في النحو والإعراب

قوله تعالى: (وإذا) كما يمكن أن يكون عطفا على سابقه وأسبقه، يمكن أن يكون استئنافا، لاختلاف المعنى، ولإمكان كون المتأخر في النزول متقدما بحسب المفاد، ولا برهان على أن المؤمنين كانوا يواجهون اليهود أولا وفي الزمان المتقدم، واليهود واجهت المؤمنين في الزمان المتأخر بتخيل اقتضاء الآيات ذلك. والبحث حول القضية الشرطية وبعض مسائلها قد مضى في الآيتين السابقتين. قوله تعالى: (قالوا آمنا) حذف المفعول، وسيظهر في بحوث البلاغة ما هو مفعوله. قوله تعالى: (وإذا خلوا إلى شياطينهم) استئناف، لا بمعنى الابتداء بما لا يرتبط بالأولى، بل بمعنى أنه ليس عطفا على شئ حتى يدخله العامل، وقد مضى أن عطف الجملة على الجملة مما لا معنى له رأسا. وكما يحتمل كون (إلى شياطينهم) في حكم المفعول لقوله تعالى: (خلوا) يمكن أن يكون في حكم المفعول الثاني بحذف المفعول الأول، أي وإذا خلوهم إلى شياطينهم، أي إذا صاروا في خلوة منهم - أي المؤمنين - وذهبوا إلى شياطينهم. وقيل: " إلى " هنا بمعنى " مع "، أي خلوا مع شياطينهم، كما كثر ذلك في غير مقام (1)، وسيظهر بعض البحث عنه في البحوث الآتية. قوله تعالى: (معكم) إما جار ومجرور، كما هو التحقيق، أو مضاف ومضاف إليه، كما يظهر من بعض النحاة (2)، فيكون عليه الجواب عن هذه الإضافة: هل هي لفظية، أو معنوية، أم هي شق آخر منها، وعلى كل تقدير لابد من التقدير، لعدم إمكان الإخبار عن المعية مستقلا إلا بالفعل، أي إنا نكون معكم، وذلك لعدم الهوهوية بين المبتدأ والخبر، كما لا يخفى.


1- البحر المحيط 1: 69، روح المعاني 1: 157.

2- انظر مغني اللبيب: 173.