المطففين

سورة المطففين

مكية (1) آياتها ست وثلاثون (بسم الله الرحمن الرحيم ويل للمطففين) الذين يبخسون المكيال والميزان وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزلت على نبي الله صلى الله عليه وآله حين قدم المدينة وهم يومئذ أسوأ الناس كيلا فأحسنوا الكيل واما الويل فبلغنا - والله أعلم - انها بئر في جهنم، حدثنا سعيد بن محمد قال حدثنا بكر بن سهل عن عبد الغني بن سعيد عن موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريح عن عطا عن ابن عباس في قوله: (الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون) قال كانوا إذا اشتروا يستوفون بكيل راجح وإذا باعوا يبخسوا المكيال والميزان وكان هذا فيهم وانتهوا، قال علي بن إبراهيم في قوله الذين إذا اكتالوا لأنفسهم على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون فقال الله (ألا يظن أولئك) أي ألا يعلمون انهم يحاسبون على ذلك يوم القيامة (كلا ان كتاب الفجار لفي سجين) قال ما كتب الله لهم من العذاب لفي سجين ثم قال (وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم) أي مكتوب (يشهده المقربون) الملائكة الذين كتبوا عليهم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال السجين الأرض السابعة وعليون السماء السابعة حدثنا أبو القاسم الحسيني قال حدثنا فرات بن إبراهيم عن محمد بن إبراهيم عن محمد بن الحسين بن إبراهيم عن علوان بن محمد قال حدثنا محمد بن معروف عن السندي عن الكلبي عن جعفر بن محمد عليهما السلام في قوله (كلا ان كتاب الفجار لفي سجين) قال هو فلان وفلان (وما أدراك ما سجين - إلى قوله - الذين يكذبون بيوم الدين) زريق وحبتر (وما يكذب به إلا كل معتد أثيم إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين) وهما زريق وحبتر كانا يكذبان رسول الله صلى الله عليه وآله إلى قوله (انهم لصالوا الجحيم) هما (ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون) يعني هما ومن تبعهما (كلا ان كتاب الأبرار لفي عليين وما أدراك ما عليون - إلى قوله - عينا يشرب بها المقربون) وهم رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمة عليهم السلام (ان الذين أجرموا) زريق وحبتر ومن تبعهما (كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون) برسول الله صلى الله عليه وآله إلى آخر السورة فيهما.

وقال علي بن إبراهيم في قوله: (كلا ان كتاب الأبرار لفي عليين) أي ما كتب لهم من الثواب، قال حدثني أبي عن محمد بن إسماعيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال إن الله خلقنا من أعلى عليين وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه وخلق أبدانهم من دون ذلك فقلوبهم تهوى الينا لأنها خلقت مما خلقنا منه ثم تلا قوله: كلا ان كتاب الأبرار لفي عليين - إلى قوله - يشهده المقربون (يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك) قال ماء إذا شربه المؤمن وجد رائحة المسك فيه، وقال أبو عبد الله عليه السلام: من ترك الخمر لغير الله سقاه الله من الرحيق المختوم، قال يا بن رسول الله من ترك الخمر لغير الله؟

قال نعم والله صيانة لنفسه (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) قال: فيما ذكرنا من الثواب الذي يطلبه المؤمن (ومزاجه من تسنيم) وهو مصدر سنمه إذا رفعه، لأنه أرفع شراب أهل الجنة، أو لأنه يأتيهم من فوق، قال: اشرف شراب أهل الجنة يأتيهم في عالي تسنيم وهي عين يشرب بها المقربون، والمقربون آل محمد صلى الله عليه وآله يقول الله: السابقون السابقون أولئك المقربون، رسول الله صلى الله عليه وآله وخديجة وعلي بن أبي طالب وذرياتهم تلحق بهم، يقول الله: ألحقنا بهم ذرياتهم، والمقربون يشربون من تسنيم بحتا صرفا وسائر المؤمنين ممزوجا.

قال علي بن إبراهيم فمن ثم وصف المجرمين الذين كانوا يستهزئون بالمؤمنين ويضحكون منهم ويتغامزون عليهم فقال (ان الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون - إلى قوله - فكهين) قال يسخرون (وإذا رأوهم) يعني المؤمنين (قالوا إن هؤلاء لضالون) فقال الله (وما أرسلوا عليهم حافظين) ثم قال الله: (فاليوم) يعني يوم القيامة (الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار) يعني هل جوزي الكفار (ما كانوا يفعلون).


1- ذهب إلى هذا المعنى أكثر المفسرين فحينئذ " تبلى " من بلى، يقال بلي الثوب: رث فكما ان الثوب البالي يكشف عن الجسم كذا يوم القيامة السرائر - أي الاعمال - تبلى فتنكشف حقيقة الانسان من تحتها، وقيل " تبلى " من " الابلاء " وعليه يكون المعنى نختبر السرائر والمعنى الأول أولى، لان القيامة ليست يوم الامتحان بل هي يوم المجازاة ج. ز.