الذاريات

سورة الذاريات

مكية آياتها ستون (بسم الله الرحمن الرحيم والذاريات ذروا) قال حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد الله & في قوله " والذاريات ذروا " فقال: إن ابن الكوا سأل أمير المؤمنين & عن الذاريات ذروا قال الريح وعن الحاملات وقرا فقال هي السحاب وعن الجاريات يسرا قال هي السفن وعن المقسمات أمرا فقال الملائكة وهو قسم كله وخبره (إنما توعدون لصادق وان الدين لواقع) يعني المجازاة والمكافأة واما قوله (والسماء ذات الحبك) قال فإنه حدثني أبي عن الحسين ابن خالد عن أبي الحسن الرضا & قال قلت له: أخبرني عن قول الله والسماء ذات الحبك، فقال: هي محبوكة (1) إلى الأرض وشبك بين أصابعه.

فقلت: كيف يكون محبوكة إلى الأرض والله يقول رفع السماء بغير عمد ترونها فقال: سبحان الله!

أليس الله يقول بغير عمد ترونها فقلت بلى فقال ثم عمد ولكن لا ترونها قلت كيف ذلك جعلني الله فداك فبسط كفه اليسرى ثم وضع اليمنى عليها فقال: هذه أرض الدنيا والسماء الدنيا عليها فوقها قبة والأرض الثانية فوق السماء الدنيا والسماء الثانية فوقها قبة والأرض الثالثة فوق السماء الثانية والسماء الثالثة فوقها قبة والأرض الرابعة فوق السماء الثالثة والسماء الرابعة فوقها قبة والأرض الخامسة فوق السماء الرابعة والسماء الخامسة فوقها قبة الأرض والسادسة فوق السماء الخامسة والسماء السادسة فوقها قبة والأرض السابعة فوق السماء السادسة والسماء السابعة فوقها قبة وعرش الرحمن تبارك الله فوق السماء السابعة وهو قول الله " الذي خلق سبع سماوات طباقا ومن الأرض مثلهن يتنزل الامر بينهن ".

فاما صاحب الامر فهو رسول الله صلى الله عليه وآله والوصي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله قائم هو على وجه الأرض فإنما يتنزل الامر إليه من فوق السماء من بين السماوات والأرضين قلت: فما تحتنا إلا أرض واحدة فقال: ما تحتنا إلا أرض واحدة وان الست لهن فوقنا.

حدثنا جعفر بن أحمد قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمد ابن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في قول الله عز وجل (إنما توعدون لصادق) يعني في علي عليه السلام (وان الدين لواقع) يعني عليا وعلي هو الدين وقوله (والسماء ذات الحبك) قال: السماء رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي & ذات الحبك وقوله (إنكم لفي قول مختلف) يعني مختلف في علي يعني اختلفت هذه الأمة في ولايته فمن استقام على ولاية علي & دخل الجنة ومن خالف ولاية علي دخل النار وقوله (يؤفك عنه من أفك) فإنه يعني عليا عليه السلام من أفك عن ولايته افك عن الجنة، وقال علي بن إبراهيم في قوله: (قتل الخراصون) الذين يخرصون الدين بآرائهم من غير علم ولا يقين (الذين هم في غمرة ساهون) أي في ضلال، والساهي الذي لا يذكر الله وقوله (يسئلون - يا محمد - أيان يوم الدين) أي متى تكون المجازاة قال الله (يوم هم على النار يفتنون) أي يعذبون (ذوقوا فتنتكم) أي عذابكم (هذا الذي كنتم به تستعجلون).

ثم ذكر المتقين (ان المتقين في جنات وعيون آخذين ما آتاهم ربهم - إلى قوله - ما يهجعون) أي ما ينامون (وبالأسحار هم يستغفرون وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم) قال السائل الذي يسأل والمحروم الذي قد منع كده قوله (وفي الأرض آيات للمؤمنين) قال في كل شئ خلقه الله آية قال الشاعر: وفي كل شئ له آية * تدل على أنه واحد وقوله (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) قال خلقك سميعا بصيرا تغضب مرة وترضى مرة وتجوع وتشبع وذلك كله من آيات الله وقوله (وفي السماء رزقكم وما توعدون) قال المطر ينزل من السماء فيخرج به أقوات العالم من الأرض، وما توعدون، من أخبار الرجعة والقيامة والاخبار التي في السماء، ثم أقسم عز وجل بنفسه فقال: (فورب السماء والأرض انه لحق مثل ما انكم تنطقون) يعني ما وعدتكم.

ثم حكى الله عز وجل خبر إبراهيم & وقد كتبناه في سورة هود وقوله (وأقبلت امرأته في صرة) أي في جماعة (فصكت وجهها) اي غطته بما بشرها الجزء (27) جبرئيل & بإسحاق & (وقالت عجوز عقيم) وهي التي لا تلد وقوله (وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم) وهي التي لا تلقح الشجر ولا تنبت النبات وقوله (وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين) قال قال: الحين ها هنا ثلاثة أيام وقوله (والسماء بنيناها بأيد) قال بقوة وقوله: (ففروا إلى الله) قال حجوا وقوله: (كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به) يعني قريشا بأسمائهم حتى قالوا لرسول الله ساحر أو مجنون وقوله: (فتول عنهم - يا محمد - فما أنت بملوم) قال هم الله جل ذكره بهلاك أهل الأرض فأنزل الله على رسوله (فتول عنهم - يا محمد - فما أنت بملوم) ثم بدا لله في ذلك فأنزل عليه (وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين) وهذا رد على من انكر ان لله البدا والمشية وقوله (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) قال خلقهم للامر والنهي والتكليف وليست خلقتهم جبرا أن يعبدوه ولكن خلقتهم اختيارا ليختبرهم بالأمر والنهي ومن يطيع ومن يعصي، وفي حديث آخر قال: هي منسوخة بقوله ولا يزالون مختلفين وقوله: (ما أريد منهم من رزق) واني لم أخلقهم لحاجة بي إليهم قوله (فان للذين ظلموا - آل محمد حقهم - ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون) ثم قال: (فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون).


1- وفي الحديث ان الله أمر ملكا من الملائكة ان يجعل له بيتا في السماء يسمى " الضراح " وهو بالضم، قيل البيت المعمور في السماء الرابعة من المضارحة وهي المقابلة، ومن رواها بالصاد فقد صحف. مجمع.