التفسير والتأويل على الأساليب المختلفة

التفسير بالقرآن: (وقلنا يا آدم) وهو في سلسلة الأنبياء (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران) (1). (وقلنا يا آدم) وهو أمر كلي سعي أو منطقي (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لادم) (2)، مع أن آدم كان مبدأ النوع والكثرة الخطابية. (وقلنا يا آدم) وهو مخلوق من تراب (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب) (3). (أسكن أنت وزوجك الجنة) وكان زوجه من نوعه (هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها) (4)، فإن عموم الخطاب يقتضي ذلك، فيلاحظ. والجنة كما تطلق على جنان القيامة تطلق على جنان الدنيا (كمثل جنة بربوة أصابها وابل) (5)، (ودخل جنته وهو ظالم لنفسه) (6)، (لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال) (7)، (جعلنا لأحدهما جنتين) (8). (وكلا منها رغدا حيث شئتما) والمراد من الأكل معنى أعم من الخضم والمضغ (فلما ذاقا الشجرة بدت لهما) (9). (ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) كناية عن الأكل منها، وليس مجرد القرب عصيانا وإنما هو كثير في الكتاب (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) (10)، (ولا تقربوا الفواحش) (11)، (ولا تقربوا مال اليتيم) (12)، (ولا تقربوا الزنا) (13)، (تلك حدود الله فلا تقربوها) (14)، (ولا تقربوهن حتى يطهرن) (15)، (فلا يقربوا المسجد الحرام) (16). ومن قوله تعالى: (فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما) (17)، وقوله تعالى: (فأكلا منها) يتعين القرب في كونه كناية. و " الشجرة " في مواضع من الكتاب توصف بأمور غير جسمية، ويتبين أنها كلمة أريد بها إفادة أصل له فروع حاصلة منه: (والنجم والشجر يسجدان) (18)، (من شجر من زقوم) (19)، (فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما)، (والشجرة الملعونة في القرآن) (20)، (شجرة الخلد) (21)، (في البقعة المباركة من الشجرة) (22)، (شجرة تخرج في أصل الجحيم) (23). (فتكونا من الظالمين) المتعدين عن الحدود التشريعية أو التكوينية الفردية والنوعية (قال رب نجني من القوم الظالمين) (24)، (وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا) (25)، (وأن الله ليس بظلام للعبيد) (26). (فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه) هنا فاءات ثلاث (فتكونا)، (فأزلهما)، (فأخرجهما) فبين تلك المواد سنخية وترتب، والإزلال غير العمل الخارجي، (فتزل قدم بعد ثبوتها) (27)، (فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات) (28).

تفسير الآية بالآيات: (فأزلهما الشيطان) وهو الأعم من الأنواع المتعارفة الشيطانية، (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن) (29)، (فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان) (30) مع أنه وكزه فكيف هو من عمله ؟! (إستحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله) (31)، (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا) (32)، فهو على هذا وجود ممتزج بكثير من الموجودات، وجزء من كثير من المركبات، وآدم منها. (فأخرجهما مما كانا فيه)، وهو اختفاء سوآتهما حسب الظاهر، قال الله تعالى: (فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما) (33) وقال في طه: (فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما) (34). (وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين) إن الهبوط له معنى أعم، قال الله تعالى: (وإن منها لما يهبط من خشية الله) (35)، (قيل يا نوح اهبط بسلام منا) (36)، (إهبطوا مصرا) (37). وإن الأرض تطلق على طائفة من أراضي هذه الكرة الممدودة وعلى سفح الجبال، قال الله تعالى: (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض) (38)، قال تعالى: (وحملت الأرض والجبال) (39)، وقال تعالى: (يوم ترجف الأرض والجبال) (40)، وقال تعالى: (إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا) (41)، وقال تعالى: (يوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة) (42)، وغير ذلك. فيعلم منه جواز كون الهبوط من الجنة في الدنيا - وهي على الجبال - إلى الأرض الخالية مما في الجنة، ويجوز أن يراد من قوله تعالى: (مما كانا فيه) هي الجنة، وهي على تلك المرتفعات من الجبال، فلا وجه لاستفادة الأمور الاخر الموجودة في سائر التفاسير وقال تعالى في سورة الأعراف: (قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين) (43) من غير فرق بين الآيتين إلا في كلمتي " وقلنا " و " قال "، وقال تعالى في سورة طه: (قال اهبطا منها جميعا) (44) وحيث لم تكن القصة إلا واحدة والمخاطبة إلا واحدة، فاختلاف ألفاظ الحكاية في الجمع والتثنية - حسب الموردين - ليس إلا من التفنن في التعبير في ألفاظها دون واقعها. وقد مر جواز مخاطبة الواحد بالتثنية والجمع عند اقتضاء البلاغة (رب ارجعون) (45)، قفا نبك من ذكرى.. إلى آخره (46)، من غير حاجة إلى التأويل. (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم)، قال الله تعالى: (إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى) (47)، (وجعلها كلمة باقية في عقبه) (48)، (إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته) (49). فلا ينحصر الكلمة في الأقوال والألفاظ، فيجوز أن يراد منها الأمور التكوينية الروحية، ولعل منه قوله تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن) (50)، مع أن المناسبة تقتضي أن تكون الكلمة المتلقاة من الله، مسائل روحية تكوينية، لا قولية ولفظية، وإنما تفسر تلك المعاني الخارجية بالألفاظ حكاية عنها. (قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) قال الله تعالى: (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين) (51)، (قل نزله روح القدس من ربك... وهدى وبشرى للمسلمين) (52). فيتبين أن مصاديق الهدى أعم من الكتاب والألفاظ والتكوين، فيجوز أن يكون المراد هنا نفس الرسول الأعظم الإسلامي، أو القرآن بوجوده الكتبي أو السمعي، أو سائر الصحف السماوية والرسل الإلهية والمشاعر والشعائر والمؤمنين وأميرهم عليهم السلام و (إن علينا للهدى). ثم إنه قد وردت في مواضع كثيرة هذه الآية (لاخوف عليهم ولاهم يحزنون)، وربما تبلغ إلى اثنتي عشرة آية، وربما يخطر بالبال أن في هذا التقديم والتأخير، نظرا زائدا على وجوه البلاغة ومحاسن الجذب والجلب، ضرورة أن من لا يكون عليه خوف يجوز أن يكون في قلبه الحزن، فكأن الخوف ظاهرة آثاره في البدن والأجسام والحزن في القلب وفي الأرواح، قال الله تعالى: (تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا) (53)، وفي بعض الأخبار: " المؤمن حزنه في قلبه وبشره في وجهه " (54)، وقال الله تعالى: (لا تخف ولا تحزن) (55). (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)، الآيات الكلامية السمعية والعينية المادية، الأرضية والسماوية، والروحية القلبية، قال تعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها) (56)، (لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية) (57)، (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت) (58)، (وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس) (59)، (أني قد جئتكم بآية من ربكم) (60)، (تكون لنا عيدا لاولنا وآخرنا وآية منك) (61)، (هذه ناقة الله لكم آية) (62)، (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية) (63)، (وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها) (64)، (وجعلنا الليل والنهار آيتين) (65)، ففي كل شئ له آية من كفر بها وكذب، أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون. وقد ورد أربع وثمانون مرة في الكتاب العزيز كلمة آية، فليراجع. (خالدون) قد مر البحث حول الخلود - حسب الموازين المحررة عندنا - في " قواعدنا الحكمية " و " تحريراتنا الأصولية "، قال الله تعالى: (وما هم بخارجين من النار) (66)، (يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها) (67)، (كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها) (68)، (كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها) (69)، (ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون) (70).

