القراءة واختلافها

1 - عن الكشاف: قرأ عبد الله (ألم تنزيل الكتاب لا ريب فيه) (1).

2 - وعن سليم أبي الشعثاء، لا ريب - بالرفع والتنوين - وهو المحكي عن قراءة زيد بن علي، فيكون اسما ل? " لا " التي عملت عمل " ليس " (2).

3 - وعن ابن كثير: فيهي هدى، بوصل الهاء بالياء في اللفظ (3). وغير خفي: أن مثل ذلك لا يعد من اختلاف القراءات، لأنه يرجع إلى كيفية إعمال التجويد في مقام تحسين القراءة، واختلاف آراء علماء التجويد ليس من قبيل الاختلاف في هذه المسألة. والعجب أن " مجمع البيان " توهم ذلك وأطنب كرارا في ذكرها وبيان حججها، ولم يشر إلى سائر الاختلافات المحكية في القراءة، كما في هذه الآية الشريفة (4). وأيضا غير خفي: أن الاختلاف الأول مرمي بدعوى التحريف في الكتاب الإلهي، وذلك لأن الاختلاف في المواد والكلمات ليس من الاختلاف في القراءة التي هي ترجع إلى الهيئات أو المواد الراجعة إلى الهيئة، مثلا: إذا قرأ: (لا ريب فيه) بالرفع فهو من الاختلاف في الهيئة، ويكون داخلا في هذه المسألة أو إذا قرأ " يعلمون " بالتاء في مورد - مثلا - فهو من الاختلاف في المادة الراجعة إلى الهيئة، فإن الياء والتاء من هيئة يفعل للمضارع وهيئته، وأما تعويض " ذلك " بكلمة " تنزيل " فهو من التحريف في الكلمة الذي لا يمكن المساعدة عليه، كما لا مساعدة على اختلاف القراءة الراجع إلى التحريف في الحرف، كما إذا قرأ: " هدى المتقين " بحذف اللام، فإنه عندنا ساقط جدا، ولا يعد من الاختلاف في القراءة. وأما وجه هذه الاختلافات وتركيب هذه الآية، فقد مضى شطر من الكلام في ما يمكن أن يحوم حوله الأقلام، عند بيان إعراب فواتح السور، وقد أنهينا الاحتمالات في إعراب هذه الآية - حسب الاحتمالات المذكورة في معاني تلك الحروف - إلى الآلاف والملايين، فلا نعيدها في المقام حذرا من الإطالة والإطناب، واتقاء من الخروج عن وضع الكتاب.

4 - والوقف على " فيه " هو المشهور (5)، وعليه يكون الكتاب نفسه هدى. وعن نافع وعاصم الوقف على " لا ريب " (6) ولا ريب حينئذ في حذف الخبر، وحيث حكي عن الزجاج جعل " لا ريب " بمعنى " حقا " (7)، فالوقف عليه تام، أي ذلك الكتاب لا ريب، فيكون خبرا بعد خبر، أو يكون الكتاب بيانا للمشار إليه، و " لا ريب " خبر، وكلمة " فيه " خبر مقدم، و " هدى للمتقين " مبتدأ مؤخر. ولست أدري ما ألجأهم إلى هذا الاعوجاج في فهم الكتاب الإلهي وقراءته، ولعلهم كانوا يرون أن الكتاب ليس هدى، بل هو ما به الاهتداء وفيه الهداية، وليس نفسه ذلك إلا مجازا، فالفرار من هذه البدائع واللطائف أوقعهم فيما وقعوا فيه.

5 - قرأ الزهري وابن محيصن ومسلم بن جندب وعبيد بن عمير " فيه " بضم الهاء، وكذلك " إليه " و " عليه " و " به " ونصله ونوله، وما أشبه ذلك، حيث وقع على الأصل (8).

6 - قرأ ابن أبي إسحاق: " فيهو " بضم الهاء ووصلها بواو (9).

7 - وحكي إدغام الباء من " لا ريب " في فاء " فيه " عن أبي عمرو، ولكن رواية اليزيدي عنه هو الإظهار (10).


1- الكشاف 1: 33.

2- الكشاف 1: 35، البحر المحيط 1: 36، روح المعاني 1: 100.

3- مجمع البيان 1: 34، البحر المحيط 1: 33، روح المعاني 1: 100.

4- مجمع البيان 1: 34.

5- راجع التفسير الكبير 2: 19، وروح المعاني 1: 100.

6- التفسير الكبير 2: 19، روح المعاني 1: 100.

7- راجع روح المعاني 1: 100.

8- راجع البحر المحيط 1: 37، وروح المعاني 1: 100.

9- راجع البحر المحيط 1: 37.

10- راجع البحر المحيط 1: 37.