الطرق اليه في التفسير

ذكر السيوطي تسعة طرق إلى ابن عباس في التفسير (1)، وصف بعضها بالجودة وبعضها بالوهن حسبما يلى:

أولها - وهو من جيدها: طريق معأوية بن صالح عن على بن أبي طلحة الهاشمي عن ابن عباس قال احمدبن حنبل: بمصر صحيفة في التفسير، رواها على بن أبي طلحة ولورحل رجل فيها إلى مصر قاصدا، ما كان كثيراقال ابن حجر: وهذه النسخة كانت عند أبي صالح كاتب الليث، رواها معأوية بن صالح عن على بن أبي طلحة عن ابن عباس وهي عند البخاري عن أبي صالح، وقد اعتمد عليها في صحيحه كثيرا فيما يعلقه عن ابن عباس واخرج منها ابن جرير الطبري، وابن أبي حاتم، وابن المنذر كثيرا، بوسائط بينهم وبين أبي صالح.

وقد غمز بعضهم في هذا الطريق، حيث ان ابن أبي طلحة لم يسمع التفسير من ابن عباس قال ابن حبان: روى عن ابن عباس ولم يره، ومع ذلك عده في الثقات (2) قالوا: وانما اخذ التفسير عن مجاهد أوسعيد بن جبير، واسنده إلى ابن عباس راسا، وذلك انه توفي سنة -143- وقد توفي ابن عباس سنة -68-، وما بين الوفاتين -75- سنة، الأمر الذي يمتنع معه الرواية عن ابن عباس مباشرة قال الخليلي: واجمع الحفاظ على ان ابن أبي طلحة لم يسمع التفسير من ابن عباس (3).

وحأول بعضهم رميه بالضعف وسؤ الراي والخروج بالسيف ايضا قال يعقوب بن سفيان: ليس محمودالمذهب.

قال ابن حجر - بصدد رد الاعتراض: اما اسقاط الواسطة فلا ضير فيه بعد ان عرفنا الواسطة وهو ثقة (4)، لاسيما وقد روى عنه الثقات قال صالح بن محمد: روى عنه الكوفيون والشاميون - لانه انتقل إلى حمص -، قال ابن حجر: ونقل البخاري من تفسيره رواية معأوية بن صالح عنه عن ابن عباس شيئا كثيرا.

قال: وقد وقفت على السبب الذي رمى به الراي بالسيف، وذلك فيما ذكره أبوزرعة الدمشقي عن على بن عياش الحمصي، قال: لقي العلا بن عتبة الحمصي على بن أبي طلحة تحت القبة، فقال ﴿على لعلا﴾: يا ابا محمد، تؤخذ قبيلة من قبائل المسلمين فيقتل الرجل والمراة والصبى، لا يقول احد: اللّه، اللّه استباحة دما بني امية من قبل بني العباس يومذاك وانهم يستحقون ذلك، فطائفة منهم بارتكاب جرائم، وطائفة اخرى بالسكوت عما يفعله اخوانهم﴾ ثم قال على بن أبي طلحة: يا عاجز - خطابا مع العلا، لانه كان من اشياع بني امية (5) - أوذنب على اهل بيت النبى (ع) ﴿يريد بهم بني العباس﴾ ان اخذوا قومابجرائرهم وعفوا عن آخرين؟ فقال له العلا: وانه لرايك؟ قال: نعم فقال له العلا: لا كلمتك من فمي بكلمة ابدا انما احببنا آل محمد بحبه، فإذاخالفوا سيرته وعملوا بخلاف سنته، فهم ابغض الناس الينا(6).

اذن فلا مغمز فيما يرويه ابن أبي طلحة من تفسير يسنده إلى ابن عباس، كما لا ضعف في الاسناد.

قال الخليلي - في الارشاد: تفسير معأوية بن صالح قاضي الاندلس عن على ابن أبي طلحة عن ابن عباس، رواه الكبار عن أبي صالح كاتب الليث، عن معأوية (7).

قلت: سبب الغمز فيه انه كان متاثرا بمدرسة ابن عباس - وهو في حمص من بلادالشام في تلك الأوساط المتاثرة بنفثات آل امية المعادية للاسلام - فكان يحمل ولا آل بيت الرسول (ع) ويعادي اعداهم، في أوساط ما كانت تتحمله ذلك العهد، ومن ثم الصقت به تهما هو منها برا.

الثاني - ايضا من جيد الطرق: طريق قيس بن الربيع أبي محمد الاسدي الكوفي توفي سنة -168- عن عطابن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.

قال جلال الدين: هذه طريق صحيحة على شرط الشيخين وكثيرا ما يخرج منها الفريابي والحاكم في مستدركه (8).

وذكر ابن حجر عن احمد بن حنبل ان قيسا هذا كان يتشيع ولكن قال ابن أبي شيبة: هو عند جميع اصحابناصدوق وكتابه صالح (9).

واما عطا بن السائب فكان ممن اخلص الولا لال بيت الرسول (ع) وفقا لتعاليم اشياخه سعيد وابن عباس وغيرهما، وله حديث مع الإمام على بن الحسين زين العابدين (ع) ينبؤك عن مدى قربه لحضرته السنية (10).

الثالث - كذلك جيد الطريق: طريق محمد بن اسحاق صاحب السير والمغازي عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أوسعيد - هكذا بالترديد - عن ابن عباس.

وابن اسحاق معروف بتشيعه كما ذكره ابن حجر في التقريب، وشيخنا الشهيد الثاني في تعليقته على خلاصة الرجال (11) قال صاحب الكشف: هو أول من صنف في علم السير، وهو رئيس اهل المغازي (12).

قال السيوطي: وهذه طريق جيدة واسنادها حسن وقد اخرج منها ابن جرير وابن أبي حاتم كثيرا وفي معجم الطبراني منها اشيا (13).

الرابع - وهو طريق حسن لا باس به: طريق اسماعيل بن عبد الرحمان ابومحمد القرشي الكوفي السدي الكبير، عن أبي مالك وابي صالح، عن ابن عباس وكذلك عن مرة بن شراحيل الهمداني عن ابن مسعود، وناس من الصحابة.

قال جلال الدين: وهذا التفسير يورد منه ابن جرير كثيرا، وكذا الحاكم في مستدركه يخرج منه اشيا، ويصححه، لكن من طريق مرة عن ابن مسعود، دون الطريق الأول.

ويرى صاحب التراث: انه من الممكن جمع نصوص هذا التفسير، واعادة تكوينه من جديد (14).

