التحقيق

السورة عدد آياتها ما يستثنى منها الباقي المرجع العنكبوت 69 الآيات 1 - 5811 إتقان ج 1 ص 16 (1) العنكبوت 69 الآية 5751 لباب النقول ص 170 العنكبوت 69 الآية 5660 إتقان ج 1 ص 16 الروم 59 مكي الآية 5817 مصحف الجلالين (2) الروم 59 مكي الآية 1 - ألم 57 قد عرفت أنها لا تعتبر آية لأنها رمز لقمان 33 حجازي الآيات 27، 28، 3029 مصحف الجلالين (3) الآية 1 - ألم 29 لا نعتبرها آية لأنها رمز عددي مجموع هذه السور الثلاث (142) آية، وهذا يعادل وحدتين من (ألم) (71 × 2 = 142) بالضبط. السجدة 29 بصري الآيات 16 إلى 2520 مصحف الجلالين (4) الآية 1 - ألم 24 الطور 4747 المجموع (71) بالضبط، وهي تعادل وحدة من (ألم).

فلو أمكن المناقشة في بعض هذه الاستخراجات، ولكن من هذه المقارنات والضوابط يتمكن من أن يحصل الطريق إلى فهم هذه الحروف المقطعات. والله الهادي إلى سواء السبيل. سورة يس: مجموع الحرفين المقطعين (70) يلفت النظر في هذه السورة أن الآية (70) ختام لوحدة تبدو كلها تامة، ولا تحتاج المزيد، وقد يكون ما بعدها ضم إلى السورة في فترة أخرى من فترات الوحي. ويذكر ابن إسحاق في " السيرة النبوية ": أنه اعتبارا من الآية (77) إلى آخر السورة، فإنه نزل في أبي بن خلف (5)، ويؤيد ذلك " مجمع البيان " (6)، فالرمز هنا كأنه يشير إلى الوحدة الأولى من السورة. سورة ص: مجموع الحرف المقطع (90)، عدد آياتها (88) لا ينطبق مجموعها على مجموع الحرف، ولكنه قريب جدا منه، ولا تستبعد أن تكون الآيتان الناقصتان موجودتين في السورة وموجودتين في الآيتين (24، 26)، فإن الذي يبدو لنا أن نسقهما أطول من كافة آيات هذه السورة. سورة القلم، ن: مجموع هذا الحرف المقطع (50) آية بينما مجموع آيات السورة (52) آية بالإجماع (7)، ويلاحظ أن مجموع هذه السورة قد تكونت في فترات مختلفة، وهي من أول سور القرآن، ويعتقد أنها الثانية في النزول، وفي هذه السورة أقوال منها ما يفهم من محكي السيوطي في " الإتقان ": أن الوحدة الأولى من السورة - وهي (16) آية - مكية، أما اعتبارا من الآية (17 إلى 34)، فإنه مدني، وحكاه السخاوي في " جمال القراء "، ومن الآية (48) إلى آخر (50) فإنه مدني أيضا عن نفس المصدر (8).

