النحو والإعراب

مقتضى ما تحرر في الكتب النحوية

إن " إياك " نصب بوقوع الفعل عليه، وموضع الكاف في " إياك " الخفض بإضافة " إيا " إليها، و " إيا " اسم الضمير المنصوب. وقال الأخفش: لا موضع للكاف من الإعراب، لأنها حرف الخطاب، وهو قول ابن السراج (1)، وقال ابن حيان " إياك " مفعول مقدم (2).

والذي تبين لنا: أن " إياك " في حكم الكاف الذي هو حرف الخطاب، ولا يضاف " إيا " إلى ما بعده، كما مر، بل هي كلمة اعتماد. وأما كونه مفعولا، فإن أريد منه أنه مفعول به ومفعول بلا واسطة، فهو ممنوع في جملة (إياك نستعين) إذا قلنا بأن الاستعانة معناها الطلب، وفي كونه مفعولا بلا واسطة في جملة (إياك نعبد) إشكال مضى سبيله. فعلى كل تقدير هو معمول الفعل المتأخر، أو المحذوف المتقدم الدال عليه الفعل المتأخر، على خلاف فيه محرر في النحو. والذي هو الحق هو الثاني، وإلا يلزم لغوية التقديم، مع أن المتكلم بصدد بيان خصوصية في تقديمها عليه. ثم إن قوله: " نعبد " و " نستعين " مرفوع - حسب مصطلحات النحو - لوقوعهما موقعا يصلح للاسم، وتحريره في محله، وأيضا إن الواو عاطفة لجملة على جملة. وهذا عندي محل مناقشة، بل الواوات الواقعة بين الجمل حروف الفصل. وقيل: الواو هنا حالية (3)، وهو قريب بحسب المعنى، وبعيد بحسب المتبادر والمتفاهم، كما لا يخفى.


1- انظر تفسير التبيان 1: 37.

2- البحر المحيط 1: 24.

3- أنوار التنزيل وأسرار التأويل 1: 9.