تابع لسور آل عمران
﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون (118) ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور (119)﴾ سورة آل عمران / 119 و 120 بطانة الرجل ووليجته: خاصته وصفيه الذي يستبطن أمره، مأخوذة من بطانة الثوب، ومثله قولهم: فلان شعار فلان، وعن النبي (صلى الله عليه وآله): " الأنصار شعار والناس دثار " (1)، ﴿من دونكم﴾ أي: من دون أبناء جنسكم وهم المسلمون، ويجوز تعلقه ب? ﴿لا تتخذوا﴾ أو ب? ﴿بطانة﴾ على الوصف أي: ﴿بطانة﴾ كائنة (2) ﴿من دونكم لا يألونكم خبالا﴾ من قولهم: ألا في الأمر يألوا: إذا قصر فيه، ثم استعمل متعديا إلى مفعولين في قولهم: لا آلوك نصحا، والمعنى: لا أمنعك نصحا، والخبال: الفساد ﴿ودوا ما عنتم﴾ أي: ودوا عنتكم، و ﴿ما﴾ مصدرية، والعنت: شدة الضرر والمشقة، أي: تمنوا أن يضروكم في دينكم ودنياكم أشد الضرر ﴿قد بدت البغضاء من أفواههم﴾ لأنهم لا يضبطون أنفسهم وينفلت من ألسنتهم ما يعلم به بغضهم للمسلمين ﴿قد بينا لكم الآيات﴾ الدالة على وجوب الإخلاص في موالاة أولياء الله ومعاداة أعدائه ﴿إن كنتم تعقلون﴾ ما بين لكم فعملتم به، والأحسن: أن يكون هذه الجمل كلها مستأنفات على وجه التعليل للنهي عن اتخاذهم بطانة.
﴿ها﴾ للتنبيه و ﴿أنتم﴾ مبتدأ و ﴿أولاء﴾ خبره، أي: أنتم أولاء الخاطئون في موالاة منافقي أهل الكتاب (3)، وقيل: ﴿أولاء﴾ موصول و ﴿تحبونهم﴾ صلته، والواو في ﴿وتؤمنون﴾ للحال من قوله: ﴿لا يحبونكم﴾ والحال أنكم تؤمنون بكتابهم وهم مع ذلك لا يحبونكم فما بالكم تحبونهم وهم لا يؤمنون بكتابكم! (4) وفيه توبيخ بأنهم في باطلهم أصلب منكم في حقكم، ويوصف النادم والمغتاظ بعض الأنامل والبنان ﴿قل موتوا بغيظكم﴾ دعاء عليهم بأن يزداد غيظهم بزيادة ما يغيظهم من عز الإسلام وأهله حتى يهلكوا به ﴿إن الله عليم بذات الصدور﴾ بمضمرات الصدور، وهو يعلم ما في صدور المنافقين من البغضاء، ويجوز أن يكون قوله تعالى: ﴿قل موتوا بغيظكم﴾ أمرا لرسول الله بطيب النفس وقوة الرجاء والإبشار بوعد الله أن يهلكوا غيظا بإعزاز الإسلام وإذلالهم به ولا يكون هناك قول (5).
﴿إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط (120)﴾ أي: إن تصبكم أيها المؤمنون نصرة وغنيمة ونعمة من الله تعالى ﴿تسؤهم﴾ تحزنهم ﴿وإن تصبكم سيئة﴾ أي: محنة بإصابة العدو منكم ﴿يفرحوا بها وإن تصبروا﴾ على عداوتهم ﴿وتتقوا﴾ ما نهيتم عنه من موالاتهم، أو ﴿وإن تصبروا﴾ على ميثاق (6) الدين وتكاليفه ﴿وتتقوا﴾ الله في اجتناب محارمه كنتم في كنف الله وحفظه فـ ﴿لا يضركم كيدهم شيئا﴾ وقرئ: " لا يضركم " (7) من ضاره يضيره، و ﴿يضركم﴾ على أن ضمة الراء لاتباع ضمة الضاد، وقرئ: " لا يضركم " بفتح الراء (8)، علم الله المسلمين أن يستعينوا على كيد العدو بالصبر والتقوى.
﴿وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقعد للقتال والله سميع عليم (121) إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون (122)﴾ سورة آل عمران / 122 و 123 ﴿و﴾ أذكر ﴿إذ غدوت من أهلك﴾ بالمدينة إلى أحد، خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة وأصبح بالشعب من أحد يوم السبت للنصف من شوال، وصف أصحابه للقتال وأمر عبد الله بن جبير على الرماة وقال لهم: انضحوا عنا بالنبل لا يأتونا من ورائنا (9) ﴿تبوئ المؤمنين﴾ أي: تنزلهم وتهيئ لهم ﴿مقعد﴾ أي: مواطن ومواقف ﴿للقتال﴾ وقد استعمل المقعد والمقام في معنى المكان، منه قوله تعالى: ﴿في مقعد صدق عند مليك مقتدر﴾ (10) وقوله: ﴿قبل أن تقوم من مقامك﴾ (11) أي: من مجلسك وموضع حكمك ﴿إذ همت﴾ بدل من ﴿إذ غدوت﴾ أو تعلق بقوله: ﴿والله سميع عليم﴾، ﴿طائفتان﴾ أي: حيان من الأنصار: بنو سلمة من الخزرج وبنو حارثة من الأوس وهما الجناحان، خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ألف والمشركون في ثلاثة آلاف، ووعدهم الفتح إن صبروا، فانخزل (12) عبد الله بن أبي بثلث من الناس، وقال: يا قوم علام نقتل أنفسنا وأولادنا، فتبعهم عمرو بن حزم الأنصاري (13) فقال: أنشدكم الله في نبيكم وأنفسكم، فقال عبد الله: لو نعلم قتالا لاتبعناكم، فهم الحيان باتباع عبد الله فعصمهم الله فمضوا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) (14).
والظاهر أنها كانت همة وحديث نفس، ولو كانت عزيمة لما ثبتت معها الولاية والله تعالى يقول: ﴿والله وليهما﴾ أي: ناصرهما ومتولي أمرهما، والفشل: الجبن والخور ﴿وعلى الله فليتوكل المؤمنون﴾ أمرهم سبحانه بأن لا يتوكلوا إلا عليه، ولا يفوضوا أمورهم إلا إليه.
﴿ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون (123) إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين (124) بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين (125) وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم (126)﴾ ﴿ولقد نصركم الله ببدر﴾ بما أمدكم به من الملائكة، وبتقوية قلوبكم وإلقاء الرعب (15) في قلوب أعدائكم ﴿وأنتم﴾ في حال قلة وذلة، والأذلة: جمع القلة للذليل والذلال: جمع الكثرة، وإنما جئ بلفظ القلة ليدل على أنهم على ذلتهم كانوا قليلا، وذلتهم: ضعف حالهم وقلة سلاحهم ومالهم (16)، وذلك أنهم خرجوا على النواضح يعتقب النفر منهم على البعير الواحد وما كان معهم إلا فرسان: فرس للمقداد بن عمرو (17) وفرس لمرثد بن أبي مرثد (18)، وقلتهم أنهم كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا: سبعة وسبعون من المهاجرين ومائتان وستة وثلاثون من الأنصار، وكان صاحب راية رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمهاجرين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وصاحب راية الأنصار سعد بن عبادة (19)، وكان معهم من السلاح ستة أدرع وثمانية أسياف ومن الإبل سبعون بعيرا، وكان عدد المشركين نحوا من ألف مقاتل ومعهم مائة فرس، وبدر: اسم ماء بين مكة والمدينة كان لرجل يسمى بدرا فسمي به ﴿فاتقوا الله﴾ في الثبات مع رسوله ﴿لعلكم تشكرون﴾ ما أنعم به عليكم من نصرته ﴿إذ تقول﴾ ظرف لـ ﴿نصركم﴾ على أن يكون قال لهم ذلك يوم بدر، والخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله)، أو بدل ثان من ﴿إذ غدوت﴾ (20) على أن يكون قال لهم ذلك يوم أحد مع اشتراط الصبر والتقوى عليهم فلم يصبروا عن الغنائم ولم يتقوا حيث خالفوا أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم تنزل الملائكة، ومعنى: ﴿ألن يكفيكم﴾ إنكار أن لا يكفيهم الإمداد ﴿بثلاثة آلاف من الملائكة﴾، و ﴿بلى﴾ إيجاب لما بعد " لن " يعني: بلى يكفيكم الإمداد بهم، ثم قال: ﴿إن تصبروا وتتقوا... يمددكم﴾ بأكثر من ذلك العدد ﴿مسومين﴾ للقتال ﴿ويأتوكم من فورهم هذا﴾ يعني: المشركين، من قولك: قفل فلان من غزوته وخرج من فوره إلى غزوة أخرى، ومنه قولنا في أصول الفقه: الأمر على الفور دون التراخي، وهو مصدر من فارت القدر: إذا غلت، فاستعير للسرعة، والمعنى: إن يأتوكم من ساعتهم هذه ﴿يمددكم ربكم﴾ بالملائكة في حال إتيانهم لا يتأخر نزولهم عن إتيانهم، يريد أن الله يعجل نصرتكم إن صبرتم، وقرئ: " منزلين " و " منزلين " مخففا ومشددا (21)، و " مسومين " (22) و " مسومين " بمعنى: معلمين ومعلمين أنفسهم أو خيلهم ﴿وما جعله الله﴾ الهاء لـ ﴿أن يمدكم﴾ أي: وما جعل الله إمدادكم بالملائكة ﴿إلا﴾ بشارة ﴿لكم﴾ بأنكم تنصرون ﴿ولتطمئن﴾ به ﴿قلوبكم﴾ كما كانت السكينة لبني إسرائيل بشارة بالنصر وطمأنينة لقلوبهم ﴿وما النصر﴾ بإمداد الملائكة ﴿إلا من عند الله العزيز﴾ الذي لا يغالب في حكمه ﴿الحكيم﴾ الذي يعطي النصر ويمنعه بحسب ما يراه من المصلحة.
﴿ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين (127) ليس لك من الامر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون (128) ولله ما في السماوات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله غفور رحيم (129)﴾
المعنى: ليهلك طائفة ﴿من الذين كفروا﴾ بالقتل والأسر، وهو ما كان يوم بدر قتل منهم سبعون وأسر سبعون وأكثرهم رؤساء قريش وصناديدهم ﴿أو يكبتهم﴾ أو يخزيهم بالخيبة مما أملوا من الظفر بكم ويغيظهم بالهزيمة ﴿فينقلبوا خائبين﴾ غير ظافرين، ونحوه ﴿ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا﴾ (23)، ويقال: كبته، أي (24) كبده يعني: ضرب كبده بالغيظ والحرقة، واللام متعلقة بقوله: ﴿ولقد نصركم الله﴾ (25) أو بقوله: ﴿وما النصر إلا من عند الله﴾، وقوله: ﴿أو يتوب﴾ عطف على ما قبله، و ﴿ليس لك من الامر شئ﴾ اعتراض، والمعنى: أن الله مالك أمرهم: فإما أن يهلكهم أو يهزمهم أو يتوب عليهم إن أسلموا ﴿أو يعذبهم﴾ إن أصروا على الكفر، وليس لك من أمرهم شئ وإنما أنت نبي مبعوث لإنذارهم، وقيل: ﴿أو يتوب﴾ نصب بإضمار " أن " و " أن يتوب " في حكم اسم معطوف ب? " أو " على الأمر أو على " شئ " أي: ليس لك من أمرهم شئ أو من التوبة عليهم أو من تعذيبهم أوليس لك من أمرهم شئ أو التوبة عليهم أو تعذيبهم (26)، وقيل: " أو " بمعنى " إلا أن " على معنى ليس لك من أمرهم شئ إلا أن يتوب الله عليهم فتفرح بحالهم أو يعذبهم فتتشفى منهم (27) ﴿يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء﴾ إنما أبهم الأمر في التعذيب والمغفرة ليقف المكلف بين الخوف والرجاء فلا يأمن من عذاب الله ولا ييأس من روح الله ورحمته.
﴿يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربوا أضعافا مضعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون (130) واتقوا النار التي أعدت للكافرين (131) وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون (132)﴾ هذا نهي عن أكل ﴿الربوا﴾ مع توبيخ لهم بما كانوا عليه من تضعيفه، كان الرجل منهم إذا بلغ الدين محله زاد في الأجل، فربما يستغرق بالشئ اليسير مال المديون ﴿واتقوا النار التي أعدت﴾ أي: هيئت واتخذت ﴿للكافرين﴾ والوجه في تخصيص الكافرين بإعداد النار لهم أنهم معظم أهل النار، كان أبو حنيفة يقول: هي أخوف آية في القرآن أوعد الله المؤمنين بالنار المعدة للكافرين إن لم يتقوه في اجتناب محارمه (28).