وأما على مذهب الأخباريين: (وقلنا يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين) إن الله عز وجل لما لعن إبليس بإبائه، وأكرم الملائكة بسجودها لآدم وطاعتهم لله عز وجل، أمر بآدم وحواء إلى الجنة، قال: (يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا) واسعا (حيث شئتما) بلا تعب (ولا تقربا هذه الشجرة) شجرة العلم شجرة علم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) الذين آثرهم الله عز وجل به، دون سائر خلقه، فقال تعالى: (لا تقربا هذه الشجرة) شجرة العلم، فإنها لمحمد وآله خاصة، ولا يتناول منها بأمر الله إلا هم، ومنها ما كان تناوله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) بعد إطعامهم اليتيم والمسكين والأسير، وهي شجرة تميزت بين أشجار الجنة، وهي الشجرة التي من تناول منها بإذن الله الهم علم الأولين والآخرين من غير تعلم، ومن تناول منها بغير إذن خاب عن مراده وعصى ربه (فتكونا من الظالمين). (فأزلهما الشيطان عنها) عن الجنة بوسوسته وغروره، بأن بدأ بآدم فقال: (ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين) (71)، إن تناولتما منها تعلمان الغيب، (أو تكونا من الخالدين) لا تموتان أبدا. (وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين) (72) وكان إبليس بين لحيي الحية أدخلته الجنة، وكان آدم يظن أن الحية هي التي تخاطبه، ولم يعلم أن إبليس قد اختفى بين لحييها فرد آدم على الحية هذا من غرور إبليس لعنه الله. فلما يئس إبليس من قبول أمره منه، عاد إلى حواء وهو بين لحيي الحية، فخاطب حواء من حيث يوهمهما أن الحية هي التي تخاطبها. وقال: يا حواء أرأيت هذه الشجرة وابشرى، بأنك إن تناولتها قبل آدم كنت أنت المسلطة عليه الآمرة الناهية. قالت حواء: سوف أجرب هذا، فرامت الشجرة، فأرادت الملائكة أن تدفعها عنها... إلى أن قال: فصدقت الحية، فقالت: يا آدم ألم تعلم أن الشجرة المحرمة علينا قد أبيحت لنا، فتناولت منها إلى أن تناول، فأصابهما ما قال الله تعالى في كتابه: (فأزلهما الشيطان عنها). فقلنا: يا آدم، ويا حوا، ويا أيتها الحية، ويا إبليس (إهبطوا بعضكم لبعض عدو) آدم وحواء وولدهما عدو الحية وإبليس، وأولادهما أعداؤكم (ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين) منزل ومقر ومعاش ومتاع ومنفعة إلى حين الموت (73).

تنبيه

وفي جملة من الروايات الموجودة في " تفسير القمي " (74) وفي كتب الصدوق عليهما الرحمة (75) و " الكافي " - رضي الله عنه (76) -، المختلفة سندا، وفيها عالي السند، عن المعصوم (عليه السلام): أن الجنة التي كانت فيها جدتنا وآدم (عليهما السلام)، غير الجنة التي وعد المتقون، وأنها من جنان الدنيا تطلع فيها الشمس والقمر، ولو كانت من جنان الخلد ما خرج منها أبدا، وفيها أن لكم في الأرض مستقرا ومقاما إلى يوم القيامة، فيؤيد العقل النقل إلى هنا من جهتين، كما أشير إليه.

ومن جهة ثالثة: حيث قال علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " إن موسى (عليه السلام) سأل ربه أن يجمع بينه وبين آدم (عليه السلام)، فجمع... إلى أن قال: قال الصادق (عليه السلام): فحج آدم موسى (عليه السلام) " (77). وفيه إشارة - بل دلالة - على أن آدم في القرآن العزيز هي الآدمية الكلية السعية الموجودة في بني آدم، كما أن الشيطان هي الشيطنة المعجونة معها، والله العالم، وقد ثبت في محله صحة إطلاق المشتق على المصاديق الذاتية، فيقال للبياض: أبيض، وللوجود: موجود، وللمنور: نور... وهكذا.

ومن جهة رابعة: فيها بعض المراحل العقلية والمراتب العلمية، التي وصلت إليها أفكار المحققين من آخر الزمان، ففي " الكافي " عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " سمعته يقول: أمر الله ولم يشأ، وشاء ولم يأمر، أمر إبليس أن يسجد لادم، وشاء أن لا يسجد، ونهى آدم عن أكل الشجرة وشاء أن يأكل منها، ولو لم يشأ لم يأكل " (78). ويكفي لعلو سنده علو متنه كما هو المحرر في قواعدنا الأصولية والحكمية، وهذا أمر صحيح، لأن متعلق الإرادتين مختلف، ولا يلزم الجزاف ولا المجاز. كما في " الكافي " عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: " إن لله إرادتين ومشيتين: إرادة حتم وإرادة عزم، ينهى وهو يشاء، ويأمر وهو لا يشاء... " (79) إلى آخره، وأنت خبير بأن متعلق كل من الإرادتين متحقق، لأن الإرادة الأولى تعلقت بالأمر، لا الائتمار، ولا فعل العبد، وإرادته الثانية تعلقت بعدم مشية نفسه، وهو في الحقيقة لا يشاء بنحو السلب المحصل، كما عليه المحققون في تفسير المشية والقدرة خلافا للغافلين، حيث قالوا: هي إن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل. وهذا غلط، بل الصحيح ما في الخبر: " ولو لم يشأ لم يأكل " (80)، فاغتنم. وحيث لا يمكن حدوث شئ - جوهرا كان أو صفة - إلا بحكومته، فلا يتحقق إرادة العبد الذليل، وهذا من غير أن يلزم الجبر " أين نه جبر است أين همان جبارى است "، وتفصيله في محله. (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم) ففي " الكافي " بإسناده عن ابن أبي عمير، عن أحدهما عليهما السلام، قال: " لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك، عملت سوءا وظلمت نفسي، واغفر لي وأنت خير الغافرين، لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك، عملت سوءا وظلمت نفسي، فاغفر لي وارحمني وأنت خير الراحمين، لا إلى إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك، عملت سوءا وظلمت نفسي، فاغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم " (81).

