نماذج من تراجم خاطئة

لا ريب ان كل عمل فردي قد يتحمل اخطا لا يتحملها عمل جماعي، ومن ثم وقع الكثير من الافاضل في مزق الانفراد فزلوا أواخطأوا المقصود، هذا الإمام بدر الدين الزركشي، المضطلع باللغة والادب، وكذا تلميذه جلال الدين السيوطي الخبير بمواضع الكلام، نراهما قد اشتبها في (1)، فزعماه من: هدى يهدي (2). مع العلم انه من: هاد يهو د لكن الزمخشري في تفسيره يقول: هدنا - بالضم: فعلنا من: هاده يهيده (3).

وقال الراغب: الهو د: الرجوع برفق، ومنه التهو يد وهو مشي كالدبيب وصار ﴿الهو د﴾ في التعارف التوبة، قال تعالى: ﴿انا هدنا اليك﴾ اي تبنا (4).

والاعجب اشتباه مثل الراغب، ذكر في مادة ﴿عنت﴾ قوله تعالى: ﴿وعنت الوجوه للحي القيوم﴾ (5) اي ذلت وخضعت (6)، في حين انه من ﴿عنى﴾ بمعنى العنا وهو ذل الاستسلام، ولذلك يقال للاسير: العاني وقد غفل الراغب فذكره في ﴿عنى﴾ ايضا قال الطبرسي: اي خضعت وذلت خضوع الاسير في يد من قهره (7).

فإذا كان مثل هؤلا الائمة الاعلام يزلون مغبة انفرادهم في المسيرة، فكيف بمن دونهم من ذوي الاقلام؟ هذا العلامة المعاصر ﴿الهى قمشه اى﴾ مع اضطلاعه بالادب والعلوم الإسلامية، تراه لم يسلم - في ترجمته الفارسية للقرآن الكريم - من ذلة الانفراد، فقد ترجم قوله تعالى: ﴿فاتت به قومها تحمله قالوا يامريم لقد جئت شيئا فريا﴾ (8) بما يلي:

﴿آنگاه قوم مريم كه به جانب أوآمدند كه از اين مكان همراه ببرند گفتند﴾.

فحسب من القوم فاعلا، وانهم اتوا مريم مريم، وانهم اتوها ليحملوها معهم في حين ان الاية تعني: ﴿ان مريم ﴿س﴾ هي التي اتت إلى القوم، في حال كونها تحمل الوليد المسيح (ع) على عكس ما زعمه المترجم.

وهكذا ترجم قوله تعالى: ﴿وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم﴾ (9) إلى قوله: ﴿توخود بر آن مردم گواه وناظر اعمال بودى مادامى كه من در ميان آنها بودم﴾ في ﴿كنت﴾ للمتكلم لاللمخاطب، فضلا عن تهافت المعنى على حسابه.

وترجم قوله تعالى: ﴿فيومئذ لا يعذب عذابه احد ولا يوثق وثاقه احد﴾ (10)، إلى قوله: ﴿وآنروز بمانند عذاب انسان كافر هيچكس عذاب نكشد، وآنگونه جز انسان كافر، كسى به بند ﴿هلاك﴾ گرفتارنشود﴾ فحسب من ﴿لا يعذب﴾ و﴿لا يوثق﴾ مضارعا مبنيا للمفعول، كما حسب من الضمير عوده إلى الانسان المعذب والموثق.

وهذه غفلة عجيبة في قراة الاية القرآنية، لا يمكن اعفاؤها ابدا.

وقد جمع الدكتور السيد عبد الوهاب الطالقاني (11) من ذلك لمة من تراجم قام بها اساتذة ذووا كفاة راقية، فكيف بغير الاكفا ومن التراجم الاجنبية، جات ترجمة ﴿كازانوفا﴾ لكلمة ﴿الامي﴾ - وصفا للنبي (ع)بمعنى ﴿الشعبي﴾ ماخوذامن ﴿الامة﴾ حسبما زعم في حين انه من ﴿ام القرى﴾ - اسما لمكة المكرمة - ليكون بمعنى ﴿المكي﴾، أونسبة إلى ﴿الام﴾ كناية عن الذي لا يكتب ولا يقرا.

وترجم ﴿كازيميرسكي﴾ ﴿اسجدوا﴾ في قوله تعالى: ﴿وإذ قلنا للملائكة اسجدوا (12) في حين انه بمعنى الخضوع التام لادم (ع) أوجعله قبلة بمعنى ﴿اعبدوا لادم﴾ للسجود للّه تعالى - كما عن بعض التفاسير.

وترجم ﴿هو ا﴾ قوله تعالى: ﴿وافئدتهم هو ا﴾ (13) بمعنى الهو ى والميل النفساني، في حين انه بمعنى ﴿الفارغة الجوفا﴾ (14).

التفسير نشاته وتطوره في مراحل:

أولا - في عهد الرسالة.

ثانيا - في دور الصحابة.

ثالثا - في دور التابعين.

رابعا - دور اهل البيت في التفسير.

خامسا - التفسير في دور التدوين.


1- من قوله تعالى:﴿واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الاخرة، انا هدنا اليك﴾ الاعراف /156.

2- قال الزركشي ﴿البرهان، ج1، ص 103-104﴾: فمنه الهدى سبعة عشر حرفا الى قوله أوبمعنى التوبة: ﴿﴿انا هدنا اليك﴾﴾ اي تبنا: وقال السيوطي ﴿الاتقان، ج2، ص 122-123﴾: من ذلك الهدى ياتي على سبعة عشروجها الى قوله والتوبة: ﴿﴿انا هدنا اليك﴾﴾ .

3- الكشاف، ج2، ص 165.

4- المفردات، ص 546.

5- طه / 111.

6- المفردات، ص 349.

7- مجمع البيان، ج7، ص 31.

8- مريم / 27.

9- المائدة / 117.

10- الفجر/ 24-25.

11- نشر بعضها في مجلة ﴿كيهان انديشه﴾، ع28، ص 223.

12- البقرة /34.

13- ابراهيم /14.

14- من رسالة ﴿﴿القرآن والترجمة﴾﴾ ص 11، للاستاذ عبدالرحيم محمد علي النجفي.