نصيبا من الكتاب﴾ أعطوا حظا من علم التوراة وهم أحبار اليهود ﴿يشترون الضللة﴾ يستبدلونها بالهدى، وهي البقاء على اليهودية بعد وضوح المعجزات الدالة على صدق محمد (صلى الله عليه وآله) والآيات الموضحة عن صحة نبوته، وأنه النبي العربي المبشر به في التوراة والإنجيل ﴿ويريدون أن تضلوا﴾ أنتم أيها المؤمنون سبيل الحق كما ضلوه، فكأنهم إذا ضلوا أحبوا أن يضل (125) غيرهم معهم ﴿والله أعلم﴾ منكم ﴿بأعدائكم﴾ وقد أخبركم بعداوة هؤلاء لكم فاحذروهم ولا تستشيروهم في أموركم ﴿وكفى بالله وليا﴾ فثقوا بولايته ونصرته ولا تبالوا بهم.
﴿من الذين هادوا﴾ بيان لـ ﴿الذين أوتوا نصيبا من الكتاب﴾ لأنهم يهود ونصارى، وتوسطت بين البيان والمبين جمل (126) اعتراضية وهي قوله: ﴿والله أعلم... وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا﴾، ويجوز أن يكون بيانا لـ " أعدائكم " أو صلة لـ ﴿نصيرا﴾ أي: ينصركم من الذين هادوا كقوله: ﴿ونصرناه من القوم الذين كذبوا﴾ (127)، ويجوز أن يكون كلاما مبتدأ على تقدير: من الذين هادوا قوم ﴿يحرفون الكلم عن مواضعه﴾ يعني: يميلونه عنها لأنهم إذا بدلوه ووضعوا مكانه غيره فقد أمالوه عن موضعه الذي وضعه الله فيه وأزالوه عنه كما حرفوا " أسمر ربعة " (128) عن موضعه في التوراة ووضعوا مكانه " آدم طوال ".
﴿و﴾ قولهم (129): ﴿اسمع غير مسمع﴾ معناه: اسمع منا مدعوا عليك ب? " لا سمعت " أو اسمع غير مجاب إلى ما تدعو إليه، فيكون ﴿غير مسمع﴾ حالا من المخاطب، ﴿وراعنا﴾ مر معناه ﴿ليا بألسنتهم﴾ فتلا بها وتحريفا، أي: يفتلون بألسنتهم الحق إلى الباطل حيث يضعون ﴿راعنا﴾ موضع ﴿انظرنا﴾، و ﴿غير مسمع﴾ موضع " لا أسمعت مكروها " أو يفتلون بألسنتهم ما يضمرونه من الشتم إلى ما يظهرونه من التوقير نفاقا ﴿ولو أنهم قالوا سمعنا﴾ قولك ﴿وأطعنا﴾ أمرك ﴿واسمع﴾ منا ﴿وانظرنا لكان خيرا لهم﴾ والضمير في ﴿لكان﴾ يرجع إلى ﴿أنهم قالوا﴾ لأن المعنى ولو ثبت قولهم: ﴿سمعنا وأطعنا﴾ لكان قولهم ذلك ﴿خيرا لهم وأقوم﴾ أي: أعدل وأسد ﴿ولكن لعنهم الله﴾ أي: أبعدهم عن رحمته ﴿بكفرهم﴾ أي: بسبب كفرهم ﴿فلا يؤمنون إلا﴾ إيمانا ﴿قليلا﴾ ضعيفا لا إخلاص فيه، أو إلا قليلا منهم قد آمنوا.
﴿يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحب السبت وكان أمر الله مفعولا (47)﴾
أي: صدقوا ﴿بما نزلنا﴾ ه من القرآن والأحكام على محمد (صلى الله عليه وآله) ﴿مصدقا لما معكم﴾ من التوراة ﴿من قبل أن نطمس وجوها﴾ أي: نمحو آثارها وتخطيط صورها من عين وحاجب وأنف ﴿فنردها على أدبارها﴾ فنجعلها على هيئة أدبارها وهي الأقفاء مطموسة مثلها، أو يريد ننكس وجوها إلى خلف وأقفاءها إلى قدام، أو يريد بالطمس التغير وبالوجوه الوجهاء والرؤساء، أي: من قبل أن نغير أحوال وجهائهم فنسلبهم وجاهتهم وإقبالهم ونكسوهم صغارهم وإدبارهم (130) ﴿أو نلعنهم﴾ الضمير يرجع إلى أصحاب الوجوه أو الوجهاء، أي: نخزيهم بالمسخ ﴿كما﴾ مسخنا ﴿أصحب السبت﴾ وهذا الوعيد لليهود كان مشروطا بالإيمان، فلما آمن جماعة منهم كعبد الله بن سلام وثعلبة بن سعفة (131) ومخيريق (132) وغيرهم رفع العذاب عن غيرهم، وقيل: هو منتظر ولابد من طمس ومسخ لليهود قبل يوم القيامة (133) ﴿وكان أمر الله مفعولا﴾ فلابد أن يقع أحد الأمرين إن لم يؤمنوا.
﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما (48)﴾ هذه الآية أرجى آية في القرآن (134)، لأن فيها إدخال جميع الذنوب التي هي دون الشرك الداخلة تحت عموم قوله: ﴿ما دون ذلك﴾ في مشية الغفران، ألا ترى أنه سبحانه نفى غفران الشرك أولا وقد حصل الإجماع على أنه سبحانه يغفره بالتوبة ثم أثبت غفران ما دون الشرك من المعاصي، فينبغي أن يكون المراد غفران من لم يتب منها ليخالف المنفي المثبت، ثم علق المشية بالمغفور لهم فقال: ﴿لمن يشاء﴾ أي: يغفر الذنوب التي هي دون الشرك لمن يشاء أن يغفر له من المذنبين ليكون العبد واقفا بين الخوف والرجاء خارجا عن الإغراء، إذ الإغراء إنما يحصل بالقطع على الغفران دون الرجاء للغفران المعلق بالمشية.
وقال جار الله: إن المنفي والمثبت في الآية موجهان إلى قوله: ﴿لمن يشاء﴾ والمراد بالأول: من لم يتب، وبالثاني: من تاب (135).
وهذا الذي قاله غاية في الفساد والبطلان، لأنه يكون معنى الآية إذ ذاك أنه سبحانه لا يغفر الشرك لمن يشاء وهو غير التائب ويغفر لمن تاب منه، ويغفر ما دون الشرك لمن يشاء وهو التائب ولا يغفر لمن لم يتب منه، فيصير المنفي والمثبت - كما ترى - سواء في الحكم والمعنى!! حاشا كلام الله الذي بهر العقول بفصاحته عن مثل هذه النقيصة التي يربأ بكلام كل عاقل عنها، على أن التوبة إذا حصلت أوجبت عنده إسقاط العقاب فكيف تعلق به (136) المشية؟وهل يستجيز عاقل أن يقول: أنا أقضي الدين إن شئت أو لمن شئت؟جل ربنا عن مثله وتقدس، اللهم لك الحمد على تأييدك وتسديدك ﴿ومن يشرك بالله فقد افترى﴾ أي: ارتكب ﴿إثما عظيما﴾ وهو مفتر في زعمه (137) أن العبادة يستحقها غير الله سبحانه.
﴿ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكى من يشاء ولا يظلمون فتيلا (49) انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا (50)﴾ ﴿الذين يزكون أنفسهم﴾ هم اليهود والنصارى قالوا: ﴿نحن أبناء الله وأحباؤه﴾ (138)، ﴿وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى﴾ (139) ويدخل في الآية كل من زكى نفسه ووصفها بزيادة الطاعة والزلفى عند الله ﴿بل الله يزكى من يشاء﴾ إيذان بأن تزكية الله هي التي يعتد بها دون تزكية المرء نفسه، لأنه سبحانه العالم بمن هو أهل التزكية ﴿ولا يظلمون فتيلا﴾ الضمير يرجع إلى ﴿الذين يزكون أنفسهم﴾ أي: لا يظلمون في تعذيبهم على تزكيتهم أنفسهم مقدار فتيل، وهو ما يكون في شق النواة، أو يرجع إلى ﴿من يشاء﴾ أي: يثابون ولا ينقص من ثوابهم ﴿انظر كيف يفترون على الله الكذب﴾ في زعمهم أنهم أزكياء عند الله ﴿وكفى﴾ بزعمهم هذا ﴿إثما مبينا﴾ أي: بينا ظاهرا من بين سائر آثامهم.
﴿ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا (51) أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا (52)﴾ الجبت: كل ما عبد من دون الله، والطاغوت: الشيطان، روي: أن حي ابن أخطب وكعب بن الأشرف خرجا مع جماعة من اليهود إلى مكة يحالفون قريشا على محاربة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال قريش لهم: أنتم أقرب إلى محمد منكم إلينا فلا نأمن مكركم فاسجدوا لآلهتنا حتى نطمئن إليكم، ففعلوا، فهذا إيمانهم ﴿بالجبت والطاغوت﴾ لأنهم سجدوا للأصنام وأطاعوا الشيطان فيما فعلوا، وقال أبو سفيان: أنحن أهدى سبيلا أم محمد؟فقال كعب: ماذا يقول محمد؟قالوا: يأمر بعبادة الله وحده وينهى عن الشرك، قال: وما دينكم؟قالوا: نحن ولاة البيت نسقي الحاج ونقري الضيف ونفك العاني... وذكروا أفعالهم، فقال: أنتم أهدى سبيلا (140) ﴿أولئك الذين لعنهم الله﴾ أبعدهم الله من رحمته وخذلهم ﴿ومن يلعن?﴾ - ه ﴿الله فلن تجد له نصيرا﴾ في الدنيا والآخرة.