وقال الكليني: وفي رواية أخرى في قوله عز وجل: (فتلقى آدم...) إلى آخره، قال: " سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلى الله عليهم " (82)، وبمثله خبر ابن بابويه (83)، وبمثل الأول رواية العياشي (84)، بل فيه ما يقرب من الأخير (85)، وهكذا عن ابن شهرآشوب (86). (قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) العياشي عن جابر، قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن تفسير هذه الآية في باطن القرآن؟قال: تفسير الهدى علي (عليه السلام)، قال الله فيه (فمن تبع هداي...) (87) "، إلى آخره. وعن فضائل ابن شاذان، عن الصادق (عليه السلام) عن الفرات، قال في الأعاجيب: ومنه قوله تعالى: إن عليا هو الهدى وربما يشعر إليه قوله تعالى: (إن علينا للهدى). وعن العسكري (عليه السلام): (قلنا اهبطوا منها جميعا) كان أمر في الأول أن يهبطا، وفي الثاني أمرهم أن يهبطوا جميعا لا يتقدم أحدهم الآخر، والهبوط إنما كان هبوط آدم وحواء من الجنة، وهبوط الحية أيضا منها، فإنها كانت من أحسن دوابها، وهبوط إبليس من حواليها فإنه كان محرما عليه دخولها. (فإما يأتينكم) وأولادكم من بعدكم (مني هدى) يا آدم ويا إبليس (فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، لاخوف عليهم حين يخاف المخالفون، ولا يحزنون إذا يحزنون. (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) الآيات الدالات على صدق محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) على ما جاء به من أخبار القرون السالفة، وعلى ما أداه إلى عباد الله من ذكر تفصيله لعلي وآله الطيبين، أولئك الدافعون لصدق محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في إنبائه، والمكذبون له في نصب أوليائه (88)، علي سيد الأوصياء والمنتجبين من ذريته الطيبين الطاهرين.

وعلى مسلك أرباب الحديث وأصحاب التفسير الأولين: (وقلنا يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) فعن ابن عباس وابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أن عدو الله إبليس أقسم بعزة الله ليغوين آدم وذريته وزوجته، إلا عباده المخلصين منهم، بعد أن لعنه الله، وبعد أن اخرج من الجنة، وقبل أن يهبط إلى الأرض. وعلم الله آدم الأسماء كلها (89). وعنهم أيضا كلهم: فأخرج إبليس وأسكن آدم الجنة، فكان يمشي فيها وحشا ليس له زوج يسكن إليه، فنام نومة، فاستيقظ وإذا عند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه، فسألها من أنت؟فقالت: امرأة. قال: ولم خلقت؟قالت: تسكن إلي. قالت له الملائكة ينظرون ما بلغ علمه: ما اسمها يا آدم؟قال: حواء. قال: ولم سميت حواء؟قال: لأنها خلقت من شئ حي. فقال الله تعالى له: يا آدم... إلى آخره. وقال آخرون: خلقت قبل أن يسكن آدم الجنة، فعن ابن إسحاق فيما بلغنا عن أهل التوراة وغيرهم من أهل العلم. عن ابن عباس وغيره: أنه أخذ ضلعا من أضلاعه من شقه الأيسر، ولأم مكانه لحما، فسواها امرأة، فلما كشف عن آدم السنة رآها إلى جنبه، فقال: لحمي ودمي وزوجتي، فسكن إليها، فلما زوجه الله تعالى، وجعل له سكنا من نفسه. قال: (وقلنا يا آدم...) إلى آخره وعن ابن عباس وابن مسعود وناس من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): الرغد: الهنئ، وعن مجاهد قال: هو لاحساب عليه، وعن ابن عباس: سعة المعيشة. وعن قتادة: إن البلاء الذي كتب على الخلق كتب على آدم، كما ابتلي به الخلق قبله... إلى أن قال: فما زال به البلاء حتى وقع بالذي نهي عنه.

فعن ابن عباس: الشجرة هي السنبلة، وعن أبي مالك، قال: هي السنبلة، وهكذا عن عطية وقتادة، وعن ابن عباس، عن أبي الخلد: أن تلك الشجرة هي السنبلة، الشجرة التي تاب عندها آدم هي الزيتونة، وزوجته أيضا أكلت من السنبلة. وعن مجاهد عن ابن عباس: هي البر: وعن وهب بن منبه اليماني: هي البر، وهي مقالة أهل التوراة، وتلك الحبة في الجنة ككلى البقر، ألين من الزبد وأحلى من العسل. وعن يعقوب بن عتبة: أنه حدث أنها الشجرة التي تحتك بها الملائكة للخلد. وعن ابن عباس: هي الكرمة، وتزعم اليهود أنها الحنطة، وهكذا عن السدي، وعن جعدة بن هبيرة: هو العنب، وعنه أيضا: هو الكرم، وعنه أيضا: هي الخمر، وعن سعيد بن جبير: هو الكرم، وقال محمد بن قيس: عنب، وعن ابن جريح، عن بعض أصحابه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: تينة، والأشبه عندي هي الشجرة الملعونة في القرآن وهي الأباطيل. (فأزلهما الشيطان عنها) فعن ابن عباس: أغواهما، وبذلك تطرد قراءة " فأزالاهما " وقد اطعب نفسه الطبري وغيره في إبطال هذه القراءة غافلين عن أن قوله تعالى: (فأزلهما الشيطان عنها) مذكور فيه الفاعل، فلا تغفل. (فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو) فعن أبي صالح، قال: آدم وحواء وإبليس والحية. وعن السدي: فلعن الحية، وقطع قوائمها، وتركها تمشي على بطنها، وجعل رزقها من التراب. وأهبط إلى الأرض تلك الأربعة. وعن مجاهد تلك الثلاثة ولم يذكر حواء.

وهذا يؤيد مقالتنا في وجه، وهو أنها آدم فإن المنظور هي الآدمية الشيطانية والملكية المخمورة طينتها. ثم قال مجاهد: ذرية بعضهم أعداء بعض. وعندي - احتمالا -: أن الحية وحواء هي الجهة الدنيوية المقترنة بتلك الطينة. وعن أبي العالية: يعنى إبليس وآدم، وعن ابن عباس تلك الأربعة، وعن ابن زيد قال: لهما ولذريتهما. (ولكم في الأرض مستقر) فعن أبي العالية، قال: هو قوله تعالى: (الذي جعل لكم الأرض فراشا). وهذا يؤيد ما ذكرناه: أنه مقابل الجبال والسماء. وعن الربيع: هو قوله تعالى: (جعل لكم الأرض قرارا) وهذا أيضا مثل ما مر قويا. وعن السدي: هي القبور، وهكذا عن ابن عباس، وعن ابن زيد، قال: مقامهم فيها. (ومتاع إلى حين) فعن السدي: بلاغ إلى حين الموت، وعن ابن عباس، قال: الحياة، وعن آخرين: إلى قيام الساعة، وعن جماعة أخرى، قالوا: إلى أجل. (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم) فعن ابن زيد: فلقاهما هذه الآية: (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) (90). وعن ابن عباس: أي أي رب ألم تخلقني بيدك؟قال: بلى، قال: أي رب ألم تنفخ في من روحك؟قال: بلى، قال أي رب ألم تسكني جنتك؟قال: بلى، قال: أي رب ألم تسبق رحمتك غضبك؟قال: بلى، قال: أرأيت إن أنا تبت وأصلحت أراجعي أنت إلى الجنة؟قال: نعم. قال: فهو قوله تعالى: (فتلقى آدم من ربه كلمات). وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: مثله، وعن قتادة، قال: يا رب أرأيت إن أنا تبت وأصلحت؟قال: إني إذا راجعك إلى الجنة، وعن الحسن: أنهما قالا ما عن ابن زيد. وعن أبي العالية ما عن ابن زيد وابن عباس، وعن السدي: (فتلقى آدم من ربه كلمات) أنه كذا وكذا، وهي الكلمات السابقة، وفي تفسير الطبري أيضا ما يقرب من ذلك. (قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) فعن أبي العالية: " الهدى " الأنبياء والرسل والبيان.

