الإعراب والنحو

قوله تعالى: (أولئك) مبتدأ حسب المشهور، وإشارة إلى ما هو المبتدأ والمخبر عنه حقيقة، كما هو المحرر في محله، وحيث إنها تشير إلى العناوين الأخر والأفراد الخارجية، تكون كلمة " الذين " خبرا، ويحتمل كون كلمة " الذين " - بمفادها - المشار إليها، فيكون جملة قوله تعالى: (اشتروا الضلالة) صلة، وجملة (فما ربحت تجارتهم) خبرا. وقيل: إن قوله تعالى: (فما ربحت تجارتهم) جزاء الشرط المستفاد من جملة (أولئك الذين)، كقوله تعالى: (الذين ينفقون أموالهم...) إلى قوله: (فلهم أجرهم) (1)، وكقولهم: " الذين يدخلون الدار فلهم الدرهم " (2). وقد صرح الشارح الرضي في موضع بصحة قولنا: زيد فقائم (3)، فكون الفاء داخلة في الخبر غير بعيد في نفسه. إلا أن الأقرب - كما تحرر منا - أن الفاء عاطفة، تعطف الجملة على الجملة، من غير كونه من العطف على محل أو غيره. وإن شئت قلت: في مثل عطف الجملة على الجملة غير المرتبطة بالثانية، لا معنى للعطف واقعا، وأما فيما نحن فيه فلمكان الترتب والسببية والعلية المتوهمة بين الجملتين، صح عطف الثانية على الأولى، لأنها مترتبة عليها. ولأجل عدم الترتب بين الجملة الثالثة والثانية عطفت الثانية بالواو، فقال: (وما كانوا مهتدين)، أي وما كان أولئك، أو ما كان المشار إليه بأولئك، أو ما كان الذين اشتروا الضلالة بالهدى، وبناء عليه يكون لفظة " كان " ناقصة و " مهتدين " خبرها. وفي " مجمع البيان " قال: و " كان " ما هو فعل حقيقي يدل على زمان وحدث، كقوله تعالى: (إلا أن تكون تجارة) أي تحدث (4). انتهى. وغير خفي: أن قوله تعالى: (إلا أن تكون تجارة) منصوب، وقد قرئ بالرفع (5)، وعلى النصب يكون خبرا، والمبتدأ واسم كان محذوف. وما في كلام ابن حيان: من عطف جملة (فما ربحت) على صلة (الذين) (6)، خال عن الذوق السليم، لأن معناه يصير على وجه لا يحصل الترتب بين الجملتين، كما لا يخفى.


1- البقرة (2): 274.

2- راجع البحر المحيط 1: 72.

3- راجع شرح الكافية 1: 101.

4- مجمع البيان 1: 143.

5- راجع البحر المحيط 3: 231.

6- البحر المحيط 1: 72.