وقد أيد (29) ذلك بما أتبعه من تعليق الرجاء منهم لرحمته بأن يتوفروا على طاعته وطاعة رسوله.
﴿وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين (133) الذين ينفقون في السراء والضراء والكظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين (134)﴾ قرأ أهل المدينة والشام: " سارعوا " بغير واو (30)، ومعنى المسارعة إلى المغفرة والجنة: الإقبال على ما يستحق به الثواب من فعل الطاعات وأداء الفرائض، و ﴿عرضها السماوات والأرض﴾ أي: عرضها كعرض السماوات والأرض، والمراد وصفها بالسعة فشبهت بأوسع ما علمه الناس من خلق الله، وخص العرض لأنه في العادة أدنى من الطول للمبالغة كقوله: ﴿بطائنها من إستبرق﴾ (31)، وفي قوله: ﴿أعدت للمتقين﴾ دلالة على أن الجنة مخلوقة اليوم لأنها لا تكون معدة إلا وهي مخلوقة ﴿الذين ينفقون في السراء والضراء﴾ صفة للمتقين، ومعناه: أنهم ينفقون في حال الرخاء واليسر وفي حال الضيق والعسر ما قدروا عليه من كثير أو قليل لا يمنعهم حال نعمة ولا حال محنة من المعروف، وكظم الغيظ: أن يمسك على ما في نفسه منه بالصبر ولا يظهره، من كظم القربة: إذا ملأها وشد فاها، وكظم البعير: إذا لم يجتر، وفي الحديث: " من كظم غيظا وهو يقدر على إنفاذه ملأ الله قلبه أمنا وإيمانا " (32).
﴿والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون (135) أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنت تجرى من تحتها الأنهر خلدين فيها ونعم أجر العملين (136)﴾ ﴿والذين﴾ عطف على " المتقين " وقوله: ﴿أولئك﴾ إشارة إلى الفريقين، ويجوز أن يكون ﴿والذين﴾ مبتدأ وخبره ﴿أولئك﴾ (33)، ﴿فاحشة﴾ فعلة متزايدة القبح ﴿أو ظلموا أنفسهم﴾ بمقارفة الذنوب ﴿ذكروا الله﴾ أي: ذكروا نهي الله ووعيده أو عقابه ﴿فـ﴾ انزجروا عن المعصية و ﴿استغفروا لذنوبهم﴾ بأن قالوا: اللهم اغفر لنا ذنوبنا ﴿ومن يغفر الذنوب إلا الله﴾ وصف لذاته بسعة الرحمة، وهي جملة معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه، منبهة على لطيف فضله وجليل عفوه وكرمه، باعثة على التوبة وطلب المغفرة ﴿ولم يصروا على ما فعلوا﴾ أي: على أفعالهم القبيحة، وفي الحديث: " ما أصر من استغفر ولو عاد في اليوم سبعين مرة " (34) ﴿وهم يعلمون﴾ حال من فعل الإصرار، والمعنى: وليسوا ممن يصرون على الذنوب وهم عالمون بالنهي عنها والوعيد عليها، وفي هذا بيان أن المؤمنين ثلاث طبقات: متقون وتائبون ومصرون، وأن للمتقين والتائبين منهم الجنة والمغفرة ﴿ونعم أجر العملين﴾ المخصوص بالمدح محذوف، تقديره: ونعم أجر العاملين ذلك، أي: المغفرة والجنات (35).
﴿قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عقبة المكذبين (137) هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين (138) ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين (139)﴾ أي: ﴿قد﴾ مضت ﴿من قبلكم سنن﴾ يريد ما سنه الله تعالى في الأمم الخالية المكذبة رسلها من الاستئصال بالعذاب وتبقية الآثار في الديار للاتعاظ والانزجار والاعتبار ﴿فسيروا في الأرض﴾ فتعرفوا أخبار المكذبين، وانظروا إلى ما نزل بهم لتنتهوا عن مثل ما فعلوه ﴿هذا بيان للناس﴾ أي: إيضاح لسوء ﴿عقبة﴾ من كذب، وحث على النظر في آثار هلاكهم ﴿وهدى﴾ زيادة تثبيت ﴿وموعظة للمتقين﴾ للذين اتقوا من المؤمنين، وقوله: ﴿ولا تهنوا ولا تحزنوا﴾ تسلية من الله لرسوله وللمؤمنين عما أصابهم يوم أحد، والمعنى: ولا تضعفوا عن الجهاد لما أصابكم ولا تبالوا بذلك ولا تحزنوا على من قتل منكم (36) ﴿وأنتم الأعلون﴾ أي: وحالكم أنكم أعلى منهم وأغلب، لأنكم أصبتم منهم يوم بدر أكثر مما أصابوا منكم يوم أحد، أو يكون هذا بشارة لهم بالعلو والغلبة في العاقبة كقوله: ﴿وإن جندنا لهم الغالبون﴾ (37)، ﴿إن كنتم مؤمنين﴾ أي: ولا تهنوا إن صح إيمانكم، لأن صحة الإيمان توجب الثقة بالله وقلة المبالاة بأعداء الله، ويجوز أن يريد: ﴿وأنتم الأعلون إن كنتم﴾ مصدقين بما يعدكم الله به من الغلبة.
سورة آل عمران / 140 ﴿إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين (140) وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين (141)﴾ قرئ: ﴿قرح﴾ بفتح القاف وضمها (38) وهما لغتان، وقيل: بالفتح: الجراحة وبالضم: ألمها (39)، يعني: إن تصبكم جراحة وألم يوم أحد فلقد أصاب القوم ذلك يوم بدر، ثم لم يضعف ذلك قلوبهم ولم يثبطهم عن معاودتكم (40) بالقتال، وقيل: معناه: إن نالوا منكم يوم أحد فقد نلتم منهم في هذا اليوم قبل أن تخالفوا أمر رسول الله (41) ﴿وتلك الأيام﴾ " تلك " مبتدأ و " الأيام " صفته و ﴿نداولها﴾ خبره، ويجوز أن يكون ﴿تلك الأيام﴾ مبتدأ وخبرا، والمراد بالأيام: أوقات الظفر والغلبة ﴿نداولها﴾ أي: نصرفها ﴿بين الناس﴾ نديل تارة لهؤلاء وتارة لهؤلاء، كما قيل في المثل: الحرب سجال (42)، ﴿وليعلم الله الذين آمنوا﴾ يجوز أن يكون المعلل محذوفا، والمعنى: وليتميز (43) الثابتون منكم على الإيمان من غيرهم فعلنا ذلك، وهو من باب التمثيل (44)، أي: فعلنا ذلك فعل من يريد أن يعلم من الثابت على الإيمان منكم ومن غير الثابت وإلا فإنه سبحانه لم يزل عالما بما يكون قبل كونه، وقيل: معناه: وليعلمهم علما يتعلق به الجزاء وهو أن يعلمهم موجودا منهم الثبات (45)، ويجوز أن تكون العلة محذوفة، وهذا عطف عليه بمعنى: وفعلنا ذلك ليكون كيت وكيت وليعلم الله، وإنما حذف ليؤذن بأن المصلحة فيما فعل ليست بواحدة ﴿ويتخذ منكم شهداء﴾ أي: وليكرم ناسا منكم بالشهادة، يريد بذلك شهداء أحد، أو ويتخذ منكم من يصلح للشهادة على الأمم يوم القيامة من قوله: ﴿لتكونوا شهداء على الناس﴾ (46)، ﴿والله لا يحب الظالمين﴾ اعتراض بين بعض التعليل وبعض، أي: والله لا يحب من ليس من هؤلاء الثابتين على الإيمان المجاهدين في سبيل الله الممحصين من الذنوب، والتمحيص: التطهير ﴿ويمحق الكافرين﴾ أي: يهلكهم، يعني: إن كانت الدولة على المؤمنين فللتمييز والتمحيص وغير ذلك مما هو صلاح لهم، وإن كانت الدولة على الكافرين فلمحقهم أي: إهلاكهم ومحو آثارهم.
﴿أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جهدوا منكم ويعلم الصبرين (142) ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون (143)﴾ سورة آل عمران / 143 و 144 ﴿أم﴾ منقطعة، والتقدير: بل " أحسبتم " ومعنى الهمزة فيها الإنكار (47) ﴿ولما يعلم الله﴾ بمعنى: ولما يجاهدوا، لأن العلم يتعلق بالمعلوم فنزل نفي العلم منزلة نفي متعلقه لأنه ينتفي بانتفائه، تقول: ما علم الله في فلان خيرا، تريد ما فيه خير حتى يعلمه الله، و ﴿لما﴾ بمعنى: " لم " إلا أن فيه ضربا من التوقع، فدل على نفي الجهاد فيما مضى وعلى توقعه فيما يستقبل ﴿ويعلم الصبرين﴾ منصوب بإضمار " أن " والواو بمعنى الجمع كقولك: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، والمعنى: أظننتم أنكم تدخلون الجنة ولما يقع العلم بجهاد المجاهدين منكم والعلم بصبر الصابرين (48) ﴿ولقد كنتم تمنون الموت﴾ خطاب للذين لم يشهدوا بدرا وكانوا يتمنون أن يشهدوا غزاة مع رسول الله ليفوزوا بالشهادة، وهم الذين ألحوا على رسول الله في الخروج إلى المشركين وكان رأيه (صلى الله عليه وآله) في الإقامة بالمدينة، أي: ﴿ولقد كنتم تمنون الموت﴾ قبل أن تعرفوا شدته وتشاهدوه ﴿فقد رأيتموه﴾ مشاهدين له حين قتل منكم من قتل وشارفتم أن تقتلوا، ويجوز تمني الشهادة، لأن المراد منه نيل كرامة الشهداء لاغير.
﴿وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقبكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين (144)﴾ رمى عبد الله بن قمئة الحارثي عليه اللعنة يوم أحد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بحجر فكسر رباعيته وشج وجهه وأقبل يريد قتله، فذب عنه مصعب بن عمير (49) وهو صاحب الراية، فقتله ابن قمئة وهو يرى أنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: قد قتلت محمدا، وفشا في القوم (50): أن محمدا قد قتل فانهزموا، وجعل رسول الله يقول: إلي عباد الله، حتى انحازت إليه طائفة من أصحابه فلامهم على الفرار، فقالوا: يا رسول الله أتانا الخبر بأنك قتلت فرعبت قلوبنا فولينا مدبرين، فنزلت الآية (51).
وروي أنه قال بعضهم: ليت عبد الله بن أبي يأخذ لنا أمانا من أبي سفيان، وقال أنس بن النضر عم أنس بن مالك (52): إن كان محمد قتل فإن رب محمد حي لا يموت، وما تصنعون بالحياة بعد رسول الله؟فقاتلوا على ما قاتل عليه رسول الله وموتوا على ما مات عليه، ثم قال: اللهم إني أعتذر إليك مما يقول هؤلاء - يعني المسلمين - وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء - يعني المنافقين - ثم شد بسيفه فقاتل حتى قتل (53).
والمعنى: ﴿وما محمد إلا رسول قد﴾ مضت ﴿من قبله الرسل﴾ بعثوا فأدوا الرسالة وماتوا وقتل بعضهم، وأنه سيمضي كما مضوا، وأتباع كل رسول بقوا متمسكين بدينه بعد مضيه ﴿أفإن مات﴾ محمد ﴿أو قتل انقلبتم على أعقبكم﴾ المعنى: أفإن أماته الله أو قتله الكفار ارتددتم كفارا بعد إيمانكم؟فالفاء لتعليق الجملة الشرطية بالجملة قبلها، والهمزة للإنكار ﴿ومن ينقلب على عقبيه﴾ أي: ومن يرتدد عن دينه ﴿فلن يضر الله شيئا﴾ ولم يضر إلا نفسه ﴿وسيجزى الله الشاكرين﴾ الذين لم ينقلبوا كأنس بن النضر وأضرابه، وسماهم شاكرين لأنهم شكروا نعمة الإسلام فيما فعلوا.
﴿وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتبا مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين (145)﴾ سورة آل عمران / 145 و 146 ﴿وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله﴾ يعني: أن موت النفوس محال أن يكون إلا بمشية الله، فأخرجه مخرج فعل لا ينبغي لأحد أن يقدم عليه إلا أن يأذن (54) الله له فيه تمثيلا، وفيه تحريص على الجهاد، وإخبار بأنه لا يقدم أجلا لم يحضر وتركه لا يؤخر أجلا قد حضر ﴿كتبا﴾ مصدر مؤكد، لأن المعنى: كتب الموت كتابا ﴿مؤجلا﴾ أي: موقتا له أجل معلوم لا يتقدم ولا يتأخر ﴿ومن يرد﴾ بجهاده ﴿ثواب الدنيا﴾ يعني: الغنيمة ﴿نؤته منها﴾ من ثوابها ﴿ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها﴾ من ثوابها ﴿وسنجزي الشاكرين﴾ الذين لم يشغلهم شئ عن الجهاد.