وعلى مشارب أهل التفسير وأرباب التفكير: (وقلنا يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة) أي جنة الخلد التي أعدت للمتقين وهو كان واجبا عليه وواجبا على حواء الإصغاء إلى أمر آدم، وليست حواء مورد الأمر الإلهي. (ولا تقربا هذه الشجرة) وهو نهي شرعي نفسي، كما ذاك أمر نفسي، فتقابل الأمر والنهي، وإنما الإباحة بالنسبة إلى خصوصية المسكن، وتلك الشجرة منهي عنها، ولا أثر للخلاف فيها مع عدم إمكان العثور عليها، بعد عدم اعتبار خبر الواحد في أمثال المسائل، ولاخبر متواتر موجود، فهي شجرة منهي عنها، وذلك الأمر والنهي تشريعيان إلهيان، كسائر الأوامر والنواهي التشريعية، وليس القرب مورد النهي بنفسه، بل هو كناية، كما مر (فتكونا من الظالمين) كي لا تكونا من الظالمين المتعدين عن حدود الله وآياته، ولا تسقطان من عين الله بالعصيان والطغيان، فإنه تعالى ينظر إليهما نظر الرحمة والمغفرة والمحبة واللطف والرأفة. وقريب منه: (وقلنا يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة) هو أمر من قبل الوسائط الحاملة للأوامر الإلهية، وهكذا النهي الآتي، فليس الخطاب بلا واسطة، نظرا إلى ضمير الجمع، ولا يكون أمرا إلزاميا وحواء مورد الأمر من باب الاطلاع على الأمر الإلهي، كما هو كذلك بالنسبة إلى آدم، وتلك الجنة جنة أهل الدنيا، وليست ما وعد المتقون، كما عليه المعتزلة، بل والإمامية على خلاف بينهم، ولا أثر يترتب عليه فعلا. (وكلا منها رغدا حيث شئتما) وهذا الأمر شاهد على أن الأمر السابق والنهي اللاحق ليسا إلزاميين نفسيين، كي يترتب عليه العصيان الممنوع على مثل آدم. (ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) بالنسبة إلى كمال نفوسهم ومصالح أبدانهم. وقريب منه: (أسكن أنت)، (وكلا منها)، (ولا تقربا)، (فتكونا من الظالمين) إنه لا يكون إلا أمر امتحان ونهي افتتان، كي يتبين حد الإنسان عن الحيوان، ويلتفت الإنسان إلى أن تمام هويته وكماله، في الصبر والاصطبار والكف والاختيار، فيكون صاحب الإرادة في مقابل الرب الجليل، ولا سيما بعد تلك النعم الكثيرة البالغة إلى حد السجود له، فالمصلحة في نفس الجعل التشريعي دون الأكل والقرب، والظلم في الخروج عن حد الإنسان بالدخول في محط الحيوان، فإن الإنسان يكلف دونه، للامتيازات الخاصة به والومضات النورية النازلة عليه، فالعصيان والطغيان يتحققان ولو كان الأمران امتحانيين حسب تلك المنظرة بالعيان.

وقريب منه: (أسكن أنت وزوجك الجنة) بحسب السكنى اللازمة في الحياة، فتكون أنت وزوجك حرين في جنس الجنات الموجودة في العالم، فيكون لك حق الاختيار، وهو من حقوق البشر بحسب المسكن، (وكلا) من تلك الجنة، فإن المالك أذن لكم، فلكم الاختيار التام، لاحتياج الإنسان إلى الأكل في الحياة وإبقائها في هذه النشأة (ولا تقربا) ولا تتخذا المكان القريب من (هذه الشجرة) مخافة الاكل منها (فتكونا من الظالمين) كي يتبين أنكما من المتجاوزين المتعدين الغير السامعين للأمر والنهي. وقريب منه: (أسكن أنت وزوجك) فيكون عليه نفقة الزوجة مسكنا في الجنة وكل أنت وزوجك، فعليه نفقتها أكلا (ولا تقربا) أي لاتقرب أنت وزوجك فإن الوفاء بالعهد وعدم تخلفها وظلمها على عهدته أيضا، فعلى آدم عهدة الزوجة في الجسم والروح والتنمية والتربية (فتكونا من الظالمين) فيكون آدم من الظالمين من جهتين: لتخلفه من ناحيته، ومن ناحية الوظيفة المقررة له وزوجته من ناحية واحدة، ولأجل هذه الثلاثة عبر بقوله: (من الظالمين) أي ظالما من جهات ثلاث. والله العالم.

وقريب منه: حيث إنه يجوز أن يأخذه الغرور والطغيان، ويتجاوز عما يليق به تجاوزا زائدا عما يتوقع عنه، وذلك لما في الآيات السابقة الشاملة لمقامه الشامخ، قال الله تعالى: (وقلنا يا آدم أسكن أنت) وتكليف شئ ضعيف على عهدتك، وهو (زوجك الجنة) في موضع فيه الخير الكثير في عدن، أو بين فارس وكرمان، أو بأرض فلسطين، أو كومرة بالشام، أو غير ذلك، وعلى كل مكان جامع لشرائط المعيشة، ومع أنه لا حاجة بعد ذلك إلى الأمر بالاستفادة واستيفاء مواد الحياة والأغذية، قال الله تعالى رحمة عليه: (وكلا منها رغدا) عيشا واسعا وأنتم في السعة، من غير كونه لازما، بل جنابكما في نهاية السعة والرحمة إلا أنه هناك شئ مكلف أنت به، وهو تكليف زوجك بعد تلك السعة العامة من جهات شتى (و) هو أنه (لا تقربا هذه الشجرة)، ومع ذلك فيه ملحوظ خيركم وصلاحكم، وروعي فيه جانبكم ومستقبلكم، لقوله: (فتكونا من الظالمين)، أي كي لا تكونا - أو لا تكونان، أو غير ذلك - من المتعدين المشابهين للأسلاف والسابقين المعلومين عندكم، فإن الله علم آدم الأسماء كلها، فيعلم أنه كان في السابق في الأرض، أي هذه الكرة، أو في الدنيا هذه المنظومة أو في الأجسام وعالمها أو غير ذلك، أي في موضع من الأرض، ويشير إلى ذلك قوله تعالى: (من الظالمين) الكافرين المتعدين المتجاوزين، وإلا فالأنسب أن يقال: فتكونا ظالمين، ولكن بعد اللتيا والتي، وبعد تلك الكرامات والمبرات العامة الروحية والجسمية، ثبت له أنه ضعيف جدا، ويستعد للانحراف اليسير كثيرا، فلا يصير مغرورا يدعي الألوهية والصنمية. نعوذ بالله العزيز.

