نظرية أحمد أمين حول كلام الشيعة

إنّ بعض المصريين كأحمد أمين ومن حذا حذوه يصرّون على أنّ الشيعة أخذت منهجها الفكري في العدل والعصمة وغيرهما من الأفكار، من المعتزلة حيث قالوا: إنّ الشيعة يقولون في كثير من مسائل أُصول الدين بقول المعتزلة، فقد قال الشيعة كما قال المعتزلة بأنّ صفات الله عين ذاته، وبأنّ القرآن مخلوق وبإنكار الكلام النفسي، وإنكار رؤية الله بالبصر في الدنيا والآخرة، كما وافق الشيعة المعتزلة في القول بالحسن والقبح العقليين، وبقدرة العبد واختياره وانّه تعالى لا يصدر عنه قبيح وانّ أفعاله معللة بالأغراض.

وقد قرأت كتاب الياقوت لأبي إسحاق إبراهيم من قدماء متكلمي الشيعة الإمامية (1) فكنت كأني أقرأ كتابًا من كتب أُصول المعت كالفصل الأخير في الإمامة وإمامة على وإمامة الأحد عشر بعده، ولكن أيّهما أخذ من الآخر؟!

أمّا بعض الشيعة فيزعم انّ المعتزلة أخذوا عنهم وانّ واصل بن عطاء تتلمذ لجعفر الصادق، وأنّا أرجح أن الشيعة هم الذين أخذوا من المعتزلة تعاليمهم... ونشوء مذهب الاعتزال يدل على ذلك، وزيد بن على زعيم الفرقة الشيعية الزيدية تتلمذ لواصل، وكان جعفر "الصادق" يتصل بعمه زيد ويقول أبو الفرج في مقاتل الطالبيين: كان جعفر بن محمد يمسك لزيد بن على بالركاب، ويسوي ثيابه على السرج (2)فإذا صح ما ذكره الشهرستاني وغيره من تتلمذه لواصل، فلا يعقل كثيرًا أن يتتلمذ واصل لجعفر، وكثير من المعتزلة كان يتشيع، فالظاهر انّه عن طريق هؤلاء تسربت أُصول المعتزلة إلى الشيعة. (3)


1-قال أحمد أمين تعليقًا على هذه الجملة: وهو مخطوط نادر تفضل صديقي الا َُستاذ أبو عبد الله الزنجاني فأهدانيه، أقول: إنّ هذا الكتاب طبع أخيرًا في إيران مع شرح العلامة الحلّى.

2-مقاتل الطالبيين: 93.

3-ضحى الإسلام: 267-268.