الآية 81

قوله تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً﴾

القراءة:

قرأ أبو عمر بادغام التاء في الطاء. وبه قرأ حمزة: والباقون بالاظهار والفتح. وفرق الكسائي بين بيت طائفة فاظهر في الفعل وادغم في الاسم إذا قال بيتت طائفة. قال المبرد، والزجاج: لا وجه لذلك، بل هما سواء. وإنما حسن ادغام التاء في الطاء، لقرب مخرجهما. ولم يجز إدغام الطاء في التاء، لما فيها من الاطباق. وكذلك يجوز إدغام الباء في الميم في " تكتب ما يبيتون " ولا يجوز ادغام الميم في الباء نحو " لا اقسم بهذا البلد " لأنه يخل باذهاب الغنة في ذلك، ولا يخل بها في الأول. ويحتمل رفع طاعة وجهين:

أحدهما: أمرنا طاعة.

والثاني: منا طاعة. قال الزجاج: الأول أحسن، لأنه أجمع. ويجوز طاعة " نصبا " على معنى نطيع طاعة. ولم يقرأ به. ومن القائلون لهذا القول؟قيل فيه قولان:

أحدهما: قال الحسن، والسدي، والضحاك: هم المنافقون.

الثاني: انهم الذين حكى عنهم انهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقوله: (فإذا برزوا من عندك) يعني خرجوا من عندك بيت طائفة منهم يعني دبر جماعة منهم ليلا. قال المبرد: التبييت كل شئ دبر ليلا. وقال الجبائي معناه دبروه في بيوتهم وهذا بعيد لا وجه له في اللغة. قال الرماني: وفيه معنى الاخفاء في النفس، وكذلك لا يوصف تعالى به. قال عبيدة بن همام: (1)

أتوني فلم أرض ما بيتوا * وكانوا أتوني بشئ نكر

لأنكح أيمهم منذرا * وهل ينكح العبد حر لحر ؟! (2)

ومعنى " بيت طائفة منهم غير الذي تقول " أي غير ما تقول بأن أضمروا الخلاف فيما أمرتهم به أو نهيتهم عنه - هذا قول ابن عباس، وقتادة: والسدي. وقال الحسن: قدرت طائفة منهم (3) غير الذي تقول على جهة التكذيب. وقوله: (والله يكتب ما يبيتون) فيه قولان:

الأول: نكتبه في اللوح المحفوظ ليجازوا به.

الثاني: قال الزجاج: يكتب بان ينزله إليك في الكتاب. ثم أمر الله نبيه بالاعراض عنهم، وألا تسميهم بأعيانهم ابقاء عليم، وبستر أمورهم إلى أن يستقر أمر الاسلام. وأمره بان يتوكل عليه " وكفى بالله وكيلا " يعني حفيظا، لما يجب تفويضه إليه من التدبير. وأصل الوكيل القائم بما فوض إليه من التدبير. ومعنى بيت اضمر. وأصله إحكام الامر ليلا من البيات.


1- سورة الشورى: آية 48.

2- قيل هو أخو بني العدوية من بني مالك بن حنظلة من بني تيم وقيل: عبيد بن همام التغلبي وقيل غير ذلك.

3- مجاز القرآن 1: 133، الحيوان 4: 376 الكامل للمبرد 2: 35، 106، الأزمنة والأمكنة للمرزوقي 1: 263، ديوان الأسود بن يعفر النهشلي: أعشى بني نهشل في ديوان الاعشيين: 298، واللسان (تكر).