وقريب منه: (يا آدم) توجه إلى أنك آدم، ولك الوظيفة الإنسانية وفيك الآدمية، فعليك الإصغاء إلى أوامر ربك الذي جعلك خليفة وأتاك من النعم ما لا يحصى، ولأجل أمثال هذه الالتفاتات والتوجيهات، كرر لفظة آدم، مع أنه كان يمكن أن يقال: " وقلنا: أسكن أنت " ففي ذلك إيماء أحيانا إلى ما أشير إليه. (أسكن أنت وزوجك) واتخذ في (الجنة) السكن والقرار، ولا تطرد السكينة التي تختص بالأنبياء والمؤمنين، (وكلا منها رغدا) أكلا واسعا، وتمتعا في الجنة حيث شئتما، وعيشا في سعة، وإليه يشير قوله تعالى: (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) (91) فإن الأكل أعم من الأكل اللغوي، فأنتما في الجنة ساكنين في سعة من العيش المناسب لمقامكم. نعم (لا تقربا) فقط (هذه الشجرة) المنافية لمقامكم الآدمي والإنساني الروحاني في المعالي، كي (تكونا من الظالمين) قهرا ولاعن اختيار، إلا بسوء الاختيار، وبانتخاب السبب واصطفاء الجهة المنتهية إليه، فإنه (لا ينال عهدي الظالمين) ولا يبقى على العهد الإلهي وعهد الله الباقي الدائمي. (فأزلهما الشيطان عنها)، أي عن تلك الشجرة، فإن القرب منها لم يكن منهيا عنه (فأخرجهما مما كانا فيه)، وهو المقام المحرر لهما والمنزلة المقررة الشامخة، أي مما كانا بحسب فطرة الله التي فطر الناس عليها. (وقلنا) حسب المقام المناسب للمقام الإلهي (اهبطوا) من الجنة ومما كانا فيه بحسب التقدير والفطرة (بعضكم لبعض عدو)، وذلك مثل قوله تعالى: (رب ارجعون) (92) فإن المخاطب واحد هناك، واثنان هنا، (ولكم في الأرض) وهذه الكرة (مستقر ومتاع إلى حين)، لاعلى الدوام، فإن الأرض لا تناسب الأبدية، كما لا تناسب الأزلية. وقريب منها: (فأزلهما الشيطان) المتصل والوهم الجزئي المقرون معهما (عنها)، أي الشجرة والجنة (فأخرجهما) بالإزلال والوسوسة والإغواء والإضلال (مما كانا فيه)، أي فأزلهما الشيطان عن الجنة لما لا يريد وجود هما فيها، وإنما كانت الشجرة وسيلة له (فأخرجهما مما كانا فيه) وهي الجنة الموجودة في مرتفعات الأرض، وفي الربوات اللطيفة المقدسة (وقلنا اهبطوا) بجميع معنى كلمة " الهبوط " الروحاني الفطري الإيماني والجسماني العرضي الدنيوي، وذلك لحذف متعلق الهبوط (بعضكم لبعض عدو) أي فليكن بعضكم لبعض عدوا، حسب خاصة الهبوط المذكور. (ولكم في الأرض مستقر) وفي سفح الجبال والمرتفعات ومستوى الأرض، مكان لا يتزلزل، ولا تكون فيه النيران المتوقعة من الجبال أحيانا، وذلك رحمة ونعمة منه تعالى أيضا، (ومتاع) كأمتعة الجنة التي كنتم فيها، إلا أنه متاع (إلى حين) قريب، بخلاف تلك الجنة، فإنه كان أحيانا بعيدا.

وقريب منها: (فأزلهما) أي أزل (الشيطان) كل واحد منهما الآخر، وإليه الإشارة بقوله تعالى: (شياطين الجن والإنس) (93) (عنها) أي الشجرة الامتحانية، أو الشجرة الملعونة في القرآن (فأخرجهما) أي الشيطان كل واحد منهما الآخر (مما كانا فيه) وهو المعنى المقابل للشيطان الموجود في الإنسان وفي آدم الكلي والشخصي، فإنهما كانا فيه بحسب الزمان السابق، أو بحسب المرتبة السابقة، أو بحسب المقام الأعلى من مقام الشيطنة وأرفع منها (وقلنا) بالوسائط المقررة للمكالمة والمخاطبة: (اهبطوا) هبوطا موقتا محدودا، فإنه بعد ما تاب بتلقي الكلمات من ربه رجع إلى ذلك المقام والمرتبة (بعضكم لبعض عدو)، فإن كل واحد منها أزل الآخر، فيكون عدوا له (ولكم في الأرض) ولكل واحد منكما في الأرض - التي جعلنا آدم فيها خليفة - مقام مناسب، و (مستقر) غير متزلزل، لا يزل أحدكما الآخر فيها كي يهبط لما لا وراء بعد الأرض (ومتاع إلى حين) تلقي الكلمات والقرب وقبوله، فإنه هو التواب الرحيم. وقريب منه: (فأزلهما الشيطان عنها)، أي الشجرة الغير المنهي عنها، فقربا منها (فأخرجهما) الله تعالى لعصيانهما بالقرب من تلك الشجرة، وقد كان القرب منها، فإن الشيطان أدون من أن يتمكن من الإخراج، سواء كان جنة الدنيا والآخرة، أو جنة المقام والمنزلة الرفيعة (مما كانا فيه) أي خرجا في الحقيقة - طبعا وقهرا بعد ذلك القرب المنهي عنه - مما كانا فيه، ومصحح النسبة سببية الإزلال المستند إلى الشيطان بوجه، وبعد الخروج تعلقت الحكمة الإلهية والرحمة العامة الرحمانية بل والخاصة الرحيمية، فقال: (وقلنا اهبطوا) إلى الأرض، ولا تكونوا حيارى وسكارى، وبلا مسكن ومتاع (بعضكم لبعض عدو) وقد كان إخراجه تعالى إياهما عن جهة واستحقاق وهي عداوة بعضهم لبعض، وحيث لا يفارقهما الشيطان المقرون معهما الممخور طينتهما به، انقلبت ضمائر التثنية إلى الجمع بعد ذلك، بل كان ابتداء الضمائر واحدا، حيث قال تعالى: (يا آدم أسكن أنت) ثم تبدلت إلى التثنية، فقال تعالى: (وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا)، وهكذا، وبعد الإخراج واقتران الشيطان بهما، انقلب إلى الجمع، فقال تعالى: (اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم...) إلى أن قال تعالى أيضا: (اهبطوا منها جميعا...) إلى آخره. (ولكم في الأرض) السفلى، فيكون لآدم وحواء (مستقر) بالتحقيق فيها، وللشيطان الذي أزلهما مسكن بالتبع (و) هكذا الأمر في (متاع إلى حين). وقريب منه: (فأزلهما) أورث الشيطان فيهما المزلة والعثرة (عنها) أي تلك الشجرة (فأكلا منها) فكان أكلهما منها بسبب تلك العثرة التي حصلت لهما من قبل الشيطان اللعين الرجيم (فأخرجهما مما كانا فيه) أي أخرج الشيطان وزلاله وعثره آدم وزوجه من الجنة التي كانت فيها الشجرة المنهي عنها (وقلنا) بضمير الشأن ولكون الطرف أكثر من واحد (اهبطوا) من تلك الجنة يا آدم وحواء وإبليس (بعضكم لبعض عدو)، فإن إبليس عدوهما حسب ما يستفاد من الآيات السابقة المعلوم منها تقدم آدم عليه، وهما عدو إبليس لإزلالهما وإخراجهما، وذلك المحل ليس في الأرض الموجودة بين أيدينا، فهو إما في المنظومة الشمسية، أو في الجنة الأخرى الموجودة في الفضاء وفي سائر المنظومات النجومية والشمسية (ولكم) أي ما يليق بكم (في الأرض مستقر) ما دون السماويات (ومتاع) ما، لا مطلق الأمتعة، فإنها في غير الأرض، وذلك لا أبدا، بل (إلى حين) من الأحيان التي فيها حياتكم المقدرة، الزائلة بسبب من الأسباب، كالمصادمات والزلازل والفيضانات والمصادمات وغيرها.

