بحث فقهي
حول عدم اشتراط كون المبيع أو الثمن عينا: قد اشتهر بينهم: أن حقيقة البيع وماهية الاشتراء متقومة بالمبادلة بين الأعيان (1)، وذهب جمع منهم إلى كفاية كون المبيع عينا دون الثمن (2)، واخترنا في محله أن في ماهية البيع والاشتراء ليس هذا ولا ذاك (3)، ومن أدلتنا هذه الآية الشريفة وأمثالها، فإنه وإن كان الاستعمال في المقام من المجاز، إلا أن الاستعارة والمجاز لا يصح في كل مقام، ضرورة اعتبار التناسب بين المعنى الحقيقي والمعنى الاستعاري، وأنه لابد وأن يساعد الاعتبار عليه، وعندئذ يستفاد من الآية: أن ماهية الاشتراء ليست متقومة بكونها مضافة إلى الأعيان ومتعلقة بها، لأن الضلالة والهدى من المعاني. وأما دعوى: أنه من باب الادعاء، وكأنه ادعى ضمنا أن الضلالة عين تباع وتشترى، وهكذا الهداية مثلا، فوقع بينهما المبادلة والاستبدال. فهي غير نقية جدا، لاستبعاد الناس ذلك، ويكون هذا من الدعوى بلا مصحح، فإن في دعوى أن زيدا أسد، لابد من مصحح لها، وهي الشجاعة، ولا مصحح في المقام. وتوهم: أن النظر في الادعاء إلى تصحيح استعارة لفظة " الاشتراء "، فاسد بالضرورة. فمن هذه الآية نستخرج جواز بيع ما لا يعد عينا، كما في بيع " السرقفلية " التي هي من الأمور المتعارفة في هذه الأعصار والأمصار.
1- الحدائق الناضرة 18: 429.
2- مفتاح الكرامة 4: 148 / السطر 6، المكاسب، الشيخ الأنصاري: 79 / السطر 2.
3- البحث حول شرائط العوضين من كتاب " البيع " للمصنف (قدس سره) مفقود.