بحث كلامي

حول علم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): اختلف الكلاميون في علمه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنه يشبه في العلم بالله تعالى إلا في جهة الذاتية والغيرية، أو أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يعلم الغيب إلا من قبل الوحي، ولا يعلم باستثنائه، أو أنه عالم بكل شئ بعلم اختياري، إن شاء علم، وإن لم يشأ لم يعلم. وربما يستفاد من هذه الآية الشريفة المقالة الأولى، وذلك لأن خداع الرسول لما كان من قبيل خداع الله تعالى، وكان هو (صلى الله عليه وآله وسلم) عارفا بخداعهم من غير طريق الوحي، كما أنه تعالى يعلم بغيره، حذف اسمه (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه الآية إيماء إلى أن خداع الله والرسول من باب واحد، ولو كانت الآية هكذا: يخادعون الله ورسوله والذين آمنوا، كان الظاهر منها أن خداعه (صلى الله عليه وآله وسلم) كخداع المؤمنين، وفي الحذف إشارة إلى أن خداع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وخداع الله تعالى من باب واحد، وليس من الخداع على نعت الحقيقة المتقيد بكون المخدوع جاهلا بالخدعة، وحيث إنه تعالى كان عالما والرسول أيضا عالم بما قصدوه وأرادوه قبل نزول الآية، كانت خدعتهم ترجع على أنفسهم، لما لا يشعرون بذلك ولا يحسونه. ولو قيل: إن الرسول الأعظم في هذه الآية منسلك في جملة " الذين آمنوا "، فيكون خداع المنافقين متوجها إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضا. قلنا: هذا خلاف ما يستفاد من الكتاب العزيز في كثير من الموارد، وقد مر بعض منها، ولأجله ذهب ذهن المفسرين قاطبة إلى خلاف ذلك، فخداع الله وخداع الرسول واحد، وحيث إنه بالنسبة إليه تعالى ليس على وجه يستدعي جهله بالضرورة، كذلك الأمر بالنسبة إليه (صلى الله عليه وآله وسلم).