مقدمة الناشر

والحمد لله حمدًا كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً، والصلاة والسلام على رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعلى آله الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرًا.

مما لا شك فيه أن للقرآن موقعًا في المعارف الإسلامية لا يدانيه شيء آخر من حيث كونه المصدر الأساس للمعرفة الحقيقية، ومن حيث كونه الحجة القاطعة في هذا الدين الحنيف.

ومما لا شك فيه أيضًا أن لعلم التفسير أسسًا ينبغي للخائض في هذا البحر العميق الاستناد إليها والتسليم بها ومراعاتها.

ومما لا يرقى إليك شك أيضًا أن أهل البيت (عليهم السلام) هم القرآن الناطق وهم معدن الوحي والتنزيل. وهم (عليهم السلام) والقرآن الثقلان اللذان يجب على كل مسلم التمسّك بهما حتى لا يضل فإنهما لن يفترقا حتى يردا الحوض على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم).

من هنا نقول: إن المنهج، كل منهج، لا بد أن يعتمد في تفسير كتاب الله على ما رسموه، ويلتزم بما قالوه، ويرفض كل ما يتنافى مع ما يثبت عنهم (عليهم السلام).

وها نحن اليوم نقدم للقارئ الكريم الكتاب الثالث من سلسلة "دروس في تفسير القرآن" للعلاّمة الحجة المحقّق السيّد جعفر مرتضى العاملي (أدام الله بقاءه) وهو خصوص تفسير "سورة الماعون".

وكان قد صدر سابقًا الكتاب الأول وهو تفسير "سورة الناس" وتبعه تفسير "سورة الفاتحة" في طبعته الثانية البيروتية بعـد أن طبـع أولاً فـي قـم المقدسة. وقد لقي هذان الكتابان صدى طيبًا واستحسانًا لدى القرّاء.

ويمكن رد ذلك لأسباب عدة:

1. إن هذه المطالب رغم أنها كانت تقدم في درس أسبوعي لبعض الراغبين، الأمر الذي جعلها، من بعض الاعتبارات، تختلف عما يؤلف ويكتب فيما يعنيه ذلك من تتبع واستقصاء وتأمل، نقول رغم ذلك فقد جاء التفسير مليئًا باللطائف النورانية واللمحات الأخلاقية والإلتفاتات المعرفية التربوية.

2. من ناحية المنهج المتبع في هذا التفسير والذي أطلقنا عليه، في مقدمة تفسير "سورة الناس" اسم "المنهج الاستنطاقي في تفسير القرآن"، والذي يعتمد على استنطاق القرآن بكل مفرداته والتدقيق في دلالاتها ومعانيها بما يتوافق مع ما جاء عن أهل البيت (عليهم السلام) دون أن يغفل عن مقارنة هذه الدلالات مع السياق القرآني العام والنظر في أسباب النزول.

وما ينبغي الإشارة إليه هنا هو أنّ العلاّمة المحقّق لا يدعي، فضلاً عن أن ندعي نحن، أن هذا التفسير قد راعى هذا المنهج بشكل دقيق، لأنه، وكما ذكرنا، قد جاء على شكل دروس لابد أن تراعى فيها حالة المخاطب في الزمان والمكان وفي غير ذلك من خصوصيات.

نعم، نذكر القارئ الكريم أن هذا المنهج ظاهرة ملفتة في هذا التفسير وإن لم يستجمع ? بعد ? جميع عناصره وأدواته.

والله هو الموفق وعليه التكلان.

المركز الإسلامي للدراسات