إن هذه الأقوال تعطينا فكرة عن تكوين السورة ففيها وحدة من (16) آية مكية في أولها، يتلوها وحدة مدنية كبيرة أضيفت بعد نزولها في المدينة، ولو رفعنا هذه الوحدة المدنية، وأعدنا اتصال القسم المكي معا، فإننا نجده لا ينسجم، وكذلك إن رفعنا الآيات المدنيات الأربع (48 إلى 51) من بين القرآن المكي، فالذي يبدو لنا أن المعنى غير متصل وهذا يرينا أن تكوين السورة في حالتها الحاضرة لم يكن وليد دور واحد، بل في الغالب كان في أواخر أدوار ترتيب القرآن، غير أن الحرف المقطع (ن) نزل في الغالب مع السورة، ولابد أن الآيات المكيات في أول العهد المكي - أي قبل أن يكون هناك سور - كانت مسجلة في صحف بعضها إلى جانب بعض، وتشمل كل صحيفة منها آيات وحدة، وكان مجموعها جميعا 50 آية. فهل نجد في أقوال مؤرخي السيرة ما يلقي ضوءا على ذلك؟اعلم أنه يوجد في هذه السورة (16) آية منسجمة يدل سياقها على اتصالها بعضها بالبعض. ويذكر ابن إسحاق في " السيرة النبوية ": أن الآيات (213 - 221) في سورة الشعراء، كانت من أوائل ما نزل من القرآن (9)، وهي في موضعها الحاضر يبدو أنها ألحقت بسورة الشعراء، لاعتبارها من نفس فاصلتها وأسلوبها، مع أنها من أسلوب وفاصلة سورة القلم أيضا. ويذكر نفس المرجع: أن الآيات (90 - 94) من سورة الحجر كذلك من أوائل ما نزل من القرآن، وهي من أسلوب وفاصلة سورة القلم أيضا. ثم إننا نرى أن سورة الحجر - وهي من سور أواسط الفترة المكية - لا يبعد أنها كانت تنتهي في دور من أدوار الوحي في الآية (86) (إن ربك هو الخلاق العليم) وهي نهاية واضحة لما قبلها وجميلة جدا لأن الآية (87) (ولقد آتيناك سبعا من المثاني) مدنية (10). ويغلب على الظن أن الوحدة المبتدأة من الآية (90 - 94) إلى نهاية السورة وحدة واحدة يبلغ عدد آياتها عشر آيات، وهي التي أشار ابن إسحاق على أنها من أوائل القرآن المكي (11) فإذا حاولنا ضم آيات الحجر والشعراء المشار إليها، وهي من أوائل المكي، ويدل سياقها على أنها ليست افتتاحيات أو نهايات لسور، ولكنها نزلت متفرقة، وقد تكون بقيت متفرقة، ولكنها سجلت على صفحات أو ألواح متجاورة، وكذلك إذا رفعنا الآيات المدنيات من سورة القلم، وهي ثانية سور القرآن نزولا، فإننا نجد أنفسنا أمام الوضع التالي: يوجد لدينا (16) آية مكية، وهي صدر سورة القلم يضاف إليها (8) آيات من نهاية الشعراء، وهي الآيات (213 إلى 221)، ثم يضاف إليها (10) آيات من نهاية الحجر، وهي الآيات (90 إلى 99) ثم يضاف إليها (14) آية مكية من سورة القلم، وهي المكملة للقسم المكي بعد فصل الآيات المدنيات، وهي تبدأ من الآية (34)، وتنتهي في (47)، ثم يضاف إليها آيتان مكيتان من سورة القلم، وهما (51 و 52)، فيكون المجموع (50) آية بالضبط، وهو مجموع الرمز (ن).

ولنا إلفات النظر إلى عدة آيات: سورة القلم (52) آية، وهو قريب جدا من عدد الحرف (ن)، وهو (50)، ولعل الحادس يطلع على أن الاختلاف يكون في جانب عدد الآيات. والله العالم. سورة قاف: مجموع الحرف المقطع (100) عدد آياتها (45)، وهذا الرمز لا ينطبق على السورة. والذي نراه أن بقية الآيات مشمولة في سورة أخرى، لابد أنها كانت مسجلة بجانبها والأغلب أنها نزلت بعدها، فالحرف يشير إلى مجموع الوحدة، ولعلها سورة سبأ لأنها بشكل قوي وأسلوب ظاهر من أسلوب قاف، وهي تعتبر الثالثة والثلاثين في النزول، بينما هي الرابعة والثلاثون بحسب " رودويل "، أي يغلب على الظن أنهما متتابعتان، وهل إذا ضمتا إلى بعضهما البعض ينتج منها مجموع الرمز قاف؟إن عدد آيات سورة قاف الحالي (45) آية، وعدد آيات سورة سبأ (55) بحسب الشامي، فالمجموع (100) وهذا يعادله بالضبط. فتأمل جيدا. ويؤيد ما سبق: أن ترتيب زيد بن ثابت لسورة سبأ في مصحف عثمان، يعتبرها الرابعة والثلاثين، بينما يعتبر ابن النديم سورة قاف الثالثة والثلاثين (12)، وهذا يؤيد أن الاجتهاد كان في محله.

