مقدمة الطبعة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي علا بحوله، ودنا بطوله، والصلاة والسلام على أنبيائه ورسله الذين أخذ على الوحي ميثاقَهم، وعلى تبليغ الرسالة أمانتَهم، وأرسلَهم إلى عبادِه ليستأدُوهُم ميثاقَ فطرته ويذكّروهم منسىَّ نعمتِه، ويحتجُّوا عليهم بالتبليغ، ويُثيروا لهم دفائن العقول. لا سيّما خاتمَ رسله، وأفضلَ خليقته محمد، وعلى آله الذين هم عيبةُ علمِه، وموئِلُ حِكَمِه، وكهوفُ كتبه، وجبالُ دينه.

أما بعد: فإنّه سبحانه لم يخلق الناس عبثًا ولا سدى، وإنّما خلقهم لإيصالهم إلى الكمال، وعزّز ذلك ببعثِ الرسل لهداية الناس إلى الغاية المنشودة، وقرنهم بفضائلَ، وطهّرهم عن الأرجاس والأدناس، حتى يتيسَّـر لهم تعليمُ الناس وهدايتهم.

وقد شهدت الآيات القرآنية على كمالهم ونضوج عقلهم، واستقامة طريقتهم، وابتعادهم عن الذنوب، وعلى ذلك استقرت العقيدة الإسلامية عبر الأجيال والقرون.

وقد أُثيرت منذ عصور غابرة شبهات حول طهارتهم ونزاهتهم، وتم دحضها إلاّ أنّها أُعيدت في العصور الأخيرة باسلوب جديد من قِبَلِ بعض الباحثين وقد تشبَّثوا ببعض الآيات دعمًا لموقفهم، ولهذا قمنا بتحليل هذه الآيات وتفسيرها على منهج موافق لقواعد التفسير كي يتّضح أنّ هذه الآيات لا تمس كرامة العصمة بل تعزّزها.

وثمة بحوث جانبية حول واقع العصمة وحقيقتها وأسبابها قدّمناها على تفسير الآيات لتكون كالمقدمة، والله سبحانه من وراء القصد.

جعفر السبحاني

قم-مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام)

تحريرًا في الرابع عشر من

شهر رمضان المبارك من شهور عام 1420 هـ