تأريخه وفضائله

فهنا فائدتان: الفائدة الأولى سابقة " الحمد لله " أول كلمة ذكرها أبونا آدم هو قوله: " الحمد لله "، وآخر كلمة يذكرها أهل الجنة هو قولنا: " الحمد لله ".

أما الأول: فلما قيل: لما بلغ الروح إلى سرته عطس، فقال: " الحمد لله رب العالمين ".

وأما الثاني: فهو قوله تعالى: ﴿وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (1)، (2). ويظهر من الكتاب العزيز: أن لهذه الكلمة سابقة في الأمم السالفة، قال تعالى في سورة المؤمنون: ﴿فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ (3)، وحكاية عن إبراهيم: ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ﴾ (4)، وقال في قصة داود وسليمان: ﴿وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (5)، وقال لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم): ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا﴾ (6)، وهي الكلمة الباقية الخالدة التي يترنم بها أهل الجنة: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾ (7) ﴿وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (8). الفائدة الثانية في فضائل " الحمد لله " في " الكافي " عن الصادق (عليه السلام): " من قال أربع مرات إذا أصبح: ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، فقد أدى شكر يومه، ومن قالها إذا أمسى فقد أدى شكر ليلته " (9). ومنه عنه (عليه السلام)، " كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذا أصبح، قال ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ كثيرا على كل حال ثلاثمائة وستين مرة، وإذا أمسى قال: مثل ذلك " (10). ومنه عن علي (عليه السلام): " من قال إذا عطس: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ على كل حال، لم يجد وجع الاذنين والأضراس " (11). وفي " الخصال " عن الصادق (عليه السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " أربع من كن فيه كان في نور الله الأعظم... - إلى قوله -: ومن إذا أصاب خيرا، قال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (12). وأخرج ابن ماجة عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " ما أنعم الله على عبد نعمة فقال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ إلا كان الذي أعطاه أفضل مما أخذه " (13). وعن نوادر الأصول عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " لو أن الدنيا كلها بحذافيرها بيد رجل من أمتي، ثم قال: ﴿الْحَمْدُ للّهِ﴾، لكانت الحمد أفضل من ذلك " (14). وروى مسلم عن أبي مالك الأشعري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض " (15). وربما يوجد في أخبارنا ما يؤيد المضمون الأخير (16).

تذنيب

في أن كلمة التوحيد أفضل أم هذه الكلمة ثم إن جماعة اختلفوا في فضل " الحمد لله " و " لا إله إلا الله ": فقالت طائفة: قوله: ﴿الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ أفضل، لأن في ضمنه التوحيد الذي هو " لا إله إلا الله ". وقالت طائفة أخرى: " لا إله إلا الله " أفضل لأنها تدفع الكفر والإشراك، ولأنها الأبرأ والأبعد من الرياء، ولما عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله "، وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): " أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له " (17). والذي هو المرجع في هذه المسألة ما ورد عن الأئمة المعصومين (عليهم السلام) (18)، والظاهر أنها تدل على أفضلية كلمة التوحيد، وما وجدت ذكر ثواب معين على خصوص " الحمد لله رب العالمين "، إلا أنه يكفي لكمال فضله ما مر وما رواه " الفقيه " ابن بابويه القمي عن الرضا (عليه السلام) أنه قال: " أمر الناس بالقراءة في الصلاة لئلا يكون القرآن مهجورا... - إلى أن قال -: وذلك أن قوله عز وجل: ﴿الْحَمْدُ للّهِ﴾ إنما هو أداء لما أوجب الله عز وجل على خلقه من الشكر، والشكر لما وفق عبده من الخير " (19).


1- يونس ( 10 ) : 10.

2- التفسير الكبير 1 : 225.

3- المؤمنون ( 23 ) : 28.

4- إبراهيم ( 14 ) : 39.

5- النمل ( 27 ) : 15.

6- الإسراء ( 17 ) : 111.

7- فاطر ( 35 ) : 34.

8- يونس ( 10 ) : 10.

9- الكافي 2 : 503 / 5.

10- الكافي 2 : 503 / 4.

11- الكافي 2 : 655 - 656 / 15.

12- الخصال 1 : 222 / 49.

13- سنن ابن ماجة 2 : 1250.

14- انظر الجامع لأحكام القرآن 1 : 131.

15- صحيح مسلم 1 : 124 / 1.

16- انظر الكافي 2 : 367 / 3 ، والأمالي ، الشيخ المفيد : المجلس 29 ، الحديث 2.

17- الجامع لأحكام القرآن 1 : 132.

18- راجع الكافي 2 : 366 - 367 /.

19- 5 ، والتوحيد : 18 - 30 / 1 - 3 و 12 - 16 و 48 و 19 و 21 و 23 و 33 و 34.