الآيات 19-22

وقوله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ﴾ قال لا بحل للرجل إذا نكح امرأة ولم يردها وكرهها ان لا يطلقها إذا لم يجبر (يجر ط) عليها، ويعضلها اي يحبسها ويقول لها حتى تؤدي ما اخذت مني فنهى الله عن ذلك ﴿إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ﴾ وهو ما وصفناه في الخلع فان قالت له ما تقول المختلعة يجوز له ان يأخذ منها ما أعطاها وما فضل.

وفي رواية أبي الجارود(1) عن أبي جعفر عليه السلام في قوله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا﴾ فإنه كان في الجاهلية في أول ما اسلموا من قبائل العرب إذا مات حميم(2) الرجل وله امرأة القى الرجل ثوبه عليها فورث نكاحها بصداق حميمه الذي كان أصدقها فكان يرث نكاحها كما يرث ماله، فلما مات أبو قيس بن الا سلب (أبو قيس بن الأسلت ط) القى محصن بن أبي قيس ثوبه على امرأة أبيه وهي كبيثة (كبيشة ط) بنت معمر بن معبد فورث نكاحها ثم تركها لا يدخل به ولا ينفق عليها فأتت رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله مات أبو قيس بن الا سلب فورث ابنه محصن نكاحي فلا يدخل علي ولا ينفق علي ولا يخلى سبيلي فالحق باهلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ارجعي إلى بيتك فان يحدث الله في شأنك شيئا أعلمتك به، فنزل ﴿وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً﴾ فلحقت باهلها، وكانت نساء في المدينة قد ورث نكاحهن كما ورث نكاح كبيثة غير أنه ورثهن عن الأبناء فأنزل الله " يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم ان ترثوا النساء كرها ".

وقوله ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ يعني الرجل يكره أهله فاما ان يمسكها فيعطفه الله عليها واما ان يخلي سبيلها فيتزوجها غيره فيرزقها الله الود والولد ففي ذلك قد جعل الله خيرا كثيرا قال ﴿وان أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحديهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا واثما مبينا﴾ وذلك إذا كان الرجل هو الكاره للمرأة، فنهى الله ان يسئ إليها حتى تفتدي منه يقول الله ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾ والافضاء المباشرة يقول الله ﴿وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا﴾ والميثاق الغليظ الذي اشترطه الله للنساء على الرجال امساك بمعروف أو تسريح باحسان

1- لا يخفى ان الروايات التي صدرت بذكر أبى الجارود، ليست من عبارة تفسير القمي، بل انها مضافات أبي الفضل العباس تلميذ المصنف التي أضافها إلى أصل التفسير بمناسبة المقام.

2- القريب والصديق. ج - ز.