ق

سورة ق

مكية آياتها خمس وأربعون (بسم الله الرحمن الرحيم ق والقرآن المجيد) قال: ق جبل محيط بالدنيا من وراء يأجوج ومأجوج وهو قسم (بل عجبوا) يعنى قريشا (ان جاءهم منذر منهم) يعنى رسول الله صلى الله عليه وآله (فقال الكافرون هذا شئ عجيب أإذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد) قال نزلت في أبي بن خلف، قال لأبي جهل تعال إلي لاعجبك من محمد، ثم اخذ عظما ففته ثم قال يزعم محمد ان هذا يحيى فقال الله: (بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج) يعنى مختلفا، ثم احتج عليهم وضرب للبعث والنشور مثلا فقال (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج) اي حسن (فأنبتنا به جنات وحب الحصيد) قال كل حب يحصد (والنخل باسقات) اي مرتفعات (لها طلع نضيد) يعنى بعضه على بعض رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج) جوابا لقولهم: أإذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد، فقال الله: كما أن الماء أنزلناه من السماء فتخرج النبات من الأرض كذلك أنتم تخرجون من الأرض.

ثم ذكر عز وجل ما فسرناه من هلاك الأمم فقال (كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس) وهم الذين هلكوا لأنهم استغنوا الرجال بالرجال والنساء بالنساء والرس نهر بناحية آذربيجان (أفعيينا بالخلق الأول) أي لم نعي بالخلق الأول قوله (ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) قال حبل العنق قوله (وأصحاب الأيكة) قال أصحاب الغيضة (1) (وجاءت سكرة الموت بالحق) قال نزلت جاءت سكرة الحق بالموت (ذلك ما كنت منه تحيد) قال نزلت في زريق وقوله (وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد) يشهد عليها قال سائق يسوقها قوله (وقال قرينه) اي شيطانه وهو حبتر (هذا ما لدي عتيد) وقوله (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) مخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام، وذلك قول الصادق عليه السلام: علي قسيم الجنة والنار.

حدثنا أبو القاسم الحسيني (الحسنى ط×قال حدثنا فرات بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن أحمد بن حسان قال حدثنا محمد بن مروان عن عبيد بن يحيى عن محمد بن الحسين ابن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليه وعليهم السلام في قوله " ألقيا في جهنم كل كفار عنيد " قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله تبارك وتعالى إذا جمع الناس يوم القيامة في صعيد واحد كنت انا وأنت يومئذ عن يمين العرش، ثم يقول الله تبارك وتعالى لي ولك قوما فألقيا من أبغضكما وكذبكما في النار (2).

قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي عن عبد الله بن المغيرة الخزاز (الجزار ط×عن ابن سنان عن أبي عبد الله & قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إذا سألتم الله فاسألوه الوسيلة فسألنا النبي صلى الله عليه وآله عن الوسيلة، فقال هي درجتي في الجنة وهي الف مرقاة جوهرة إلى مرقاة زبرجد إلى مرقاة لؤلؤ إلى مرقاة ذهب إلى مرقاة فضة، فيؤتى بها يوم القيامة حتى تنصب مع درجة النبيين وهي في درجة النبيين كالقمر بين الكواكب، فلا يبقى يومئذ نبي ولا شهيد ولا صديق إلا قال طوبى لمن كانت هذه درجته، فينادي المنادي ويسمع النداء جميع النبيين والصديقين والشهداء والمؤمنين " هذه درجة محمد صلى الله عليه وآله " فقال لرسول الله: فأقبل يومئذ متزرا بريطة من نور على رأسي تاج الملك، مكتوب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله المفلحون هم الفائزون بالله، وإذا مررنا بالنبيين قالوا: هذان ملكان مقربان وإذا مررنا بالملائكة قالوا هذان ملكان لم نعرفهما ولم نرهما أو قال هذان نبيان مرسلان حتى أعلو الدرجة وعلي يتبعني، حتى إذا صرت في أعلى الدرجة منها وعلي أسفل منى وبيده لوائي فلا يبقى يومئذ نبي ولا مؤمن إلا رفعوا رؤسهم إلي يقولون: طوبى لهذين العبدين ما أكرمهما على الله فينادي المنادي يسمع النبيين وجميع الخلائق: هذا حبيبي محمد وهذا وليي علي بن أبي طالب طوبى لمن أحبه وويل لمن أبغضه وكذب عليه.