﴿أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا (53) أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما (54) فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا (55)﴾
وصف سبحانه اليهود بالبخل والحسد وهما شر الخصال، لأن البخيل يمنع ما أوتي من النعمة، والحاسد يتمنى أن تكون له نعمة غيره وزوالها عنه و ﴿أم﴾ هذه منقطعة والهمزة لإنكار أن يكون ﴿لهم نصيب من الملك﴾ أي: ولو كان لهم نصيب من الملك ﴿فإذا لا يؤتون﴾ أحدا (141) مقدار نقير، وهو النقرة في ظهر النواة، والملك: إما ملك أهل الدنيا وإما ملك الله كما في قوله: ﴿قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربى إذا لأمسكتم خشية الانفاق﴾ (142)، ﴿أم يحسدون﴾ بل أيحسدون ﴿الناس﴾ يعني: رسول الله والمؤمنين ﴿على ما آتاهم الله من فضله﴾ من النبوة والنصرة وزيادة العز كل يوم ﴿فقد آتينا آل إبراهيم﴾ هذا إلزام لهم بما عرفوه من أن الله تعالى آتي آل إبراهيم الذين هم أسلاف محمد ﴿الكتاب﴾ وهو التوراة والإنجيل ﴿والحكمة﴾ وهي ما أعطوا من العلم ﴿وآتيناهم ملكا عظيما﴾ وهو ملك يوسف وداود وسليمان ﴿فمنهم﴾ أي: من اليهود ﴿من آمن﴾ بما ذكر من حديث آل إبراهيم ﴿ومنهم من صد عنه﴾ أنكره مع علمه بصحته، أو يكون المعنى: فمن اليهود من آمن برسول الله ومنهم من أنكر نبوته، أو فمن آل إبراهيم من آمن بإبراهيم ومنهم من كفر كقوله تعالى: ﴿فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون﴾ (143).
﴿إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما (56) والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنت تجرى من تحتها الأنهر خلدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا (57)﴾ ﴿سوف نصليهم﴾ أي: نلزمهم ﴿نارا﴾ ونلقيهم فيها ونحرقهم بها ﴿بدلناهم جلودا غيرها﴾ أبدلناهم إياها ﴿ليذوقوا العذاب﴾ أي: ليجدوا ألم العذاب (144) ﴿إن الله كان عزيزا﴾ لا يمتنع عليه إنجاز ما وعده أو توعد به ﴿حكيما﴾ لا يعذب إلا من يستحقه ﴿لهم فيها أزواج مطهرة﴾ من الحيض والنفاس ومن جميع الدنايا والأدناس ﴿وندخلهم ظلا ظليلا﴾ أي: دائما لا تنسخه الشمس، وهو وصف اشتق من لفظ الظل كما يقال: يوم أيوم وليل أليل وداهية دهياء.
﴿إن الله يأمركم أن تؤدوا الامنت إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا (58) يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنزعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا (59)﴾ قيل: إن الخطاب عام لكل أحد في كل أمانة من أمانات الله التي هي أوامره ونواهيه، وأمانات عباده فيما يأتمن بعضهم بعضا فيه (145)، وقيل: الخطاب لولاة الأمر أمرهم الله بأداء ﴿الامنت﴾ والحكم ﴿بالعدل﴾ ثم أمر الرعية في الآية الأخرى بأن يسمعوا لهم ويطيعوا، ثم أكد ذلك بقوله: ﴿إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر﴾ (146)، وروي عنهم (عليهم السلام): أنه أمر لكل واحد من الأئمة أن يسلم الأمر إلى ولي الأمر بعده، وقالوا: " إن الآية الأولى لنا والآية الأخرى لكم " (147).
وقوله: ﴿نعما﴾ أي: نعم شيئا ﴿يعظكم به﴾ فتكون " ما " نكرة منصوبة موصوفة ب? ﴿يعظكم به﴾، أو نعم الشئ الذي يعظكم به فتكون " ما " مرفوعة موصولة والمخصوص بالمدح محذوف، أي: نعما يعظكم به ذاك وهو المأمور به من أداء الأمانات والحكم بالعدل (148).
سورة النساء / 59 ﴿وأولي الأمر﴾ هم أمراء الحق وأئمة الهدى الذين يهدون الخلق ويقضون بالحق، لأنه لا يعطف على الله ورسوله في وجوب الطاعة ولا يقرن بهما في ذلك إلا من هو معصوم مأمون منه القبيح أفضل ممن أمر بطاعته وأعلم، ولا يأمرنا الله عز اسمه بالطاعة لمن يعصيه ولا بالانقياد لوال علة حاجتنا إليه موجودة فيه ﴿فإن تنزعتم في شئ﴾ أي: فإن اختلفتم في شئ من أمور دينكم ﴿فردوه إلى الله والرسول﴾ أي: ارجعوا فيه إلى الرسول في حياته وإلى من أمر بالرجوع إليه بعد وفاته في قوله: " إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله وعترتي - أهل بيتي - وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " (149)، فقد صرح (عليه السلام) أن في التمسك بهما الأمان من الضلال، فالرد إلى أهل بيته العترة الملازمة كتاب الله الغير المخالفة له بعد وفاته مثل الرد إليه (صلى الله عليه وآله) في حياته، لأنهم الحافظون لشريعته القائمون مقامه في أمته، فثبت أن ﴿أولي الأمر﴾ هم الأئمة (عليهم السلام) من آل محمد (صلى الله عليه وآله) ﴿ذلك﴾ إشارة إلى الرد إلى الله والرسول ﴿خير﴾ لكم ﴿وأحسن تأويلا﴾ أي: وأحمد عاقبة.
﴿ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضللا بعيدا (60) وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنفقين يصدون عنك صدودا (61)﴾ كان بين رجل من المنافقين وبين رجل من اليهود خصومة، فقال اليهودي: أحاكم إلى محمد لأنه علم أنه لا يقبل الرشوة، وقال المنافق: بل بيني وبينك كعب ابن الأشرف فنزلت (150).
