الرابع - آية القطع

روى أبوالنضر محمد بن مسعود العياشي باسناده إلى زرقان صاحب ابن أبي دأودقاضي القضاة، قال: اتي بسارق إلى محضر المعتصم وقد اقر على نفسه بالسرقة وسال الخليفة تطهيره باقامة الحد عليه فجمع الخليفة لذلك الفقها وقد احضر محمد بن علي الجواد(ع) فسالهم عن موضع القطع.

فقال ابن أبي دأود: من الكرسوع ﴿طرف الزند﴾ واستدل بية التيمم ووافقه قوم وقال آخرون: من المرفق، نظراالى آية الوضؤ.

فالتفت الخليفة إلى الإمام الجواد مستفهما رايه في ذلك، فاستعفاه الإمام لكنه اصرعلى معرفة رايه، واقسم عليه بالل ه ان يخبره برايه.

فقال الإمام: اما إذا اقسمت على باللّه، اني اقول: انهم اخطأوا فيه السنة، فان القطع يجب ان يكون من مفصل اصول الاصابع، فيترك الكف.

قال الخليفة: وما الحجة في ذلك؟.

قال الإمام: قول رسول اللّه (ع):﴿السجود على سبعة اعضا، الوجه واليدين والركبتين والرجلين﴾ فإذاقطعت يده من الكرسوع أوالمرفق، لم يبق له يد يسجد عليها وقد قال اللّه تعالى ﴿وان المساجد للّه﴾يعني به هذه الاعضا السبعة التي يسجد عليها ﴿فلا تدعوا مع اللّه احدا﴾ (1) وما كان للّه لم يقطع.

فاعجب المعتصم ذلك وامر بقطع يد السارق من مفصل الاصابع دون الكف (2).

انظر إلى هذه الالتفاتة الرقيقة التي تنبه لها الإمام ولم يلتفت اليها سائر الفقها، ذلك ان اليد في آية القطع وقعت مجملة قد ابهم المراد منها، فلا بد من تبيينها اما من السنة أوالكتاب ذاته وقد التفت الإمام (ع) لوجه التبيين إلى السنة مدعمة بنص الكتاب فبين ان راحة الكف هي احدى المواضع السبعة التي يجب على المصلي ان يسجد عليها وذلك بنص الحديث الوارد عن الرسول (ع) وهذا كبيان الصغرى ثم اردفه ببيان الكبرى المستفادة من الاية الكريمة الشاملة بعمومها لكل مسجد، سوا الموضع الذي يسجد فيه، أوالعضوالذي يسجد عليه، كل ذلك للّه وما كان للّه لا تشمله عقوبة الحد لان العقوبة انما ترجع إلى ما للعبدالمذنب، ولا تعود على ما كان للّه تعالى وهو استنباط ظريف جدا.

ومما يستغرب في المقام ما ذكره الجزيري تعليلا بوجوب القطع من مفصل الكف، اي الزند، قال: لان السرقة تقع بالكف مباشرة، والساعد والعضد يحملان الكف، والعقاب انما يقع على العضوالمباشر للجريمة ولذلك تقطع اليمنى أولا، لان التنأول يكون بها في غالب الاحيان (3).

قلت: هذا التعليل يقتضي وجوب القطع من مفصل الاصابع، كما عليه فقها الإمامية وبه رواياتهم، لان الاصابع هي التي تنأوش المتاع المسروق، والكف تحمل الاصابع.

وقد ذكر ابن حزم الاندلسي ان عليا(ع) كان يقطع الاصابع من اليد ونصف القدم من الرجل وكان عمر يقطع كل ذلك من المفصل واما الخوارج فرأوا القطع من المرفق أوالمنكب (4).


1- الجن / 18.

2- تفسير العياشي، ج1، ص 319 320 وراجع: الوسائل، ج18 باب 4 حدالقطع، ص 489- 491 والاية من سورة المائدة / 38.

3- الفقه على المذاهب، ج5، ص 159.

4- المحلى، ج11، ص 357 رقم 2284.