وقال الخليلي - في الارشاد: وتفسير السدي يورده باسانيد إلى ابن مسعود وابن عباس، وروى عن السدي الائمة مثل الثوري وشعبة لكن التفسير الذي جمعه رواه اسباط بن نصر، واسباط لم يتفقوا عليه قال: غيران امثل التفاسير تفسير السدي (15).

كان اسماعيل بن عبد الرحمان السدي (16) من الائمة الكوفيين، وكان شديد التشيع هو والكلبي ومع ذلك فقد وثقه القوم، واخرج مسلم عنه احاديث، لانه كان يرجح تعديله على تجريحه (17) فقد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدى: له احاديث يرويها عن عدة شيوخ، وهو عندي مستقيم الحديث صدوق لا باس به (18).

وعده الشيخ ابوجعفر الطوسي من اصحاب الائمة: على بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق (ع) قال: اسماعيل ابن عبد الرحمان السدي أبومحمد المفسر الكوفي (19).

قال المولى الوحيد - في التعليقة: وصفه بالمفسر مدح قال المامقاني: والمتحصل من مجموع ما ذكر بشانه كون الرجل من الحسان (20)، وقد اعتمده الشيخ في تفسيره ﴿التبيان﴾ كثيرا.

وهكذا عده ابن شهر آشوب من اصحاب الإمام زين العابدين (ع) (21).

وهو الذي روى قصة الاخنس بن زيد، الذي كان قد وطا جسم الحسين (ع) وفعل ما فعل، فابتلى في تلك الليلة بحريق اصابه من فتيلة السراج، فلم تزل به النار، حتى صار فحما على وجه الما (22).

الخامس - وهو ايضا حسن: طريق عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، ابوخالد المكي من اصل رومي، احد الاعلام الثقات، فقيه اهل مكة في زمانه (23) قال ابن خلكان: كان عبد الملك احد العلما المشهو رين، ويقال: انه أول من صنف الكتب في الاسلام كانت ولادته سنة -80- وتوفي سنة -150-قال: وجريج، بضم الجيم وفتح الرا وسكون اليا وبعدها جيم ثانية (24).

قال الخطيب: وسمع الكثير من عطا بن أبي رباح وغيره وعن احمد بن حنبل، قال: قدم ابن جريج بغداد على أبي جعفر المنصور، وكان صار عليه دين فقال: جمعت حديث ابن عباس ما لم يجمعه احد فلم يعطه شيئا.

وعن على بن المديني: نظرت فإذا الاسناد يدور على ستة - فذكرهم - قال: ثم صارعلم هؤلا الستة إلى اصحاب الاصناف، مم ن يصنف العلم، منهم من اهل مكة عبد الملك بن عبد العزيز ﴿ابن جريج﴾ وكان قد تعلم على يد عطا بن أبي رباح، ولزمه سبع عشرة سنة وسئل عطا: من نسال بعدك؟ فقال:هذا الفتى، يعني ابن جريج، وكان يصفه بانه سيد اهل الحجاز.

وعن احمد بن حنبل: كان ابن جريج من أوعية العلم وقال ابن معين: اصحاب الحديث خمسة، وعد منهم ابن جريج وقال يحيى بن سعيد القطان: كتب ابن جريج كتب الامانة، وإذا لم يحدثك عن كتابه لم ينتفع به.

قال احمد: إذا قال ابن جريج: اخبرني وسمعت، فحسبك به قال: الذي يحدث من كتاب اصح، وكان في بعض حفظه - إذا حدث حفظا - سى قال ابن معين: ابن جريج ثقة في كل ما روي عنه من الكتاب.

كان ابن جريج ومالك بن انس ﴿امام المالكية﴾ قد اخذا الفقه من نافع ولكن ابن جريج كان مفضلا على مالك فعن احمد بن زهير، قال: رايت في كتاب ابن المديني: سالت يحيى بن سعيد، من اثبت اصحاب نافع؟ قال:ايوب، وعبيد اللّه، ومالك بن انس وابن جريج اثبت من مالك في نافع قلت: ومن ثم كان مالك ينافسه في هذه الفضيلة، وربما كان يرميه بالخلط قال المخارقي: سمعت مالك ابن انس يقول: كان ابن جريج حاطب ليل.

وإذا كان مقدما في الفقه عن نافع، فهو مقدم في التفسير عن عطا بن أبي رباح فقد حدث صالح بن احمد بن حنبل عن ابيه، قال: عمروبن دينار وابن جريج اثبت الناس في عطا (25).

وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان من فقها اهل الحجاز وقرائهم ومتقنيهم واضاف: وكان يدلس (26)، لكن بم كان تدليسه؟

روى البخاري في تفسير ﴿سورة نوح﴾ حديثين اخرجهما عن طريق ابن جريج، قال:قال عطا عن ابن عباس فزعم أبومسعود - في الاطراف - ان هذا هو عطا الخراساني البلخي نزيل الشام وعطا هذا لم يسمع من ابن عباس، وابن جريج لم يسمع التفسير من عطا هذا قال ابن حجر: فيكون (27). ومن ثم رموه بانه كان يدلس وقد رد ابن حجر على هذا الوهم بما يبرئ ساحة ابن جريج من هذه التهمة، فراجع.

واما حديثه عن ابن عباس فلا ضير فيه بعد ان كان الواسطة - وهو ثقة - معلوما، الا وهو عطا بن أبي رباح تلميذ ابن عباس وقد لازمه ابن جريج سبعة عشر عاما يتلقى منه العلم.

اذن فقد صح ما ذكره ابن حبان بشان ابن جريج أولا من كونه ثقة ثبتا متقنا، وان لا منشا للغمز فيه، وبذلك نرى انه كان موضع اعتماد الائمة من اهل البيت ايضا على ما رواه ثقة الاسلام الكليني باسناده الصحيح عن اسماعيل بن الفضل الهاشمي، قال: سالت ابا عبد اللّه الصادق (ع) عن المتعة، فقال: الق عبد الملك بن جريج فسله عنها، فان عنده منها علما فاتيته فاملى على منها شيئا كثيرا في استحلالها فكتبته، واتيت بالكتاب ابا عبداللّه (ع) فعرضت عليه فقال: صدق، واقر به (28).

وقد استظهر المولى الوحيد البهبهاني من ذلك كون جريج موضع ثقة الإمام (ع)، وممن يرى راي الشيعة في فقه الشريعة، ولا سيما ما ذكره ابن اذينة - الرأوي عن الهاشمي - في ذيل الحديث: وكان زرارة بن اعين يقول هذأوحلف انه الحق فهذا من المقارنة الظاهرة بين موضع الرجلين ﴿ابن جريج وزرارة﴾ في المسالة (29).