سمى الله كعب بن الأشرف طاغوتا لإفراطه في الطغيان وفي عداوة رسول الله (عليه السلام)، أو على التشبيه بالشيطان والتسمية باسمه، أو جعل سبحانه اختيار التحاكم إليه على التحاكم إلى رسول الله تحاكما إلى الشيطان بدليل قوله: ﴿وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضللا بعيدا﴾.
﴿فكيف إذا أصبتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسنا وتوفيقا (62) أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا (63)﴾
﴿فكيف﴾ يكون حالهم ﴿إذا أصبتهم مصيبة﴾ أي: نالتهم من الله تعالى عقوبة ﴿بما قدمت أيديهم﴾ من التحاكم إلى غيرك وإظهار السخط لحكمك ﴿ثم جاءوك﴾ فيعتذرون إليك و ﴿يحلفون﴾ ما ﴿أردنا﴾ بالتحاكم إلى غيرك ﴿إلا إحسنا﴾ وهو التخفيف عنك ﴿وتوفيقا﴾ بين الخصمين بالتوسط، ولم نرد المخالفة لك والتسخط لحكمك ﴿أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم﴾ من الشرك والنفاق ﴿فأعرض عنهم﴾ أي: لا تعاقبهم لمصلحة في استبقائهم ﴿وعظهم﴾ بلسانك ﴿وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا﴾ يبلغ من نفوسهم كل مبلغ، أي: خوفهم بالقتل والاستئصال إن نجم منهم النفاق، ويجوز أن يكون المعنى: وقل لهم في أنفسهم خاليا بهم ليس معهم غيرهم قولا بليغا يبلغ منهم ويؤثر فيهم فإن النصيحة في السر أنجع (151).
﴿وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما (64) فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما (65)﴾ أي: ولم نرسل رسولا من رسلنا قط ﴿إلا ليطاع بإذن الله﴾ أي: بسبب إذن الله في طاعته وبأنه أمر المبعوث إليهم بأن يطيعوه ويتبعوه لأنه مؤد عن الله، فطاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله ﴿ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم﴾ بالتحاكم إلى الطاغوت ﴿جاءوك﴾ تائبين مما ارتكبوه ﴿فاستغفروا الله﴾ من ذلك بالإخلاص ﴿واستغفر لهم الرسول﴾ ولم يقل: " واستغفرت لهم " لكنه عدل عنه إلى طريقة الالتفات تفخيما لشأن الرسول (صلى الله عليه وآله) وتعظيما لاستغفاره وتنبيها على أن شفاعة من اسمه الرسول من الله بمكان ﴿لوجدوا الله توابا رحيما﴾ لعلموه توابا، أي: لتاب عليهم ﴿فلا وربك﴾ معناه: فوربك، و ﴿لا﴾ مزيدة لتأكيد معنى القسم كما زيدت في ﴿لئلا يعلم﴾ (152) لتأكيد وجوب (153) العلم، و ﴿لا يؤمنون﴾ جواب القسم ﴿حتى يحكموك فيما شجر بينهم﴾ فيما اختلف بينهم ومنه الشجر لتداخل أجزائه ﴿ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا﴾ أي: ضيقا، أي: لا يضيق صدورهم من حكمك، وقيل: شكا (154)، لأن الشاك في ضيق من أمره ﴿ويسلموا﴾ أي: وينقادوا ويذعنوا لقضائك من قولك: سلم لأمر الله وأسلم له ﴿تسليما﴾ تأكيد للفعل بمنزلة تكريره.
قيل: نزلت في شأن الزبير (155) وحاطب بن أبي بلتعة (156)، فإنهما اختصما إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في شراج (157) من الحرة كانا يسقيان بها النخل، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك " فغضب حاطب وقال: لأن كان ابن عمتك، فتغير وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال: " اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر واستوف حقك ثم أرسله إلى جارك " (158) كان قد أشار على الزبير برأي فيه السعة له ولخصمه، فلما أحفظ رسول الله استوعب للزبير حقه في صريح الحكم.
﴿ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا (66) وإذا لاتينهم من لدنا أجرا عظيما (67) ولهديناهم صرا طا مستقيما (68)﴾
أي: ﴿ولو﴾ أوجبنا ﴿عليهم﴾ مثل ما أوجبنا على بني إسرائيل من قتلهم أنفسهم ﴿أو﴾ خروجهم ﴿من﴾ ديارهم ﴿ما فعلوه إلا﴾ ناس ﴿قليل منهم﴾ وهذا توبيخ (159) بليغ، والرفع على البدل من الواو في ﴿فعلوا﴾، وقرئ: " إلا قليلا " بالنصب (160) على أصل الاستثناء أو على: إلا فعلا قليلا ﴿ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به﴾ من اتباع رسول الله (صلى الله عليه وآله) والانقياد له والرضا بحكمه ﴿لكان خيرا لهم﴾ عاجلا وآجلا ﴿وأشد تثبيتا﴾ لإيمانهم ﴿وإذا﴾ جواب لسؤال مقدر، كأنه قيل: وماذا يكون لهم أيضا بعد التثبيت؟فقيل: وإذا لو ثبتوا ﴿لاتينهم من لدنا أجرا عظيما﴾ لأن " إذا " جواب وجزاء ﴿ولهديناهم﴾ أي: وفقناهم لازدياد الخيرات.
1- في بعض النسخ زيادة: عطف.