(فتلقى) نحو تلق خاص يناسب المتلقي والملقي بالخطور، والظهور برفع الحجب الظلمانية، أو بإلقاء المعلمين الكبار من أصناف الملائكة أو غيرهم، أي (فتلقى آدم) من وراء حجاب، و (من ربه) العام، وهو رب العالمين، أو ربه المقيد، وهو أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين، (كلمات) من صنف الأصوات أو الأنوار والأضواء الموجبة لزوال تلك الحالة التي حصلت له من القرب من الشجرة المنهي عنها، بل والموجبة لقابليته واستعداده (فتاب عليه) أي ذلك الرب، رجع إليه نظرا إلى دأبه وخصلته وكماله (إنه هو التواب الرحيم) على الإطلاق الأزماني، وعلى العموم الأفرادي، وعلى الإرسال الأحوالي، فلا قيد في كمال توبته تعالى والرحمة الخاصة الرحيمية المخصوصة به المحصورة فيه لا يشاركه فيها أحد. وقريب منه: (فتلقى آدم) العاصي المتعدي الظالم المتجاوز، فلا ينال عهده الظالمون، وهو الصنف المقرون بالشيطنة من ابتداء خلقته إلى أن تمحى الأرض (من ربه) العالي المتعالي تلقيات مختلفة وأمشاجا نبتليه، ولم تكن تلك الكلمات من سنخ واحد، وإلا كان الأنسب أن يقال: فتلقى آدم من ربه كلمة، فهي (كلمات) نكرة غير مرتبطة، لا يجمعها الأمر القريب والجنس الأدنى، فتبين من ذلك شدة تأثره وتألمه من تخلفه وكفران النعم والطغيان على المولى، مع ملاحظة ما سبق، (فتاب عليه) بقبول جبران الزلات والعثرات (إنه هو التواب الرحيم).

(قلنا اهبطوا منها جميعا) ولا يخص الهبوط بأحدكم، وهذا تكرار لما سبق، إلا أن الامتثال كأنه بعد الأمر الثاني ومواقع في هذه السورة، خلافا لما في سورة الأعراف، وفيه من الأسرار لفت النظر إلى تدلى آدم بالتوبة، وتلقي الكلمات الجابرة للخسران والعثرة (فإما يأتينكم مني هدى) من الكتب والنبوة والرسالة - الباطنية أو الظاهرية - والعقل أو النقل بشتى أشكاله ومختلف أطواره، مما ينتهي إلى الهداية بحسب الطبع والطينة، هداية حقيقية كاملة جامعة، أو ناقصة قاصرة فيها النجاح بالآخرة. (ومن تبع هداي) الخاص المضاف إليه تعالى، الخالي عن كافة الزلات المضلات والغوايات المتوسطة في الطريق، اتباعا روحيا معنويا وعمليا جوانحيا وجوارحيا. (فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) إخبار منه تعالى بأنه ثمرة هذه الهداية، أو إبداع منه تعالى وراء ذلك، فبقوله: (فلا خوف عليهم) ينتفي جميع مراحل الخوف والحزن عنهم. وقريب منه: (قلنا اهبطوا منها جميعا) فلا تكونوا من العاطلين، ولا يناسبكم بعد الأمر أن نأمر ثانيا وإن كان الامر من قبل الوسائط، فإنه تعالى قال: (قلنا) وكان آدم بعد عصيان النهي الأول وتمرده حسب المقام المناسب له، فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين، كان بصدد عصيان الأمر الآخر، وهو الهبوط إلا أن ظهور الأمر في الفور مع جواز الاستتابة، محل منع عنده، فتكررت الآية. (فإما يأتينكم مني هدى) ولا شق ثان له، كي يذكر بحذاء هذا الشق، لأن إتيان الهداية من ناحية الرب المتصدي لربوبية العالمين قطعي لاشك فيه إلا أن الإنسان لابد وأن ينظر إلى ما بين يديه، فإن يرى نفسه في الطريق المستقيم، حسب الفطرة المستقيمة الموجودة عنده، فهى هداية الله تعالى، وهي المستتبعة لثمرات عديدة، ومنها: (ومن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، وإن يجد خلافه فلا تصل إليه هداية الله، وإليه الإشارة في قوله تعالى: (والذين كفروا وكذبوا) فإنهم لم يأتهم منه الهداية، فمجئ الهداية من قبله تعالى وتقدس، ولا ثاني له، فالأمر بالكشف والاختيار (بآياتنا) التي منها قصة آدم وزوجه، وغيرها من آيات الله تعالى (أولئك أصحاب النار) وهم غير فائزين وهم أصحاب الجنة الدنيا الرذيلة الشيطانية (هم فيها خالدون)، (كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها) أعاذنا الله تبارك وتعالى. وقريب مما مر: (قلنا) حسب ما يناسبنا من المقالة، فتكون الآية من المتشابهات (اهبطوا منها جميعا) حيث كررت تشابهت الآية (فإما يأتينكم مني هدى) من الآيات التكوينية أو التدوينية، وكونها منه تعالى على الإطلاق من الموجبات للتشابه (فمن تبع هداي) اتباعا عقليا روحيا خياليا نفسيا جسديا على الأجمع الأكتع الأبصع، أو يكفي واحد، فتكون الآية من المتشابهات (فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) جميع مراحل الخوف والحزن في جميع المنازل السائرة في الدنيا والآخرة بسبب تلك الهداية أو بسبب نفس قوله تعالى: (فلا خوف عليهم...) إلى آخره فالآية متشابهة، مع أن قوله تعالى: (فإما) بلا عديل أيضا مشتبه غير معلوم، وبعيد من المتعارف والعربي المبين (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا) مع علمهم بأنها آياته لا معنى للكفر والتكذيب، ومع الشك لابد وأن يكذب ويكفر، فالآية من المتشابهة (أولئك أصحاب النار) ربما كان صاحبها كمالكها، فإنه أيضا صاحبها، وطبعا (هم فيها خالدون)، فإذا كانت الآيات مشتبهة ومرفوعة شبهاتها بالآيات الاخر، يجوز دعوى أن جميع القرآن متشابه، ويرتفع ذلك بالعرض على أهله، فافهم آيات الله، ولا يجوز أن يكفروا بها ويكذبوها. والله العالم.