وهكذا استظهر تشيعه منها كل من المولى محمد تقي المجلسي الأول، والشيخ يوسف البحراني، على ما جافي كلام الحائري (30).

وايضا روى الشيخ ابوجعفر الطوسي باسناده إلى الحسن بن زيد، قال: كنت عندالإمام أبي عبد اللّه (ع) إذ دخل عليه عبد الملك ابن جريج المكي، فقال له أبوعبد اللّه: ما عندك في المتعة؟ قال:حدثني ابوك محمد بن علي عن جابر بن عبد اللّه الانصاري، ان رسول اللّه (ع) خطب الناس، فقال: ايهاالناس، ان اللّه احل لكم الفروج على ثلاثة معان: فرج مورث وهو البتات، وفرج غير مورث وهو المتعة، وملك ايمانكم (31).

وفي سؤال الإمام منه عما لديه في المتعة، دلالة على عنايته به ولطف سابق كما في الاجابة بانه حديث ابيك ظرافة وطرافة اما الرواية عن جابر فلعله تغطية لما عسى القوم ينكرون كيف الرواية عن رسول اللّه (ع) ولم يدركه ومسالة استحلال المتعة كانت حينذاك من اختصاص خلص الصحابة والتابعين ممن يميلون إلى مذهب اهل البيت (ع) امثال ابن مسعود وابى بن كعب وابن عباس وجابر بن عبد اللّه واضرابهم، فلا غروان ينخرط مثل ابن جريج في تلك الزمرة الفائزة، الأمر الذي دعا بابن جريج ان يكافح القوم رايا وعملا ايضا فقد ذكر ابن حجر عن الشافعي، قال: استمتع ابن جريج بسبعين امراة، مع انه كان من العباد، وكان يصوم الدهر الا ثلاثة ايام من الشهر (32).

هذا وقد وقع في اسناد الصدوق من كتابه ﴿من لا يحضره الفقيه﴾: ابن جريج عن الضحاك عن ابن عباس، في قضية الناقة التي اشتراها النبى (ع) من الاعرابي اربعمائة درهم، فقبضها الاعرابي ولم يسلم الناقة إلى النبي، وانكر البيع راسا، حتى جا علي (ع) فقضى قضاه المبرم (33) وظاهر الصدوق اعتماده وقد عده الشيخ من اصحاب الإمام الصادق (ع) (34).

نعم ذكر أبوعمروالكشي: ان محمد بن اسحاق، ومحمد بن المنكدر، وعمروبن خالد الواسطي، وعبد الملك بن جريج، والحسين بن علوان الكلبي، هؤلا من رجال العامة، الا ان لهم ميلا ومحبة شديدة (35) بالنسبة لال البيت (ع).

قال المامقاني: لايبعد ان يكون بنا الكشي - على كونه عاميا - ناشئا من شدة تقيته، فان مثل ذلك كثير في رجال الشيعة (36).

السادس - حسن ايضا: طريق الضح اك بن مزاحم الهلالي الخراساني قال ابن شهر آشوب: اصله من الكوفة، وكان من اصحاب السجاد (37) وقال ابن قتيبة: هو من بني عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة، وكان معلما، اتى خراسان فاقام بها مات سنة -102- (38).

وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: لقى جماعة من التابعين، ولم يشافه احدا من الصحابة، وكان معلم كتاب وقال عبد اللّه بن احمد عن ابيه: ثقة مامون وقال ابن معين وابوزرعة: ثقة.

قال ابودأود سلمة بن قتيبة عن شعبة: حدثني عبد الملك بن ميسرة، قال: لم يلق الضحاك ابن عباس، انما لقى سعيد بن جبير بالري فاخذ عنه التفسير (39).

قال الذهبي: الضحاك بن مزاحم البلخي المفسر، أبوالقاسم، وكان يؤدب، فيقال: كان في مكتبه ثلاثة آلاف صبي، وكان يطوف عليهم (40).

ونقل المامقاني عن ملحقات الصراح: انه كان يقيم ببلخ وبمرو، وايضا ببخارا وسمرقند مدة، ويعلم الصبيان احتسابا، وله التفسير الكبير والتفسير الصغير (41).

وعده الشيخ من اصحاب الإمام زين العابدين، قال: الضحاك بن مزاحم الخراساني، اصله الكوفة، تابعي (42).

واستظهر المامقاني من عبارة الشيخ هذه كونه اماميا، ولعله من جهة كونه من الكوفة مهد التشيع آنذاك.

نعم روى عنه القمي ﴿على بن ابراهيم بن هاشم﴾ في تفسيره، وقد تعهد في مقدمة التفسير ان لا يروي الا عن مشايخه الثقات (43)، فقد روى - عند تفسير سورة الناس - باسناده عن مقاتل بن سليمان عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس (44) وقد جعل سيدنا الاستاذ الإمام الخوئي - عافاه اللّه واعاذه من شر الاعدا الظلمة الطغاة - تبعا للحر العاملي، ذلك دليلا على وثاقة كل من وقع في اسناد هذاالكتاب (45).

وانما غمزوا فيه جانب ارساله في الحديث، ولا سيما عن ابن عباس قال ابن حجر في التقريب: صدوق كثيرالارسال (46) قلت: لا ضير في الارسال بعد معلومية الواسطة، وكون الرجل صدوقا كما ذكره ابن حجر بشان على بن أبي طلحة الهاشمي.

اذن لا وجه لما ذكره السيوطي: ان طريق الضحاك إلى ابن عباس منقطعة، فان الضحاك لم يلقه.

واضاف: فان انضم إلى ذلك رواية بشر بن عمارة عن أبي روق عنه، فضعيفة لضعف بشر قال: وقد اخرج من هذه النسخة ابن جرير وابن أبي حاتم كثيرا قال: وان كان من رواية جويبر عن الضحاك فاشد ضعفا، لان جويبرا شديد الضعف متروك ولم يخرج ابن جرير ولا ابن أبي حاتم من هذا الطريق شيئا، وانما اخرجها ابن مردويه وابوالشيخ ابن حبان (47).