﴿وكأين من نبي قتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصبرين (146) وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين (147) فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين (148)﴾ قرئ: " قتل " (55) و ﴿قتل﴾ والفاعل ﴿ربيون﴾ أو الضمير المستكن فيه العائد إلى ﴿نبي﴾، و ﴿معه ربيون﴾ حال منه (56)، بمعنى: قتل كائنا معه ربيون، والربيون: الربانيون ﴿فما وهنوا﴾ عند قتل النبي ﴿وما ضعفوا﴾ عن الجهاد بعده ﴿وما استكانوا﴾ للعدو، وهذا تعريض بالوهن الذي أصابهم عند الإرجاف بقتل رسول الله وبضعفهم (57) عن (58) ذلك واستكانتهم للمشركين حين أرادوا أن يعتضدوا بالمنافق عبد الله بن أبي في طلب الأمان من أبي سفيان ﴿وما كان قولهم إلا﴾ هذا القول وهو إضافة الذنوب والإسراف إلى أنفسهم مع كونهم ربانيين كسرا لنفوسهم واستصغارا (59) لها، والدعاء بالاستغفار منها قبل طلبهم تثبيت الأقدام في مواطن الحرب والنصرة على العدو ليكون طلبهم أقرب إلى الإجابة ﴿فآتاهم الله ثواب الدنيا﴾ من النصرة والغنيمة والعزة، وخص ﴿ثواب الآخرة﴾ بالحسن دلالة على فضيلته.
﴿يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقبكم فتنقلبوا خاسرين (149) بل الله مولاكم وهو خير النصرين (150)﴾ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) (60) قال: " نزلت في قول المنافقين للمسلمين عند الهزيمة: ارجعوا إلى إخوانكم وادخلوا في دينهم " (61)، والمعنى: ﴿إن تطيعوا﴾ الكافرين وأصغيتم إلى قولهم: لو كان محمد نبيا لما غلب، أو استأمنتم أبا سفيان وأصحابه واستكنتم لهم ﴿يردوكم على أعقبكم﴾ أي: يرجعوكم كفارا كما كنتم فترجعوا ﴿خاسرين﴾ قد تبدلتم الكفر بالإيمان والنار بالجنة ﴿بل الله مولاكم﴾ أي: ناصركم وهو أولى بأن تطيعوه، ولا تحتاجون معه إلى نصرة أحد وولايته.
﴿سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطنا ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين (151) ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الامر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين (152)﴾ قذف الله ﴿في قلوب﴾ المشركين الخوف يوم أحد فانهزموا إلى مكة بعد أن كان لهم القوة والغلبة، ولما كانوا ببعض الطريق تلاوموا وقالوا: (62) لا محمدا قتلنا ولا الكواعب أردفنا، قتلناهم حتى إذا لم يبق منهم إلا الشريد تركناهم، ارجعوا فاستأصلوهم، فلما عزموا على ذلك ألقى الله في قلوبهم ﴿الرعب﴾ فأمسكوا ﴿بما أشركوا﴾ أي: بسبب إشراكهم، والمعنى: كان السبب في إلقاء الله الرعب في قلوبهم إشراكهم ﴿بالله﴾ آلهة لم ينزل الله بإشراكها حجة، وما عنى الله سبحانه أن هناك حجة لم ينزل عليهم وإنما أراد نفي الحجة ونزولها جميعا، كقول الشاعر: ولا ترى الضب بها ينجحر (63) ﴿ولقد صدقكم الله وعده﴾ هو أنه سبحانه وعدهم النصر بشرط الصبر والتقوى في قوله: ﴿إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم﴾ (64)، وقد وفى لهم بما وعدهم، وذلك أن رسول الله أقام الرماة عند الجبل جبل أحد حين جعل الجبل خلف ظهره واستقبل المدينة، وأمرهم أن يثبتوا في مكانهم ولا يبرحوا كانت الدولة للمسلمين أو عليهم، فلما أقبل المشركون جعل الرماة يرشقون خيلهم وغيرهم يضربونهم بالسيوف حتى انهزموا، وذلك قوله تعالى: ﴿إذ تحسونهم بإذنه﴾ أي: تقتلونهم قتلا ذريعا ﴿حتى إذا فشلتم﴾ والفشل: الجبن وضعف الرأي ﴿وتنازعتم في الامر﴾ وذلك قولهم: قد انهزم المشركون فما وقوفنا هنا؟وقال بعضهم: لا نخالف أمر رسول الله، فثبت مكانه عبد الله بن جبير وهو أمير الرماة في نفر دون العشرة وهم المعنيون بقوله: ﴿ومنكم من يريد الآخرة﴾ ونفر الباقون ينهبون وهم الذين أرادوا الدنيا، فكر المشركون على الرماة وقتلوا عبد الله بن جبير وأقبلوا على المسلمين حتى هزموهم وقتلوا من قتلوا (65)، وهو قوله: ﴿ثم صرفكم عنهم ليبتليكم﴾ أي: ليمتحن صبركم وثباتكم على الشدائد ﴿ولقد عفا عنكم﴾ بعد أن خالفتم أمر رسول الله ﴿والله ذو فضل على المؤمنين﴾ يتفضل عليهم بالعفو، ومتعلق قوله: ﴿حتى إذا فشلتم﴾ محذوف تقديره: حتى إذا فشلتم منعكم نصره.
﴿إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون (153) ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجهلية يقولون هل لنا من الامر من شئ قل إن الامر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الامر شئ ما قتلنا ههنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور (154)﴾ سورة آل عمران / 153 و 154 الإصعاد: الذهاب في الأرض والإبعاد فيه، تقول: صعد في الجبل وأصعد في الأرض، والمعنى: ولقد عفا عنكم وقت إصعادكم أي: ذهابكم في وادي أحد للانهزام ﴿ولا تلوون على أحد﴾ أي: لا تلتفتون إلى من خلفتم (66) في الحرب، لا يقف أحد منكم على أحد ﴿والرسول يدعوكم﴾ يقول: إلي عباد الله أنا رسول الله من يكر فله الجنة ﴿في أخراكم﴾ أي: في ساقتكم وجماعتكم الأخرى أي: المتأخرة، تقول: جئت في آخر الناس وأخراهم كما تقول: في أولهم وأولاهم بتأويل مقدمتهم وجماعتهم الأولى ﴿فأثابكم﴾ عطف على ﴿صرفكم﴾ أي: فجازاكم الله ﴿غما﴾ حين صرفكم عنه وابتلاكم ﴿ب?﴾ سبب ﴿غم﴾ أذقتموه رسول الله بعصيانكم إياه، أو ﴿غما﴾ متصلا ﴿بغم﴾ بما أرجف به من قتل رسول الله وبالجرح والقتل وظفر المشركين وفوت الغنيمة ﴿لكيلا تحزنوا على ما فاتكم﴾ من الغنيمة ﴿ولا﴾ تحزنوا أيضا على ﴿ما أصابكم﴾ من الشدائد في سبيل الله ﴿والله خبير﴾ أي: عليم بأعمالكم.
ثم ذكر سبحانه ما أنعم عليهم بعد ذلك فقال: ﴿ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم﴾ هم أهل الصدق واليقين، وذلك أنه تعالى أنزل الأمن على المؤمنين وأزال عنهم الخوف الذي كان بهم حتى نعسوا وغلبهم النوم، وروي عن أبي طلحة أنه قال: غشينا النعاس ونحن في مصافنا، فكان السيف يسقط من يد أحدنا فيأخذه ثم يسقط فيأخذه، وما أحد إلا ويميل تحت حجفته (67) (68)، وقوله تعالى: ﴿نعاسا﴾ بدل من ﴿أمنة﴾، ويجوز أن يكون هو المفعول و ﴿أمنة﴾ حال منه مقدمة عليه كما تقول: رأيت راكبا رجلا (69)، وقرئ: ﴿يغشى﴾ بالياء والتاء (70) ردا على النعاس أو الأمنة ﴿وطائفة قد أهمتهم أنفسهم﴾ وهم المنافقون مالهم إلا هم أنفسهم لأهم الدين ولاهم الرسول والمسلمين ﴿يظنون بالله غير﴾ الظن ﴿الحق﴾ الذي يجب أن يظن به، فقوله: ﴿غير الحق﴾ في حكم المصدر و ﴿ظن الجهلية﴾ بدل منه، ويجوز أن يكون المعنى: يظنون بالله ظن الجاهلية، و ﴿غير الحق﴾ تأكيد لـ ﴿يظنون﴾ كما تقول: هذا القول غير ما تقول ﴿يقولون﴾ لرسول الله يسألونه ﴿هل لنا من الامر من سورة آل عمران / 155 شئ﴾ معناه: هل لنا من أمر الله نصيب قط؟يعنون: النصر والظفر ﴿قل إن الامر كله لله﴾ ولأوليائه المؤمنين وهو النصرة والغلبة ﴿يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك﴾ معناه: يخفون الشك والنفاق وما لا يستطيعون إظهاره لك ﴿يقولون لو كان لنا من الامر﴾ أي: من الظفر الذي وعدنا به ﴿شئ ما قتلنا﴾ أي: ما قتل أصحابنا ﴿ههنا﴾ في هذه المعركة ﴿قل لو كنتم في بيوتكم﴾ أي: من علم الله منه أنه يقتل ويصرع في هذا المصرع وكتب ذلك في اللوح (71) لم يكن بد من وجوده، فلو قعدتم في بيوتكم ﴿لبرز﴾ من بينكم ﴿الذين﴾ علم الله أنهم يقتلون ﴿إلى مضاجعهم﴾ وهي مصارعهم ليكون ما علم الله أنه يكون ﴿وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم﴾ من وساوس الشيطان فعل ذلك، أو فعل ذلك لمصالح كثيرة وللابتلاء والتمحيص، واللام في ﴿ليبتلى الله﴾ متعلقة ب? " فعل ذلك " دل عليه الكلام تقديره: وليبتلي الله ما في صدوركم فرض عليكم القتال ﴿وليمحص﴾ عطف على ﴿وليبتلي الله﴾.
﴿إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم (155) يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحى ى ويميت والله بما تعملون بصير (156)﴾ ﴿استزلهم الشيطان﴾ أي: طلب زلتهم ودعاهم إلى الزلل ﴿ببعض ما كسبوا﴾ من ذنوبهم، والمعنى: ﴿إن الذين﴾ انهزموا ﴿يوم﴾ أحد كان السبب في انهزامهم أنهم كانوا أطاعوا ﴿الشيطان﴾ فاقترفوا ذنوبا فلذلك منعتهم التأييد والتوفيق في تقوية القلوب حتى تولوا، وقال الحسن: استزلهم بقبول ما زين لهم من الهزيمة (72)، وقوله: ﴿ببعض ما كسبوا﴾ مثل قوله: ﴿ويعفوا عن كثير﴾ (73).
وذكر البلخي: أنه لم يبق يوم أحد مع النبي (صلى الله عليه وآله) إلا ثلاثة عشر نفسا: خمسة من المهاجرين وثمانية من الأنصار، وقد اختلف في الخمسة إلا في علي (عليه السلام) وطلحة (74) (75).
قال الصادق (عليه السلام): " نظر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى جبرئيل بين السماء والأرض على كرسي من ذهب وهو يقول: ألا لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي " (76).
ويروى: أن عليا (عليه السلام) كان يقاتلهم ذلك اليوم حتى أصابه في وجهه ورأسه ويديه وبطنه ورجليه سبعون جراحة، فقال جبرئيل: إن هذه لهي المواساة يا محمد، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): وما يمنعه من هذا فإنه مني وأنا منه، قال جبرئيل: وأنا منكما (77).
﴿وقالوا لإخوانهم﴾ أي: لأجل إخوانهم ﴿إذا ضربوا في الأرض﴾ أي: سافروا فيها وأبعدوا للتجارة أو غيرها ﴿أو كانوا غزى﴾ جمع غاز، وقوله: ﴿إذا ضربوا﴾ حكاية حال ماضية، ومعناه: حين يضربون في الأرض، وقوله: ﴿ليجعل﴾ يتعلق ب? ﴿قالوا﴾ أي: قالوا ﴿ذلك﴾ واعتقدوه ليكون ﴿حسرة في قلوبهم﴾، وتكون اللام للعاقبة كما في قوله: ﴿ليكون لهم عدوا وحزنا﴾ (78)، ويجوز أن يكون المعنى: لا تكونوا مثلهم في النطق بذلك القول واعتقاده ليجعله الله ﴿حسرة في قلوبهم﴾ خاصة ويصون منها قلوبكم، وإنما أسند الفعل إلى الله تعالى لأنه سبحانه عند ذلك الاعتقاد الفاسد يضع الحسرة في قلوبهم ويضيق صدورهم، وهو كقوله: ﴿يجعل صدره ضيقا حرجا﴾ (79)، ﴿والله يحى ى ويميت﴾ رد لقولهم، أي: الأمر بيده فقد يحيي المسافر والغازي ويميت القاعد والمقيم ﴿والله بما تعملون بصير﴾ فلا تكونوا مثلهم.
