الآية 51
قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً﴾
المعنى:
قيل في المعني بهذه الآية قولان:
أحدهما: قال ابن عباس، وقتادة: هم جماعة من اليهود منهم: حي بن أخطب وكعب بن الأشرف، وسلام بن أبي الحقيق، والربيع بن الربيع (1). قالوا لقريش: أنتم أهدى سبيلا ممن آمن بمحمد.
الثاني: قال عكرمة إن المعني به كعب بن الأشرف، لأنه قال هذا القول، وسجد لصنمين كانا لقريش. وقيل في معنى الجبت، والطاغوت خمسة أقوال:
أحدها: قال عكرمة: إنهما صنمان. وقال أبو علي: هؤلاء جماعة من اليهود آمنوا بالأصنام التي كانت تعبدها قريش، والعرب مقاربة لهم ليعينوهم على محمد صلى الله عليه وآله.
الثاني: قال ابن عباس: الجبت الأصنام. والطاغوت: تراجمة الأصنام الذين يتكلمون بالتكذب عنها.
الثالث: إن الجبت الساحر. والطاغوت الشيطان، قاله ابن زيد. وقال مجاهد: الجبت: السحر.
الرابع: قال سعيد بن جبير، وأبو العالية: الجبت: الساحر. والطاغوت: الكاهن.
الخامس: في رواية عن ابن عباس والضحاك: ان الجبت حي بن أخطب، والطاغوت كعب بن الاشراف، لأنهما جاءا إلى مكة، فقال لهما أهل مكة: أنتم أهل الكتاب وأهل العلم القديم، فاخبرونا عنا وعن محمد صلى الله عليه وآله، فقالا: ما أنتم وما محمد؟قالوا: نحن ننحر الكوماء ونسقي اللبن على الماء، ونفك العناة، ونصل الأرحام، ونسقى الحجيج. ومحمد منبوز قطع أرحامنا، واتبعه سراق الحجيج بنو غفار فقالا: أنتم خير منه، وأهدى سبيلا فأنزل الله هذه الآية. وقال الزجاج، والفراء، والبلخي: هما كل معبود من دون الله تعالى.
اللغة:
ووزن طاغوت فعلوت على وزن رهبوت. قال الخليل: هو من طغا وقلبت اللام إلى موضع العين كما قيل: لاث في لايث. وشاك في شايك. وهذا تغيير لا يقاس عليه، لكنه يحمل على النظير. والجبت لا تصريف له في اللغة العربية. وقيل: هو الساحر بلغة حبش عن سعيد بن جبير: والسبيل المذكور في الآية هو الدين. وإنما سمي سبيلا، لأنه كالسبيل الذي هو الطريق في الاستمرار عليه ليؤدي إلى الغرض المطلوب. ونصبه على التمييز كقولك هو أحسن منك وجها وأجود منك ثوبا لأنك في قولك: هذا أجود منك قد أبهمت الشئ الذي فضلته به إلا أن تريد ان جملته أجود من جملتك فتقول هذا أجود منك وتمسك.1- سورة البقرة: آية 111.