البروج

سورة البروج

مكية آياتها اثنتان وعشرون (بسم الله الرحمن الرحيم والسماء ذات البروج واليوم الموعود) أي يوم القيامة (وشاهد ومشهود) قال الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم القيامة (قتل أصحاب الأخدود) قال كان سببهم ان الذي هيج الحبشة على غزوة اليمن ذو نواس وهو آخر من ملك من حمير تهود واجتمعت معه حمير على اليهودية وسمى نفسه يوسف وأقام على ذلك حينا من الدهر، ثم اخبر ان بنجران بقايا قوم على دين النصرانية وكانوا على دين عيسى وعلى حكم الإنجيل ورأس ذلك الدين عبد الله بن بريا فحمله أهل دينه على أن يسير إليهم ويحملهم على اليهودية ويدخلهم فيها، فسار حتى قدم نجران فجمع من كان بها على دين النصرانية ثم عرض عليهم دين اليهودية والدخول فيها فأبوا عليه، فجادلهم وعرض عليهم وحرص الحرص كله، فأبوا عليه وامتنعوا من اليهودية والدخول فيها واختاروا القتل، فخد لهم أخدودا جمع فيه الحطب وأشعل فيه النار فمنهم من أحرق بالنار ومنهم من قتل بالسيف ومثل بهم كل مثلة.

فبلغ عدد من قتل وأحرق بالنار عشرين ألفا، وأفلت رجل منهم يدعى دوس ذو ثعلبان على فرس له وركضه واتبعوه حتى أعجزهم في الرمل، ورجع ذو نواس إلى ضيعته في جنوده فقال الله: (قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود - إلى قوله - عزيز الحميد) قوله (ان الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات) أي أحرقوهم (ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق).

حدثنا سعد بن محمد قال: حدثنا بكر بن سهل قال: حدثنا عبد الغني بن سعيد قال: أنبأنا موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريح عن عطا عن ابن عباس (ان الذين آمنوا) يريد صدقوا، وآمنوا بالله عز وجل ووحدوه يريد لا إله إلا الله (وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار) يريد ما لا عين رأت ولا أذن سمعت (ذلك الفوز الكبير) يريد فازوا بالجنة وأمنوا العقاب (ان بطش ربك - يا محمد - لشديد) إذا أخذ الجبابرة والظلمة من الكفار كقوله في سورة هود ان أخذه أليم شديد (انه يبدئ ويعيد) يريد الخلق ثم أماتهم ثم يعيدهم بعد الموت أيضا (وهو الغفور الودود) يريد لأوليائه وأهل طاعته الودود كما يود أحدكم أخاه وصاحبه بالبشرى والمحبة، وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله (ذو العرش المجيد) فهو الله الكريم المجيد وقال علي ابن إبراهيم في قوله (بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ) قال اللوح المحفوظ له طرفان طرف على يمين العرش وطرف على جبهة إسرافيل، فإذا تكلم الرب جل ذكره بالوحي ضرب اللوح جبين إسرافيل فينظر في اللوح فيوحى بما في اللوح إلى جبرئيل عليه السلام.