معاني التأويل

جاء استعمال لفظ ﴿التأويل﴾ في القرآن على ثلاثة وجوه:

1- تأويل المتشابه، بمعنى توجيهه حيث يصح ويقبله العقل والنقل، اما في متشابه القول، كما في قوله تعالى:﴿فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله﴾ (1)، أو في متشابه الفعل، كما في قوله: ﴿سانبؤك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا﴾، ﴿ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا﴾ (2).

2- تعبير الرؤيا، وقد جا مكررا في سورة يوسف في ثمانية مواضع:﴿6و21و36و37و44و45و100و101﴾.

3- مل الأمر وعاقبته، وما ينتهى اليه الأمر في نهاية المطاف، قال تعالى: ﴿وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير واحسن تأويلا﴾ (3)، اي اعود نفعا واحسن عاقبة.

ولعل منه قوله: ﴿فان تنازعتم في شى فردوه إلى اللّه والرسول، ان كنتم تؤمنون باللّه واليوم الا خر، ذلك خير واحسن تأويلا﴾ (4)، اي انتج فائدة وافضل ملا.

ويحتمل أوجه تفسيرا واتقن تخريجا للمعنى المراد، نظير قوله تعالى: ﴿ولوردوه إلى الرسول والى أولي الا مر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم﴾ (5)، وقال تعالى: ﴿هل ينظرون الا تأويله يوم ياتي تأويله﴾ (6)، اي هل ينتظرون مإذا يؤول اليه امر الشريعة والقرآن، لكن لا يطول بهم الانتظار﴿يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين﴾ (7)، ﴿كانهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار﴾ (8)، ﴿ولات حين مناص﴾ (9).

4- والمعنى الرابع - للتأويل - جا استعماله في كلام السلف: مفهو م عام، منتزع من فحوى الاية الواردة بشان خاص، حيث العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص المورد.

وقد عبر عنه بالبطن المنطوي عليه دلالة الاية في واقع المراد، في مقابلة الظهر المدلول عليه بالوضع والاستعمال، حسب ظاهر الكلام قال رسول اللّه (ع): ﴿ما في القرآن آية الا ولها ظهر وبطن﴾.

سئل الإمام ابوجعفر الباقر(ع) عن هذا الحديث الماثور عن رسول اللّه (ع)، فقال: ﴿ظهره تنزيله وبطنه تأويله، منه ما قد مضى ومنه ما لم يكن، يجري كما تجري الشمس والقمر﴾ (10).

وقال (ع): ﴿ولوان الاية إذا نزلت في قوم ثم مات أولئك القوم، ماتت الاية ولما بقي من القرآن شي ولكن القرآن يجري أوله على آخره، ما دامت السمأوات والارض، ولكل قوم آية يتلونها، هم منها من خير أوشر﴾ (11).

وفي الحديث عنه (ع): ﴿ان فيكم من يقاتل على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله، وهو على بن أبي طالب﴾ (12).

فانه (ع) قاتل على تنزيل القرآن، حيث كان ينزل بشان قريش ومشركي العرب ممن عاند الحق وعارض ظهو ر الاسلام اما على (ع) فقد قاتل اشباه القوم ممن عارضوا بقا الاسلام، على نم ط معارضة اسلافهم في البد.

ولهذا المعنى عرض عريض، ولعله هو الكافل لشمول القرآن وعمومه لكل الازمان والاحيان فلولا تلك المفاهيم العامة، المنتزعة من موارد خاصة - وردت الاية بشانها بالذات - لما بقيت لاكثر الايات كثير فائدة، سوى تلأوتها وترتيلها ليل نهار.

واليك بعض الامثلة على ذلك:


1- آل عمران / 7.

2- الكهف / 78، 82.

3- الاسراء/ 35.

4- النساء/ 59.

5- النساء/ 83.

6- الاعراف / 53.

7- الفرقان / 22.

8- الاحقاف / 35.

9- ص / 3.

10- بصائر الدرجات، الصفار، ص 195.

11- تفسير العياشي، ج1، ص 10، رقم7.

12- المصدر نفسه، ص 15، رقم6.