﴿ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون (157) ولئن متم أو قتلتم لالى الله تحشرون (158) فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين (159) إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون (160)﴾ قوله: ﴿لمغفرة﴾ جواب لقسم وقد سد مسد جواب الشرط (80)، وكذا قوله: ﴿لالى الله تحشرون﴾ كذب سبحانه فيما قبل الكفار في زعمهم أن من ضرب في الأرض أو غزا لو كان عندهم في المصر لم يمت، ونهى المسلمين عن ذلك الاعتقاد لأنه سبب التخلف عن الجهاد، ثم قال: ولو كان الأمر كما تزعمون وتم عليكم ما تخافون من الهلاك بالموت أو القتل في سبيل الله، فإن ما تنالونه من المغفرة والرحمة بالموت في سبيل الله خير مما تجمعونه من منافع الدنيا لو لم تموتوا، أو مما يجمعه الكفار فيمن قرأ بالياء، ثم قال: ﴿ولئن متم أو قتلتم لإلى الله﴾ الرحيم ﴿تحشرون﴾ وقرئ: ﴿متم﴾ بضم الميم وكسرها (81) من مات يموت، ومات يمات ﴿فبما رحمة من الله﴾: " ما " مزيدة للتوكيد والدلالة على أن لينه لهم ما كان إلا برحمة من الله ﴿ولو كنت فظا﴾ أي: جافيا سيئ الخلق غليظ القلب قاسية ﴿لانفضوا من حولك﴾ لتفرقوا عنك، لا يبقى حولك أحد منهم ﴿فاعف عنهم﴾ ما بينك وبينهم ﴿واستغفر لهم﴾ ما بينهم وبيني إتماما للشفقة عليهم ﴿وشاورهم في الامر﴾ يعني: في أمر الحرب ونحوه مما لم ينزل عليك فيه وحي، لتطيب نفوسهم أو لتستظهر برأيهم، قال الحسن: أراد أن يستن به من بعده وقد علم الله أنه لم يكن يحتاج إليهم (82).
وفي الحديث: " ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمرهم " (83).
﴿فإذا عزمت﴾ أي: فإذا قطعت الرأي على شئ بعد الشورى ﴿فتوكل على الله﴾ في إمضاء أمرك على الأرشد الأصلح فإن ذلك لا يعلمه إلا الله.
وروي عن جعفر الصادق (عليه السلام): " فإذا عزمت - بالضم - بمعنى: فإذا عزمت لك على شئ وأرشدتك إليه فتوكل علي ولا تشاور بعد ذلك أحدا " (84).
﴿إن ينصركم الله﴾ كما نصركم يوم بدر فلا أحد يغلبكم ﴿وإن يخذلكم﴾ ويمنعكم معونته، ويخل بينكم وبين أعدائكم بمعصيتكم إياه ﴿فمن ذا الذي ينصركم من بعده﴾ أي: من بعد خذلانه (85) ﴿وعلى الله فليتوكل المؤمنون﴾ هذا تنبيه على وجوب التوكل على الله سبحانه.
﴿وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيمة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون (161) أفمن اتبع رضوا ن الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير (162) هم درجت عند الله والله بصير بما يعملون (163)﴾
غل شيئا من المغنم غلولا وأغل: إذا أخذه في خفية، وفي الحديث: " لا إغلال ولا إسلال " (86)، ويقال: أغله أي: وجده غلا (87)، ﴿و﴾ المعنى: ﴿ما﴾ صح ﴿لنبي أن يغل﴾ فإن النبوة تنافي الغلول، ومن قرأ: " يغل " (88) فالمعنى: ما صح لنبي أن يوجد غالا، ولا يوجد غالا إلا إذا كان غالا ﴿ومن يغلل يأت بما غل يوم القيمة﴾ أي: يأت بالشئ الذي غله بعينه يحمله كما جاء في الحديث: " جاء يوم القيامة يحمله على عنقه " (89)، ويجوز أن يراد: يأت بما يحتمل من إثمه وتبعته ﴿ثم توفى كل نفس ما كسبت﴾ جئ بالعام ليدخل تحته كل كاسب من غال وغيره ﴿وهم لا يظلمون﴾ أي: يعدل بينهم في الجزاء فكل جزاؤه على قدر كسبه، ثم بين سبحانه أن من اتبع رضاء الله في ترك الغلول ليس ﴿كمن باء بسخط من الله﴾ في فعل الغلول، ثم قال: ﴿هم درجت عند الله﴾ أي: ذوو درجات عند الله، والمراد: تفاوت مراتب أهل الثواب ومراتب أهل العقاب، أو تفاوت ما بين الثواب و العقاب ﴿والله بصير بما يعملون﴾ أي: عالم بأعمالهم ودرجاتها فيجازيهم على حسبها.
﴿لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلل مبين (164) أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شئ قدير (165)﴾ أي: ﴿من الله على﴾ من آمن مع رسول الله من قومه، وخص ﴿المؤمنين﴾ منهم لأنهم هم المنتفعون بمبعثه ﴿إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم﴾ أي: من جنسهم عربيا مثلهم، وقيل: من ولد إسماعيل كما أنهم كانوا من ولده (90)، ووجه المنة عليهم في ذلك أنه إذا كان منهم كان اللسان واحدا فيسهل عليهم أخذ ما يجب عليهم أخذه عنه، وفي كونه من أنفسهم شرف لهم كقوله: ﴿وإنه لذكر لك ولقومك﴾ (91)، وروي: أن قراءة فاطمة (عليها السلام) " من أنفسهم " (92) ومعناه: من أشرفهم ﴿يتلوا عليهم آياته﴾ بعد أن كانوا أهل جاهلية لم يسمعوا شيئا من الوحي ﴿ويزكيهم﴾ أي: ويطهرهم من الدنس وأوضار (93) الكفر ﴿ويعلمهم﴾ القرآن والسنة بعد ما كانوا أجهل الناس وأبعدهم من دراسة العلوم ﴿وإن كانوا من قبل﴾ بعثة الرسول ﴿لفى ضلل مبين﴾، ﴿إن﴾ هي المخففة من المثقلة، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية وتقديره: وإن الشأن، والحديث كانوا من قبل لفي ضلال مبين أي: ظاهر، و ﴿لما﴾ نصب ب? ﴿قلتم﴾، و ﴿أصابتكم﴾ في محل الجر بإضافة ﴿لما﴾ إليه، وتقديره: أقلتم حين أصابتكم مصيبة يوم أحد من قتل سبعين منكم ﴿قد أصبتم مثليها﴾ يوم بدر من قتل سبعين وأسر سبعين: ﴿أنى هذا﴾ أي: من أين أصابنا هذا وفينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونحن مسلمون وهم مشركون ؟! و ﴿أنى هذا﴾ في موضع نصب لأنه مقول (94)، والهمزة للتقرير والتقريع (95) ﴿قل هو من عند أنفسكم﴾ أي: أنتم السبب فيما أصابكم لاختياركم الخروج من المدينة أو لتخليتكم المركز، وعن علي (عليه السلام): " لأخذكم الفداء من أسارى بدر قبل أن يؤذن لكم " (96) ﴿إن الله على كل شئ قدير﴾ فهو قادر على أن ينصركم فيما بعده.
﴿وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين (166) وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للأيمن يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون (167)﴾ أي: ﴿وما أصابكم﴾ يوم أحد ﴿يوم التقى الجمعان﴾ جمعكم وجمع المشركين ﴿فـ﴾ - هو كائن ﴿بإذن الله﴾ أي: بتخليته ﴿وليعلم المؤمنين﴾ أي: وليتميز المؤمنون والمنافقون ويظهر إيمان هؤلاء ونفاق هؤلاء، وإنما استعار لفظ الإذن لتخلية الكفار وأنه لم يمنعهم ليبتليهم، لأن الإذن مخل بين المأذون له ومراده ﴿وقيل لهم﴾ عطف على ﴿نافقوا﴾، ويجوز أن يكون كلاما مبتدأ، وهم عبد الله بن أبي وأصحابه انخزلوا يوم أحد وقالوا: علام نقتل أنفسنا، وكانوا ثلاثمائة، فقال لهم عبد الله بن عمرو بن حزام الأنصاري: ﴿تعالوا قتلوا... أو ادفعوا﴾ عن حريمكم إن لم تقاتلوا ﴿في سبيل الله﴾، ﴿قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم﴾ فقال لهم: أبعدكم الله والله يغني عنكم، وقوله: ﴿هم للكفر يومئذ أقرب منهم للأيمن﴾ أي: تباعدوا بهذا الفعل والقول عن الإيمان المظنون بهم واقتربوا من الكفر، وقيل: هم لأهل الكفر أقرب نصرة منهم لأهل الإيمان، لأن تقليلهم سواد المسلمين تقوية للمشركين (97) ﴿يقولون بأفواههم﴾ من كلمة الإيمان وما يقرب إلى الرسول ﴿ما ليس في قلوبهم﴾ فإن في قلوبهم الكفر، والمعنى: أن الإيمان موجود في أفواههم معدوم في قلوبهم ﴿والله أعلم بما يكتمون﴾ من النفاق.
﴿الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين (168)﴾ محل ﴿الذين﴾ يجوز أن يكون نصبا على الذم أو على البدل من ﴿الذين نافقوا﴾، ورفعا على " هم الذين قالوا "، وجرا بدلا من الضمير في ﴿بأفواههم﴾ (98)، ﴿لإخوانهم﴾ أي: لأجل إخوانهم من جنس المنافقين المقتولين يوم أحد أو إخوانهم في النسب ﴿وقعدوا﴾ أي: وقد قعدوا، وهي جملة في موضع الحال ﴿لو أطاعونا﴾ إخواننا فيما أمرناهم به من القعود ﴿ما قتلوا﴾ كما لم نقتل ﴿قل فادرءوا عن أنفسكم الموت﴾ أي: فادفعوا عن أنفسكم الموت ﴿إن كنتم صادقين﴾ في هذه المقالة، لأنكم إن دفعتم القتل الذي هو أحد أسباب الموت لم تقدروا على دفع سائر أسبابه.
وروي: أنه مات يوم قالوا هذه المقالة سبعون منافقا (99).
﴿ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون (169) فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولاهم يحزنون (170) يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين (171)﴾ الخطاب لرسول الله أو لكل أحد، وقرئ: " تحسبن " بفتح السين و " قتلوا " بالتشديد (100) ﴿في سبيل الله﴾ أي: في الجهاد ونصرة دين الله ﴿بل أحياء﴾ أي: بل هم أحياء ﴿يرزقون﴾ مثل ما يرزق سائر الأحياء يأكلون ويشربون ﴿فرحين بما آتاهم الله من فضله﴾ وهو التوفيق في الشهادة وما ساقه إليهم من الكرامة ومواد السعادة ﴿ويستبشرون ب?﴾ إخوانهم المجاهدين ﴿الذين لم يلحقوا بهم﴾ أي: لم يقتلوا بعد فيلحقوا بهم ﴿من خلفهم﴾ يريد الذين من خلفهم قد بقوا بعدهم، وقيل: لم يلحقوا بهم، أي: لم يدركوا فضلهم ومراتبهم ومنزلتهم (101) ﴿ألا خوف عليهم﴾ بدل من ﴿الذين﴾، والمعنى: ويستبشرون بما تبين لهم من حال من تركوا خلفهم من المؤمنين، وهو أنهم يبعثون آمنين يوم القيامة، بشرهم الله بذلك فهم مستبشرون به، وكرر ﴿يستبشرون﴾ ليتعلق به ما هو بيان لقوله: ﴿ألا خوف عليهم ولاهم يحزنون﴾ من ذكر نعمة الله وفضله، وقرئ: ﴿وأن الله﴾ بالفتح عطفا على النعمة والفضل، وبالكسر على الابتداء وعلى أن الجملة اعتراض، وهي قراءة الكسائي (102)، ففيه دلالة على أن الثواب مستحق وأن الله لا يبطله، ولذلك أضاف نفي الإضاعة إلى نفسه.
﴿الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم (172) الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل (173) فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوا ن الله والله ذو فضل عظيم (174) إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين (175)﴾ ﴿الذين استجابوا﴾ مبتدأ وخبره ﴿للذين أحسنوا﴾ أو جر صفة للمؤمنين أو نصب على المدح (103) (104).
