النازعات

سورة النازعات

مكية آياتها ست وأربعون (بسم الله الرحمن الرحيم والنازعات غرقا) قال: نزع الروح (والناشطات نشطا) قال: الكفار ينشطون في الدنيا (1) (والسابحات سبحا) قال المؤمنون الذين يسبحون الله، وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر & في قوله: (فالسابقات سبقا) يعنى أرواح المؤمنين تسبق أرواحهم إلى الجنة بمثل الدنيا وارواح الكافرين إلى النار بمثل ذلك، وقال علي بن إبراهيم في قوله (يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة) قال تنشق الأرض بأهلها والرادفة الصيحة (قلوب يومئذ واجفة) اي خائفة (أبصارها خاشعة يقولون أإنا لمردودون في الحافرة) قال قالت قريش أنرجع بعد الموت (أإذا كنا عظاما نخرة) اي بالية (تلك إذا كرة خاسرة) قال قالوا هذا على حد الاستهزاء قال الله (فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة) قال الزجرة النفخة الثانية في الصور والساهرة موضع بالشام عند بيت المقدس، وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر & في قوله: أإنا لمردودون في الحافرة، يقول في الخلق الجديد واما قوله: فإذا هم بالساهرة، والساهرة الأرض كانوا في القبور فلما سمعوا الزجرة خرجوا من قبورهم فاستووا على الأرض قوله (بالواد المقدس) اي المطهر واما (طوى) فاسم الوادي.

وقال علي بن إبراهيم في قوله (فحشر) يعنى فرعون (فنادى فقال أنا ربكم الاعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى) والنكال العقوبة، والآخرة هو قوله: أنا ربكم الاعلى والأولى قوله ما علمت لكم من إله غيري، فأهلكه الله بهذين القولين قوله (واغطش ليلها) اي أظلم قال الأعشى: وبهماء بالليل غطش الغداة (2) * مؤنسي فنون فناداها (3) قوله: (واخرج ضحاها) اي الشمس قوله (والأرض بعد ذلك دحاها) اي بسطها (والجبال أرساها) اي أثبتها قوله (يوم يتذكر الانسان ما سعى) قال يذكر ما عمله كله (وبرزت الجحيم لمن يرى) قال: أحضرت قوله (واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى) قال: هوى العبد إذا وقف على معصية الله وقدر عليها ثم تركها مخافة الله ونهى النفس عنها فمكافأته الجنة قوله (يسألونك عن الساعة أيان مرساها) قال: متى تقوم قال الله: (إلى ربك منتهاها) اي علمها عند الله قوله: (كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها) قال: بعض يوم.


1- الفلاة ط.

2- يؤنسني صوت فناداها (ط) ج ز.

3- قال فخر الدين الرازي: اجمع المفسرون على أن الذي عبس وتولى هو الرسول صلى الله عليه وآله، وذكر في الدر المنثور: عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وآله في مجلس في ناس من وجوه قريش منهم أبو جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة فيقول لهم: أليس حسنا إن جئت بكذا وكذا؟فيقولون: بلى والله فجاء ابن مكتوم وهو مشتغل بهم فسأله فاعرض عنه فأنزل الله: أما من استغنى فأنت له تصدى وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى قال شيخنا الطوسي في التبيان: وهذا فاسد، لان النبي صلى الله عليه وآله قد أجل الله قدره عن هذه الصفات، وكيف يصفه بالعبوس والتقطيب وقد وصفه بأنه " على خلق عظيم " وقال " ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " وكيف يعرض عمن تقدم وصفه مع قوله تعالى " ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه " ومن عرف النبي صلى الله عليه وآله وحسن أخلاقه وما خصه الله تعالى به من مكارم الأخلاق وحسن الصحبة حتى قيل إنه لم يصافح أحدا قط فينزع يده من يده حتى يكون ذلك الذي ينزع يده من يده. فمن هذه صفته كيف يقطب في وجه أعمى جاء يطلب السلام، على أن الأنبياء منزهون عن مثل هذه الأخلاق لما في ذلك من التنفير عن قبول قولهم، وقال قوم: إن هذه الآيات نزلت في الرجل من بنى أمية كان واقفا مع النبي صلى الله عليه وآله فلما اقبل ابن مكتوم تنفر منه، وجمع نفسه وعبس في وجهه فحكى الله تعالى ذلك وانكره معاتبة على ذلك. ج. ز.