سورة الواقعة

وأصحب اليمين ما أصحب اليمين (27)

314 - الطوسي أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل قال: حدثنا محمد بن فيروز بن غياث الجلاب بباب الأبواب قال: حدثنا محمد بن الفضل بن المختار الباني ويعرف بفضلان صاحب الجار قال: حدثني أبي الفضل بن مختار، عن الحكم بن ظهير الفزاري الكوفي (1)، عن ثابت بن أبي صفية أبي حمزة قال: حدثني أبو عامر القاسم بن عوف (2)، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال: حدثني سلمان الفارسي (رضي الله عنه) قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرضه الذي قبض فيه، فجلست بين يديه وسألته عما يجد، وقمت لأخرج فقال لي: اجلس يا سلمان فسيشهدك الله عز وجل أمرا انه لمن خير الأمور، فجلست فبينا أنا كذلك إذ دخل رجال من أهل بيته ورجال من أصحابه ودخلت فاطمة ابنته فيمن دخل، فلما رأت ما برسول الله (صلى الله عليه وآله) من الضعف خنقتها العبرة حتى فاض دمعها على خدها، فأبصر ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: ما يبكيك يا بنية أقر الله عينك ولا أبكاها ؟ قالت: وكيف لا أبكي وأنا أرى ما بك من الضعف.

قال لها: يا فاطمة توكلي على الله واصبري كما صبر آباؤك من الأنبياء وأمهاتك من أزواجهم، ألا أبشرك يا فاطمة ؟ قالت: بلى يا نبي الله - أو قالت يا أبة - قال: أما علمت أن الله تعالى اختار أباك فجعله نبيا وبعثه إلى كافة الخلق رسولا، ثم اختار عليا فأمرني فزوجتك إياه واتخذته بأمر ربي وزيرا ووصيا يا فاطمة ان عليا أعظم المسلمين على المسلمين بعدي حقا وأقدمهم سلما وأعلمهم علما وأحلمهم حلما وأثبتهم في الميزان قدرا، فاستبشرت فاطمة (عليها السلام) فأقبل عليها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: هل سررتك يا فاطمة ؟ قالت: نعم يا أبة.

قال: أفلا أزيدك في بعلك وابن عمك من مزيد الخير وفواضله ؟ قالت: بلى يا نبي الله.

قال: ان عليا أول من آمن بالله عز وجل ورسوله من هذه الأمة هو وخديجة أمك، وأول من وازرني على ما جئت، يا فاطمة ان عليا أخي وصفيي وأبو ولدي، ان عليا أعطي خصالا من الخير لم يعطها أحد قبله ولا يعطاها أحد بعده، فأحسني عزاك واعلمي أن أباك لاحق بالله عز وجل.

قالت: يا أبتاه فرحتني وأحزنتني.

قال كذلك يا بنية أمور الدنيا يشوب سرورها حزنها وصفوها كدرها، أفلا أزيدك يا بنية ؟ قالت: بلى يا رسول الله.

قال: ان الله تعالى خلق الخلق فجعلهم قسمين، فجعلني وعليا في خيرهما قسما، وذلك قوله عز وجل ﴿وأصحب اليمين ما أصحب اليمين﴾ ثم جعل القسمين قبائل فجعلنا في خيرهما قبيلة، وذلك قوله عز وجل ﴿وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾ (3) ثم جعل القبائل بيوتا فجعلنا في خيرها بيتا في قوله سبحانه ﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا﴾ (4) ثم إن الله تعالى اختارني من أهل بيتي واختار عليا والحسن والحسين واختارك، فأنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب وأنت سيدة النساء والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ومن ذريتكما المهدي يملأ الله عز وجل به الأرض عدلا كما ملئت من قبله جورا (5).


1- تأويل الآيات الظاهرة: ج 2، ح 21، ص 665.

2- تفسير الطبري: ج 28، ص 3. ورواه أبو جعفر النحاس في (الناسخ والمنسوخ): ص 233، قال: قرأ علي أحمد بن عمرو بن عبد الخالق عن يوسف بن موسى حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا أبو حمزة الثمالي وهو ثابت بن أبي صفية عن عكرمة عن ابن عباس، وذكر مثله.

3- السنن الكبرى: ج 7، كتاب الظهار، باب سبب نزول آية الظهار، ص 382.

4- السنن الكبرى: ج 7، كتاب الظهار، ص 392.

5- مناقب علي بن أبي طالب: ص 12. في الدر المنثور: ج 6، ص 185: أخرج سعيد بن منصور وابن راهويه وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه عن علي قال: ان في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي آية النجوى * (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) * كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم فكنت كلما ناجيت النبي (صلى الله عليه وسلم) قدمت بين يدي درهما ثم نسخت فلم يعمل بها أحد فنزلت * (أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات) * الآية.