السابع: طريق صالح، هو طريق أبي الحسن مقاتل بن سليمان بن بشير الخراساني، المروزي اصله من بلخ وانتقل إلى البصرة ودخل بغداد وحدث بها وكان مشهو را بتفسير كتاب اللّه العزيز، وله التفسير المشهو ر قال ابن خلكان: اخذ الحديث عن مجاهد بن جبر وعطا بن أبي رباح والضحاك وغيرهم، وكان من العلما الاجلا قال الإمام الشافعي: الناس كلهم عيال على مقاتل بن سليمان في التفسير (48) توفي سنة -150-.

قال احمد بن سى ار: كان من اهل بلخ، وتحول إلى مرو، وخرج إلى العراق توفي بالبصرة سنة -150-.

كان تفسيره موضع اعجاب العلما من أول يومه، غير انهم كانوا يتهمونه باشيا هو منها برا قال القاسم بن احمد الصفار: قلت لابراهيم الحربي: ما بال الناس يطعنون على مقاتل؟ قال: حسدا منهم له.

فعن ابن المبارك - لما نظر إلى شي من تفسيره: يا له من علم، لوكان له اسناد عبد الملك، عنه قال: ارم به، وما احسن تفسيره، لوكان ثقة قال عبد الرزاق: سمعت ابن عيينة يقول: قلت لمقاتل: تحدث عن الضحاك، وزعموا انك لم تسمع منه يبادله الحديث ساعات طوال (49).

ورماه أبوحنيفة بالتشبيه ولكن لما ساله بعضهم عن ذلك، فقال: بلغني انك تشبه؟ قال: انما اقول: ﴿قل هو اللّه احد، اللّه الصمد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد﴾فمن قال غير ذلك فقدكذب (50).

واخرج الخطيب عن القاسم بن احمد الصفار، قال: كان ابراهيم الحربي ياخذ مني كتب مقاتل، فينظر فيهافقلت له ذات يوم: اخبرني يا ابااسحاق، ما للناس يطعنون على مقاتل؟ قال: حسدا منهم لمقاتل، قال: وقال مقاتل:اغلق على وعلى الضحاك باب اربع سنين.

قال الخطيب: وكان له معرفة بتفسير القرآن، ولم يكن في الحديث بذاك واخرج عن احمد بن حنبل، قال:كانت له كتب ينظر فيها، الا اني ارى انه كان له علم بالقرآن وعن يحيى بن شبل، قال: قال لي عباد بن كثير: مايمنعك من مقاتل؟ قال: قلت: ان اهل بلادنا كرهو ه بقي احد اعلم بكتاب اللّه منه وكان عند سفيان بن عيينة كتاب مقاتل، كان يستدل به ويستعين به وقال مقاتل بن حيان - لما سئل انت اعلم ام مقاتل بن سليمان: ما وجدت علم مقاتل في علم الناس الا كالبحر الاخضر ﴿المحيط﴾ في سائر البحور وعن بقية بن الوليد، قال: كنت كثيرا اسمع شعبة وهو يسال عن مقاتل، فما سمعته قط ذكره الابخير.

ومن طريف ما يذكر عنه - وهو حال ببغداد: ان ابا جعفر المنصور كان جالسا ذات يوم، وكان ذباب قد الح عليه يقع على وجهه والح في الوقوع مرارا حتى اضجره فارسل من يحضر مقاتل بن سليمان، فلما دخل عليه قال له: هل تعلم لمإذا خلق اللّه الذباب؟ قال: نعم، ليذل اللّه به الجبارين، فسكت المنصور (51).

نعم كان الرجل صريحا في لهجته، واسع العلم، بعيد النظر، شديدا في دينه، صلبافي عقيدته وفوق ذلك كان يميل مع مذهب اهل البيت، ذلك المنهج الذي انتهجه اشياخه من قبل، من المتاثرين بمدرسة ابن عباس رضوان اللّه عليه، الأمر الذي جعل من نفسه مرمى سهام الضعفا القاصرين، وكم له من نظير.

يدلك على استقامة الرجل في المذهب، كما يدل على وثاقته واعتماد الاصحاب عليه ايضا، ما رواه ابوجعفر الصدوق باسناده الصحيح إلى الحسن بن محبوب - وهو من اصحاب الاجماع - عن مقاتل بن سليمان عن الإمام أبي عبد اللّه الصادق (ع) - يرفعه إلى رسول اللّه (ع)قال: قال: انا سيد النبيين ووصيي سيد الوصيين وأوصياؤه سادة الأوصيا - ثم جعل يذكر الانبيا وأوصياهم حتى انتهى إلى بردة، من أوصيا عيسى بن مريم (ع) - قال: ودفعها ﴿اي الوصاية﴾ إلى بردة، واناادفعها اليك يا على - إلى قوله - ولتكفرن بك الامة، ولتختلفن عليك اختلافا شديدا، الثابت عليك كالمقيم معي، والشاذ عنك كالشاذ مني، والشاذ منى في النار، والنار مثوى الكافرين (52).

هذه الرواية ان دلت فانما تدل على كون الرجل من اخص الخواص لدى الإمام (ع) وقد عده الشيخ ابوجعفرالطوسي، من اصحاب الباقر والصادق (ع) (53).

وله رواية اخرى، رواها الكليني باسناده الصحيح إلى ابن محبوب عنه عن الصادق (ع) (54).

وعده أبوعمروالكشي من البترية ﴿الزيدية﴾ (55) لكن يبعده ان عقيدته كانت امتدادا لعقيدة ابن عباس.

وبعد، فلعلك تعرف السبب فيما ذكره السيوطي بشانه: الكلبي يفضل عليه، لما في مقاتل من المذاهب الرديئة (56) اما الخليلي فقد انصف حيث قال: فمقاتل في نفسه ضعفوه، وقد ادرك الكبار من التابعين والشافعي اشار إلى ان تفسيره صالح (57).

الثامن - ايضا صالح: طريق أبي الحسن عطيه بن سعد بن جنادة، العوفي الكوفي المتوفى سنة -111- قال الذهبي: تابعي شهير (58)، روى عن ابن عباس وعكرمة وزيد بن ارقم وابي سعيدقال عطية: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث مرات على وجه التفسير، واما على وجه القراة فقرات عليه سبعين مرة وعن ملحقات الصراح: ان له تفسيرا في خمسة اجزا (59) قال ابن عدى: قد روى عن جماعة من الثقات، وهو مع ضعفه يكتب حديثه، وكان يعد مع شيعة اهل الكوفة كتب الحجاج إلى عامله محمد بن القاسم ان يعرضه على سب على (ع) فان لم يفعل فاضربه اربعمائة سوط واحلق لحيته، فاستدعاه فابى ان يسب، فامضى فيه حكم الحجاج ثم خرج إلى خراسان، فلم يزل بها حتى ولى عمر بن هبيرة العراق، فقدمها فلم يزل بها إلى ان توفي سنة -111- وقال ابن حجر: وكان ثقة ان شا اللّه، وله احاديث صالحة، قال: ومن الناس من لا يحتج به وقال ابن معين: صالح الحديث.