والله العالم الواقف على رموز كتابه، وإليه يشتكى من الجهالة. خامسها: قد تبين في الكتب الكلامية وبلغ إلى نصاب التحقيق وميقات البرهان والتدقيق، ويكون مشفوعا بالكشف واليقين، وبالمشاهدات العرفانية والمعاينات الإيمانية: أن أصول العقائد الحقة وأركان الهداية الحقيقية ثلاثة: أصل التوحيد، وأصل الرسالة، وأصل الولاية المطلقة. وأيضا قد اتضح بالكتاب عند أهله وبالسنة القطعية والتواريخ وبالأدلة القطعية: أن الله تبارك وتعالى هو الله العالم، وأن محمد بن عبد الله هو الرسول الأعظم، وأن علي ابن أبي طالب هو الولي المعظم وأبناءه المعصومين فروعه المتدلية به، والكل متدل بالرسول، والكل متدلي الذات، ومفتقر الصفات إلى الله الغني الحميد. ومن المحرر في محله والمقرر في مقامه: أن القرآن نسخة العالم بأجمعه، وجامع شتاتها بأكتعها، وهو إجمال لذلك التفصيل، ورقيقة لتلك الحقيقة، ومتحد معه، فأصل العالم وأصل العترة وأصل الكتاب واحد، وإنما الاختلاف في المجالي والمظاهر والأسماء والعناوين (إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان) (13)، فتلك الأصول الثلاثة أيضا مرجعها واحد، وحيث اقتضت السياسة الإسلامية والتقية الإلهية كتمان أمر الولي المطلق بالاسم الصريح في الكتاب الإلهي، حتى يكمل الكتاب التدويني بالتطابق مع الكتاب التكويني، ويعلم الأصل الثالث لكافة أبناء الهداية وأفراد البشر، فكأنه تكفل ببيانه وتوضيحه على الوجه الآخر الأحسن، رعاية لجميع الجهات والجوانب، ومحافظة على أصل الإسلام من أعدائه، وصيانة للكتاب الإلهي عن الانحراف والتحريف والتوهين والتكذيب، ومع ذلك كان يجب أن لا يكون خاليا عن الحق الواضح والصراط السوي والهداية الكاملة، بل وعن الصورة الأخيرة التي بها شيئية الأشياء، ضرورة أن شيئية كل شئ بصورته الأخيرة وبكماله اللائق به، كما تقرر في مظانه.

فإذا تصدى لإبانة تلك الصورة القويمة على نعت الرمز والإجمال، وعلى وجه الكناية والإبهام، حتى يهتدي من يريد الله أن يهديه ويشرح صدره وقلبه للإسلام والإيمان (فإنك لا تهدي من أحببت، ولكن الله يهدي من يشاء) (14)، وإذا كانت الهداية من البوارق الملكوتية ومن الموائد الإلهية، فلا فرق بين كون المهتدى به مرموزا عليه أو مشروحا لديه. وبالجملة: كما أن الناس ينقسمون بحسب أصل التوحيد إلى صنفين، والأكثر على الضلالة، وبحسب أصل الرسالة أيضا على طائفتين، وأكثرهم لا يعقلون، كذلك هم - حسب أصل الولاية - على قسمين، والغالب في الضلالة، فلا ثمرة في إفادة الأصل المزبور بالآيات البينات وبالسور الواضحات، بل كان يترتب عليه المفاسد الكثيرة، وهو اضمحلال الأصل الثاني بالمرة، وينسحب ذيله إلى إفناء الأصل الأول، فإن التوحيد الحقيقي هو توحيد الإسلام، ولا توحيد في سائر الأديان والشرائع، كما اتضح لدى أهله وعند أصحابه وأربابه.

إذا تبين ذلك فاعلم: أن في الكتاب الإلهي ربما أشير إلى هذه الدقيقة الإلهية والنكتة الربانية بأنحاء الإشارات والرموز، كما سيظهر في هذا السفر - إن شاء الله تعالى - ونرجوه أن يوفقنا لإتمامه على أحسن ما يمكن وأدق ما يراه، والله المستعان. مثلا: أشار إلى تلك الأصالة والولاية - حسب ما يؤدي إليه نظر أربابه وكشف أصحابه - بقوله: (كل شئ هالك إلا وجهه) (15) وبقوله: (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) (16)، وهكذا في سورة الروم والليل (17)، فإن " وجه " حسب حروف الجمل (14)، وعدد المعصومين عندنا أربعة عشر، وقد تبين في محله اتحاد الكل بحسب الروحانية والأصل، واختلافهم بحسب الجلوات في النشأة الظاهرية والمادية (18)، ومن الأماكن التي أشير فيها إلى تلك الحقيقة والمواطن التي تصدى الكتاب لإظهار هذه الرقيقة والحقيقة، الحروف المقطعة المفتتح بها السور: فإنها إذا لاحظناها بعد حذف السور المكررة فيها تلك الحروف، تكون (14) سورة:

1 - ألم، البقرة

2 - المص، الأعراف

3 - الر، يونس

4 - المر، الرعد

5 - كهيعص، مريم

6 - طه

7 - طسم، الشعراء

8 - طس، النمل

9 - يس، يس

10 - ص، ص

11 - حم، المؤمن

12 - حم عسق، الشورى

13 - ق، ق

14 - ن، القلم.

