الحشر

سورة الحشر

مدنية آياتها اربع وعشرون (بسم الله الرحمن الرحيم سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم هو الذي اخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم ان يخرجوا) قال: سبب نزول ذلك أنه كان بالمدينة ثلاثة ابطن من اليهود بنو النضير وقريظة وقينقاع، وكان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وآله عهد ومدة فنقضوا عهدهم وكان سبب ذلك من بني النضير في نقض عهدهم انه أتاهم رسول الله صلى الله عليه وآله يستسلفهم دية رجلين قتلهما رجل من أصحابه غيلة يعني يستقرض، وكان قصد كعب بن الأشرف، فلما دخل على كعب قال: مرحبا يا أبا القاسم وأهلا!

وقام كأنه يضع له الطعام وحدث نفسه ان يقتل رسول الله صلى الله عليه وآله ويتبع أصحابه، فنزل جبرئيل عليه السلام فأخبره بذلك، فرجع رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة وقال لمحمد بن مسلمة الأنصاري اذهب إلى بني النضير فأخبرهم ان الله عز وجل قد أخبرني بما هممتم به من الغدر فاما ان تخرجوا من بلدنا واما ان تأذنوا بحرب، فقالوا نخرج من بلادك فبعث إليهم عبد الله بن أبي ألا تخرجوا وتقيموا وتنابذوا محمدا الحرب فاني أنصركم أنا وقومي وحلفاي، فان خرجتم خرجت معكم وان قاتلتم قاتلت معكم، فأقاموا وأصلحوا حصونهم وتهيئوا للقتال وبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله إنا لا نخرج فاصنع ما أنت صانع.

فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وكبر وكبر أصحابه وقال لأمير المؤمنين عليه السلام تقدم إلى بني النضير فاخذ أمير المؤمنين عليه السلام الراية وتقدم، وجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وأحاط بحصنهم، وغدر بهم عبد الله بن أبي وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا ظهر بمقدم بيوتهم حصنوا ما يليهم وخربوا ما يليه وكان الرجل منهم ممن كان له بيت حسن خربه وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر بقطع نخلهم فجزعوا من ذلك وقالوا يا محمد ان الله يأمرك بالفساد؟

إن كان لك هذا فخذه وإن كان لنا فلا تقطعه، فلما كان بعد ذلك قالوا يا محمد نخرج من بلادك وأعطنا ما لنا، فقال لا، ولكن تخرجون ولكم ما حملت الإبل، فلم يقبلوا ذلك فبقوا أياما، ثم قالوا نخرج ولنا ما حملت الإبل، فقال لا ولكن تخرجون ولا يحمل أحد منكم شيئا فمن وجدنا معه شيئا من ذلك قتلناه، فخرجوا على ذلك ووقع قوم منهم إلى فدك ووادي القرى وخرج منهم قوم إلى الشام فأنزل الله فيهم (هو الذي اخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم ان يخرجوا وظنوا انهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا - إلى قوله - فان الله شديد العقاب) وانزل الله عليه فيما عابوه من قطع النخل (ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فباذن الله وليخزي الفاسقين - إلى قوله - ربنا انك رؤوف رحيم) وانزل الله عليه في عبد الله بن أبي وأصحابه (ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم - إلى قوله - ثم لا ينصرون) ثم قال: (كمثل الذين من قبلهم) يعني بني قينقاع (قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب اليم) ثم ضرب في عبد الله بن أبي وبني النضير مثلا فقال (كمثل الشيطان إذ قال للانسان اكفر فلما كفر قال إني برئ منك اني أخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما انهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين) فيه زيادة أحرف لم تكن في رواية علي بن إبراهيم، حدثنا به محمد بن أحمد بن ثابت عن.

أحمد بن ميثم عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبان بن عثمان عن أبي بصير في غزوة بني النضير وزاد فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله للأنصار: ان شئتم دفعت إليكم فئ المهاجرين منها وان شئتم قسمتها بينكم وبينهم وتركتهم معكم؟

قالوا: قد شئنا ان تقسمها فيهم، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وآله بين المهاجرين ودفعها عن الأنصار ولم يعط من الأنصار إلا رجلين سهيل بن حنيف وأبو دجانة فإنهما ذكرا حاجة وقال علي بن إبراهيم في قوله (هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس) قال: القدوس هو البرئ من شوائب الآفات الموجبات للجهل قوله: (السلام المؤمن) قال: يؤمن أولياءه من العذاب قوله (المهيمن) أي الشاهد قوله: (هو الله الخالق البارئ البارئ هو الذي يخلق الشئ لا من شئ (له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم) حدثنا محمد ابن أبي عبد الله قال: حدثنا محمد بن إسماعيل عن علي بن العباس عن جعفر بن محمد عن الحسن بن أسد (راشدك) عن يعقوب بن جعفر قال: سمعت موسى بن جعفر عليه السلام يقول: إن الله تبارك وتعالى انزل على عبده محمد صلى الله عليه وآله انه لا إله إلا هو الحي القيوم وسمى بهذه الأسماء الرحمن الرحيم العزيز الجبار العلي العظيم، فتاهت هنالك عقولهم واستخف حلومهم فضربوا له الأمثال وجعلوا له أندادا وشبهوه بالأمثال ومثلوه أشباها وجعلوه يزول ويحول فتاهوا في بحر عميق لا يدرون ما غوره ولا يدركون كنه بعده.