لما انصرف أبو سفيان وأصحابه من أحد فبلغوا الروحاء (105) ندموا وهموا بالرجوع، فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأراد أن يريهم من نفسه وأصحابه قوة فندب أصحابه للخروج وقال: لا يخرجن معنا أحد إلا من حضر يومنا بالأمس، فخرج مع جماعة حتى بلغ حمراء الأسد (106) وهي على ثمانية أميال من المدينة، فألقى الله الرعب في قلوب المشركين فذهبوا، فنزلت (107).
وأما قوله: ﴿الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم﴾ فحديثه: أن أبا سفيان لما انصرف من أحد نادى: يا محمد موعدنا موسم بدر القابل إن شئت، فقال (صلى الله عليه وآله): إن شاء الله، فلما كان القابل خرج أبو سفيان في أهل مكة حتى نزل سورة آل عمران / 173 و 174 مر (108) الظهران (109) فألقى الله سبحانه الرعب في قلبه فبدا له أن يرجع، فلقي نعيم بن مسعود الأشجعي (110) وقد قدم معتمرا، فقال: يا نعيم إني واعدت محمدا أن نلتقي بموسم بدر وأن هذا عام جدب وقد بدا لي، فالحق بالمدينة وثبطهم ولك عندي عشر من الإبل، فخرج نعيم فوجد المسلمين يتجهزون، فقال لهم: ما هذا بالرأي أتوكم في دياركم فلم يفلت منكم أحد إلا شريد، أفتريدون أن تخرجوا وقد جمعوا لكم عند الموسم فوالله لا يفلت منكم أحد، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): " والذي نفسي بيده لأخرجن وإن لم يخرج معي أحد " فخرج في سبعين راكبا وهم يقولون: ﴿حسبنا الله ونعم الوكيل﴾ حتى وافوا بدرا وأقاموا بها ثماني ليال وكانت معهم تجارات فباعوها وأصابوا خيرا ثم انصرفوا إلى المدينة سالمين غانمين، فرجع أبو سفيان إلى مكة فسمى أهل مكة جيشه جيش السويق، قالوا: إنما خرجتم لتشربوا السويق (111) (112)، و ﴿الناس﴾ الأول: نعيم بن مسعود لأنه من جنس الناس، ولأنه ربما لم يخل من ناس وصلوا جناح كلامه، و ﴿الناس﴾ الثاني: أبو سفيان وأصحابه، والضمير المستكن في ﴿فزادهم﴾ يرجع إلى المقول الذي هو: ﴿إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم﴾ أو إلى مصدر " قالوا " أو إلى نعيم، ومعنى ﴿حسبنا الله﴾: محسبنا الله، أي: كافينا، يقال: أحسبه الشئ إذا كفاه ﴿ونعم الوكيل﴾ أي: نعم (113) الموكول إليه هو ﴿فانقلبوا﴾ أي: فرجعوا من بدر ﴿بنعمة من الله﴾ وهو السلامة ﴿وفضل﴾ وهو الربح في التجارة ﴿إنما ذلكم﴾ المثبط هو ﴿الشيطان يخوف أولياءه﴾ بيان لشيطنته، أي: يخوفكم بأوليائه الذين هم أبو سفيان وأصحابه، وقيل: يخوف أولياءه القاعدين عن الخروج مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) (114).
﴿ولا يحزنك الذين يسرعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة ولهم عذاب عظيم (176) إن الذين اشتروا الكفر بالأيمن لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب أليم (177)﴾ خاطب سبحانه الرسول (صلى الله عليه وآله) فقال: ﴿ولا يحزنك الذين﴾ يقعون ﴿في الكفر﴾ سريعا، يعني: المنافقين الذين تخلفوا ﴿إنهم﴾ لا يضرون بمسارعتهم في الكفر غير أنفسهم، ولا يعود (115) وبال الكفر إلا عليهم، ثم بين كيف يعود وبال الكفر عليهم بقوله: ﴿يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة﴾ أي: نصيبا من الثواب ﴿ولهم﴾ بدل الثواب ﴿عذاب عظيم﴾ وفائدة إرادة الله هنا أنها إشعار بأن الداعي إلى تعذيبهم خالص حين سارعوا في الكفر حتى أن أرحم الراحمين يريد أن لا يرحمهم ﴿إن الذين اشتروا الكفر بالأيمن﴾ هذا: إما أن يكون تكريرا لذكرهم وإما أن يكون عاما للكفار، والأول خاصا في من نافق من المتخلفين وارتد عن الإسلام و ﴿شيئا﴾ نصب على المصدر، لأن المعنى: شيئا من الضرر وبعض الضرر.
سورة آل عمران / 178 و 179 ﴿ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين (178)﴾ من قرأ: " تحسبن " بالتاء (116) فـ ﴿الذين كفروا﴾ نصب، و ﴿أنما نملي لهم خير لأنفسهم﴾ بدل منه، أي: ولا تحسبن أن إملاءنا للذين كفروا خير لهم، و " أن " مع " ما " في حيزه ينوب عن المفعولين، ويجوز أن يقدر مضاف محذوف تقديره: ولا تحسبن الذين كفروا أصحاب أن الإملاء خير لأنفسهم أو ولا تحسبن حال الذين كفروا أن الإملاء خير لأنفسهم (117).
ومن قرأ بالياء فالذين كفروا رفع، والإملاء لهم أن يتركهم وشأنهم، وقيل: هو إمهالهم وإطالة عمرهم (118) ﴿إنما نملي لهم ليزدادوا إثما﴾ " ما " هذه كافة والأولى مصدرية، وهذه جملة مستأنفة تعليل للجملة قبلها وسبب لها، وإنما كان ازدياد الإثم علة للإملاء لما كان في علم الله أنهم يزدادون إثما، فكأن الإملاء وقع بسببه ومن أجله على طريق المجاز ﴿ولهم عذاب مهين﴾ يهينهم في نار جهنم.
﴿ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبى من رسله من يشاء فامنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم (179)﴾ اللام في ﴿ليذر﴾ لتأكيد النفي، والمعنى: لا يدع الله ﴿المؤمنين﴾ ولا يتركهم ﴿على ما أنتم عليه﴾ من اختلاط المؤمن المخلص بالمنافق ﴿حتى يميز﴾ المنافق ويعزله عن المخلص، و ﴿يميز﴾ من مزته فانماز، وقرئ: " يميز " (119) من ميزته فتميز، وإنما يميز بين الفريقين بالوحي إلى نبيه وإخباره بأحوالكم ﴿وما كان الله ليطلعكم على الغيب﴾ فلا تظنوا إذا أخبركم النبي بنفاق الرجل أنه يطلع على ما في القلوب بنفسه ولكن الله يوحي إليه بأن في الغيب كذا وأن هذا منافق وهذا مخلص فيعلم ذلك من جهة اطلاع الله تعالى إياه، ويجوز أن يكون المراد بالتمييز أنه يكلف التكاليف الشاقة كبذل الأرواح في الجهاد وإنفاق الأموال في سبيل الله، ونحو ذلك مما يظهر به أحوالهم فيعلم بعضكم ما في قلب بعض عن طريق الاستدلال، وما كان الله ليطلع أحدا منكم على الغيب ومضمرات القلوب (120) ﴿ولكن الله يجتبى من رسله من يشاء﴾ فيخبره ببعض المغيبات ﴿فامنوا بالله ورسله﴾ بأن تقدروه حق قدره، وتعلموا رسله عبادا مصطفين للرسالة لا يعلمون إلا ما علمهم الله ولا يخبرون من الغيوب إلا بما أخبرهم الله به، وقيل: إن المشركين قالوا: إن كان محمد صادقا فليخبرنا من يؤمن منا ومن يكفر، فنزلت الآية (121).
﴿ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيمة ولله ميرا ث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير (180)﴾ سورة آل عمران / 180 و 181 من قرأ بالتاء (122) قدر مضافا محذوفا، أي: ﴿ولا﴾ تحسبن بخل ﴿الذين يبخلون... هو خيرا لهم﴾ وكذلك من قرأ بالياء وجعل فاعل ﴿يحسبن﴾ ضمير رسول الله أو ضمير أحد، ومن جعل فاعله ﴿الذين يبخلون﴾ كان المفعول الأول عنده محذوفا تقديره: ﴿ولا يحسبن الذين يبخلون﴾ بخلهم ﴿هو خيرا لهم﴾ وإنما حذف لدلالة ﴿يبخلون﴾ عليه، و ﴿هو﴾ فصل، ﴿سيطوقون﴾ تفسير لقوله: ﴿هو شر لهم﴾ أي: سيلزمون وبال ما بخلوا به إلزام الطوق، وفي أمثالهم: " تقلدها طوق الحمامة " (123): إذا فعل فعلة يذم بها، وروي: أنها نزلت في مانعي الزكاة (124) ﴿ولله ميرا ث السماوات والأرض﴾ أي: له ما فيهما مما يتوارثه أهلهما من مال وغيره، فما لهم يبخلون عليه بملكه، وقرئ: ﴿بما تعملون﴾ بالتاء على طريقة الالتفات وهو أبلغ في الوعيد، وبالياء (125) على الظاهر.
﴿لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق (181) ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد (182) الذين قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين (183)﴾ قال ذلك اليهود حين سمعوا قول الله تعالى: ﴿من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا﴾ (126)، وإنما قالوه: إما اعتقادا وإما استهزاء وعنادا، وأيهما كان فهذه الكلمة لاتصدر إلا عن كفر صراح، ومعنى ﴿سمع الله﴾: أنه لا يخفى عليه، وأعد له كفاءه من العقاب ﴿سنكتب ما قالوا﴾ في صحف (127) الحفظة، أو نثبته في علمنا لا ننساه ولا يفوتنا إثباته ﴿وقتلهم الأنبياء﴾ عطف على ﴿ما قالوا﴾ وفيه: إعلام أنهما في العظم أخوان، وأن هذا ليس بأول ما ركبوه من العظائم، وأن من قتل الأنبياء لم يستبعد منه الاجتراء على مثل هذا القول ﴿ونقول﴾ لهم ﴿ذوقوا﴾ أي: وننتقم منهم بأن نقول لهم يوم القيامة: ﴿ذوقوا عذاب الحريق﴾، ﴿ذلك﴾ إشارة إلى ما تقدم من عقابهم ﴿بما قدمت أيديكم﴾ بما كنتم عملتموه، وذكر الأيدي لأن أكثر الأعمال تعمل بها، فجعل كل عمل كالواقع بالأيدي على سبيل التغليب، وعطف قوله: ﴿وأن الله ليس بظلام للعبيد﴾ على ﴿بما قدمت أيديكم﴾ لأن معناه: أنه عادل عليهم فيعاقبهم على حسب استحقاقهم ﴿الذين قالوا إن الله عهد إلينا﴾ أي: أمرنا في التوراة وأوصانا ب? ﴿ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا﴾ بهذه الآية الخاصة، وهي أن يرينا قربانا فتنزل نار من السماء فتأكله ﴿قل﴾ يا محمد لهم: ﴿قد جاءكم﴾ أي: جاء أسلافكم ﴿رسل من قبلي بالبينات﴾ أي: بالحجج والدلالات الكثيرة، وجاؤوهم أيضا بهذه التي اقترحتموها ﴿فلم قتلتموهم﴾ أراد بذلك زكريا ويحيى وجميع من قتله اليهود من الأنبياء (عليهم السلام).
﴿فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتب المنير (184) كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيمة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متع الغرور (185)﴾ هذا تسلية للنبي في تكذيب الكفار إياه، أي: لست بأول مكذب، بل ﴿كذب﴾ قبلك ﴿رسل﴾ أتوا بالمعجزات الباهرة ﴿والزبر﴾ جمع زبور وهو كل كتاب فيه حكمة ﴿والكتب المنير﴾ هو التوراة والإنجيل ﴿كل نفس ذائقة الموت﴾ أي: ينزل بها الموت لا محالة فكأنها ذاقته ﴿وإنما توفون أجوركم يوم القيمة﴾ لا توفون أجوركم عقيب موتكم وإنما توفونها يوم قيامكم عن القبور، والمراد: أن تكميل الأجور وتوفيتها يكون ذلك اليوم ﴿فمن زحزح عن النار﴾ أي: نحي عنها وأبعد ﴿وأدخل الجنة فقد فاز﴾ أي: فقد حصل له الفوز والظفر المطلق المتناول لكل ما يفاز به، ولا غاية للفوز وراء النجاة من سخط الرب وعذاب النيران ونيل رضاء الله ونعيم الجنان ﴿وما الحياة الدنيا﴾ ولذاتها وشهواتها ﴿إلا متع الغرور﴾ أي: الخداع الذي لا حقيقة له، وهو المتاع الردي الذي يدلس به على طالبه حتى يشتريه ثم يتبين له رداءته، والشيطان هو المدلس الغرور.
