الآية 39

قوله تعالى: ﴿وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللّهُ وَكَانَ اللّهُ بِهِم عَلِيمًا﴾

المعنى والاعراب:

معنى قوله: " وماذا عليهم. " الآية الاحتجاج على المتخلفين عن الايمان بالله واليوم الآخر بما عليهم فيه ولهم، وذلك أنه يجب على الانسان أن يحاسب نفسه فيما عليه وله، فإذا ظهر له ما عليه في فعل المعصية من استحقاق العقاب اجتنبها، وماله في تركها من استحقاق الثواب عمل في ذلك من الاختيار له، أو الانصراف عنه. وفي ذلك دلالة على بطلان قول المجبرة في أن الكافر لا يقدر على الايمان، لان الآية نزلت على أنه لا عذر للكفار في ترك الايمان، ولو كانوا غير قادرين لكان فيه أوضح العذر لهم، ولما جاز أن يقال: " وماذا عليهم لو آمنوا بالله " لأنهم لا يقدرون عليه، كما لا يجوز أن يقال لأهل النار: ماذا عليهم لو خرجوا منها إلى الجنة، من حيث لا يقدرون عليه، ولا يجدون السبيل إليه، ولذلك لا يجوز أن يقال للعاجز: ماذا عليه لو كان صحيحا، ولا للفقير: ماذا عليه لو كان غنيا. وموضع " ذا " يحتمل من الاعراب وجهين:

أحدهما: أن يكون رفعا، لأنه في موضع الذي، وتقديره: ما الذي عليهم لو آمنوا.

الثاني: لا موضع له، لأنه مع (ما) بمنزلة اسم واحد، وتقديره: وأي شئ عليهم لو آمنوا بالله، ففي الآية تقريع على ترك الايمان بالله واليوم الآخر، وتوبيخ على الانفاق مما رزقهم الله في غير أبواب البر وسبيل الخير على وجه الاخلاص، دون الرياء. وقوله: (وكان الله بهم عليما) معناه ههنا ان الله بهم عليم، يجازيهم بما يسرون من قليل أو كثير، فلا ينفعهم ما ينفقونه على جهة الرياء.