الإنسان

سورة الدهر

مدنية آياتها احدى وثلاثون (بسم الله الرحمن الرحيم هل اتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا) قال: لم يكن في العلم ولا في الذكر، وفي حديث آخر كان في العلم ولم يكن في الذكر قوله (إنا خلقنا الانسان من نطفة أمشاج نبتليه) أي نختبره (فجعلناه سميعا بصيرا) ثم قال (إنا هديناه السبيل) اي بينا له طريق الخير والشر (إما شاكرا واما كفورا) وهو رد على المجبرة انهم يزعمون أنهم لا فعل لهم أخبرنا أحمد بن إدريس قال حدثنا أحمد بن محمد عن ابن أبي عمير قال: سألت أبا جعفر & عن قول الله (إنا هديناه السبيل إما شاكرا واما كفورا) قال: اما آخذ فشاكر واما تارك فكافر، وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر & في قوله (أمشاج نبتليه) قال ماء الرجل وماء المرأة اختلطا جميعا.

وقال علي بن إبراهيم في قوله (ان الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا) يعني بردها وطيبها لان فيها الكافور (عينا يشرب بها عباد الله) يفجرونها اي منها وقوله (يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا) قال: المستطير العظيم قوله (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) فإنه حدثني أبي عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله & قال: كان عند فاطمة عليها السلام شعير فجعلوه عصيدة، فلما أنضجوها ووضعوها بين أيديهم جاء مسكين، فقال المسكين رحمكم الله أطعمونا مما رزقكم الله، فقام علي & فأعطاه ثلثها، فما لبث أن جاء يتيم فقال اليتيم رحمكم الله أطعمونا مما رزقكم الله، فقام علي & فأعطاه ثلثها الثاني، فما لبث ان جاء أسير فقال الأسير يرحمكم الله أطعمونا مما رزقكم الله فقام علي & فأعطاه الثلث الباقي، وما ذاقوها فأنزل الله فيهم هذه الآية إلى قوله (وكان سعيكم مشكورا) في أمير المؤمنين & وهي جارية في كل مؤمن فعل مثل ذلك لله عز وجل، والقمطرير الشديد قوله (متكئين فيها على الأرائك) يقول متكئين في الحجال على السرر قوله (ودانية عليهم ظلالها) يقول قريب ظلالها منهم قوله (وذللت قطوفها تذليلا) دليت عليهم ثمارها ينالها القائم والقاعد قوله (أكواب كانت قوارير قوارير من فضة) الأكواب الاكواز العظام التي لا إذان لها ولا عرى، قوارير من فضة الجنة يشربون فيها (قدروها تقديرا) يقول: صنعت لهم على قدر رتبتهم لا تحجير فيه ولا فصل قوله (من سندس وإستبرق) الإستبرق الديباج.

وقال علي بن إبراهيم في قوله: (ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير) قال: ينفذ البصر فيها كما ينفذ في الزجاج قوله (ولدان مخلدون) قال: مستوون قوله (وملكا كبيرا) قال: لا يزال ولا يفنى (عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق) قال: يعلوهم الثياب ويلبسونها ثم خاطب الله نبيه صلى الله عليه وآله فقال: (إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا - إلى قوله - بكرة وأصيلا) قال: بالغدوة ونصف النهار (ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا) قال صلاة الليل قوله (نحن خلقناهم وشددنا أسرهم) يعني خلقهم قال الشاعر: وضامرة شد المليك أسرها * يكاد ماذنها أسفلها وظهرها وبطنها (1) قال: الضامرة يعني فرسه شد المليك أسرها أي خلقها يكاد ماذنها قال: عنقها يكون شطرها أي نصفها.


1- أقول: هذه الآية فيها إشعار بحركة الأرض حيث سماها الله تعالى " مهادا " و " المهد " و " المهاد " موضع يهيأ للصبي وهو متحرك غالبا ومنه الحديث المعروف اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد. ج ز.