2- وصدره: فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا. والبيت من شواهد النحو الشائعة في باب الجر، وقد تعددت الأقوال في قائلها، فنسب للأعشى تارة وأخرى لعمرو بن يكرب وثالثة لخفاف ابن ندبة ولغيرهم. انظر كتاب سيبويه: ج 2 ص 383، والكامل للمبرد: ج 2 ص 931، ومعاني القرآن للزجاج: ج 2 ص 7.
3- حجنة المغزل: هي المنعقفة في رأسه. (الصحاح: مادة حجن).
4- في نسخة زيادة: أي علقة عند العرش.
5- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 463، وفي فتح الباري لابن حجر: ج 1 ص 147 و 168، واتحاف السادة المتقين للزبيدي: ج 6 ص 311، والترغيب والترهيب للمنذري: ج 3 ص 338: " شجنة " بدل " حجنة ".
6- رواه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 463.
7- قاله ابن زيد. راجع التبيان: ج 3 ص 100، وتفسير الماوردي: ج 1 ص 447.
8- الاختزال: الاقتطاع. (الصحاح: مادة خزل).
9- في بعض النسخ: السوية.
10- قاله مجاهد. راجع تفسيره: ص 266، ومعاني القرآن للزجاج: ج 2 ص 8، وتفسير الماوردي: ج 1 ص 448.
11- وهي قراءة الحسن والجحدري وأبي جعفر وابن هرمز ونافع. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 227، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 372، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 164.
12- قاله الكلبي. راجع تفسير البغوي: ج 1 ص 392.
13- قاله أبو صالح ومجاهد والكلبي. راجع التبيان: ج 3 ص 110، وتفسير الماوردي: ج 1 ص 451، وتفسير البغوي: ج 1 ص 392.
14- قاله الزجاج في القرآن: ج 2 ص 12 - 13.
15- في نسخة: تؤتوا.
16- قرأه ابن عباس ونافع وابن عامر. راجع التبيان: ج 3 ص 112، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 226، وكتاب التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 371، والعنوان في القراءات لابن خلف: ص 83، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 170.
17- في بعض النسخ بدل " أو ": واو.
18- في بعض النسخ: آنستم.
19- في نسخة: يقنع.
20- قاله ابن عباس وعمر ومجاهد وسعيد بن جبير ومحمد بن سيرين والشعبي وأبو العالية وعبيدة السلماني. راجع تفسير ابن عباس: ص 65، وتفسير الطبري: ج 3 ص 597 - 598.
21- في نسخة: بالعصبية.
22- قاله مجاهد. راجع التبيان: ج 3 ص 122.
23- كما ذهب إليه سعيد بن المسيب وأبو مالك والضحاك. راجع التبيان: ج 3 ص 122.
24- حكاه عنه الزمخشري في كشافه: ج 1 ص 477. وقال الشيخ في التبيان: ج 3 ص 122: هذه الآية محكمة عندنا وليست منسوخة، وهو قول ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن وإبراهيم ومجاهد والشعبي والزهري ويحيى بن يعمر والسدي والبلخي والجبائي والزجاج وأكثر المفسرين والفقهاء.
25- في نسخة: لا يجترئوا.
26- في نسخة: أو.
27- قرأه ابن عامر ورجال عاصم سوى حفص. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 227، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 372.
28- في نسخة: فوق.
29- راجع الكافي: ج 7 ص 91 كتاب المواريث باب ميراث الأبوين مع الاخوة.
30- قرأه حمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 228، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 372.
31- قرأه ابن كثير وابن عامر وأبو بكر والمفضل ويحيى. راجع تفسير التبيان: ج 3 ص 128، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 373.
32- في نسخة: يوص، بتشديد الصاد.
33- انظر الكافي: ج 7 ص 101 ح 3 و 4 و 5، وتفسير العياشي: ج 1 ص 227 ح 58 و 59.
34- النور: 2.
35- انظر كتاب الناسخ والمنسوخ لقتادة: ص 42، والناسخ والمنسوخ لابن الجوزي: ص 22، والناسخ والمنسوخ لابن البارزي: ص 29.
36- قاله الماوردي في تفسيره: ج 1 ص 462.
37- رواه مسلم في صحيحه: ج 2 ص 33، والترمذي في سننه: ج 2 ص 242، وأحمد في مسنده: ج 5 ص 313.
38- كما ذهب إليه الشيخ الطوسي في الخلاف: ج 5 ص 366 - 367، وابن البراج في المهذب: ج 2 ص 519، وابن حمزة في الوسيلة: ص 411.
39- قرأه ابن كثير. راجع التبيان: ج 3 ص 143، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 373، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 197.
40- تفسير ابن عباس: ص 67.
41- وهو قول ابن عباس كما حكاه السمرقندي في تفسيره: ج 1 ص 341.
42- قرأه حمزة والكسائي. راجع التبيان: ج 3 ص 148، وتفسير البغوي: ج 1 ص 408، وتفسير السمرقندي: ج 1 ص 341، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 373، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 203.
43- قاله قتادة والشعبي والضحاك والزهري والجبائي وروي ذلك عن أبي جعفر (عليه السلام). راجع تفسير الماوردي: ج 1 ص 466، والتبيان: ج 3 ص 149.
44- الكافي: ج 6 ص 139 كتاب الطلاق باب الخلع ح 1.
45- في بعض النسخ زيادة: الزوج.
46- في بعض النسخ: استطراق، وأخرى: استطلاق.
