سورة التوبة

براءة من الله ورسوله إلى الذين عهدتم من المشركين (1)

121 - ابن المغازلي أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد البيع البغدادي، أخبرنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد بن أبي مسلم، حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بابن عقدة الحافظ، حدثنا جعفر بن محمد بن سعيد الأحمسي، حدثنا نصر بن مزاحم، عن أبي ساسان وأبي حمزة، عن أبي إسحاق السبيعي، عن عامر بن واثلة قال: كنت مع علي (عليه السلام) في البيت يوم الشورى، فسمعت عليا يقول لهم: لأحتجن عليكم بما لا يستطيع عربيكم ولا عجميكم يغير ذلك.

قال: فأنشدكم الله هل فيكم أحد أمره رسول الله بأن يأخذ براءة من أبي بكر، فقال له أبو بكر يا رسول الله أنزل في شئ ؟ فقال له: إنه لا يؤدي عني إلا علي غيري ؟ قالوا: اللهم لا (1).

ما كان للمشركين أن يعمروا مسجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعملهم وفى النار هم خلدون (17) إنما يعمر مسجد الله من آمن بالله واليوم الأخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين (18) أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الأخر وجهد في سبيل الله لا يستون عند الله والله لا يهدى القوم الظالمين (19)

122 - الفضل الطبرسي في تفسير أبي حمزة: ان العباس لما أسر يوم بدر أقبل عليه أناس من المهاجرين والأنصار فعيروه بالكفر وقطيعة الرحم، فقال: مالكم تذكرون مساوئنا وتكتمون محاسننا، قالوا: وهل لكم من محاسن، قال: نعم.

والله لنعمر المسجد الحرام ونحجب الكعبة ونسقي الحاج ونفك العاني فأنزل الله تعالى: ﴿ما كان للمشركين أن يعمروا﴾ إلى آخر الآيات (2).

يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون (23)

123 - ابن شهرآشوب أبو حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان﴾ قال: فإن الإيمان ولاية علي بن أبي طالب (3).

والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم (34) يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون (35)

124 - يحيى الشجري قال: وبالاسناد (4) قال: حدثنا حصين، عن أبي حمزة الثمالي عن أبي الزبير (5)، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما من كنز لا يؤدى عن كنزه، إلا جئ به يوم القيامة يكوى بها جبينه وجبهته ويقال هذا كنزك الذي بخلت به (6).

قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا... (52)

125 - الكليني علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له قوله عز وجل: ﴿قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين﴾ قال: إما موت في طاعة الله أو إدراك ظهور إمام ونحن نتربص بهم مع ما نحن فيه من الشدة أن يصيبهم الله بعذاب من عنده.

قال: هو المسخ.

﴿أو بأيدينا﴾ وهو القتل، قال الله عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وآله): ﴿قل تربصوا فإني معكم من المتربصين﴾ (7) والتربص انتظار وقوع البلاء بأعدائهم (8).

ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم (91) ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون (92)

126 - الفضل الطبرسي عن أبي حمزة الثمالي: الآية الثانية نزلت في البكائين وهم سبعة نفر منهم: عبد الرحمن بن كعب، وعتبة بن زيد، وعمرو بن غنمة، وهؤلاء من بني النجار.

وسالم بن عمير، وهرم بن عبد الله، وعبد الله بن عمرو بن عوف، وعبد الله بن معقل من مزينة، جاءوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا: يا رسول الله أحملنا فإنه ليس لنا ما نخرج عليه، فقال: لا أجد ما أحملكم عليه (9).

وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صلحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم (102) خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم (103) ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم (104)

127 - الفضل الطبرسي قال أبو حمزة الثمالي: بلغنا انهم ثلاثة نفر من الأنصار: أبو لبابة بن عبد المنذر، وثعلبة بن وديعة، وأوس بن حزام، تخلفوا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عند مخرجه إلى تبوك فلما بلغهم ما أنزل الله فيمن تخلف عن نبيه أيقنوا بالهلاك وأوثقوا أنفسهم بسواري المسجد، فلم يزالوا كذلك حتى قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فسأل عنهم فذكر له أنهم أقسموا أن لا يحلون أنفسهم حتى يكون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يحلهم، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): وأنا أقسم لا أكون أول من حلهم إلا أن أؤمر فيهم بأمر فلما نزل ﴿عسى الله أن يتوب عليهم﴾ عمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إليهم فحلهم فانطلقوا فجاءوا بأموالهم إلى رسول الله فقالوا: هذه أموالنا التي خلفتنا عنك فخذها وتصدق بها عنا قال (عليه السلام) ما أمرت فيها فنزل ﴿خذ من أموالهم صدقة﴾ الآيات (10).

إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرءان ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم (111) التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين (112)

128 - الطوسي محمد بن الحسن الصفار، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن أبي طاهر الوراق، عن ربيع بن سليمان الخزاز، عن رجل، عن أبي حمزة الثمالي قال: قال رجل لعلي بن الحسين (عليهما السلام): أقبلت على الحج وتركت الجهاد فوجدت الحج ألين عليك ؟ والله يقول: ﴿إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم﴾ الآية قال: فقال علي بن الحسين (عليه السلام): اقرأ ما بعدها قال: فقرأ ﴿التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله﴾ قال: فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): إذا ظهر هؤلاء لم نؤثر على الجهاد شيئا (11).