قال ابوبكر البزار: كان يعد في التشيع، وروى عنه جلة الناس وقال الساجي: ليس بحجة، وكان يقدم علياعلى الكل (60).

قال السيوطي: وطريق العوفي عن ابن عباس، اخرج منها ابن جرير وابن أبي حاتم كثيرا والعوفي ضعيف ليس بواه وربما حسن له الترمذي (61).

قلت: لا قدح فيه بعد ان كان منشا الغمز هو تشيعه لال بيت الرسول (ع) والدفاع عن حريمهم الطاهر ومن ثم فقد اعتمده القوم ورأوا احاديثه صالحة وكان عندهم مرضيا.

فقد ذكر ابوعبد اللّه الذهبي - في ترجمة ابان بن تغلب، بعد ان يصفه بانه شيعي جلد، لكنه صدوق، فلنا صدقه وعليه بدعته، وقد وثقه ابن حنبل وابن معين وابوحاتم: فلقائل ان يقول: كيف ساغ توثيق مبتدع، وحد الثقة العدالة والاتقان؟ فكيف يكون عدلا من هو صاحب بدعة؟ قال: وجوابه، ان البدعة على ضربين، فبدعة صغرى كغلوالتشيع أوكالتشيع بلا غلوولا تحرف، فهذا كثير في التابعين وتابعيهم، مع الدين والورع والصدق فلورد حديث هو لا، لذهب جملة من الاثار النبوية، وهذه مفسدة بينة (62).

قال ابن حجر - بعد ان ذكر توثيق ابن عدى لابان بن تغلب قائلا: له نسخ عامتهامستقيمة، إذا روي عنه ثقة وهو من اهل الصدق في الروايات، وان كان مذهبه مذهب الشيعة، وهو في الرواية صالح لا باس به - قال ابن حجر: هذا قول منصف، واما الجوزجاني فلاعبرة بحطه على الكوفيين (63).

وذكر النجاشي ان عطية العوفي، روى عنه ابان بن تغلب، وخالد بن طهمان السلولي، وزياد بن المنذر ﴿ابوالجارود﴾ (64).

قال المحدث القمي: عطية العوفي احد رجال العلم والحديث يروي عنه الاعمش وغيره، وروي عنه اخباركثيرة في فضائل امير المؤمنين (ع)، وهو الذي تشرف بزيارة الحسين (ع) مع جابر الانصاري يوم الاربعين، الذي يعد من فضائله انه كان أول من زاره بعد شهادته قال: ويظهر من كتاب بلاغات النسا انه سمع عبد اللّه الحسن يذكر خطبة فاطمة الزهرا﴿س﴾ في امر فدك (65).

ومن مواقفه الحاسمة دون بني هاشم، انه كان راس الفريق الذين انتدبهم أبوعبد الل ه الجدلي مبعوث المختاربن أبي عبيدة الثقفي في اربعة آلاف لانقاذ بني هاشم - وفيهم محمد ابن الحنفية وعبد اللّه بن عباس - من دورقد جمع عبد اللّه بن الزبير لهم حطبا ليحرقهم بالنار، ان لم يبايعوا، فدخل عطية بن سعد بن جنادة العوفي مكة، فكبروا تكبيرة سمعها ابن الزبير، فانطلق هاربا حتى دخل دار الندوة، ويقال: تعلق باستار الكعبة، وقال: اناعائذ اللّه فاقبل عطية فاخر الحطب عن الابواب، وانقذهم في تفصيل ذكره محمد بن سعد كاتب الواقدي في الطبقات (66).

قال الدكتور شواخ: كان عطية شيعيا وعده الكلبي حجة في تفسير القرآن وهذا التفسير مروي، فقد نقل الطبري من هذا التفسير نقولا استخدمها في -1560- موضعا من تفسيره بالسند التالي: ﴿حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني ابي، قال: حدثني عمي الحسين بن الحسن عن ابيه عن جده ﴿عطية بن سعد العوفي﴾ عن ابن عباس﴾ كما استخدم الطبري في تاريخة ايضا نقولا وشواهد من هذا التفسير وقد استخدم الثعلبي السند السابق في كتابه ﴿الكشف والبيان﴾ وهذا التفسير يدخل ضمن الكتب التي حصل الخطيب البغدادي على حق روايتهامن اساتذته في دمشق، كما في مشيخته، وتاريخ التراث العربي ﴿1/187- 188﴾ (67).

وذكر أبوجعفر محمد بن جرير الطبري - في المنتخب من ذيل المذيل - فيمن توفي سنة -111-، قال: ومنهم عطية بن سعد بن جنادة العوفي من جديلة قيس ويكنى ابا الحسن قال ابن سعد: اخبرنا سعيد بن محمد بن الحسن بن عطية، قال: جا سعد بن جنادة إلى على بن أبي طالب (ع) وهو بالكوفة فقال: يا امير المؤمنين، انه ولد لي غلام فسمه، فقال: هذا عطية اللّه، فسمي عطية وكانت امة رومية وخرج عطية مع ابن الاشعث هرب عطية إلى فارس، وكتب الحجاج إلى محمد بن القاسم الثقفي ان ادع عطية فان لعن على بن أبي طالب (ع) والافاضربه اربعمائة سوط واحلق راسه ولحيته فدعاه واقراه كتاب الحجاج، وابى عطية ان يفعل، فضربه اربعمائة سوط وحلق راسه ولحيته فلما ولى قتيبة بن مسلم خراسان خرج اليه عطية، فلم يزل بخراسان حتى ولى عمر بن هبيرة العراق، فكتب اليه عطية يساله الاذن له في القدوم فاذن له، فقدم الكوفة فلم يزل بها إلى ان توفي سنة -111- وكان كثير الحديث ثقة ان شا اللّه (68).

التاسع - وهو ايضا طريق صالح على الارجح: طريق أبي النضر محمد بن السائب بن بشر الكلبي الكوفي، النسابة المفسر الشهير عن أبي صالح مولى ام هانئ، عن ابن عباس.

وقد وصفه السيوطي بانه أوهى الطرق، واضاف: فان انضم إلى ذلك رواية محمد بن مروان السدي الصغير، فهي سلسلة الكذب قال: وكثيرا ما يخرج منها الثعلبي (69) والواحدي (70).