47- قاله الضحاك والسدي والحسن وابن سيرين وقتادة. راجع تفسير الماوردي: ج 1 ص 467. .
48- العواني جمع عانية، والعاني: الأسير. (الصحاح: مادة عون).
49- مسند أحمد: ج 5 ص 72 - 73، الكشاف: ج 1 ص 492، الكاف الشاف لابن حجر: ص 40.
50- الرواب جمع رابة، والرابة: زوجة الأب. (الصحاح: مادة روب).
51- البيت للنابغة الذبياني من قصيدة مدح بها عمرو بن الحارث أحد ملوك الشام الغسانيين. انظر ديوان النابغة: ص 51، وخزانة الأدب: ج 3 ص 327.
52- في نسخة: القبيحين.
53- في بعض النسخ: الابنة.
54- في نسخة: أنزل.
55- مسند أحمد: ج 1 ص 339، سنن البيهقي: ج 7 ص 452 - 453، اتحاف السادة المتقين للزبيدي: ج 5 ص 338.
56- في بعض النسخ: يربيهما.
57- الفتاوي الهندية: ج 1 ص 304، المبسوط للسرخسي: ج 5 ص 149، اللباب: ج 2 ص 197، بدائع الصنائع: ج 2 ص 291.
58- راجع تفسير التبيان لشيخ الطائفة: ج 3 ص 158.
59- هي زوج النبي (صلى الله عليه وآله) وأخت عبد الله بن جحش، من أسد بن خزيمة، وأمها أميمة بنت عبد المطلب عمة النبي (صلى الله عليه وآله)، تكنى أم الحكيم، تزوجها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في السنة الثالثة للهجرة، وكانت أول نساء النبي (صلى الله عليه وآله) لحوقا به كما أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وتوفيت سنة عشرين ودفنت بالبقيع. (أسد الغابة: ج 5 ص 466).
60- هو زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي، أبو أسامة، مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، شهد المشاهد كلها، وكان من الرماة المذكورين، استشهد يوم مؤتة سنة ثمان من الهجرة وهو ابن خمس وخمسين سنة. (تهذيب التهذيب: ج 3 ص 402).
61- انظر تفسير السمرقندي: ج 1 ص 344، وتفسير البغوي: ج 1 ص 412.
62- الآية: 22.
63- حكاه عنه الطبري في تفسيره: ج 3 ص 662 ح 8950.
64- في نسخة: ديار.
65- انظر الكشاف: ج 1 ص 497.
66- قاله ابن عباس. راجع تفسيره: ص 68، وبه قال الزجاج في معاني القرآن: ج 2 ص 37، والبغوي في تفسيره: ج 1 ص 413.
67- حكاه عنهم الشيخ في التبيان: ج 3 ص 165 و 166، والماوردي في تفسيره: ج 1 ص 471 فراجع.
68- في نسخة: أمورهن.
69- وهي قراءة ابن عباس كما حكاه السمرقندي في تفسيره: ج 1 ص 347.
70- قرأه حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم. راجع تفسير البغوي: ج 1 ص 416، وتفسير السمرقندي: ج 1 ص 347، وفي كتاب التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 374: وهي قراءة الكوفيين سوى حفص.
71- وكذا هي قراءة ابن مسعود كما حكاه عنه البغوي في تفسيره: ج 1 ص 416.
72- قاله الحسن. راجع تفسيره: ج 1 ص 271، وعنه الشيخ في التبيان: ج 3 ص 171.
73- النور: 2.
74- انظر الكشاف: ج 1 ص 502.
75- قاله عطاء بن أبي رباح والسدي. راجع تفسير الماوردي: ج 1 ص 475.
76- قاله الماوردي في تفسيره: ج 1 ص 475.
77- في نسخة: العذاب.
78- راجع تفسير التبيان لشيخ الطائفة (قدس سره): ج 3 ص 182.
79- حكاه عنه الشيخ في تبيانه: ج 3 ص 182، والرازي في تفسيره: ج 10 ص 74.
80- حكاه عنه الماوردي في تفسيره: ج 1 ص 476، والشيخ في تبيانه: ج 1 ص 182 وقال: ومثله قال أبو العالية ومجاهد والضحاك.
81- الأنفال: 38.
82- حكاه عنه الماوردي في تفسيره: ج 1 ص 476، والبغوي في تفسيره: ج 1 ص 419، والرازي في تفسيره: ج 10 ص 74.
83- رواه عنه البغوي في تفسيره: ج 1 ص 419، وأخرجه السيوطي بسنده عنه من طرق عديدة في الدر المنثور: ج 2 ص 499 - 500.
84- قال الشيخ الطوسي (قدس سره) في التبيان: ج 3 ص 182 - 183: وعند المعتزلة أن كل معصية توعد الله تعالى عليها بالعقاب أو ثبت ذلك عن النبي (صلى الله عليه وآله) أو كان بمنزلة ذلك أو أكبر منه فهو كبير، وما ليس ذلك حكمه فإنه يجوز أن يكون صغيرا ويجوز أن يكون كبيرا ولا يجوز أن يعين الله الصغائر لأن في تعيينها الاغراء بفعلها... إلى أن قال (قدس سره): فعلى مذهب المعتزلة: من اجتنب الكبائر وواقع الصغائر فان الله يكفر الصغائر عنه ولا يحسن مع اجتناب الكبائر عندهم المؤاخذة بالصغائر، ومتى آخذه بها كان ظالما. وعندنا: أنه يحسن من الله تعالى أن يؤاخذ العاصي بأية معصية فعلها، ولا يجب عليه اسقاط عقاب معصية لمكان اجتناب ما هو أكبر منها، غير أنا نقول: انه تعالى وعد تفضلا منه أن من اجتنب الكبائر فإنه يكفر عنه ما سواها بأن يسقط عقابها عنه تفضلا، ولو آخذه بها لم يكن ظالما.
