الكافرون والنصر

سورة الكافرون

مكية آياتها ست (بسم الله الرحمن الرحيم قل يا أيها الكافرون) قال: حدثني أبي عن محمد ابن أبي عمير قال: سأل أبو شاكر أبا جعفر الأحول عن قول الله تعالى: (قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد) فهل يتكلم الحكيم بمثل هذا القول ويكرره مرة بعد مرة فلم يكن عند أبي جعفر الأحول في ذلك جواب، فدخل المدينة فسأل أبا عبد الله عليه السلام عن ذلك فقال كان سبب نزولها وتكرارها ان قريشا قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة، وتعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة فأجابهم الله بمثل ما قالوا فقال فيما قالوا تعبد آلهتنا سنة (قل يا أيها الكافرون لا اعبد ما تعبدون) وفيما قالوا نعبد إلهك سنة (ولا أنتم عابدون ما اعبد) وفيما قالوا تعبد آلهتنا سنة (ولا انا عابد ما عبدتم) وفيما قالوا نعبد إلهك سنة (ولا أنتم عابدون ما اعبد لكم دينكم ولي دين) قال فرجع أبو جعفر الأحول إلى أبي شاكر فأخبره بذلك فقال أبو شاكر: هذا ما حمله الإبل من الحجاز، وكان أبو عبد الله عليه السلام إذا فرغ من قراءتها يقول: " ديني الاسلام " ثلاثا

سورة النصر

مكية (مدنية ط×آياتها ثلاث (بسم الله الرحمن الرحيم إذا جاء نصر الله والفتح) قال: نزلت بمنى (1) في حجة الوداع إذا جاء نصر الله والفتح، فلما نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وآله: نعيت إلي نفسي فجاء إلى مسجد الخيف فجمع الناس ثم قال: نصر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها وبلغها من لم يسمعها فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليه قلب امرئ مسلم اخلص العمل لله والنصيحة لائمة المسلمين واللزوم لجماعتهم فان دعوتهم محيطة من ورائهم، أيها الناس!

اني تارك فيكم ثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا ولن تزلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير انهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، كإصبعي هاتين وجمع بين سبابتيه ولا أقول كهاتين وجمع بين سبابته والوسطى فيفضل هذه على هذه.


1- وفي مجمع البيان وغيره انها نزلت بالمدينة وفيها بشارة من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله بالنصر والفتح (اي فتح مكة) قبل وقوع الامر، (ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا) اي جماعة بعد جماعة قال الحسن: لما فتح رسول الله مكة قالت العرب: اما إذا ظفر محمد صلى الله عليه وآله بأهل الحرم وقد أجارهم الله من أصحاب الفيل فليس لكم به يدان - اي طاقة - فكانوا يدخلون في دين الله أفواجا ولما نزلت هذه السورة وقرأها على أصحابه ففرحوا واستبشروا وسمعها العباس فبكى، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما يبكيك يا عم! فقال: أظن أنه قد نعيت إليك نفسك يا رسول الله، فقال: إنه لكما تقول، فعاش بعدها سنتين، ما رؤي فيهما ضاحكا مستبشرا (انتهى). أقول: وهذا خلاف ما فسر به القمي (ره) في هذا التفسير لأنه قال بنزولها في مكة في حجة الوداع فعليه تكون السورة مكية دون المدنية، ولا يكون المراد حينئذ من النصر على ما ذهب إليه القمي (ره) هو فتح مكة بل المراد منه هو ظهور الحجة عليه السلام والدليل على ما ذهب إليه المصنف أمران: (الأول) ما رواه في الكافي والعيون عن أبي عبد الله عليه السلام: أن أول ما نزل اقرأ باسم ربك وآخره إذا جاء نصر الله، وهذا يناسب نزولها في حجة الوداع كما ذكره المصنف، لا في المدينة قبل وفاته بسنتين كما ذكره الطبرسي (ره) إذ نزل في خلال هذه المدة الطويلة كثير من القرآن. (الثاني) ما رواه غير واحد من الأصحاب كالطبرسي نفسه والقاشاني من أنها لما نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وآله نعيت إلي نفسي، ولا دلالة فيها على النعي إذا قلنا إن المراد من النصر هو فتح مكة، كما اعترف به الطبرسي (ره)، اما على القول بنزولها في مكة وإرادة ظهور الحجة عليه السلام من " النصر والدخول في دين الله أفواجا " تكون فيها جهة للنعي أيضا، إذ كان المعنى حينئذ انه يا محمد! قد انقضت أيامكم وانتهت فتوحك كلها لأنه بعد هذا فتح كبير لولدك القائم الذي وعدناه ج ز.