علم الأسماء والعرفان

(أولئك على هدى من ربهم) أي إن المتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون على هدى من الرب المقيد بهم، لا الرب المطلق، فإن كل موجود متحرك بالجبلة والطبيعة إلى الاسم المخصوص به، ويهتدي بهداية ربه القائم بربوبيته، فإذا كان هؤلاء من المتقين الواقعين في الرتبة الأولى من التقوى، وهو الايمان بالغيب وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والإيمان بالرسل والكتب، فهو على هدى من الرب الخاص والنعت المخصوص والاسم المعين. وأما المتقون الراقون الذين اتقوا من توهم استناد أصغر شئ إلى غير الله، والذين اتقوا من توهم وتخيل وجود غيره في الدار، والذين اتقوا من رؤية أنفسهم وذواتهم، فإن ذلك ذنب لا يقاس به ذنب، والذين اتقوا من هذه الخواطر كلا في جميع اللحظات والآنات، فأولئك على هدى من الله الرب المطلق، ويكونون مظهرا لمثله ومتدلين بالاسم الجامع والعدل، وأولئك هم الضالون المتحيرون المترنمون بقولهم: رب زدني فيك تحيرا، كما عن سيد العابدين وإمام الساجدين (1) والإنسان المتحير والكامل الواصل بالحق واليقين، وأولئك من الملائكة المتيمين في ذات الله تعالى، ويكونون من المفلحين حسب المفهوم اللغوي في عرف أرباب العلم وأصحاب الفهم، فضلا عن غيرهم. والله الهادي إلى الصواب، وهو الموفق والمؤيد.


1- راجع الفتوحات المكية 1: 420، والتجليات الإلهية، ابن العربي: 91، وشرح منازل السائرين، الكاشاني: 31.