﴿لتبلون في أموا لكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور (186)﴾ هذا خطاب للمؤمنين خوطبوا بذلك ليوطنوا نفوسهم على احتمال ما سيلقونه من الأذى والشدائد والصبر عليها ويستعدوا (128) لها، والبلاء في الأموال: الإنفاق في سبيل الخير وما يقع فيها من الآفات، والبلاء في الأنفس: القتل والأسر والجراح وما يرد عليها من أنواع البليات، وما يسمعونه من أذى أهل الكتاب: هو المطاعن في دين الإسلام وتخطئة من آمن ﴿فإن ذلك﴾ الصبر والتقوى من معزومات الأمور، أي: مما يجب العزم عليه من الأمور، أو ذلك البلاء من محكم الأمور الذي عزم الله أن يكون، فلابد لكم أن ﴿تصبروا وتتقوا﴾.
﴿وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون (187)﴾ الضمير في قوله: ﴿لتبيننه﴾ لـ ﴿الكتاب﴾، أكد الله سبحانه عليهم إيجاب بيان ﴿الكتاب﴾ واجتناب كتمانه كما يؤكد على الرجل إذا أخذ عليه العهد ويقال له: والله لتفعلن ﴿فنبذوه وراء ظهورهم﴾ أي: نبذوا الميثاق وتأكيده عليهم ولم يراعوه ولم يلتفتوا إليه، وقوله: ﴿وراء ظهورهم﴾ مثل في ترك اعتدادهم به كما يقال في ضده: جعله نصب عينه، وفيه دلالة على أنه واجب على العلماء أن يبينوا الحق للناس ولا يكتموا شيئا منه لغرض فاسد من جر منفعة أو لبخل بالعلم أو تطييب لنفس ظالم أو غير ذلك.
وفي الحديث: " من كتم علما عن أهله ألجم بلجام من نار " (129).
وعن علي (عليه السلام): " ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا " (130).
سورة آل عمران / 188 وقرئ: " ليبيننه " و " لا يكتمونه " بالياء (131) لأنهم غيب، وبالتاء على حكاية مخاطبتهم.
﴿لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم (188)﴾ ﴿لا تحسبن﴾ خطاب لرسول الله، و ﴿الذين يفرحون﴾ أول المفعولين و ﴿بمفازة﴾ المفعول الثاني، وقوله: ﴿فلا تحسبنهم﴾ تأكيد تقديره: لا تحسبنهم فلا تحسبنهم فائزين، وقرئ: " لا يحسبن " بالياء وفتح الباء (132)، " فلا تحسبنهم " بضم الباء وبالتاء والياء (133) معا، فالتاء على خطاب المؤمنين على أن الفعل لـ ﴿الذين يفرحون﴾ والمفعول الأول محذوف، أي: لا يحسبنهم الذين يفرحون بمفازة فلا تحسبنهم أيها المؤمنون ﴿بمفازة من العذاب﴾ أي: بمنجاة منه، والياء على التوكيد، وقوله: ﴿بما أتوا﴾ معناه: بما فعلوا، وقيل: معناه: لا يحسبن اليهود الذين يفرحون بما فعلوا من كتمان نعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) (134) ﴿ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا﴾ من اتباع دين إبراهيم، ويجوز أن يكون ذلك عاما لكل من أتى (135) بحسنة فأعجب بها وأحب أن يحمده الناس عليها ويثنوا عليه بما ليس فيه من الزهد والعبادة وغير ذلك.
﴿ولله ملك السماوات والأرض والله على كل شئ قدير (189) إن في خلق السماوات والأرض واختلف اليل والنهار لآيات لأولي الألباب (190) الذين يذكرون الله قيما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا بطلا سبحانك فقنا عذاب النار (191) ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظلمين من أنصار (192) ربنا إننا سمعنا مناديا ينادى للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار (193) ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيمة إنك لاتخلف الميعاد (194)﴾
﴿ولله ملك السماوات والأرض﴾ أي: هو يملك أمر من فيهما وهو يقدر على عقابهم، قوله: ﴿لآيات﴾ معناه: لأدلة واضحة على توحيد الله وعظم قدرته وباهر حكمته ﴿لأولي الألباب﴾ أي: لذوي العقول ﴿الذين﴾ ينظرون إليها نظر استدلال فيجدونها مضمنة بأعراض حادثة لا تنفك عنها، وما لا ينفك عن الحادث حادث، وإذا كانت حادثة فلابد لها من محدث موجد، لأن حدوثها يدل على أن لها محدثا قادرا، ودل ما فيها من البدائع والأمور الجارية على غاية الانتظام على كون محدثها عالما قديما، لأنه لو كان محدثا لاحتاج إلى محدث آخر فيؤدي إلى التسلسل ﴿الذين يذكرون الله قيما وقعودا﴾ أي: قائمين وقاعدين ﴿وعلى جنوبهم﴾ أي: مضطجعين ﴿ويتفكرون في خلق السماوات والأرض﴾ في إبداع صنعتهما وما دبر (136) فيهما مما تكل الأفهام عن إدراك بعض بدائعه، وفي الحديث: " لا عبادة كالتفكر " (137)، ﴿ربنا ما خلقت هذا بطلا﴾ على إرادة القول، أي: يقولون ذلك، وهو في محل الحال أي: يتفكرون قائلين، والمعنى: ما خلقته خلقا باطلا من غير حكمة بل خلقته لداعي حكمة عظيمة، وهو أن تجعلها مساكن لخلقك وأدلة للمكلفين على معرفتك ﴿سبحانك﴾ أي: تنزيها لك عما لا يجوز عليك ﴿فقنا عذاب النار﴾ بلطفك وتوفيقك.
وقوله: ﴿هذا﴾ إشارة إلى الخلق بمعنى المخلوق، كأنه قال: ويتفكرون في مخلوق السماوات والأرض أي: فيما خلق فيهما، ويجوز أن يكون إشارة إلى ﴿السماوات والأرض﴾ لأنهما في معنى المخلوق، فكأن المراد: ﴿ما خلقت هذا﴾ المخلوق العجيب ﴿بطلا﴾، ويجوز أن يكون ﴿بطلا﴾ حالا من ﴿هذا﴾ (138)، و ﴿سبحانك﴾ تنزيه من أن يخلق شيئا عبثا أو بغير حكمة.
﴿من تدخل النار فقد أخزيته﴾ أي: أبلغت في إخزائه، وهو نظير قوله: ﴿فقد فاز﴾ (139)، وهو منقول من الخزي الذي هو الهوان، وقيل: هو منقول من الخزاية الذي هو الاستحياء، أي: أحللته محلا يستحيى منه (140)، ﴿وما للظلمين﴾ اللام إشارة إلى ﴿من تدخل النار﴾ أي: ليس لهم ﴿أنصار﴾ يدفعون عنهم عذاب الله ﴿ربنا إننا سمعنا مناديا﴾ أوقع الفعل على مناد لأنه موصوف بما يسمع وهو قوله: ﴿ينادى للأيمن﴾ أي: إلى الإيمان، يعني: داعيا يدعو إلى الإيمان، يقال: ناداه لكذا وإلى كذا، ودعاه له وإليه، ونحوه: هداه للطريق وإليه، والمنادي هو الرسول (صلى الله عليه وآله) ﴿أن آمنوا﴾ أي: آمنوا، أو بأن آمنوا ﴿بربكم فآمنا﴾ أي: فصدقناه فيما دعا إليه وأجبناه ﴿ربنا فاغفر لنا ذنوبنا﴾ جمع بين سؤال (141) المغفرة والتكفير، لأن تكفير السيئات يكون بالتوبة والمغفرة، وقد يكون ابتداء من غير توبة ﴿مع الأبرار﴾ في موضع الحال، أي: مخصوصين بصحبتهم معدودين في جملتهم، والأبرار جمع بر أو بار ﴿وآتنا ما وعدتنا على رسلك﴾: ﴿على﴾ هذه صلة للوعد، أي: ما وعدتنا على تصديق رسلك، وقيل: معناه: على ألسنة رسلك (142)، ويجوز أن يكون متعلقا بمحذوف أي: وعدتنا منزلا على رسلك، والموعود هو الثواب أو النصرة على الأعداء (143).
وعن النبي (صلى الله عليه وآله) لما نزلت هذه الآيات قال: " ويل لمن لاكها بين فكيه ولم يتأمل ما فيها " (144).
وروي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: " من حزنه أمر فقال خمس مرات: ﴿ربنا...﴾ أنجاه الله مما يخاف وأعطاه ما أراد " وقرأ الآيات (145).
﴿فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عمل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديرهم وأوذوا في سبيلي وقتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنت تجرى من تحتها الأنهر ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب (195)﴾ يقال: استجابه واستجاب له ﴿أنى لا أضيع﴾ أي: بأني لا أبطل ﴿عمل عمل منكم﴾ وقوله: ﴿من ذكر أو أنثى﴾ بيان لـ ﴿عمل﴾، ﴿بعضكم من بعض﴾ أي: يجمع ذكوركم وإناثكم أصل واحد، وكل واحد منكم من الآخر أي: من أصله لفرط اتحادكم واتصالكم، وقيل: هو وصلة (146) الإسلام (147).
وروي: أن أم سلمة (148) قالت: يا رسول الله إني أسمع الله يذكر الرجال في الهجرة ولا يذكر النساء، فنزلت (149) الآية.
﴿فالذين هاجروا﴾ من أوطانهم وفروا إلى الله بدينهم من دار الفتنة ﴿وأخرجوا من ديرهم﴾ التي ولدوا فيها ونشأوا ﴿وأوذوا في سبيلي﴾ يريد سبيل الدين ﴿وقتلوا وقتلوا﴾ وغزوا المشركين واستشهدوا، وقرئ: " وقتلوا وقاتلوا " (150) لأن المعطوف بالواو يجوز أن يكون أولا في المعنى وإن تأخر في اللفظ، ويجوز أن يكون المراد أنهم لما قتل منهم قاتلوا ولم يهنوا ﴿ثوابا﴾ في موضع المصدر المؤكد يعني: إثابة من عند الله، لأن قوله: ﴿لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم﴾ في معنى " لأثيبنهم " (151)، ﴿والله عنده﴾ مثل أي: يختص به وبقدرته وفضله ﴿حسن الثواب﴾ لا يثيبه غيره ولا يقدر عليه إلا هو كما يقول الرجل: عندي ما تريد، يريد اختصاصه به وبملكه وإن لم يكن بحضرته.
﴿لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلد (196) متع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد (197) لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنت تجرى من تحتها الأنهر خلدين فيها نزلا من عند الله وما عند الله خير للأبرار (198)﴾ الخطاب لرسول الله (صلى الله عليه وآله) أو لكل أحد، أي: لا تنظر إلى ما هم عليه من سعة الرزق ودرك المنى وإصابة حظوظ الدنيا والتصرف في البلاد يتجرون (152)، وجعل النهي في اللفظ للتقلب وهو في المعنى للمخاطب، نزل السبب منزلة المسبب لأن التقلب لو غره لاغتر به فمنع السبب ليمتنع المسبب ﴿متع قليل﴾ خبر مبتدأ محذوف، أي: تقلبهم متاع قليل في جنب ما فاتهم من نعيم الآخرة أو في جنب ما أعد الله للمؤمنين من الثواب، أو هو قليل في نفسه لزواله وانقضائه ﴿وبئس المهاد﴾ ما مهدوه لأنفسهم، والنزل: ما يهيأ للضيف من الكرامة والبر، وانتصابه على الحال من ﴿جنت﴾ لتخصصها بالوصف، ويجوز أن يكون بمعنى مصدر مؤكد كأنه قيل: رزقا أو عطاء من عند الله (153) ﴿وما عند الله﴾ من الثواب والنعيم ﴿خير للأبرار﴾ مما يتقلب فيه الفجار.
سورة آل عمران / 199 ﴿وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب (199) يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون (200)﴾ ﴿وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله﴾ نزلت في عبد الله بن سلام ومن آمن معه، وقيل: نزلت في أربعين من أهل نجران واثنين وثلاثين من الحبشة (154) وثمانية من الروم كانوا على دين عيسى (عليه السلام) فأسلموا (155)، وقيل: في أصحمة النجاشي نعاه جبرئيل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فخرج إلى البقيع (156) وكشف له من أرض الحبشة فأبصر سرير النجاشي وصلى عليه، فقال المنافقون: انظروا إلى هذا يصلي على علج نصراني لم يره قط وليس على دينه، فنزلت (157) الآية.
