النحو والإعراب

قد اشتهر عنهم: أن الآية عطف على سابقتها، فتكون في مورد الخفض على النعت للمتقين أو البدل، ويمكن أن تكون على النصب للمدح على القطع، أو بإضمار فعل، وعلى الرفع قطعا، أي " وهم الذين "، أو على الابتداء والخبر. ومن الممكن أن يعتبر وصفا للمتقين وقيدا أو عطف بيان، أو يعتبر وصفا للموصول السابق وقيدا أو عطف بيان. ثم إن الواو الأول والثاني حرف عطف، والأول من عطف المفرد على المفرد، والثاني من عطف الجملة على الجملة، كما لا يخفى. وأما الواو الثالثة فالظاهر أنه حرف استئناف لقوله: " يوقنون "، ومن الممكن أن تكون حرف عطف، أي ويؤمنون بالآخرة وهم يوقنون بها، وقد حذفت لدلالة كلمة يوقنون عليها.

ومن الممكن أن تكون الآية هكذا: " والذين يؤمنون بما انزل إليك، والحال أنه ما انزل من قبلك "، فتكون " ما " نافية أو استفهامية إنكارية، وبأن النازلة هي الأخيرة من النوازل والآخرة منها يوقنون، فتكون الآخرة صفة النازلة، والمقصود هو الكتاب، فعليه تكون الواو الثانية حالية، وتكون الآخرة صفة للمحذوف، ولو أريد منها النشأة الآخرة فلا محذوف، لأنها وضعت بالوضع التعيني للنشأة الآخرة، حسب ما تحرر في بحث اللغة والصرف. فما عنهم قاطبة: أنها نعت المحذوف، غير صواب قطعا. ولك أن تقول: إن كانت الباء للسببية، صح إرادة كل من المعاني الشرعية وغيرها من الإيمان، وإن كانت صلة للإيمان فهو تابع للمراد من جملة (ما أنزل إليك). والاحتمالات في " ما " ثلاثة: موصولة وموصوفة ومصدرية، وعلى الثالث يكون بأصل الوحي عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) في الأيام السابقة. والأظهر ما هو المشهور، لعدم جواز التجاوز عما صدقته العقول في هذه المواقف والمواضيع، فلا تغتر بما في معرض الذهول.