129 - ابن كثير قال أبو بكر بن عياش: عن أبي حمزة الثمالي، عن عكرمة قال: السائحون، هم طلبة العلم (12).

يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصدقين (119)

130 - العياشي عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): يا أبا حمزة إنما يعبد الله من عرف الله، فاما من لا يعرف الله كأنما يعبد غيره هكذا ضالا قلت: أصلحك الله وما معرفة الله ؟ قال: يصدق الله ويصدق محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في موالاة علي والايتمام به، وبأئمة الهدى من بعده والبراءة إلى الله من عدوهم، وكذلك عرفان الله، قال: قلت: أصلحك الله أي شئ إذا عملته أنا استكملت حقيقة الايمان ؟ قال: توالي أولياء الله، وتعادي أعداء الله، وتكون مع الصادقين كما أمرك الله، قال: قلت: ومن أولياء الله ومن أعداء الله ؟ فقال: أولياء الله محمد رسول الله وعلي والحسن والحسين وعلي بن الحسين، ثم انتهى الأمر إلينا ثم ابني جعفر، وأومأ إلى جعفر وهو جالس فمن والى هؤلاء فقد والى الله وكان مع الصادقين كما أمره الله... (13).


1- الطور: 31.

2- الكافي: ج 8، آيات خروج القائم، ح 431، ص 285.

3- مجمع البيان: ج 5، ص 78. في الدر المنثور: ج 3، ص 268: أخرج ابن إسحاق وابن المنذر وأبو الشيخ عن الزهري ويزيد بن يسار وعبد الله بن أبي بكر وعاصم بن عمرو بن قتادة وغيرهم ان رجالا من المسلمين أتوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهم البكاؤن وهم سبعة نفر من الأنصار وغيرهم بني عمرو بن عوف سالم بن عمير ومن بني حارثة عتبة بن زيد ومن بني مازن بن النجار أبو ليلى عبد الرحمن بن كعب ومن بني سلمة عمرو بن عمرو بن جهام بن الجموح ومن بني واقف هرمي بن عمرو ومن بني مزينة عبد الله بن معقل ومن بني فزارة عرباض بن سارية فاستحملوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكانوا أهل حاجة قال * (لا أجد ما أحملكم عليه) *.

4- مجمع البيان: ج 5، ص 86. في الدر المنثور: ج 3، ص 273: أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال: ان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) غزا غزوة تبوك فتخلف أبو لبابة ورجلان معه عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، وذكر نحو الخبر.

5- تهذيب الأحكام: ج 6، كتاب المزار، باب من يجب معه الجهاد، ح 1، ص 134. تقدم في سورة البقرة، الآية 198، جوابا آخر للإمام علي بن الحسين (عليهما السلام) لمن قال له تركت الجهاد. أخرج الطبري في تفسيره عن ابن عباس * (والحافظون لحدود الله) * يعني القائمين على طاعة الله وهو شرط اشترطه على أهل الجهاد وإذا وفوا الله بشرطه وفى لهم شرطهم.

6- البداية والنهاية: ج 9، ترجمة عكرمة، ص 248. في الدر المنثور: ج 3، ص 282: أخرج ابن أبي حاتم. وأبو الشيخ عن عكرمة في قوله * (السائحون) * قال: هم طلبة العلم.

7- تفسير العياشي: ج 2، ح 155، ص 116. ذكر سبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص)، ص 25: قوله تعالى: * (وكونوا مع الصدقين) * قال علماء السير معناه كونوا مع علي وأهل بيته. وأخرج الخطيب الخوارزمي عن ابن عباس: * (اتقوا الله وكونوا مع الصدقين) * قال: هو علي بن أبي طالب (عليه السلام). (المناقب: ص 280).

8- تأويل الآيات الظاهرة: ج 1، ح 1، ص 371.

9- الظاهر أن الراوي هو علي بن إبراهيم نفسه لروايته عن أبيه ولقصر السند للتفصيل راجع ص 103.

10- القباطي جمع قبطي بضم القاف، ثياب بيض نسبة إلى القبط بكسر القاف ومنه حديث أسامة " كساني رسول الله قبطية ". (مجمع البحرين).

11- تفسير القمي: ج 2، ص 112. في الدر المنثور: ج 5، ص 67: أخرج سمويه في فوائده عن سالم مولى أبي حذيفة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليجاء يوم القيامة بقوم معهم حسنات مثل جبال تهامة حتى إذا جئ بهم جعل الله تعالى أعمالهم هباء ثم قذفهم في النار، قال سالم: بأبي وأمي يا رسول الله حل لنا هؤلاء القوم قال: كانوا يصلون ويصومون ويأخذون سنة من الليل ولكن كانوا إذا عرض عليهم شئ من الحرام وثبوا عليه فأدحض الله تعالى أعمالهم.

12- الراوي هو محمد بن العباس (رحمه الله) قال: حدثنا أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن خالد.

13- تأويل الآيات الظاهرة: ج 1، ح 6، ص 373. قال السيد الطباطبائي في بحثه الروائي للآية: وقد ورد في غير واحد من الروايات في قوله تعالى: * (يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا) *، ان السبيل هو علي (عليه السلام) وهو من بطن القرآن أو من قبيل الجري وليس من التفسير في شئ.