وعلى مسلك العارف والحكيم الإلهي: (وقلنا) بمقالة ربما جف القلم بها، ولم تجف إلى يوم القيامة العظمى حسب الاندماج نهاية البساطة الوجودية: (يا آدم) الكلي السعي الجامع لجميع الشتات الابتدائيات والبدايات والغايات في الحركتين النزولية والصعودية (أسكن) بعد الوصول إلى الغاية القصوى، وهو الوجوب الذاتي، وهي علة العلل الغائية (أنت) في تلك المنزلة الرفيعة (وزوجك) الموجود تحت ظلك، وهي الماهية المزوجة إياه، فإن كل مركب زوج تركيبي (الجنة) الدنيوية، فإن ما وراء الله هي الدنيا (وكلا منها رغدا) من الإجمال في عين التفصيل، أي أسكن أنت وزوجك الجنة، وكلن يا آدم من تلك الجنة غير الإلهية في جانب جنبة " يلي الخلقي " للموجودات " رغدا " واسعا، كي يشتمل على كافة الماهيات في مختلف المنازل الأسمائية والسماوية والأرضية، (حيث شئتما)، فيملأ الأرض عدلا، ويملأ كل زاوية من زوايا العوالم العلوية والسفلية، ولا تقربن (هذه الشجرة) في تلك الجنة الواسعة المحاطة، الموجودة فيما بين يديك في السير النزولي والصعودي، فتكونن (من الظالمين) المتعدين المتجاوزين، البالغين إلى مقام لا يصل إليه إلا من خرج عن الآدمية، برفض جلباب البشرية والحجب الملكية والجبروتية، فتلك الشجرة ملعونة بعيدة غاية البعد، والمادة والهيولي أبعد كل شئ، وأوسع مما بين الأرض والسماء، إلا أنها مركب الوصول إلى السفر الرابع الذي فيه جميع الخيرات والجنات، فالتجاوز عن النهي الإلهي بالقرب منها، عين الحركة الحقيقية الذاتية التي بها وجدت الأرض والسماء وحدث عالم المادة والصور، فالنهي مقدمة، والظلم والتعدي عن المحدودية مقتضى المقدرات البدوية والقضاء الحتمي الإلهي، وكان الإنسان ظلوما جهولا، فيه غاية قوة الجهالة، وبها يتمكن من الوصول إلى نهاية القدرة الكلية الإلهية الواسعة.

(فأزلهما الشيطان عنها)، أي الشجرة، والشيطان هو الشيطان السعي العام والوهم الكلي الشامل، وهما الوجود الظاهر ب? " بسم الله "، والمقرون بزوجته الظلية غير الأصيلة في عين الكثرة التامة، وبصيرة الانبساط على الأعيان الثابتة الملازمة للأسماء الإلهية، وعند ذلك تمكن الشيطان من إخراجهما (مما كانا فيه) من الإجمال في عين التفصيل، ومن الاندماج في عين الانبساط. (فأخرجهما مما كانا فيه) من الرتبة والشرف والوحدة الظلية البسيطة، غير المنبسطة على تلك الرؤوس والأعيان. (وقلنا اهبطوا) فبه وقع الهبوط، كما أن ذلك كان من مرتبة ذلك آدم الإجمالي الاندماجي، ولذلك قيل: (وقلنا). (بعضكم لبعض عدو) بالضرورة، فإن الوجود عدو الماهية، والخير عدو الشر، والجهات السعية عدوة للجهات المحدودة، وخضر وموسى لا يجتمعان على أمر قد قدر. (ولكم) في الهيولي والبدن الجزئي والكلي في المادة والمدة وفي المرتبة السفلى السابعة، وهي نهاية الحركة النزولية الحاصلة من الحركات العامة السبعة السماوية (في الأرض مستقر) مستودع (ومتاع) من المجذوب الحقيقي، أي الذات الجاذبة، فإنها العاشق والمعشوق حقيقة، فيكون لكم (متاع إلى حين) الوصول إلى حد غير محدود ومنزلة (لا تثريب عليكم اليوم) وهذه الطاقة والإمداد الغيبي والمتاع، مبدأ تلك الحركة العامة في العالمين، كي تصل الموجودات إلى غاياتها ونهاياتها الأسمائية الذاتية، فدائم هذا التنزل والخروج والحركة والصعود والهبوط والرجوع، وإنما الاستقرار متاع مستودع، يؤخذ إلى حين تحرر له بالقضاء والقدر الإلهي من الموت الطبيعي والاختياري. (فتلقى) وتعين عينه الثابتة بما كان له من الكمالات المناسبة له، بعد التنزل إلى مرحلة هي شرط وصوله إلى تلك التعينات، وهذا اللقاء والتلقي في القوس الصعودي طبعا (آدم) على الجهة المشتركة العامة الطبيعية والماهية الكلية، الراجعة إلى اللطيفة القابلة للانطباق على جميع الأفراد لكثرة لطفه، فإنها هي مناط الاشتراك عند أرباب المعرفة والإيقان وأصحاب الشهود والإيمان (من ربه) المقيد، كي يتلقى بعد ذلك من ربه المطلق، وهذا بعد رفض الخطيئة والسيئة والعصيان والطغيان بالتوبة والرجوع، الذي هو مظهر رجوع الله تعالى في المظاهر، كسائر تجلياته في الخلق الكلي (كلمات) خاصة طبية يتداوى بها آدم من مرضه الروحاني والنفساني وسائر الأمراض والأعراض البدنية والشهوية والغضبية والشيطانية، ويهدم بها الموانع في الطريق الموصل فهي كلمات خاصة عينية خارجية، هي عين الذهنية الإلهية، وهي نورانية تدفع الظلمات الاكتسابية والطبيعية، الحاصلة من الأرحام غير المطهرة والأصلاب غير الشامخة، ولأجل هذا التلقي صار صالحا ويصلح لأن يتوب إليه (فتاب) الله (عليه) لما لا بخل ولا جهالة ولا عجز ولا جزاف في تلك الناحية المقدسة الإلهية والربوبية، وهذه التوبة تكوينية، فإنه تعالى إرادته فعله، فضلا عن غيرها، فتوبته أيضا من لوازم تلك الإرادة، كما أن جميع الكمالات الأولية والثانوية العينية الخارجية، نفس إرادته وفعله، وما ذلك الرجوع منه تعالى عليه إلا لأنه التواب الرحيم، وفي إرداف التواب بالرحمة مع ابتلاء آدم بالغضب، لأنها سبقت غضبه، وكان في ذلك الغضب رحمة، فلا يكون منه إلا الخير، فإن الوجود خير محض لا يشوبه شر قط.