﴿وما أنزل إليكم﴾ هو القرآن ﴿وما أنزل إليهم﴾ التوراة والإنجيل ﴿خاشعين لله﴾ حال من فاعل ﴿يؤمن﴾ لأن " من " في معنى الجمع (158) ﴿لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا﴾ كما يفعل من لم يسلم من أحبارهم ﴿أولئك لهم أجرهم عند ربهم﴾ أي: ما يختص بهم من الأجر وهو ما وعدوه في قوله: ﴿أولئك يؤتون أجرهم مرتين﴾ (159)، ﴿إن الله سريع الحساب﴾ لنفوذ علمه في كل شئ فيعلم ما يستوجبه كل عامل ﴿اصبروا﴾ على طاعة الله وعن معاصيه ﴿وصابروا﴾ أعداء الله في الجهاد، أي: غالبوهم في الصبر على مضض (160) الحرب لا تكونوا أقل صبرا منهم ﴿ورابطوا﴾ أي: وأقيموا في الثغور رابطين خيلكم فيها مستعدين للغزو ﴿واتقوا الله﴾ أي: واتقوا مخالفة الله ﴿لعلكم تفلحون﴾ (161) بنعيم الأبد.
سورة النساء مدنية (162)، وهي مائة وخمس وسبعون آية بصري، وست كوفي، عد الكوفي ﴿أن تضلوا السبيل﴾ (163) آية.
أبي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): " من قرأها فكأنما تصدق على كل من ورث ميراثا، وأعطي من الأجر كمن اشترى محررا، وبرئ من الشرك، وكان في مشية الله من الذين يتجاوز عنهم " (164).
وعن أمير المؤمنين علي (عليه السلام): " من قرأها في كل جمعة أو من من ضغطة القبر إذا أدخل في قبره " (165).
﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس وا حدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا﴾ (166)
1- قرأه الحرميان (نافع المدني وابن كثير المكي) وأبو عمرو ويعقوب وحمزة على رواية. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 215، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 359، والعنوان في القراءات لابن خلف: ص 80، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 43.
2- وهي قراءة المفضل عن عاصم. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 359، والكشاف للزمخشري: ج 1 ص 408، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 43.
3- روى الزمخشري في كشافه تفصيلاتها وابن إسحاق في مغازيه. راجع الكشاف: ج 1 ص 408 - 409، والمغازي: ص 326.
4- القمر: 55.
5- النمل: 39.
6- انخزل الشئ: أي انقطع. (الصحاح: مادة خزل).
7- هو عمرو بن حزم بن زيد بن لوذان الأنصاري، أبو الضحاك، من الصحابة، شهد الخندق وما بعدها، استعمله النبي (صلى الله عليه وآله) على نجران، وكتب له عهدا مطولا فيه توجيه وتشريع، توفي بالمدينة سنة 53 ه?. (أسد الغابة: ج 4 ص 99، الأعلام للزركلي: ج 5 ص 76).
8- انظر تفصيلاتها في الكامل لابن الأثير: ج 2 ص 150، والكشاف: ج 1 ص 409، ومغازي ابن إسحاق: ص 324 - 325.
9- في بعض النسخ زيادة: والخوف.
10- انظر الفريد في اعراب القرآن للهمداني: ج 1 ص 625 تجد تفصيل ذلك.
11- هو المقداد بن عمرو بن ثعلبة، ويعرف بابن الأسود الكندي البهراني الحضرمي، صحابي جليل، أحد السبعة الذين أظهروا الاسلام، وأحد الأركان الأربعة، ومن أصفياء أمير المؤمنين (عليه السلام)، وجلالته أظهر من الشمس. مات سنة 33 ه? بالجرف على ثلاثة أميال من المدينة، وهو ابن 70 سنة، فحمل إلى المدينة ودفن بها. (تهذيب التهذيب: ج 1 ص 286، الأعلام للزركلي: ج 7 ص 282، معجم رجال الحديث للخوئي: ج 18 ص 314).
12- هو مرثد بن أبي مرثد كناز الغنوي، صحابي ابن صحابي، من امراء السرايا، شهد بدرا واحدا، ووجهه النبي (صلى الله عليه وآله) أميرا على سرية إلى مكة فاستشهد في يوم الرجيع سنة ثلاث أو أربع للهجرة. (أسد الغابة لابن الأثير: ج 4 ص 344، الأعلام للزركلي: ج 7 ص 201).
13- هو سعد بن عبادة بن ديلم بن حارثة الخزرجي، أبو ثابت، صحابي من أهل المدينة، كان سيد الخزرج وأحد الامراء الأشراف في الجاهلية والاسلام، وكان عقبيا نقيبا سيدا جوادا وجيها، تخلف عن بيعة أبي بكر وخرج من المدينة ولم ينصرف إليها إلى أن قتل بحوران من أرض الشام لسنتين ونصف مضتا من خلافة عمر، وقيل: في خلافة أبي بكر. (تهذيب التهذيب لابن حجر: ج 3 ص 476، طبقات ابن سعد: ج 3 ص 142، تنقيح المقال للمامقاني: ج 2 ص 16).
14- آل عمران: 121.
15- قرأه ابن عامر. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 215، والحجة في القراءات لأبي علي الفارسي: ج 2 ص 383، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 359، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 51.
16- وهي قراءة نافع وابن عامر وحمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 216، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 359، والعنوان في القراءات لابن خلف: ص 80، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 51.
17- الأحزاب: 25.
18- في نسخة: بمعنى.
19- آل عمران: 123.
20- قاله الأخفش في معاني القرآن: ج 1 ص 421.
21- قاله الفراء في معاني القرآن: ج 1 ص 234، والزجاج في معاني القرآن: ج 1 ص 468.
22- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 414.
23- في نسخة: أمد.
24- راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 216، والحجة في القراءات لأبي علي الفارسي: ج 2 ص 384، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 359، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 2 ص 57.
25- الرحمن: 54.
26- أخرجه السيوطي في الدر المنثور: ج 2 ص 316 وعزاه لعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن أبي هريرة عنه (صلى الله عليه وآله).
27- انظر تفصيل ذلك في التبيان: ج 2 ص 594 - 595، والفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 1 ص 631.
28- رواه الطبري في تفسيره: ج 3 ص 442، وابن حجر في فتح الباري: ج 11 ص 99.
29- في نسخة: الجنان.
30- في نسخة زيادة: يوم أحد.
31- الصافات: 173.
32- قرأه أبو بكر وحمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 261، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 359، والتيسير في القراءات للداني: ص 91، وفي التبيان: ج 2 ص 600، والعنوان في القراءات السبع لابن خلف: ص 81 هي قراءة الكوفيين سوى حفص.
33- وهو قول الفراء في معاني القرآن: ج 1 ص 234، وعنه البغوي في تفسيره: ج 2 ص 355.
34- في نسخة: معاونتكم.
35- وهو قول الزهري وقتادة وابن أبي نجيح. راجع التبيان: ج 2 ص 600.
36- المساجلة: أن تصنع مثل صنيع صاحبك من جري أو سقي، وأصله من السجل وهو الدلو فيها الماء قل أو كثر، ولا يقال لها وهي فارغة، يعني: فكما ان الدلو المملوء ماء يوم بيدك ويوم بيدي فكذلك الحرب والانتصار. انظر مجمع الأمثال للميداني: ج 1 ص 223.
37- في نسخة: ليميز.
38- انظر الكشاف: ج 1 ص 419.
39- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 419 - 420.
40- البقرة: 143.
41- وعن ورود الهمزة لمعنى الإنكار وأقسامه راجع مغني اللبيب: ج 1 ص 17 - 18.
42- وهو قول أبي إسحاق. راجع الفريد في اعراب القرآن للهمداني: ج 1 ص 635.
43- هو مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف القرشي من بني عبد الدار، صحابي شجاع، من السابقين في الإسلام، أسلم في مكة وكتم إسلامه، فعلم به أهله فأوثقوه وحبسوه وآذوه، فهرب مع من هاجر إلى الحبشة، ثم عاد إلى مكة وهاجر إلى المدينة، وشهد بدرا، وحمل اللواء يوم أحد وفيها استشهد. (طبقات ابن سعد: ج 3 ص 82، حلية الأولياء: ج 1 ص 106، الأعلام الأعلام للزركلي: ج 7 ص 248).
44- في نسخة زيادة: وصاح صارخ.
45- رواها الزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 422، ونحوه في أسباب النزول للواحدي: ص 106 عن عطية العوفي.
46- هو أنس بن مالك بن النضر النجاري الخزرجي، خادم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن أصحابه، وهو من المتخلفين عن غزوة بدر، لكنه شهد أحدا والخندق، وبعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) رحل إلى الشام ومنها إلى البصرة. روى زر بن حبيش أنه ممن كتم شهادته بحديث الغدير في علي (عليه السلام) فدعا عليه فابتلي بالبرص. مات في قصره بالطف على بعد فرسخين من البصرة عام 93 ه?، وهو آخر من مات من الصحابة. (معجم رجال الحديث للخوئي: ج 3 ص 239، طبقات ابن سعد: ج 7 ص 17، تهذيب ابن عساكر: ج 3 ص 139).
47- رواها البغوي في تفسيره: ج 2 ص 357 - 358، والزمخشري في كشافه: ج 1 ص 423.
48- في بعض النسخ: إلا بإذن.
49- قرأه ابن كثير ونافع وأبو عمرو. أنظر كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 217، والحجة في القراءات لأبي علي الفارسي: ج 2 ص 387، والعنوان في القراءات لابن خلف: ص 81، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 72.
50- انظر تفصيل ذلك في الفريد في اعراب القرآن للهمداني: ج 1 ص 639.
51- في بعض النسخ: أضعفهم.
52- في نسخة: عند.
53- في بعض النسخ: استقصارا.
54- في نسخة زيادة: أنه.
55- حكاه عنه (عليه السلام) الزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 425، والقرطبي في تفسيره: ج 4 ص 232.
56- في نسخة زيادة: بئسما فعلنا.
57- وصدره: لا تفزع الأرنب أهوالها. وقائله: عمرو بن أحمر الباهلي في وصف فلاة، فإنه لم يرد أن بها أرانب لا تفزعها أهوالها، ولا ضبابا غير منجحرة، ولكنه نفى أن يكون بها حيوان، إذ بكثرة الأهوال فيها لا يمكن أن يسكنها حيوان. راجع ديوان ابن أحمر: ص 67، الخصائص: ج 3 ص 165 و 321، وأمالي ابن الشجري: ج 1 ص 192، وخزانة الأدب للبغدادي: ج 10 ص 192 - 193 و ج 11 ص 313.
58- الآية: 125.
59- انظر الكامل في التاريخ: ج 2 ص 153 - 154، والكشاف: ج 1 ص 427.
60- في نسخة: خلفكم.
61- الحجفة: هو الترس إذا كان من جلود ليس فيه خشب ولا عقب. (الصحاح: مادة حجف).
62- رواها عنه البغوي في تفسيره: ج 1 ص 363، والزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 428.
63- راجع تفصيل ذلك في الكشاف: ج 1 ص 428.
64- قرأه حمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 217، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 364، وكتاب الكشف عن وجوه القراءات للقيسي: ج 1 ص 360، والتبيان: ج 3 ص 22، والتيسير في القراءات للداني: ص 91، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 86.
65- في بعض النسخ زيادة: المحفوظ.
66- حكاه عنه البغوي في تفسيره: ج 1 ص 364.
67- المائدة: 15، والشورى: 30.
68- هو طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمي القرشي، صحابي ومن المسلمين الأوائل، شهد أحدا وثبت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشهد الخندق، وكان أحد الستة من أصحاب الشورى، وكان ممن نكث البيعة وخرج على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يوم الجمل وقتل فيه وهو بجانب عائشة سنة 36 ه? ودفن بالبصرة. (طبقات ابن سعد: ج 3 ص 152، تهذيب التهذيب: ج 5 ص 20، الأعلام للزركلي: ج 3 ص 229).
69- حكاه عنه الشيخ في التبيان: ج 3 ص 25.
70- معاني الأخبار: ص 119، الارشاد للمفيد: ص 40، المناقب لابن شهرآشوب: ج 3 ص 296، كفاية الطالب للكنجي: ص 277، مناقب الخوارزمي: ص 103، مناقب ابن المغازلي: ص 198 - 199.
71- تفسير القمي: ج 1 ص 116 وفيه: " تسعون " بدل " سبعون ".
72- القصص: 8.
73- الأنعام: 125.
74- وهو قول الأخفش في معاني القرآن: ج 1 ص 426، والزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 431.
75- قرأه نافع وحمزة والكسائي. راجع التذكرة لابن غلبون: ج 2 ص 364، والحجة في القراءات لأبي علي الفارسي: ج 2 ص 394، والعنوان في القراءات لابن خلف: ص 81.
76- راجع تفسير الحسن البصري: ج 1 ص 246، وحكاه الماوردي في تفسيره: ج 1 ص 433 عن الضحاك وسفيان.
