الآيات 152-154

قوله ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ﴾ يعني أن ينصركم الله عليهم ﴿إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ﴾ إذ تقتلونهم بإذن الله ﴿حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا﴾ يعني أصحاب عبد الله بن جبير الذين تركوا مركزهم ومروا للغنيمة، قوله ﴿وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ﴾ يعني عبد الله بن جبير وأصحابه الذين بقوا حتى قتلوا ﴿ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ﴾ أي يختبركم ﴿وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ ثم ذكر المنهزمين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال ﴿إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ -إلى قوله- خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله ﴿فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ﴾ فاما الغم الأول فالهزيمة والقتل، واما الغم الآخر فاشراف خالد بن الوليد عليهم يقول ﴿لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ﴾ من الغنيمة ﴿وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ﴾ يعني قتل اخوانهم ﴿وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ ﴿ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ﴾ قال يعني الهزيمة، ورجع إلى تفسير علي بن إبراهيم.

قال وتراجع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله المجروحون وغيرهم، فاقبلوا يعتذرون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأحب الله يعرف رسوله من الصادق منهم ومن الكاذب، فأنزل الله عليهم النعاس في تلك الحالة حتى كانوا يسقطون إلى الأرض وكان المنافقون الذين يكذبون لا يستقرون قد طارت عقولهم وهم يتكلمون بكلام لا يفهم عنهم فأنزل الله ﴿نُّعَاسًا يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ﴾ يعني المؤمنين و ﴿طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ﴾ قال الله لمحمد صلى الله عليه وآله ﴿قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا﴾ يقولون لو كنا في بيوتنا ما أصابنا القتل، قال الله ﴿لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ فأخبر الله رسوله ما في قلوب القوم ومن كان منهم مؤمنا ومن كان منهم منافقا كاذبا بالنعاس فأنزل الله عليه " ما كان الله ليدر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب " يعني المنافق الكاذب من المؤمن الصادق بالنعاس الذي ميز بينهم.