سورة الأنبياء

أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما... (30)

202 - الكليني عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي وأبو منصور، عن أبي الربيع قال: حججنا مع أبي جعفر (عليه السلام) في السنة التي كان حج فيها هشام بن عبد الملك وكان معه نافع مولى عمر بن الخطاب فنظر نافع إلى أبي جعفر (عليه السلام) في ركن البيت وقد اجتمع عليه الناس فقال نافع: يا أمير المؤمنين من هذا الذي قد تداك عليه الناس ؟ فقال: هذا نبي أهل الكوفة هذا محمد بن علي فقال: اشهد لآتينه فلأسألنه عن مسائل لا يجيبني فيها إلا نبي أو ابن نبي أو وصي نبي، قال: فاذهب إليه وسله لعلك تخجله فجاء نافع حتى اتكأ على الناس ثم أشرف على أبي جعفر (عليه السلام) فقال: يا محمد بن علي إني قرأت التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وقد عرفت حلالها وحرامها وقد جئت أسألك عن مسائل لا يجيب فيها إلا نبي أو وصي نبي قال: فرفع أبو جعفر رأسه فقال: سل عما بدا لك، فقال....

: اخبرني عن قول الله عز وجل: ﴿أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما﴾ ؟ قال: إن الله تبارك وتعالى لما أهبط آدم إلى الأرض وكانت السماوات رتقا لا تمطر شيئا وكانت الأرض رتقا لا تنبت شيئا، فلما أن تاب الله عز وجل على آدم (عليه السلام) أمر السماء فتقطرت بالغمام ثم أمرها فأرخت عزاليها (1) ثم أمر الأرض فأنبتت الأشجار وأثمرت الثمار وتفهقت بالأنهار (2) فكان ذلك رتقها وهذا فتقها، قال نافع: صدقت يا بن رسول الله (3).

وذا النون إذ ذهب مغضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين (87) فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين (88)

203 - العياشي عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ان يونس لما آذاه قومه دعا الله عليهم فأصبحوا أول يوم ووجوههم صفر وأصبحوا اليوم الثاني ووجوههم سود.

قال: وكان الله واعدهم أن يأتيهم العذاب فأتاهم العذاب حتى نالوه برماحهم، ففرقوا بين النساء وأولادهن والبقر وأولادها ولبسوا المسوح والصوف ووضعوا الحبال في أعناقهم والرماد على رؤوسهم وضجوا ضجة واحدة إلى ربهم، وقالوا آمنا بإله يونس، قال: فصرف الله عنهم العذاب إلى جبال آمد (4) قال: وأصبح يونس وهو يظن أنهم هلكوا فوجدهم في عافية، فغضب وخرج كما قال الله: ﴿مغضبا﴾ حتى ركب سفينة فيها رجلان، فاضطربت السفينة فقال الملاح: يا قوم في سفينتي مطلوب، فقال يونس: أنا هو، وقام ليلقي نفسه فأبصر السمكة وقد فتحت فاها فهابها، وتعلق به الرجلان وقالا له: أنت وحدك ونحن رجلان فساهمهم فوقعت السهام عليه، فجرت السنة بأن السهام إذا كانت ثلاث مرات انها لا تخطئ، فألقى نفسه فالتقمه الحوت، فطاف به البحار سبعة حتى صار إلى البحر المسجور وبه يعذب قارون، فسمع قارون دويا فسأل الملك عن ذلك، فأخبره أنه يونس وان الله قد حبسه في بطن الحوت، فقال له قارون: أتأذن لي أن أكلمه فأذن له فسأله عن موسى فأخبره أنه مات وبكى ثم سأله عن هارون فأخبره أنه مات فبكى وجزع جزعا شديدا وسأله عن أخته كلثم وكانت مسماة له فأخبره انها ماتت فقال: وا أسفا على آل عمران قال: فأوحى الله إلى الملك الموكل به: ان ارفع عنه العذاب بقية الدنيا لرقته على قرابته (5).

إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون (101) لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خلدون (102) لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون (103) يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فعلين (104)

204 - ابن شهرآشوب أبو حمزة الثمالي عنه (6) (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) في قوله: ﴿لا يحزنهم الفزع الأكبر﴾ الآيات، قال: فيعطى ناقة فيقال اذهب في القيامة حيث ما شئت، فان شاء وقع في الحساب، وإن شاء وقف على شفير جهنم، وإن شاء دخل الجنة، وإن خازن النار يقول: يا هذا من أنت أنبي أو وصي ؟ فيقول: أنا من شيعة محمد، وأهل بيته فيقول ذلك لك (7).

205 - الأهوازي (8) النضر بن سويد، عن حسين بن موسى (9)، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن في الهواء ملكا يقال له إسماعيل على ثلاثمأة ألف ملك كل واحد منهم على مأة ألف يحصون أعمال العباد فإذا كان رأس السنة بعث الله إليهم ملكا يقال له السجل فانتسج ذلك منهم وهو قول الله تبارك وتعالى: ﴿يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب﴾ (10).