ثم استدرك ذلك بقوله: لكن قال ابن عدى في الكامل: للكلبي احاديث صالحة، وخاصة عن أبي صالح، واخيرا قال: وهو - الكلبي - معروف بالتفسير، وليس لاحد تفسير اطول ولا اشبع منه (71).

قال ابن خلكان: صاحب التفسير وعلم النسب، كان اماما في هذين العلمين (72).

قال ابن سعد: كان محمد بن السائب عالما بالتفسير وانساب العرب واحاديثهم، وتوفي بالكوفة سنة -146- في خلافة أبي جعفر المنصور (73).

وكان يتشيع عن ارث تليد، وليس طارفا قال ابن سعد: وكان جده بشر بن عمرووبنوه: السائب وعبيد وعبدالرحمان، شهدوا الجمل مع على بن أبي طالب (ع) (74).

وللكليني شهادة راقية بشان الكلبي، يذكر قصة استبصاره، ثم يعقبها بقوله:﴿فلم يزل الكلبي يدين اللّه بحب آل هذا البيت حتى مات﴾ (75).

ومن ثم رموه بالضعف تارة وبالابتداع اخرى، ومع ذلك فلم يجدوا بدا من الانصياع لمقام علمه الرفيع، وان يلمسوا اعتابه بكل خضوع وبخوع فقد اعتمده الائمة وجهابذة التفسير والحديث (76).

اما ما الصقوه به من الغلوفي التشيع فلا اساس له، وانما وضعوه عليه قصدا لتشويه سمعته، بعد ان لم يكن رميه بمجرد التشيع قدحا فيه فعن المحاربي قال: قيل لزائدة بن قدامة: ثلاثة لا تروي عنهم، ابن أبي ليلى، وجابرالجعفي، والكلبي؟ قال: اما ابن أبي ليلى فلست اذكره، واما جابر فكان يؤمن بالرجعة (77)، واما الكلبي - وكنت اختلف اليه - فسمعته يقول: مرضت مرضة فنسيت ما كنت احفظ، فاتيت آل محمد، فتفلوا في في فحفظت ما كنت نسيت (78) وعن أبي عوانة: سمعت الكلبي بشي، من تكلم به كفر قال الاصمعي:فراجعت الكلبي وسالته عن ذلك، فجحده قال الساجي: كان ضعيفا جدا، لفرطه في التشيع (79).

هذا، ولكن ابن عدى قال بشانه: له غير ذلك ﴿الذي رموه بالغلو﴾ احاديث صالحة، وخاصة عن أبي صالح، وهو معروف بالتفسير، وليس لاحد اطول من تفسيره قال: وحدث عنه ثقات من الناس ورضوه في التفسير (80).

ولابي حاتم - هنا - كلام غريب، ننقله بلفظه:

قال: يروي الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس التفسير، وابوصالح لم ير ابن عباس ولا سمع منه شيئا، ولا سمع الكلبي من أبي صالح الا الحرف بعد الحرف، فجعل لما احتيج له، تخرج له الارض افلاذ كبدها قال: لا يحل ذكره في الكتب، فكيف الاحتجاج به كلامه (81) ومحال ان يامر اللّه نبيه ان يبين لخلقه مراده ويفسره لهم، ثم لا يفعل، بل ابان عن مراد اللّه وفسر لامته ما يهم الحاجة اليه، وهو سننه (ع) فمن تت بع السنن، حفظها واحكمها، فقد عرف تفسير كلام اللّه، واغناه عن الكلبي وذويه.

قال: وما لم يبينه من معاني الاي، وجاز له ذلك، كان لمن بعده من امته اجوز وترك التفسير لما تركه رسول اللّه (ع) احرى ومن اعظم الدليل على ان اللّه لم يرد تفسير القرآن كله، ان النبى (ع) ترك من الكتاب متشابها من الاي، وآيات ليس فيها احكام، فلم يبين كيفيتها لامته، فدل ذلك على ان المراد من قوله: ﴿لتبين للناس ما نزل اليهم﴾ كان بعض القرآن لا كله (82).

قلت: هذا كلام ناشئ عن عصبية عميا كيف يجرا مسلم متعهد ان ينسب إلى رسول اللّه (ع) انه لم يفسرلامته جميع ما ابهم في القرآن ابهاما، وقد امره تعالى بذلك: وقد اثبتنا فيما قبل ان النبى (ع) بين الجميع اما في ايجاز أوتفصيل، ولم يترك شيئا تحتاج اليه امته - ومنها فهم معاني القرآن كله - لم يبينه لهم، انما عليه البيان كما كان عليه البلاغ.

اما توسع الكلبي في التفسير فامر معقول، بعد كونه ناجما عن توسعه في العلم، وتربيته في مهد العلم كوفة العلما الاعلام من صحابة الرسول الاخيار وهذا لا يعد عيبا في الرجل.

ولا عيب فيهم غير ان سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب.

وتفسير الكلبي هذا لا يزال موجودا منعما بالحياة، وقد استقصى الدكتور شواخ ‌نسخه المخطوطة في المكتبات اليوم، منذ نسخته التي كتبت سنة -144- ه حتى القرن -12- (83).

واما ابوصالح - ويقال له: بإذام أوبإذان، مولى ام هانئ بنت أبي طالب - فقد روى عن علي (ع) وابن عباس ومولاته ام هانئ، وروى عنه الاجلا كالاعمش والسدي الكبير والكلبي والثوري وغيرهم.

قال على بن المديني عن يحيى القطان: لم ار احدا من اصحابنا تركه، وما سمعت احدا من الناس يقول فيه شيئا.

قال ابن حجر: وثقه العجلي وحده قال: ولما قال عبد الحق - في الاحكام: ان ابا صالح ضعيف جدا، انكرعليه أبوالحسن ابن القطان في كتابه (84) وقال ابن معين: ليس به باس وقال ابن عدى: عامة ما يرويه تفسير (85).

قلت: ما وجه تضعيفه الا ما ضعف به نظراؤه ممن حام حول هذا البيت الرفيع، إذ من الطبيعي ان مولى ام هانئ اخت الإمام امير المؤمنين، وقد كانت كاخيها الإمام موضع عناية النبى (ع) من أول يومها (86)، وكانت ذات علاقة باخيها امير المؤمنين (ع) تخلص له الولا، فلايكون مولاها - وهو تحت تربيتها - بالذي يختار غيرسبيلها المستقيم، فلا غرواذن ممن لا يعرف ولا لهذا البيت ان يتهم الموالين لهم، واقله الرمي بالضعف هذا الجوزجاني يقول: كان يقال له: ذوراي غير محمود (87) نعم غير محمود عندهم، ولا كان مرضيا لديهم، مادام لم ينخرط في زمرتهم من ذوي الراي العام.

