الآيات 105-112

وقوله ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا﴾ فإنه كان سبب نزولها ان قوما من الأنصار من بني ابيزق اخوة ثلاثة كانوا منافقين بشير وبشر ومبشر، فنقبوا على عم قتادة بن النعمان وكان قتادة بدريا واخرجوا طعاما كان أعده لعياله وسيفا ودرعا فشكى قتادة ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله ان قوما نقبوا على عمي واخذوا طعاما كان أعده لعياله ودرعا وسيفا وهم أهل بيت سوء، وكان معهم في الرأي رجل مؤمن يقال له لبيد بن سهل فقال بنو ابيزق لقتادة هذا عمل لبيد بن سهل، فبلغ ذلك لبيدا فاخذ سيفه وخرج عليهم فقال يا بني ابيزق أترمونني بالسرقة وأنتم أولى به مني وأنتم المنافقون تهجون رسول الله صلى الله عليه وآله وتنسبون إلى قريش لتبينن ذلك أو لأملأن سيفي منكم، فداروه فقالوا له ارجع يرحمك الله فإنك برئ من ذلك، فمشوا بنو ابيزق إلى رجل من رهطهم يقال له أسيد بن عروة وكان منطيقا بليغا فمشى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله ان قتادة بن النعمان عمد إلى أهل بيت منا أهل شرف ونسب وحسب فرماهم بالسرقة، واتهمهم بما ليس فيهم، فاغتم رسول الله صلى الله عليه وآله لذلك وجاء إليه قتادة فاقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له عمدت أهل بيت شرف وحسب نسب فرميتهم بالسرقة فعاتبه عتابا شديدا فاغتم قتادة من ذلك ورجع إلى عمه وقال يا ليتني مت ولم أكلم رسول الله صلى الله عليه وآله فقد كلمني بما كرهته، فقال عمه الله المستعان فأنزل الله في ذلك على نبيه صلى الله عليه وآله ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا﴾ ﴿وَاسْتَغْفِرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ ﴿وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾ ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ﴾ يعني الفعل فوقع القول مقام الفعل.

ثم قال ﴿هَاأَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً﴾ ﴿وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ ﴿وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ ﴿وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا﴾ يعني لبيد بن سهل ﴿فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا﴾ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال إن أناسا من رهط بشير الادنين قالوا انطلقوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقالوا نكلمه في صاحبنا ونعذره وان صاحبنا برئ فلما انزل الله " يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم - إلى قوله - وكيلا " فأقبلت رهط بشير فقال يا بشير استغفر الله وتب الله من الذنب فقال والذي احلف به ما سرقها إلا لبيد فنزلت " ومن يكسب خطيئة أو اثما يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا واثما مبينا " ثم أن بشيرا كفر ولحق بمكة وانزل الله في النفر الذين اعذروا بشيرا واتوا النبي ليعذروه.