وأيضا إن المذكور فيها نصف أسامي حروف المعجم: وهي الألف واللام والميم والصاد والراء والكاف والهاء والياء والعين والطاء والسين والحاء والقاف والنون، وهي الأربعة عشر حرفا. وأيضا إذا حذف المكرر من هذه الحروف يصاغ مما بقي وينسجم منه الجملة الدالة على حقانية مذهب التشيع والأصل الثالث من الأصول الثلاثة، وهو " صراط علي حق نمسكه ". ومن العجيب ما في تفسير بعض أبناء العامة من: أن بعض الشيعة صنعوا ذلك، وقابلوها بجمل أخرى مثلها تنقض ذلك، ولكنه لم يأت بتلك الجمل ولا بواحد منها. وفي تفسير ابن كثير: أن الحروف المذكورة يجمعها قولك: " نص حكيم قاطع له سر ".

ومن كان له قلب ونور يهتدي إلى لب المقصود وهو: أن المطلوب ليس انحصار الجملة الممكن نسجها في تلك الكلمة الشريفة، ضرورة إمكان تنسيق الجمل الكثيرة منها جدا. بل النظر إلى أنها حروف تشير إلى الأصل الثالث، ولا يمكن نسج ما يكون مشيرا إلى خلافها منها. ومن العجيب - وإن لا يكون عجيبا منهم - أنهم قالوا: ولك أيها السني أن تستأنس بها لما أنت عليه، فإنه بعد الحذف يبقى ما يمكن أن يخرج منه ما يكون خطابا للشيعي، وتذكيرا له بما ورد في حق الأصحاب، وهو " طرق سمعك النصيحة "، وهذا مثل ما ذكروه حرفا بحرف، وإن شئت قلت: " صح طريقك مع السنة "، ولعله أولى وألطف. انتهى.

وغير خفي: أن الرجل ما أبرد في كلامه وفي نسجه بإظهار مرامه، ولا سيما الجملة الأولى، مع أن كونه خطابا لأبنائهم أمر خارج عنه، فلعله خطاب لأبناء الشيعة، فإنهم يقولون بالسنة، وطريقهم طريق الاخذ والتمسك بسنن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد أدى (صلى الله عليه وآله وسلم) بالسنن الكثيرة مسألة خلافة علي بن أبي طالب (عليه السلام) وإمارته ووصايته، من ابتداء نشوء الإسلام إلى العام الأخير في حجة الوداع بأساليب مختلفة وعبائر متشتتة، كلها مسطورة في كتبهم ومستورة في قلوبهم. فما أجهل هذا المفسر حيث توهم: أن اصطلاح " السنة والشيعة " في العصر المتأخر من ملامح هذه الحروف المقطعة. ولو قيل: إن أبناء العامة يعتقدون بأن صراط علي (عليه السلام) حق إلا أنهم يعتقدون أحقية صراط الثلاثة الأول، كاعتقاد الشيعة بأحقية صراط سائر الأئمة (عليهم السلام). قلنا: أما اعترافهم بأحقية الثلاثة الأول، فهو بلا دليل من السنة والكتاب، وهذا يكفينا، ولا نحتاج إلى إثبات عدم الأحقية، بل عدم ثبوت حق لهم كاف كما هو واضح. وأما الاعتراف بسائر الأئمة (عليهم السلام)، فللأخبار والأحاديث النبوية والعلوية - من طرق العامة والخاصة - الصريحة في عددهم وأسمائهم صلوات الله تعالى عليهم أجمعين.


1- الإتقان في علوم القرآن 1: 62.

2- تفسير الجلالين: 534.

3- تفسير الجلالين: 542.

4- تفسير الجلالين: 548.

5- السيرة النبوية، ابن هشام 1: 387 - 388.

6- راجع مجمع البيان 8: 434.

7- راجع مجمع البيان 10: 330.

8- الإتقان في علوم القرآن 1: 66.

9- السيرة النبوية، ابن هشام 1: 281.

10- راجع الإتقان في علوم القرآن 1: 59.

11- السيرة النبوية، ابن هشام 1: 290.

12- لم نعثر على اختيار هذا الترتيب في فهرسته.

13- النجم (53): 23.

14- القصص (28): 56.

15- القصص (28): 88.

16- الرحمن (55): 27.

17- الروم (30): 39، الليل (92): 20.

18- راجع الكافي 1: 216، وبصائر الدرجات: 500.