85- وهي قراءة نافع وأبي بكر عن عاصم. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 232.
86- سفيان بن عيينة بن ميمون الهلالي الكوفي المكي، محدث أهل مكة، كان حافظا واسع العلم، وكان أعور، قال يحيى بن سعيد القطان: أشهد أن سفيان بن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين ومائة، فمن سمع منه فيها فسماعه لا شئ، مات سنة 198 ه? ودفن في مكة. (ميزان الاعتدال: ج 2 ص 170، الأعلام للزركلي: ج 3 ص 105).
87- حكاه عنه البغوي في تفسيره: ج 1 ص 421، والقرطبي أيضا في تفسيره: ج 5 ص 165.
88- في نسخة: الضمير.
89- الأنفال: 75، الأحزاب: 6.
90- انظر كتاب الناسخ والمنسوخ لقتادة: ص 43، والناسخ والمنسوخ للزهري: ص 19، والناسخ والمنسوخ لابن حزم: ص 34.
91- قرأه ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 233، والعنوان في القراءات لابن خلف: ص 84.
92- وهي قراءة أم سعد بنت سعد بن الربيع ومبشر بن عبيد وحمزة برواية علي بن كبشة. راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص 32، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 238.
93- قرأه أبو جعفر المدني. راجع التبيان: ج 3 ص 189، وتفسير البغوي: ج 1 ص 422، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 240.
94- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 506 مرسلا.
95- قاله ابن عباس. راجع تفسيره: ص 69، وعنه البغوي في تفسيره: ج 1 ص 422.
96- التبيان: ج 3 ص 191.
97- انظر تفصيل ذلك في الكشاف: ج 1 ص 508.
98- قاله ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي. راجع التبيان: ج 3 ص 192.
99- انظر الكافي: ج 6 ص 146 و 147 باب الحكمين والشقاق ح 2 و 5، وعنه في كنز الدقائق: ج 2 ص 445 و 446.
100- قاله ابن عباس ومجاهد. راجع تفسير الماوردي: ج 1 ص 485، والتبيان: ج 3 ص 194.
101- في نسخة زيادة: وما ملكت أيمانكم: المملوك.
102- قاله الضحاك وقتادة. راجع تفسير الماوردي: ج 1 ص 486، والتبيان: ج 3 ص 195.
103- انظر تفصيل ذلك في الكشاف: ج 1 ص 509.
104- راجع مجمع الأمثال للميداني: ج 1 ص 120، وجمهرة الأمثال للعسكري: ج 1 ص 248.
105- قاله مجاهد وقتادة والسدي. راجع تفسير الماوردي: ج 1 ص 487.
106- حكاه الزمخشري في كشافه: ج 1 ص 511.
107- حكاه الزمخشري في كشافه: ج 1 ص 511 وقال: وعن ابن عباس أنه أدخل يده في التراب فرفعه ثم نفخ فيه فقال: كل واحدة من هؤلاء ذرة.
108- قرأه الحسن وابن كثير ونافع. راجع تفسير السمرقندي: ج 1 ص 355، والتبيان: ج 3 ص 199، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 251.
109- وهي قراءة ابن كثير وابن عامر. راجع التبيان: ج 3 ص 200.
110- رواه عنه البغوي في تفسيره: ج 1 ص 429، وأخرجه السيوطي بسنده عنه في الدر المنثور: ج 2 ص 541.
111- قرأه حمزة والكسائي. راجع كتاب التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 376.
112- قرأه نافع وابن عامر. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 234، وكتاب التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 376، والتبيان ج 3 ص 202.
113- قاله الزمخشري في كشافه: ج 1 ص 512.
114- قاله ابن عباس وابن مسعود والحسن وإليه ذهب الشافعي. راجع تفسير الرازي: ج 10 ص 108.
115- سنن البيهقي: ج 10 ص 103.
116- قاله الضحاك. راجع تفسير الماوردي: ج 1 ص 489، والتبيان: ج 3 ص 206.
117- العياشي: ج 1 ص 242 ح 134.
118- قرأه حمزة والكسائي والمفضل. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 234، وكتاب التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 377.
119- راجع تفسير ابن عباس: ص 70، وعنه الماوردي في تفسيره: ج 1 ص 491.
120- هو إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج، النحوي اللغوي المفسر، أقدم أصحاب المبرد قراءة عليه، له من الكتب: معاني القرآن، الاشتقاق، العروض، مختصر النحو، توفي سنة 311 ه?. (الفهرست لابن النديم: ج 1 ص 60 - 61، معجم الأدباء: ج 1 ص 130 - 151).
121- معاني القرآن وإعرابه: ج 2 ص 56، وعنه الشيخ في التبيان: ج 3 ص 207.
122- المبسوط للسرخسي: ج 1 ص 109، وراجع المحلى لابن حزم: ج 2 ص 160، والخلاف للشيخ الطوسي: ج 1 ص 134 وقال: وبه قال مالك.
