المرحلة الأولى التفسير في عهد الرسالة
النبى (ع) مفسرا هل تنأول القرآن كله بالتفسير؟.
حجم الماثور من تفاسيره أوجه بيانه لمعاني القرآن نماذج من تفاسيره التفسير في نشاته الأولى.﴿في عهد الرسالة﴾.
قال تعالى: ﴿ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شي وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين﴾ (1).
ان في القرآن الكريم من اصول معارف الاسلام وشرائع احكامه، الاسس الأولية التي لا غنى لاى مسلم يعيش على هدى القرآن ويستظل بظل الاسلام، ان يراجع دلائله الواضحة ويتلمس حججه اللائحة، وان ابهم عليه شي فليستطرق ابواب اهل الذكر ممن نزل القرآن في بيوتهم، فيهدوه سوا السبيل.
نعم كان رسول اللّه (ع) هو المرجع الأول لفهم غوامض الايات وحل مشاكلها، مدة حياته الكريمة، إذ كان عليه البيان كما كان عليه البلاغ قال تعالى: ﴿وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتفكرون﴾ (2)، فكان دوره (ع) دور مرشد ومعين، وكان الناس هم المكلفين بالتفكر في آيات اللّه والتماس حججه.
وقد تصدى النبى (ع) لتفصيل ما اجمل في القرآن اجمالا، وبيان ما ابهم منه اما بيانا في احاديثه الشريفة وسيرته الكريمة، أوتفصيلا جا في حل تشريعاته من فرائض وسنن واحكام وآداب، كانت سنته (ع)قولا وعملا وتقريرا، كان كلها بيانا وتفسيرا لمجملات الكتاب العزيز وحل مبهماته في التشريع والتسنين فقد كان قوله (ع): ﴿صلوا كما رايتموني اصلي﴾ شرحا وبيانا لما جا في القرآن، من قوله تعالى: ﴿اقيمواالصلاة﴾ (3) ولقوله: ﴿ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا﴾ (4) وكذا قوله (ع):﴿خذوا عني مناسككم﴾ بيان وتفسير لقوله تعالى: ﴿وللّه على الناس حج البيت﴾ (5)، وهكذا فكل ماجا في الشريعة من فروع احكام العبادات والسنن والفرائض، واحكام المعاملات، والانظمة والسياسات، كل ذلك تفصيل لما اجمل في القرآن من تشريع وتكليف.
وهكذا كان الصحابة يستفهمونه كلما تلا عليهم القرآن أواقراهم آية أوآيات، كانوا لايجوزونه حتى يستعلموا ما فيه من مرام ومقاصد واحكام، ليعملوا بها وياخذوا بمعالمها.
اخرج ابن جرير باسناده عن ابن مسعود، قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجأوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن وقال أبوعبد الرحمان السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا، انهم كانوا يستقرئون من النبى (ع) فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، قال: فتعلمنا القرآن والعمل جميعا (6).
نعم، ربما كانوا يحتشمون هيبة الرسول (ع) فتحجبهم دون مسائلته، فكانوا يترصدون مجي الاعراب المغتربين عن البلاد، ليسالوه عن مسائل، فيغتنموها فرصة كانوا يترقبونها.
قال علي (ع): وليس كل اصحاب رسول اللّه (ع) كان يساله ويستفهمه، حتى كانوا ليحبون ان يجي الاعرابى أوالطارئ فيساله (ع) حتى يسمعوا قال: وكان لا يمر من ذلك شي الا سالت عنه وحفظته (7).
وهكذا حدث أبوامامة ابن سهل بن حنيف (8) قال: كان اصحاب رسول اللّه (ع)يقولون: ان اللّه ينفعنابالاعراب ومسائلهم، قال: اقبل اعرابي يوما فقال: يا رسول اللّه، لقد ذكر اللّه في القرآن شجرة مؤذية، وما كنت ارى ان في الجنة شجرة تؤذي صاحبها السدر، فان لها شوكا فقال رسول اللّه:﴿في سدر مخضود﴾ (9) يخضد اللّه شوكه فيجعل مكان كل شوكة ثمرة، فانها تنبت ثمرا، تفتق الثمرة معهاعن اثنين وسبعين لونا، ما منها لون يشبه الاخر (10).
ومن ثم كان ابن مسعود يقول: واللّه الذي لا اله غيره ما نزلت آية في كتاب اللّه الا وانا اعلم فيم نزلت واين نزلت وهكذا تواتر عن الإمام امير المؤمنين (ع)، وتلميذه ابن عباس، وغيرهم من علما الصحابة، حسبماياتي في تراجمهم (11).
1- النحل / 89.
2- النحل / 44.
3- البقرة / 43.
4- النساء/ 103.
5- آل عمران / 97.
6- تفسير الطبري، ج1، ص 27 28 وص 30.
7- المعيار والموازنة للاسكافي، ص 304.
8- اسمه اسعد، سماه بذلك رسول اللّه (ع) ودعا له وبرك عليه توفي سنة ﴿100﴾ وهو ابن نيف وتسعين ﴿اسد الغابة، ج5، ص 139﴾.
9- الواقعة / 28.
10- اخرجه الحاكم وصححه، المستدرك، ج2، ص 476.
11- عند الكلام عن دور الصحابة في التفسير.