وبعد، فقد تفرد ابن حبان بان اباصالح بإذان لم يسمع عن ابن عباس كيف لم يسمع منه وهو معه في زمرة على مع سائر أوليائه الكرام قال ابن سعد: ابوصالح، واسمه بإذام، ويقال: بإذان، مولى ام هانئ بنت أبي طالب، وهو صاحب التفسير الذي رواه عن ابن عباس، ورواه عنه الكلبي محمد ابن السائب، وايضا سماك بن حرب واسماعيل بن أبي خالد (88).

واما محمد بن مروان بن عبد اللّه الكوفي، السدي الصغير، فقد روى عن جماعة من اهل العلم كالاعمش ويحيى بن سعيد الانصاري ومحمد بن السائب الكلبي واضرابهم وروى عنه الكثير من الاعلام كالاصمعي وهشام بن عبيد اللّه الرازي ويوسف بن عدى وامثالهم مما ينبؤك عن موضع الرجل، وانه موضع الثقة من ائمة الحديث.

وقد ضعفه كثير من اصحاب التراجم (89) على ديدنهم في التحامل على الكوفيين، على ما اسلفنا، سوى ان محمد بن اسماعيل البخاري لم يضعفه صريحا، إذ لم يجد إلى ذلك سبيلا، واكتفى بان لا يكتب حديثه قال:محمد بن مروان الكوفي، صاحب الكلبي، سكتوا عنه، لا يكتب حديثه البتة (90) وقال النسائي: متروك الحديث (91).

وقد عده ابن شهر آشوب من اصحاب الإمام محمد بن علي الباقر(ع)، قال: ومحمد بن مروان الكوفي، من ولدابي الاسود (92)، ولعله من جهة البنت وكذا عده الشيخ من رجال الباقر(ع) (93)، لكن وصفه بالكلبي نسبة إلى شيخه محمد بن السائب وفي الكشي - في ترجمة معروف بن خربوذ - رواية عن محمد بن مروان - ولعله السدي - تدل على ملازمته للامام الصادق (ع) عند ما كان يقدم عليه المدينة، أوعند ما كان الإمام مبعدا إلى الحيرة في العراق (94).

واما التفسير الذي يحمل عنوان ﴿تفسير ابن عباس﴾ باسم ﴿تنوير المقباس﴾ (95)، فقد ذكروا انه من جمع الفيروزآبادي صاحب القاموس، لكنه بنفس الاسناد الذي وصفه السيوطي بانه سلسلة الكذب حسب تعبيره.

واليك بعض الكلام عنه:


1- مناهج في التفسير، ص 40 41.

2- راجع: الاتقان، ج4، ص 207 209.

3- تهذيب التهذيب، ج7، ص 340.

4- الاتقان، ج4، ص 207.

5- المصدر نفسه.

6- قال الذهبي: كان فيه لين اخذ عن خالد بن معدان وعمير بن هانئ ﴿ميزان الاعتدال، ج3،ص 103﴾ وقد تركه ابن حجر اما عمير بن هانئ فكان ممن ولاه الحجاج قضا الكوفة، وكان يرى البيعة ليزيد بن الوليد هجرة ثانية بعد الهجرة الى اللّه ورسوله ﴿الميزان، ج2،ص 297﴾ واما خالد بن معدان فكان من فقها الشام وكان يروي عن معأوية بن ابي سفيان ﴿تهذيب التهذيب، ج3، ص 118﴾، وقد حيكت حوله خرافات وأوهام، وانه كان اصبعه يتحرك بالتسبيح حين وضع على المغتسل.

7- تهذيب التهذيب، ج7، ص 340.

8- الاتقان، ج4، ص 207.

9- الاتقان، ج4، ص 208.

10- تهذيب التهذيب، ج8، ص 394.

11- معجم رجال الحديث للامام الخوئي، ج11، ص 145، رقم 7688.

12- تاسيس الشيعة لعلوم الاسلام للسيد الصدر، ص 233 وراجع: التقريب، ج2، ص 144،رقم40.

13- كشف الظنون، ج2، ص 1012.

14- الاتقان، ج4، ص 209.

15- تاريخ التراث العربي، ج1، ص 191 192 معجم مصنفات القرآن الكريم، ج2، ص 165.

16- الاتقان، ج4، ص 208.

17- كان يقعد في سدة باب الجامع في الكوفة فسمي بذلك توفي سنة127.

18- قيل كان يتنأول الشيخين تهذيب التهذيب، ج1 ص 314.

19- تهذيب التهذيب لابن حجر، ج1، ص 314.

20- رجال الطوسي، ص 82، رقم5، وص 105، رقم19، وص 148، رقم105.

21- تنقيح المقال، ج1، ص 137، رقم861.

22- المناقب، ج4، ص 177.

23- بحار الانوار، ج45، ص 321 322.

24- ميزان الاعتدال للذهبي، ج2، ص 659 رقم 5227.

25- وفيات الاعيان، ج3، ص 163، رقم 375.

26- تاريخ بغداد، ج10، ص 400 407.

27- تهذيب التهذيب، ج6، ص 406.

28- المصدر نفسه، ج7، ص 213 214.

29- الكافي الشريف، ج5، ص 451، رقم6 وراجع: الوسائل، ج18، ص 100، رقم5.

30- راجع: التعليقة ﴿هامش رجال الاسترابادي﴾، ص 215.

31- راجع: تنقيح المقال للمامقاني، ج2، ص 229.

32- تهذيب الاحكام، ج7، ص 241، رقم 1051/ 3، باب 23 وراجع: الوافي، ج12، مج3،ب 52، من النكاح، ص 52.

33- تهذيب التهذيب، ج6، ص 406.

34- من لا يحضره الفقيه، ج3، ص 61، رقم2.

35- رجال الطوسي، ص 233، رقم 162.

36- رجال الكشي ﴿ط نجف﴾ ص 333، رقم248 252.

37- تنقيح المقال، ج2 ﴿ط1﴾، ص 229، رقم7493.

38- المناقب، ج4، ص 177.

39- المعارف، ص 201 202.

40- تهذيب التهذيب، ج4، ص 454.

41- ميزان الاعتدال، ج2، ص 325.