123- العياشي: ج 1 ص 244 ح 144 و 145.
124- في نسخة: يضلوا.
125- في نسخة: جملة.
126- الأنبياء: 77.
127- وهذه إحدى صفات نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) المذكورة في التوراة وقد حرفوها.
128- في نسخة: قوله.
129- راجع تفسير البغوي: ج 1 ص 438 - 439، والكشاف: ج 1 ص 518 - 519.
130- في نسخة: سقفة، وفي مجمع البيان: شعبة.
131- في نسخة: مخريق، وفي أخرى: محيزيق، والصحيح ما أثبتناه في المتن: مخيريق النضري صحابي، كان من علماء اليهود وأغنيائهم، أسلم وأوصى بأمواله للنبي، توفي سنة 3 ه?. (الأعلام للزركلي: ج 8 ص 75).
132- حكاه البغوي في تفسيره: ج 1 ص 439، والزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 519.
133- وجاءت الرواية عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: " ما في القرآن آية أرجى عندي من هذه الآية ". رواها (قدس سره) في مجمع البيان: ج 3 - 4 ص 57.
134- الكشاف: ج 1 ص 519 - 520.
135- في بعض النسخ: بها.
136- في بعض النسخ: قوله.
137- المائدة: 18.
138- البقرة: 111.
139- رواها البغوي في تفسيره: ج 1 ص 441، والزمخشري في كشافه: ج 1 ص 521.
140- في نسخة زيادة: من الناس.
141- الاسراء: 100.
142- الحديد: 26.
143- في نسخة: العقاب.
144- قاله الزمخشري في كشافه: ج 1 ص 523.
145- قاله زيد بن أسلم ومكحول وشهر بن حوشب، وهو اختيار الجبائي، وروي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام). راجع التبيان: ج 3 ص 234.
146- التبيان: ج 3 ص 234، وفيه عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام).
147- راجع تفصيل ذلك في الكشاف: ج 1 ص 523.
148- تواتر هذا الحديث في كتب المسلمين وخاصة عن طرق العامة، إليك بعضها: الخصائص للنسائي: ص 21، مصابيح السنة للبغوي: ج 4 ص 185 ح 4800 وص 190 ح 4816، تهذيب تاريخ ابن عساكر: ج 2 ص 36 ح 536 وص 46 ح 547، مستدرك الحاكم: ج 3 ص 148 و ج 5 ص 182 و 189، فضائل الصحابة: ج 2 ص 603 ح 1035 وص 1873 ح 2408 بعدة طرق، رياض الصالحين للنووي: ص 141 و 255، الصواعق المحرقة لابن حجر العسقلاني: باب 11 فصل 1 ص 149، مجمع الزوائد للهيثمي: ج 9 ص 163 - 164، السيرة الحلبية: ج 3 ص 336، الجامع الصغير للسيوطي: ج 1 ص 244 ح 1608، العقد الفريد لابن عبد ربه: ج 4 ص 126، تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 112، ذخائر العقبى: ص 16، الخصائص الكبرى للسيوطي: ج 2 ص 466، الدر المنثور: عند قوله: * (واعتصموا بحبل الله) * آية: 103 من آل عمران، تفسير الرازي: ج 8 ص 163، تفسير ابن كثير: ج 4 ص 122 من سورة الشورى.
149- راجع أسباب النزول للواحدي: ص 134 عن الشعبي، وتفسير البغوي: ج 1 ص 446.
150- راجع تفصيل ذلك في الكشاف: ج 1 ص 527.
151- الحديد: 29.
152- في نسخة زيادة: معنى.
153- قاله مجاهد. راجع تفسير الماوردي: ج 1 ص 503.
154- هو الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي القرشي، أمه صفية عمة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أسلم وله 12 سنة، شهد بدرا واحدا، وكان من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم نكث بيعته وخرج عليه مع طلحة وعائشة يوم الجمل، وقد قتل فيها، قتله ابن جرموز غيلة بوادي السباع قرب البصرة. (تهذيب التهذيب: ج 3 ص 318، الأعلام للزركلي: ج 3 ص 43، معجم رجال الحديث للخوئي: ج 7 ص 216).
155- هو حاطب بن عمرو بن عمير اللخمي، وكان حليفا للزبير بن العوام، وكان أحد فرسان قريش وشعرائها في الجاهلية، وهو الذي أرسله النبي (صلى الله عليه وآله) إلى المقوقس ملك الإسكندرية، توفي في خلافة عثمان سنة ثلاثين للهجرة. (أسد الغابة: ج 1 ص 360، الإصابة في تمييز الصحابة: ج 1 ص 300).
156- الشرج: مسيل الماء من الحرة إلى السهل، والجمع شراج وشروج. (الصحاح: مادة شرج).
157- قاله عبد الله بن الزبير وعروة وأم سلمة، وذهب إليه عمر بن شبة والواقدي وروي عن الباقر (عليه السلام). راجع التبيان: ج 3 ص 245، وتفسير الماوردي: ج 1 ص 503.
158- في نسخة زيادة: لهم.
159- قرأه أبي وابن أبي إسحاق وعيسى بن عمر وابن عامر. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 377، والعنوان في القراءات لابن خلف: ص 84، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 285، وفي التبيان: ج 3 ص 246: وكذلك هو في مصاحف أهل الشام.
160- في بعض النسخ: حالتهم.