1- مناقب آل أبي طالب: ج 3، باب ما يتعلق بالآخرة من مناقب علي (عليه السلام)، فصل في حمايته لأوليائه، ص 273. روى الخطيب الخوارزمي في (مقتل الحسين): ج 1، ص 40: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لما دخلت الجنة رأيت فيها شجرة تحمل الحلي والحلل أسفلها خيل بلق وأوسطها الحور العين وفي أعلاها الرضوان، فقلت يا جبرائيل لمن هذه الشجرة ؟ قال: هذه لابن عمك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. إذا أمر الله الخليقة بالدخول إلى الجنة يؤتى بشيعة علي حتى ينتهي بهم إلى هذه الشجرة فيلبسون الحلي والحلل ويركبون الخيل البلق وينادي مناد هؤلاء شيعة علي صبروا في الدنيا على الأذى فحسبوا اليوم.

2- هو الحسين بن سعيد بن حماد بن سعيد بن مهران الأهوازي من موالي علي بن الحسين (عليهما السلام) ثقة روى عن الرضا وأبي جعفر الثاني وأبي الحسن الثالث (عليهم السلام)، أصله كوفي وانتقل مع أخيه الحسن (رضي الله عنه) إلى الأهواز ثم تحول إلى قم فنزل على الحسن بن ابان وتوفي بقم، وله ثلاثون كتابا. (الفهرست: ص 58).

3- الحسين بن موسى بن سالم الحناط أبو عبد الله.

4- الزهد: باب الملكين وما يحفظان، ح 145، ص 54. وفي الدر المنثور: ج 4، ص 341: أخرج عبد بن حميد عن علي في قوله * (كطي السجل) * قال: ملك. وفيه: أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال: السجل ملك موكل بالصحف فإذا مات دفع كتابه إلى السجل فطواه ورفعه إلى يوم القيامة.

5- الكافي: ج 1، كتاب الحجة، باب نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح 51، ص 422. قال السيد الطباطبائي في (الميزان) في بحثه الروائي: هو من الجري. وفي الدر المنثور: ج 4، ص 348: أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: لما بارز علي وحمزة وعبيدة وعتبة وشيبة والوليد قالوا لهم تكلموا نعرفكم قال أنا علي وهذا حمزة وهذا عبيدة فقالوا أكفاء كرام فقال علي: أدعوكم إلى الله وإلى رسوله، فقال عتبة هلم للمبارزة فبارز علي شيبة فلم يلبث أن قتله وبارز حمزة عتبة فقتله وبارز عبيدة الوليد فصعب عليه فأتى علي فقتله فأنزل الله * (هذان خصمان) * الآية. وفيه: أخرج ابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن جرير والبيهقي من طريق قيس بن عبادة عن علي (رضي الله عنه) قال: أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة، قال قيس فيهم نزلت: * (هذان خصمان اختصموا في ربهم) *.

6- الكافي: ج 4، كتاب الحج، باب ان أول ما خلق الله من الأرضين موضع البيت، ح 5، ص 189. ورواه الصدوق في (علل الشرايع): ج 2، العلة التي من أجلها سمي البيت العتيق، ح 2، ص 399، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس جميعا عن محمد بن أحمد، عن يحيى بن عمران الأشعري، عن الحسن بن علي، عن مروان بن مسلم، عن أبي حمزة الثمالي، وذكر مثله، إلا أنه قال: " فإنه لا يسكنه أحد ولا رب له إلا الله وهو الحرام ". و " خلقه قبل الخلق ".

7- الخصال: باب الثلاثة، ح 174، ص 146. أخرج الطبراني عن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله): " ان لله عز وجل حرمات ثلاث، من حفظهن حفظ الله له أمر دينه ودنياه، ومن لم يحفظهن لم يحفظ الله له شيئا حرمة الاسلام وحرمتي وحرمة رحمي ". (المعجم الكبير: ج 3، ح 2881، ص 126).

8- العنكبوت: 45.

9- الكشف والبيان: المخطوطة 908، ج 3. ورد في الأصل: هذا قول مجاهد وعطاء بن أبي رياح وقتادة والزهري والقاسم بن أبي بزة والشعبي وأبي حمزة الثمالي ورواية العوفي عن ابن عباس. وأورده أبو الفتوح الرازي في تفسيره: ج 14، ص 82، عن أبي حمزة الثمالي، مثله.

10- الكشف والبيان: المخطوطة 908، ج 3. وأورد أبو الفتوح الرازي في تفسيره: ج 14. ص 114، عن أبي حمزة الثمالي، مثله. قال القرطبي في تفسيره: وقيل نزلت في مشركي مكة، لأنهم يقولون للمرأة إذا هاجرت إنما خرجت لتفجر.