ميزات تفسير الصحابي

يمتاز تفسير الصحابي بامور خمسة لم تتوفر جميعا في سائر التفاسير المتاخرة: أولا: بساطته، بما لم يتجأوز بضع كلمات في حل معضل أورفع ابهام، في بيان واف شاف ومع كمال الايجاز والايفا فاذ قد سئل احدهم عن معنى ﴿غير متجانف لاثم﴾ (1)، اجاب على الفور: ﴿غير متعرض لمعصية﴾، من غير ان يتعرض لاشتقاق الكلمة، أويحتاج إلى بيان شاهد ودليل، وما شاكل ذلك، مما اعتاده المفسرون وإذا سئل عن سبب نزول آية، أوعن فحواها العام، اجاب بشكل قاطع من غير ترديد، وعلى بساطة من غير تعقيد، كان قد الفه المتاخرون.

ثانيا: سلامته عن جدل الاختلاف، بعد وحدة المبنى والاتجاه والاستناد، ذلك العهد، إذ لم يكن بين الصحابة في العهد الأول اختلاف في مباني الاختيار، ولا تباين في الاتجاه، ولا تضارب في الاستناد، وانما هي وحدة في النظر والاتجاه والهدف، جمعت طوائف الصحابة على خط مستومستقيم فلم تكن ثمة داعية لنشؤ الاختلاف والتضارب في الارا، ولا سيما والرسول (ع)ادبهم على التزام سبيل الرشاد.

على ان التفسير ذلك العهد لم يكن ليتعد - في شكله وهندامه - حدود الحديث وشكله، بل كان جز منه وفرعا من فروعه، كما داب عليه جامعوالاحاديث.

ثالثا: صيانته عن التفسير بالراي، بمعنى الاستبداد بالراي غير المستند إلى ركن وثيق، ذلك تعصب اعمى أوتلبيس في الأمر، كان يتحاشاه الاجلا من الصحابة الاخيار وسنشرح من معنى التفسير بالراي الممنوع شرعا، والمذموم عقلا، بما يرفع الابهام عن المراد به ان شا اللّه.

رابعا: خلوصه عن اساطير بائدة، ومنها الاقاصيص الاسرائيلية، لم تكن لتجد مجالاللتسرب في الأوساط الإسلامية العريقة، ذلك العهد المنأوئ لدسائس اسرائيل، الأمر الذي انقلب ظهرا لبطن بعد حين، وجعلت الدسائس السياسية تلعب دورهافي ترويج اساطير بني اسرائيل.

خامسا: قاطعيته عن احتمال الشك وتحمل الظنون، بعد وضوح المستند وصراحته، ووفرة وسائل الايضاح ودلائل التفسير المعروضة ذلك العهد، لسذاجتها وسلامتها عن التعقيد الذي طرا عليها في عهد متاخر.

لا سيما والدلائل العلمية والفلسفية التي استند اليها المتاخرون في تفسير معاني القرآن، لم تكن معهو دة حينذاك، أولم تكن مشروعة، ولا صالحة للاستناد في العهد الأول وانما كان استنادهم إلى العرف واللغة، والعلم باسباب النزول، إلى جنب النصوص الشرعية الصادرة في مختلف شؤون الدين والقرآن، هذا لا غير.


1- البرهان، ج2، ص 172.