الآية 15

قوله تعالى: ﴿وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً﴾

المعنى:

قال أكثر المفسرين، كالضحاك، وابن زيد، والجبائي، والبلخي، والزجاج، ومجاهد، وابن عباس، وقتادة، والسدي: إن هذه الآية منسوخة، لأنه كان الفرض الأول أن المرأة إذا زنت وقامت عليها البينة بذلك، أربعة شهود، أن تحبس في البيت أبدا حتى تموت، ثم نسخ ذلك بالرجم في المحصنين، والجلد في البكرين. واللاتي جمع التي، وكذلك اللواتي، قال الشاعر:

من اللواتي والتي واللاتي * زعمن أن كبرت لداتي (1)

ويجمع اللاتي باثبات الياء وبحذفها، قال الشاعر:

من اللات لم يحججن يبغين حسبة * ولكن ليقتلن البرئ المغفلا (2)

وقوله: (أو يجعل الله لهن سبيلا) قيل في معنى السبيل ثلاثة أقوال:

أحدها: قال ابن عباس، وعبد الله بن كثير، أنه الجلد للبكر مائة، وللثيب المحصن الرجم، وإذا جلد البكر فإنه ينفى سنة عندنا، وبه قال الحسن، وقتادة، وفيه خلاف ذكرناه في الخلاف.

و الثاني: قال الجبائي: النفي يجوز من طريق اجتهاد الامام، وأما من وجب عليه الرجم فإنه يجلد أولا ثم يرجم عند أكثر أصحابنا، وبه قال الحسن، وقتادة، وعبادة بن الصامت، وجماعة ذكرناهم في الخلاف. وفي أصحابنا من يقول: ذلك يختص الشيخ والشيخة، فإذا لم يكونا كذلك فليس عليهما غير الرجم، وأكثر الفقهاء على أنهما لا يجتمعان، وثبوت الرجم معلوم من جهة التواتر على وجه لا يختلج فيه شك، وعليه اجماع الطائفة، بل اجماع الأمة، ولم يخالف فيه إلا الخوارج، وهم لا يعتد بخلافهم. وقوله: " يأتين الفاحشة " يعني بالفاحشة، وحذف الباء كما يقولون: أتيت أمرا عظيما، أي: بأمر عظيم، وتكلمت كلاما قبيحا، أي بكلام قبيح. وقال أبو مسلم: " واللاتي يأتين الفاحشة " قال: هما المرأة تخلوا بالمرأة في الفاحشة المذكورة عنهن: " أو يجعل الله لهن سبيلا " فالتزويج والاستغناء بالحلال، وهذا قول مخالف للاجماع، ولما عليه المفسرون، فإنهم لا يختلفون أن الفاحشة المذكورة في الآية الزنا، وأن هذا الحكم منسوخ، وهو المروي عن أبي جعفر (ع) وأبي عبد الله (ع). ولما نزل قوله: " الزانية والزاني " (3) قال النبي صلى الله عليه وآله: قد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر، جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب الجلد ثم الرجم.

1- اللسان (لتا) والصاح، والتاج. ومجاز القرآن 1: 119 وخزانة الأدب وغيرها ولم يعرف قائله.

2- نسبه أبو عبيدة إلى عمر بن أبي ربيعة ولم نجده في ديوانه، ونسب إلى الحارث بن خلد في بعض النسخ. مجاز القرآن 1: 120.

3- سورة النور: آية 2.