77- رواه الزمخشري في كشافه: ج 1 ص 432.
78- حكاه عنه (عليه السلام) القرطبي في تفسيره: ج 4 ص 252.
79- في نسخة: خذلانكم.
80- أخرجه الطبراني باسناده كما في الدر المنثور: ج 2 ص 364، ورواه الزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 433 مرفوعا.
81- في نسخة: غالا.
82- وهي قراءة ابن مسعود ونافع وحمزة والكسائي وابن عامر. انظر كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 218، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 265، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 101.
83- أخرجه ابن أبي حاتم بسنده عن سعيد بن جبير كما في الدر المنثور: ج 2 ص 365، ورواه الزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 434 مرفوعا.
84- حكاه الزمخشري في كشافه: ج 1 ص 435.
85- الزخرف: 44.
86- حكاها عنها (عليها السلام) وعن أبيها (صلى الله عليه وآله) ابن خالويه في شواذ القرآن: ص 30، وفي البحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 104: هي قراءة فاطمة وعائشة والضحاك وأبي الجوزاء.
87- الوضر: الدرن والدسم. (الصحاح: مادة وضر).
88- في نسخة: منقول.
89- انظر تفصيل ذلك في الكشاف: ج 1 ص 436، وحول أقسام الهمزة ومعانيها راجع مغني اللبيب: ج 1 ص 17 - 18.
90- رواه عنه (عليه السلام) الزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 437، والبيضاوي في تفسيره: ج 1 ص 191.
91- قاله البيضاوي في تفسيره: ج 1 ص 191.
92- راجع تفصيل ذلك في الكشاف للزمخشري: ج 1 ص 438، والفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 1 ص 658.
93- رواه السمرقندي في تفسيره: ج 1 ص 314، والزمخشري في كشافه: ج 1 ص 438.
94- قرأه الحسن وابن عامر. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 219، والحجة في القراءات لأبي علي الفارسي: ج 2 ص 397، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 365، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 113.
95- قاله الزجاج في معاني القرآن: ج 1 ص 489.
96- حكاها عنه ابن مجاهد في كتاب السبعة في القراءات: ص 219، والقيسي في الكشف عن وجوه القراءات السبع: ج 1 ص 364، وابن غلبون في التذكرة: ج 2 ص 365، والداني في التيسير: ص 91، وابن خلف الأندلسي في العنوان: ص 81، وأبو حيان في البحر المحيط: ج 3 ص 116.
97- في نسخة: الحال.
98- انظر تفصيل ذلك في معاني القرآن للزجاج: ج 1 ص 489 وقال: والأحسن أن يكون في موضع رفع بالابتداء.
99- الروحاء: هو موضع على نحو أربعين ميلا من المدينة، وقيل: ستة وثلاثين، وهو الموضع الذي نزل به تبع حين رجع من قتال أهل المدينة يريد مكة، فأقام بها وأراح فسماها الروحاء. (مراصد الاطلاع: ج 2 ص 637).
100- وهي موضع على ثمانية أميال من المدينة، إليها انتهى النبي (صلى الله عليه وآله) يوم أحد في طلب المشركين. (معجم البلدان: ج 2 ص 332).
101- رواها الشيخ في التبيان: ج 3 ص 50 عن ابن عباس والسدي وابن إسحاق وابن جريج وقتادة، وحكاها الزمخشري في كشافه: ج 1 ص 440.
102- في نسخة: من.
103- الظهران: واد قرب مكة، وعنده قرية يقال لها: مر، تضاف إلى هذا الوادي فيقال: مر الظهران. (معجم البلدان: ج 3 ص 581).
104- نعيم بن مسعود بن عامر بن أشجع، يكنى: أبا سلمة الأشجعي، صحابي مشهور، كان قد قدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) سرا أيام الخندق واجتماع الأحزاب، فأسلم وكتم إسلامه، وعاد إلى الأحزاب المجتمعة لقتال المسلمين، فألقى الفتنة بين قبائل قريظة وغطفان وقريش، قتل يوم الجمل في أول خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام) قبل قدومه البصرة، وقيل: مات في خلافة عثمان. (الإصابة في تمييز الصحابة: ج 3 ص 568، أسد الغابة لابن الأثير: ج 5 ص 33، الأعلام للزركلي: ج 8 ص 41).
105- في نسخة: السويد.
106- حكاها الشيخ في التبيان: ج 3 ص 53 وقال: وروى ذلك أبو الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام)، ورواها الزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 441.
107- في بعض النسخ زيادة: الرب.
108- قاله الحسن والسدي. راجع تفسير الحسن البصري: ج 1 ص 249، وتفسير الماوردي: ج 1 ص 438.
109- في نسخة: يرجع.
110- وهي قراءة حمزة. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 220، والتبيان: ج 3 ص 58، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 365، والعنوان في القراءات لابن خلف: ص 81، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 122.
111- راجع تفصيل ذلك في الكشاف: ج 1 ص 444.
112- قاله الزجاج في معاني القرآن واعرابه: ج 1 ص 491.
113- قرأه حمزة والكسائي ويعقوب. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 220، والحجة في القراءات لأبي علي الفارسي: ج 2 ص 405، والتبيان: ج 3 ص 62، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 366، والعنوان في القراءات لابن خلف: ص 81، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 126.
114- انظر الكشاف: ج 1 ص 445.
115- قاله السدي. راجع أسباب النزول للواحدي: ص 112، والتبيان: ج 3 ص 62.
116- وهي قراءة حمزة. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 220، والكشف عن وجوه القراءات للقيسي: ج 1 ص 366، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 365.
117- أي: تقلد الخصلة القبيحة تقلد طوق الحمامة، أي: لا تزايله ولا تفارقه حتى يفارق طوق الحمامة الحمامة. انظر مجمع الأمثال للميداني: ج 1 ص 153.
118- رواها العياشي في تفسيره: ج 1 ص 207 ح 158 عن محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام).
119- قرأه ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 220، وحجة القراءات لابن زنجلة: ج 1 ص 184، وتفسير السمرقندي: ج 1 ص 320، والكشف عن وجوه القراءات للقيسي: ج 1 ص 369، والعنوان في القراءات لابن خلف: ص 82، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 129.
120- البقرة: 245.
121- في نسخة: كتب.
122- في نسخة: ليستعدوا.
123- العلل المتناهية لابن الجوزي: ج 1 ص 89.
124- رواه عنه (عليه السلام) القرطبي في تفسيره: ج 4 ص 305.
125- قرأه ابن كثير وأبو عمرو ورجال عاصم سوى حفص. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 221، والكشف عن وجوه القراءات للقيسي: ج 1 ص 371، والتيسير في القراءات السبع للداني: ص 93، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 366، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 136.
126- قرأه نافع وابن عامر وابن كثير وأبو عمرو. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 219 - 220، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 368، والعنوان في القراءات لابن خلف: ص 82.
127- قرأه ابن كثير وأبو عمرو. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 368، والتبيان: ج 3 ص 75، والكشف عن وجوه القراءات للقيسي: ج 1 ص 371، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 137.
128- قاله ابن عباس والضحاك والسدي. انظر تفسير الماوردي: ج 1 ص 442، وتفسير الطبري: ج 3 ص 547.
129- في بعض النسخ: يأتي.
130- في نسخة زيادة: الله.
131- مجمع الزوائد للهيثمي: ج 10 ص 283، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر: ج 4 ص 221، والكشاف للزمخشري: ج 1 ص 454.
132- راجع تفصيل ذلك في الكشاف: ج 1 ص 454.
133- الآية: 185، الأحزاب: 71.
134- حكاه القرطبي في تفسيره: ج 4 ص 316 عن بعض أهل المعاني.
135- في نسخة: سؤالي.
136- قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: ج 1 ص 499.
137- راجع تفصيل ذلك في الكشاف: ج 1 ص 455.
138- أورده المصنف في مجمع البيان: ج 1 - 2 ص 554.
139- رواها عنه (عليه السلام) الزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 457، والرازي في تفسيره: ج 9 ص 151، والقرطبي في تفسيره: ج 4 ص 318.
140- في نسخة: وصيلة.
141- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 456.
142- وهي هند بنت سهيل المعروف بأبي أمية بن المغيرة، القرشية المخزومية، من زوجات النبي (صلى الله عليه وآله) ومن أكملهن عقلا وخلقا، تزوجها النبي (صلى الله عليه وآله) في السنة الرابعة للهجرة، وكانت عند أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي من قبل، وكانت قد هاجرت معه إلى الحبشة ثم رجعا إلى مكة ثم هاجرا إلى المدينة ومات هناك، فخطبها أبو بكر فلم تتزوجه وخطبها النبي (صلى الله عليه وآله) فقبلت، وحالها في الجلالة والإخلاص لأمير المؤمنين والزهراء والحسنين (عليهم السلام) أشهر من أن يذكر وأجلى من أن يحرر، توفيت سنة 62 ه?. (تنقيح المقال للمامقاني: ج 3 ص 72، طبقات ابن سعد: ج 8 ص 60 - 67، مرآة الجنان: ج 1 ص 137).
143- رواها عنها الزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 456.
144- قرأه حمزة والكسائي. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 368، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 221، والكشف عن وجوه القراءات للقيسي: ج 1 ص 373، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 145.
145- في نسخة: لآتينهم.
146- في بعض النسخ: ويتجبرون.
147- انظر الكشاف: ج 1 ص 458.
148- واسمها أيضا أثيوبيا، وهي كلمة إغريقية معناها: بلاد الأثيوبيين أي: بلاد المحروقة وجوههم، هاجر إليها المسلمون الأوائل من مكة بأمر من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما رأى ما يصيب أصحابه من البلاء من كفار قريش، فكان عدد من هاجر إليها من الرجال 80 رجلا، وكان عليها ملكا عادلا حازما اسمه النجاشي لا يظلم عنده أحدا، وقصتهم مع النجاشي معروفة. (السيرة النبوية لابن هشام: ج 4 ص 286 - 292، الموسوعة العربية الميسرة: ص 53).
149- قاله عطاء. راجع تفسير البغوي: ج 1 ص 388.
150- البقيع: أصل البقيع في اللغة الموضع الذي فيه أروم الشجر من ضروب شتى، وهو مقبرة أهل المدينة. (معجم البلدان: ج 1 ص 703).
151- قاله جابر بن عبد الله وابن عباس وأنس وسعيد بن المسيب وقتادة وابن جريج. راجع التبيان: ج 3 ص 92، وتفسير الطبري: ج 3 ص 559، وتفسير البغوي: ج 1 ص 388.
152- انظر تفصيل ذلك في الفريد في اعراب القرآن للهمداني: ج 1 ص 680.
153- القصص: 54.
154- المضض: وجع المصيبة. (القاموس المحيط: مادة مضض).
155- في نسخة زيادة: أي تفوزون ببقاء الأبد، وأصل الفلاح: البقاء أي: تفلحون.
156- قال الشيخ الطوسي: وهي مدنية كلها، وقد روي عن بعضهم أنه قال: كلما في القرآن من قوله: * (يا أيها الناس) * نزل بمكة وهو قول قتادة ومجاهد وعبد الله بن عباس بن أبي ربيعة، وقال بعضهم: إن جميعها نزلت بالمدينة إلا آية واحدة وهي قوله: * (إن الله يأمركم أن تؤدوا الامنت إلى أهلها) * فإنها نزلت بمكة حين أراد النبي (صلى الله عليه وآله) أن يأخذ مفاتيح الكعبة من عثمان بن طلحة ويسلمها إلى عمه العباس. راجع التبيان: ج 3 ص 97، وتفسير الماوردي: ج 1 ص 446. وعن ابن كثير في تفسيره: ج 1 ص 424: قال العوفي عن ابن عباس: نزلت سورة الناس بالمدينة. وكذا روى ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير وزيد بن ثابت.
157- الآية: 44.
158- رواها الزمخشري عنه في الكشاف: ج 1 ص 599.
159- ثواب الأعمال للصدوق: ص 131 ح 1، وتفسير العياشي: ج 1 ص 215 ح 1.
160- في نسخة: أنشأه.
161- في نسخة: أضلاعه.
162- في بعض النسخ: الإنسان.
163- انظر تفصيل ذلك في الكشاف: ج 1 ص 461.
164- لا يخفى أن المصنف (قدس سره) قد اعتمد في تفسيره هذا على نسخة مصحف ليست على قراءة عاصم برواية حفص، وهي القراءة المشهورة في بلاد الشام والعراق وبعض الجزيرة العربية، وهنا في نسخة مصحفه " تساءلون به " فقال عقبها: أي تتساءلون به فأدغمت التاء في السين.
165- وهي قراءة الكوفيين. راجع كتاب التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 371، والعنوان في القراءات لابن خلف: ص 83.
166- في نسخة زيادة: بين الاثنين.