(وقلنا اهبطوا) فإن الهبوط كلما كان أكثر، والبعد كلما كان أشد وأذل وأضل وأغرب إلى أن يصل إلى مادة المواد، فمنها يكون للصعود أصلح، وللحركة نحو الكمال المطلق أوفق وأحسن وأمتن، وفي الاستقامة على الصراط - الممتد من تلك المادة التي هي قوة الحركة - يكون آدم المتحرك أقوم وأصلب، وقد هبط أولا إلى مرحلة، ثم إلى آخر المراحل جميعا، بحيث لا وراء لها إلى صرف العدم، فإذا هبط من المحل الأرفع وانكسرت أنانيته انكسارا وتخضعا لازما، وهويته اقترنت بتلك الرذيلة، شرع لأن يأتي من ناحيته تعالى الإمدادات الخاصة، بقوله: (فإما يأتينكم مني هدى) تتحد فيه جميع الهدايات الجامعة - الطولية والعرضية الأزلية والأبدية - ولا عديل لهذه الجملة، لأنه لا يأتي من قبله تعالى إلا الهداية، التي هي معراج الروح والبدن، ومعجون الحقيقة والرفيقة، ورفرف الوصول إلى أوعية الملكوتيين والجبروتيين واللاهوتيين والهاهوتيين، برفض وعاء الناسوتيين، فيصير مجردا عن السفرة الأولى باعتبار، وعن الثانية باعتبار عندنا حررنا تفصيله في " قواعدنا الحكمية "، وهذه الأوكار في سيرة على الصراط المستقيم الممتد تحت الجحيم إلى فوق السماوات أجمعين. (فمن تبع هداي) وهدايتي الواحدة الذاتية الأحدية العنقائية العمائية، فإنه هداه تعالى غير هداية سائر الناس والأشخاص السفلية والعلوية، فإنه هداية الله على وجه أبسط منه، فإن ضمير الواحد المتكلم معنى ولفظا، وبسيط الحقيقة كل الأشياء، ففيه كل الهدايات، وسائر الهدايات تخيل الهداية، وتسويلات من الهداية الإلهية، وعندئذ صح أن يقال: (فلا خوف عليهم) معلولا (ولا هم يحزنون) من العلة وغيرها بجميع مراتب الخوف والحزن، وفي جميع مراحل الحركة العشقية المجذوبة الحقيقية رزقنا الله تعالى.


1- آل عمران (3): 33.

2- الأعراف (7): 11.

3- آل عمران (3): 59.

4- الأعراف (7): 189.

5- البقرة (2): 265.

6- الكهف (18): 35.

7- سبأ (34): 15.

8- الكهف (18): 32.

9- الأعراف (7): 22.

10- النساء (4): 43.

11- الأنعام (6): 151.

12- الأنعام (6): 152.

13- الإسراء (17): 32.

14- البقرة (2): 187.

15- البقرة (2): 222.

16- التوبة (9): 28.

17- الأعراف (7): 22.

18- الرحمن (55): 6.

19- الواقعة (56): 52.

20- الإسراء (17): 60.

21- طه (20): 120.

22- القصص (28): 30.

23- الصافات (37): 64.

24- القصص (28): 21.

25- الأحزاب (33): 72.

26- آل عمران (3): 182.

27- النحل (16): 94.

28- البقرة (2): 209.

29- الأنعام (6): 112.

30- القصص (28): 15.

31- المجادلة (58): 19.

32- فاطر (35): 6.

33- الأعراف (7): 22.

34- طه (20): 121.

35- البقرة (2): 74.

36- هود (11): 48.

37- البقرة (2): 61.

38- الرعد (13): 31.

39- الحاقة (69): 14.

40- المزمل (73): 14.

41- الإسراء (17): 37.

42- الكهف (18): 47.

43- الأعراف (7): 24.

44- طه (20): 123.

45- المؤمنون (23): 99.

46- من أبيات امرئ القيس.

47- آل عمران (3): 45.

48- الزخرف (43): 28.

49- النساء (4): 171.

50- البقرة (2): 124.

51- آل عمران (3): 96.

52- النحل (16): 102.

53- فصلت (41): 30.

54- راجع الكافي 2: 179 / 1.

55- العنكبوت (29): 33.

56- البقرة (2): 106.

57- البقرة (2): 118.

58- البقرة (2): 248.

59- البقرة (2): 259.

60- آل عمران (3): 49.

61- المائدة (5): 114.

62- الأعراف (7): 73.

63- يونس (10): 92.

64- يوسف (12): 105.

65- الإسراء (17): 12.

66- البقرة (2): 167.

67- المائدة (5): 37.

68- الحج (22): 22.

69- السجدة (32): 20.

70- المؤمنون (23): 107.

71- الأعراف (7): 20.

72- الأعراف (7): 21.

73- راجع التفسير العسكري المنسوب إلى الإمام (عليه السلام): 221 - 224 / 103 و 104.

74- راجع تفسير القمي 1: 43.

75- راجع علل الشرائع: 600 / 55.

76- راجع الكافي 3: 249 / 2.

77- راجع تفسير القمي 1: 44.

78- راجع الكافي 1: 205 / 3.

79- راجع الكافي 1: 205 / 4.

80- راجع الكافي 1: 205 / 3.

81- راجع الكافي 1: 207 / 472.

82- نفس المصدر.

83- راجع معاني الأخبار: 125، والخصال 1: 299 / 8.

84- راجع تفسير العياشي 1: 59 / 25.

85- راجع تفسير العياشي 1: 59 - 60 / 27 و 28.

86- راجع تفسير البرهان 1: 89 / 15، ومناقب آل أبي طالب 1: 283.

87- تفسير العياشي 1: 60 / 29.

88- راجع التفسير العسكري المنسوب إلى الإمام (عليه السلام): 224 - 227 / 105 و 106.

89- راجع حول جميع الأقوال والروايات إلى تفسير الطبري 1: 229 - 247.

90- الأعراف (7): 23.

91- البقرة (2): 188.

92- المؤمنون (23): 99.

93- الأنعام (6): 112.