التحريم والملك

سورة التحريم

مدنية آياتها اثنتا عشرة (بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة ايمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم) أخبرنا أحمد بن إدريس قال حدثنا أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن ابن سيار عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك الآية، قال اطلعت عائشة وحفصة على النبي صلى الله عليه وآله وهو مع مارية، فقال النبي صلى الله عليه وآله والله ما أقربها، فأمره الله ان يكفر يمينه.

قال علي بن إبراهيم كان سبب نزولها ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان في بعض بيوت نسائه وكانت مارية القبطية تكون معه تخدمه وكان ذات يوم في بيت حفصة فذهبت حفصة في حاجة لها فتناول رسول الله مارية، فعلمت حفصة بذلك فغضبت وأقبلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وقالت يا رسول الله هذا في يومي وفي داري وعلى فراشي فاستحيا رسول الله منها، فقال كفى فقد حرمت مارية على نفسي ولا أطأها بعد هذا ابدا وأنا أفضي إليك سرا فان أنت أخبرت به فعليك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين فقالت نعم ما هو؟

فقال إن أبا بكر يلي الخلافة بعدي ثم من بعده أبوك (1) فقالت من أخبرك بهذا قال الله أخبرني فأخبرت حفصة عائشة من يومها ذلك وأخبرت عائشة أبا بكر، فجاء أبو بكر إلى عمر فقال له ان عائشة أخبرتني عن حفصة بشئ ولا أثق بقولها فاسأل أنت حفصة، فجاء عمر إلى حفصة، فقال لها ما هذا الذي أخبرت عنك عائشة، فأنكرت ذلك قالت ما قلت لها من ذلك شيئا، فقال لها عمر إن كان هذا حقا فأخبرينا حتى نتقدم فيه، فقالت نعم قد قال رسول الله ذلك فاجتمع.

على أن يسموا رسول الله فنزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله بهذه السورة (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك - إلى قوله - تحلة ايمانكم) يعني قد أباح الله لك ان تكفر عن يمينك (والله مولاكم وهو العليم الحكيم وإذا أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به) اي أخبرت به (واظهره الله) يعني اظهر الله نبيه على ما أخبرت به وما هموا به (عرف بعضه) اي أخبرها وقال لم أخبرت بما أخبرتك وقوله (وأعرض عن بعض) قال لم يخبرهم بما علم مما هموا به (2) (قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير ان تنويا إلى الله فقد صغت قلوبكما وان تظاهرا عليه فان الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين) يعني أمير المؤمنين عليه السلام (والملائكة بعد ذلك ظهير) يعني لأمير المؤمنين عليه السلام.

ثم خاطبها فقال: (عسى ربه أن طلقكن ان يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا) عرض عائشة لأنه لم يتزوج ببكر غير عائشة، حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد بن عبد الله (عبد الله بن محمد ط×عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما - إلى قوله - وصالح المؤمنين، قال صالح المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، أخبرني الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن أحمد بن محمد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد (زيد ط×عن سليمان الكاتب عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين) قال هكذا نزلت فجاهد رسول الله صلى الله عليه وآله الكفار وجاهد علي عليه السلام المنافقين فجاهد علي عليه السلام جهاد رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن زرعة بن محمد عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله (قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) قلت: هذه نفسي أقيها فكيف أقي أهلي؟

قال: تأمرهم بما أمرهم الله وتنهاهم عما نهاهم الله عنه فان أطاعوك كنت قد وقيتهم وان عصوك فكنت قد قضيت ما عليك، قال الحسين وحدثني محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام في قوله (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا) قال عليه السلام: يتوب العبد ثم لا يرجع فيه وان أحب عباد الله إلى الله المتقي التائب قال علي بن إبراهيم في قوله (ضرب الله مثلا) ثم ضرب الله فيهما مثلا فقال: (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما) فقال والله ما عنى بقوله فخانتاهما إلا الفاحشة وليقيمن الحد على فلانة فيما أتت في طريق وكان فلان يحبها فلما أرادت ان تخرج إلى.

قال لها فلان لا يحل لك ان تخرجي من غير محرم فزوجت نفسها من فلان قوله (ثم ضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون - إلى قوله - ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها) قال لم ينظر إليها (فنفخنا فيه من روحنا) أي روح مخلوقة (وكانت من القانتين) أي من الداعين، وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله (يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم) فمن كان له نور يومئذ نجا وكل مؤمن له نور، حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال حدثنا محمد بن الحسين الصائغ عن الحسن بن علي بن أبي عثمان عن صالح بن سهل عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم، قال أئمة المؤمنين نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم حتى ينزلوا منازلهم.

الجزء (29)

سورة الملك

مكية آياتها ثلاثون (بسم الله الرحمن الرحيم تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شئ قدير الذي خلق الموت والحياة) قال: قدرهما ومعناه قدر الحياة ثم الموت (ليبلوكم أيكم أحسن عملا) أي يختبركم بالأمر والنهي أيكم أحسن عملا (وهو العزيز الغفور الذي خلق سبع سماوات طباقا) قال بعضها طبق لبعض (ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت) قال يعني من فساد (فارجع البصر هل ترى من فطور) أي من عيب (ثم ارجع البصر) قال انظر في ملكوت السماوات والأرض (ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير) أي يقصر وهو حسير أي منقطع قوله (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح) قال بالنجوم قوله (إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا) أي وقعا (وهي تفور) أي ترتفع (تكاد تميز من الغيظ) قال على أعداء الله (كلما ألقي منها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير) وهم الملائكة الذين يعذبونهم بالنار وقوله (لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير) قال قد سمعوا وعقلوا ولكنهم لم يطيعوا ولم يقبلوا والدليل على أنهم قد سمعوا وعقلوا ولم يقبلوا قوله (فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير) قوله (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا) أي فراشا (فامشوا في مناكبها) أي في أطرافها قوله (فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا) قال إذا كان يوم القيامة ونظر أعداء أمير المؤمنين ما أعطاه الله من المنزلة الشريفة العظيمة وبيده لواء الحمد وهو على الحوض يسقي ويمنع تسود وجوه أعدائه فيقال لهم (هذا الذي كنتم به تدعون) أي هذا الذي كنتم به تدعون منزلته وموضعه واسمه قوله (أرأيتم ان أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين) قال أرأيتم ان أصبح إمامكم غائبا فمن يأتيكم بامام مثله.

حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا محمد بن أحمد عن القاسم بن محمد (علا ط×قال حدثنا إسماعيل بن علي الفزاري عن محمد بن جمهور عن فضالة بن أيوب قال سئل الرضا عليه السلام عن قول الله عز وجل: قل أرأيتم ان أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين، فقال عليه السلام: ماؤكم أبوابكم أي الأئمة عليهم السلام والأئمة أبواب الله بينه وبين خلقه فمن يأتيكم بماء معين يعني بعلم الامام.


1- هكذا الخبر من أوله إلى آخره في كلتا نسختي تفسير القمي المطبوعتين في إيران المشار اليهما في أول الكتاب. ج. ز.

2- الأديم الأرض، أكارع: جمع كرع وهو الماء الذي يكرع فيه الدواب ج. ز.