الآية 21
قوله تعالى: ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا﴾
المعنى:
قيل في نسخ هذه الآية، والتي قبلها، ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها محكمة ليست منسوخة، لكن للزوج ان يأخذ الفدية من المختلعة، لان النشوز منها، فالزوج في حكم المكره لا المختار للاستبدال، ولا يتنافى حكم الآيتين، فلا يحتاج إلى نسخ إحداهما بالأخرى.
الثاني: قال بكر بن عبد الله المري: هي محكمة، وليس للزوج لأجل ظاهرها أن يأخذ من المختلعة شيئا، ولا من غيرها.
الثالث: قال ابن زيد، والسدي: هي منسوخة بقوله: (إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فان خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به) (1) وقيل في معنى الافضاء قولان:
أحدهما: قال ابن عباس، ومجاهد، والسدي: هو كناية عن الجماع.
الثاني: انه الخلوة، وإن لم يجامع، فليس له أن يسترجع نصف المهر، وإنما يجوز ذلك فيمن لم يدخل بها بالخلوة معها. وكلاهما قد رواه أصحابنا، واختلفوا فيه، والأول هو الأقوى.
اللغة والمعنى:
والافضاء إلى الشئ هو الوصول إليه بالملابسة له، قال الشاعر:
بلى وثاي أفضى إلى كل كئبة * بدا سيرها من ظاهر بعد باطن (2)
أي وصل البلى والفساد إلى الحزز، والفضاء السعة، فضا يفضو فضوا وفضاء إذا تسع، ومنه: تمر فضا، مقصور أي مختلط، وقوله: (وأخذن منكم ميثاقا غليظا) قيل في معناه أربعة أقوال:
أحدهما: قال الحسن، وابن سيرين، والضحاك، وقتادة، والسدي، والفراء، وهو المروي عن أبي جعفر (ع) أنه قوله: (إمساك بمعروف أو تسريح باحسان) (3) وقال مجاهد، وابن زيد، هو كلمة نكاح، التي يستحل بها الفرج.
الثالث: قول النبي صلى الله عليه وآله: (أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله).
الرابع: قال قتادة. كان يقال للناكح في الاسلام الله عليك لتمكن بمعروف أو لتسرحن باحسان، وهذا الكلام وإن كان ظاهره للاستفهام، فالمراد به التوبيخ، والتهديد، كما يقول القائل لغيره: كيف تفعل هذا وأنا غير راض به، على وجه التهدد له.
1- سورة البقرة: آية 229.
2- لم يعرف قائله. وقو في تفسير الطبري، 8 - 124 مشوه محرف ولم نجده في مصادرنا.
3- سورة البقرة: آية 229.