الآية 3
قوله ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ قال مما علمناهم ينبئون ومما علمناهم من القرآن يتلون وقال ألم هو حرف من حروف اسم الله الأعظم المتقطع في القرآن الذي خوطب به النبي صلى الله عليه وآله والامام فإذا دعا به أجيب والهداية في كتاب الله على وجوه أربعة فمنها ما هو للبيان للذين يؤمنون بالغيب قال يصدقون بالبعث والنشور والوعد والوعيد والايمان في كتاب الله على أربعة أوجه فمنه اقرار باللسان قد سماه الله ايمانا ومنه تصديق بالقلب ومنه الأداء ومنه التأييد.
(الأَوْلَ) الايمان الذي هو اقرار باللسان وقد سماه الله تبارك وتعالى ايمانا ونادى أهله به لقوله (يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا وان منكم لمن ليبطئن فان اصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كان لم تكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما)(1) قال الصادق عليه السلام لو أن هذه الكلمة قالها أهل المشرق وأهل المغرب لكانوا بها خارجين من الايمان ولكن قد سماهم الله مؤمنين باقرارهم.
وقوله " يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله " فقد سماهم الله مؤمنين باقرارهم ثم قال لهم صدقوا.
(الثاني) الايمان الذي هو التصديق بالقلب فقوله " الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة(2) " يعني صدقوا.
وقوله " وقالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة " اي لا نصدقك.
وقوله " يا أيها الذين آمنوا آمنوا " اي يا أيها الذين أقروا صدقوا فالايمان الحق هو التصديق وللتصديق شروط لا يتم التصديق الا بها.
وقوله " ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وإقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون(3) " فمن أقام بهذه الشروط فهو مؤمن مصدق.
(الثالث) الايمان الذي هو الأداء فهو قوله لما حول الله قبلة رسوله إلى الكعبة قال أصحاب رسول الله يا رسول الله صلواتنا إلى بيت المقدس بطلت فأنزل الله تبارك وتعالى " وما كان الله ليضيع ايمانكم " فسمى الصلاة ايمانا.
(الرابع) من الايمان وهو التأييد الذي جعله الله في قلوب المؤمنين من روح الايمان فقال " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو اخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه(4) " والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وآله " لا يزني الزاني وهو مؤمن ولا يسرق السارق وهو مؤمن يفارقه روح الايمان ما دام على بطنها فإذا قام عاد إليه " قيل وما الذي يفارقه قال " الذي يدعه (يرعد ط) في قلبه " ثم قال عليه السلام " ما من قلب إلا وله اذنان على أحدهما ملك مرشد وعلى الآخر شيطان مغتر(5) هذا يأمره وهذا يزجره " ومن الايمان ما قد ذكره الله في القرآن (خبيث وطيب ط) حيث قال " ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب " ومنهم من يكون مؤمنا مصدقا ولكنه يلبس ايمانه بظلم وهو قوله " الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون " فمن كان مؤمنا ثم دخل في المعاصي التي نهى الله عنها فقد لبس ايمانه بظلم فلا ينفعه الايمان حتى يتوب إلى الله من الظلم الذي لبس ايمانه حتى يخلص لله فهذه وجوه الايمان في كتاب الله.
1- النساء 70.
2- يونس 64.
3- البقرة 177.
4- المجادلة 22.
5- اغتره اي طلب غفلته ج - ز.