تفسير ابن عباس

هناك تفاسير منسوبة إلى ابن عباس، منها: ما رواه مجاهد بن جبر ذكره ابن النديم في الفهرست بروايتين:احداهما عن طريق حميد بن قيس، والاخرى عن طريق أبي نجيح يسار الثقفي الكوفي، توفي سنة -131-يرويه عنه ابنه ابويسار عبد اللّه بن أبي نجيح، وعنه ورقا بن عمر اليشكري (1).

وهذا الطريق صححته الائمة واعتمده ارباب الحديث وقد طبع اخيرا باهتمام مجمع البحوث الإسلامية بباكستان سنة -1367-ه ق (2)، وقد مر شرحه في ترجمة مجاهد.

الثاني: تفسير ابن عباس عن الصحابة، لابي احمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي المتوفى سنة -332- وهذا ذكره أبوالعباس النجاشي، قال: الجلودي الازدي البصري أبواحمد شيخ البصرة واخباريها، وكان من اصحاب أبي جعفر الباقر(ع) وجلود: قرية في البحر، وقيل: بطن من الازد قال: وله كتب ذكرها الناس - وعدها اكثر من سبعين كتابا - وذكر منها الكتب المتعلقة بابن عباس مسندة عنه، منها: كتاب التنزيل عنه، وكتاب التفسير عنه، وكتاب تفسيره عن الصحابة (3).

الثالث: تفسير ابن عباس الموسوم ب ﴿تنوير المقباس﴾ من تفسير عبد اللّه بن عباس، في اربعة اجزا، من تاليف محمد بن يعقوب الفيروزآبادي صاحب القاموس ﴿729 - 817﴾ (4) وقد طبع مكررا، وفي هامش الدرالمنثور ايضا.

والسند في أوله هكذا: اخبرنا عبد اللّه - الثقة - ابن المامون الهروي، قال: اخبرنا ابي، قال: اخبرنا أبوعبد اللّه، قال: اخبرنا ابوعبيد اللّه محمود بن محمد الرازي، قال: اخبرنا عمار بن عبد المجيد الهروي، قال: اخبرنا على بن اسحاق السمرقندي، عن محمد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس (5).

غير ان على بن اسحاق بن ابراهيم الحنظلي السمرقندي، قال ابن حجر: مات في شوال سنة -237- (6) وامامحمد بن مروان السدي الصغير، فقد توفي سنة -186- وعليه فيكون تحمله عنه في حال الصغرجدا (7).

وسائر رجال السند مجهو لون، كما لم يات تصريح باسم الجامع الذي يقول: ﴿اخبرناعبد اللّه الثقة﴾، هل هو الفيروزآبادي صاحب القاموس ام غيره؟ وانما ذكره الحلبي في كشف الظنون (8) وسار خلفه ﴿سائر اصحاب التراجم﴾.

وعلى اى تقدير فان هذا التفسير الموجود يعتبر مجهو ل السند ومجهو ل النسبة إلى مؤلف خاص، فضلا عن مثل ابن عباس.

هذا ولا سيما بعد ملاحظة متن التفسير، حيث لا يعدوترجمة الفاظ القرآن ترجمة غيرمستندة ومختصرة إلى حد بعيد، مما يبعد كونه من تفسير حبر الامة وترجمان القرآن.

على ان للكلبي، وكذا للسدي الصغير، تفسير جامع وموضع اعتبار لدى الائمة على ما اسلفنا، فلوكانا هماالرأويين لهذا التفسير لكان فيه شي من آثارهما، وعلى تلك المرتبة من الجلالة والشان.

كما ان الماثور من ابن عباس، على ما جمعه الطبري وغيره، لا يشبه شيئا من محتوى هذا التفسير الساذج جدا، مثلا يقول: عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿يا ايها الناس﴾ عام وقديكون خاصا ﴿اتقوا ربكم﴾ اطيعواربكم ﴿الذي خلقكم﴾ بالتناسل (9) وهلم جرا.

والذي يبدولنا من مراجعة هذا التفسير ان جامعه عمد إلى تفسير القرآن تفسيرا ساذجا في حد ترجمة بسيطة، تسهيلا على عموم المراجعين، وهذا امر مطلوب ومرغوب فيه شرعا ولكنه صدر كل سورة برواية عن ابن عباس، تيمنا وتبركا باسم ترجمان القرآن ولم يقصد ان كل ما ورد في تفسير السورة من تفسيره بالذات، الأمرالذي اشتبه على الاكثر، فزعموه تفسيرا مستندا إلى ابن عباس في الجميع وهذا وهم أوهمه ظاهر التعبير، فليتنبه.


1- طبع مرارا وعلى هامش الدر المنثور ايضا.

2- الفهرست لابن النديم، ص 56.

3- راجع: معجم مصنفات القرآن الكريم للدكتور شواخ، ج2، ص 160، برقم 994.

4- فهرست مصنفي الشيعة للنجاشي، ص 168.

5- الذريعة الى تصانيف الشيعة لاغابزرگ الطهراني، ج4، ص 244.

6- هامش الجز الأول من الدر المنثور، ص 2.

7- تهذيب التهذيب، ج7، ص 283.

8- فلوفرض ان السمرقندي عاش سبعين عاما، فيكون حين وفاة السدي الصغير تحت العشرة.

9- كشف الظنون، ج1، ص 502 وراجع: الذريعة، ج4، ص 244.