42- تنقيح المقال، ج2، ص 105 / 5832.

43- رجال الطوسي، ص 94.

44- التفسير، ج1، ص 4.

45- التفسير، ج2، ص 450.

46- معجم رجال الحديث، ج1، ص 49 وج9، ص 145 146.

47- تقريب التهذيب، ج1، ص 373 / 7.

48- الاتقان، ج4، ص 208.

49- وفيات الاعيان، ج5، ص 255، رقم 733 قال شواخ: وتوجد قائمة بالتفاسير الثابتة التي اخذت من هذه التفاسير عند مسينون وكان هذا التفسير احد مراجع الثعلبي في كتابه ﴿﴿الكشف والبيان﴾﴾ وقد حصل الخطيب البغدادي في دمشق على اجازته وروايته كما في مشيخته وقداستخدمه الطبري في تفسيره وفي تاريخه وقد حققه الدكتور شحاتة، وهو في رواية ابي صالح الهذيل بن حبيب الدنداني الذي كان يعيش في سنة ﴿190﴾ ه وقد اضاف هذا في بعض المواضيع في نص مقاتل من اسانيد بعض الاخرين راجع: معجم مصنفات القرآن الكريم، ج2، ص 170، رقم1007.

50- تهذيب التهذيب، ج10، ص 280.

51- المصدر نفسه، ص 281 282.

52- تاريخ بغداد، ج13، ص 160 169 وابن خلكان، ج5، ص 255، رقم 733.

53- من لايحضره الفقيه، ج4، ص 129 130، باب 27 / 1.

54- رجال الطوسى، ص 138، رقم49 وص 313، رقم 536.

55- روضة الكافي، ج8، ص 233، رقم308.

56- رجال الكشي، ص 334، رقم 252.

57- الاتقان، ج4، ص 209.

58- المصدر نفسه، ص 208.

59- ميزان الاعتدال، ج3، ص 79 80 رقم 5667.

60- تنقيح المقال للمامقاني، ج2، ص 253، رقم 7941.

61- تهذيب التهذيب، ج7، ص 224 226.

62- الاتقان، ج4، ص 209.

63- ميزان الاعتدال، ج1، ص 5.

64- تهذيب التهذيب، ج1، ص 93.

65- رجال النجاشي ﴿ط حجرية﴾، ص 7 و110 و121.

66- سفينة البحار، ج2، ص 205 واما الزيارة فقد نقلها السيد امين في اللواعج، ص 237 238 عن كتاب بشارة المصطفى لعماد الدين الطبري.

67- الطبقات، ج5، ص 74 75 في ترجمة محمد ابن الحنفية ﴿ط ليدن1322 ه﴾.

68- معجم مصنفات القرآن الكريم، ج2، ص 162، رقم 997.

69- منتخب ذيل المذيل، ص 128 الملحق بالجز الثامن من تاريخ الطبري ﴿ط القاهرة1358 ه﴾.

70- هو ابواسحاق احمد بن محمد بن ابراهيم النيسابوري وقد اعتمده اكابر المفسرين امثال الزمخشري والطبرسي وغيرهما قال القمي: كان يتشيع، أولم يكن يتعصب كما يتعصب اقرانه توفي سنة 427 أو437 ﴿الكنى والالقاب، ج2، ص 131﴾.

71- هو ابوالحسن على بن احمد النيسابوري استاذ عصره وواحد دهره، وكان النظام يكرمه ويعظمه توفي سنة468 ﴿الكنى والالقاب، ج3، ص 277﴾.

72- الاتقان، ج4، ص 209.

73- وفيات الاعيان، ج4، ص 309، رقم634.

74- الطبقات، ج6، ص 249 ﴿ط ليدن﴾.

75- المصدر نفسه وتهذيب التهذيب، ج9، ص 180.

76- الكافي الشريف، ج1، ص 351،رقم 6.

77- تهذيب التهذيب، ج9، ص 178 رقم 266.

78- بمإذا يفسر منكروا الرجعة، قوله تعالى: ﴿وإذا وقع القول عليهم اخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم ان الناس كانوا بياتنا لايوقنون ويوم نحشر من كل امة فوجا ممن يكذب باياتنا فهم يوزعون﴾ النمل / 82 83. ما ذاك اليوم الذي تخرج الدابة لتكلمهم ولتلزمهم الحجة، وقد وقع القول عليهم ؟ ج7، ص 234 235﴾. وما ذاك اليوم الذي يحشر من كل امة فوج ؟ وقد صرح المفسرون بان ﴿﴿من﴾﴾ هنا للتبعيض ﴿الفخر، ج24، ص 218﴾. في حين ان يوم الحشر الاكبر هو اليوم الذي يحشر فيه الناس جميعا ﴿وحشرناهم فلم نغادر منهم احدا﴾ الكهف / 47، قال تعالى: ﴿ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السمأوات ومن في الارض الا من شا اللّه وكل اتوه داخرين﴾ النمل / 87.

79- هذا كلام من اعمته العصبية الجهلا، كيف يستنكر ذلك بشان آل محمد الطيبين الذين اذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا الكريم (ع) حسبما رواه الفريقان واتفقت عليه كلمة الائمة الثقات قال ابونعيم:فبصق رسول اللّه (ع) في عينيه ودعا له فبرا حتى كان لم يكن به وجع ﴿حلية الأوليا، ج1،ص 62، رقم4﴾. وهذا من فضل اللّه على عباده المخلصين، يجيب دعاهم ويجعل الشفا على يديهم رحمة منه على العباد.

80- تهذيب التهذيب، ج9، ص 179 180.

81- تهذيب التهذيب، ج9، ص 180.

82- في الاية، رقم44 من سورة النحل.

83- كتاب المجروحين لابن حبان، ج2، ص 255.

84- معجم مصنفات القرآن الكريم، ج2، ص 166 169، رقم1005.

85- تهذيب التهذيب، ج1، ص 416.

86- ميزان الاعتدال، ج1، ص 296.

87- راجع: الاصابة لابن حجر، ج4، ص 503.

88- تهذيب التهذيب، ج1، ص 417.

89- الطبقات، ج6، ص 207 ﴿طليدن﴾.

90- تهذيب التهذيب، ج9، ص 436، رقم 719.

91- كتاب الضعفا للبخاري، ص 105، رقم340.

92- كتاب الضعفا والمتروكين للنسائي، ص 94، رقم538.

93- المناقب، ج4، ص 211.

94- رجال الطوسي، ص 135، رقم4.

95- رجال الكشي، ص 184، رقم88.