الآية 61
قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إلى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا﴾
قال ابن جريج: الداعي إلى حكم الرسول هو المسلم الذي يدعو المنافق إلى حكم الرسول صلى الله عليه وآله وقال قتادة: هو يهودي دعا المنافق إلى حكم الرسول، لعلمه أنه لا يجوز في الحكم " وتعالوا " أصله من العلو وهو تفاعلوا، منه كقولك: توافقوا، فإذا قلت لغيرك: تعال، فمعناه ارتفع علي - وإن كان في انخفاض من الأرض - لأنه جعله كالرفيع بكونه فيه، ويجوز أن يكون أصله للمكان العالي حتى صار لكل مكان. وقوله: (يصدون عنك صدودا) قيل في سبب صد المنافقين عن النبي صلى الله عليه وآله قولان:
أحدهما: لعلهم بأنه لا يأخذ الرشا على الحكم وأنه يحكم بمر الحق.
والثاني: لعداوتهم للدين. وصددت الأصل فيه ألا يتعدى، لأنك تقول: صددت عن فلان أصد بمعنى أعرضت عنه، ويجوز صددت فلانا عن فلان - بالتعدي - لأنه دخله معنى منعته عنه. ومثله رجعت أنا ورجعت غيري، لأنه دخله معنى رددته، فلذلك جاز رجعته، " وصدودا " نصب على المصدر على وجه التأكيد للفعل، كقوله: " وكلم الله موسى تكليما " (1) ومعنى ذلك أنه ليس ذلك على بيان كالكلام بل كلمه في الحقيقة. وقيل في معنى " تكليما " أنه كلمه تكليما شريفا عظيما ويمكن مثله في الآية. ولا يكون تقديره رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا عظيما.1- سورة النساء: آية 82.