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي فلا يبقى يومئذ في مشهد القيامة أحد يحبك إلا استروح (3) إلى هذا الكلام وابيض وجهه وفرح قلبه ولا يبقى أحد ممن عاداك ونصب لك حربا أو جحد لك حقا إلا اسود وجهه واضطربت قدماه، فبينا أنا كذلك إذا بملكين قد أقبلا إلي اما أحدهما فرضوان خازن الجنة، واما الآخر فمالك خازن النار فيدنو إلي رضوان ويسلم علي ويقول: السلام عليك يا رسول الله؟

فأرد عليه السلام فأقول: أيها الملك الطيب الريح الحسن الوجه الكريم على ربه من أنت؟

فيقول: أنا رضوان خازن الجنة امرني ربي ان آتيك بمفاتيح الجنة فخذها يا محمد!

فأقول قد قبلت ذلك من ربي فله الحمد على ما أنعم به علي، إدفعها إلى أخي علي بن أبي طالب، فيدفعها إلى علي ويرجع رضوان.

ثم بدنو مالك خازن النار فيسلم علي ويقول: السلام عليك يا حبيب الله!

فأقول له: عليك السلام أيها الملك ما أنكر رؤيتك وأقبح وجهك من أنت؟

فيقول: أنا مالك خازن النار أمرني ربي أن آتيك بمفاتيح النار، فأقول: قد قبلت ذلك من ربي فله الحمد على ما أنعم به علي وفضلني به إدفعها إلى أخي علي ابن أبي طالب، فيدفعها إليه، ثم يرجع مالك فيقبل علي عليه السلام ومعه مفاتيح الجنة ومقاليد النار حتى يقف على شفير جهنم ويأخذ زمامها بيده وقد علا زفيرها واشتد حرها وكثر شررها، فتنادي جهنم يا علي!

جزني قد أطفأ نورك لهبي، فيقول لها علي عليه السلام قرى يا جهنم ذري هذا وليي وخذي هذا عدوي، فلجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي من غلام أحدكم لصاحبه، فان شاء يذهب به يمنة وإن شاء يذهب به يسرة، ولجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي فيما يأمرها به من جميع الخلائق، وذلك أن عليا عليه السلام يومئذ قسيم الجنة والنار واما قوله (مناع للخير) قال المناع الثاني والخير ولاية أمير المؤمنين وحقوق آل محمد ولما كتب الأول كتاب فدك يردها على فاطمة شقه الثاني (فهو معتد مريب الذي جعل مع الله إلها آخر) قال هو ما قالوا نحن كافرون بمن جعل لكم الإمامة والخمس واما قوله (قال قرينه) أي شيطانه وهو حبتر (ربنا ما أطغيته) يعني زريقا (ولكن كان في ضلال بعيد) فيقول الله لهما (لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ما يبدل القول لدي) أي ما فعلتم لا يبدل حسنات، ما وعدته لا اخلفه وقوله (يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد) قال هو استفهام لان الله وعد النار أن يملاها فتمتلي النار فيقول لها هل امتلأت؟

وتقول هل من مزيد؟

على حد الاستفهام أي ليس في مزيد، قال فتقول الجنة يا رب وعدت النار ان تملأها ووعدتني ان تملأني فلم لم تملأني وقد ملأت النار، قال فيخلق الله خلقا يومئذ يملا بهم الجنة قال أبو عبد الله عليه السلام: طوبى لهم انهم لم يروا غموم الدنيا وهمومها قوله (وأزلفت الجنة للمتقين) أي زينت (غير بعيد) قال بسرعة وقوله (لهم ما يشاؤن فيها ولدينا مزيد) قال النظر إلى رحمة الله وقوله (فنقبوا في البلاد) أي مروا وقوله (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب) أي ذاكر قوله (أو ألقى السمع وهو شهيد) أي سمع وأطاع قوله (واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب) قال ينادي المنادي باسم القائم عليه السلام واسم أبيه عليه السلام قوله (يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج) قال صيحة القائم من السماء، ذلك يوم الخروج قال هي الرجعة، حدثنا أحمد بن إدريس قال حدثنا محمد بن أحمد عن عمر بن عبد العزيز عن جميل عن أبي عبد الله & في قوله (يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج " قال هي الرجعة.

قال علي بن إبراهيم في قوله (يوم تشقق الأرض عنهم سراعا) قال في الرجعة، أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن أبي بصير قال سألت الرضا & عن قول الله (ومن الليل فسبحه وأدبار السجود) قال أربع ركعات بعد المغرب، وقال علي بن إبراهيم في قوله (فذكر بالقرآن من يخاف وعيد) قال ذكر يا محمد ما وعدناه من العذاب.


1- كذا ورد في مسند أحمد بن حنبل فراجع. ج. ز.

2- أي وجد الراحة واللذة. ج. ز.

3- معنى الحبك لغة شد شئ بشئ ومنه " الحبكة " وهي ما يشد به الوسط، و " الحباك " وهي الحظيرة التي تشد بقصبات، فالمقصود من الآية الشريفة كما بينه الإمام عليه السلام ان العرش وما بعده من السماوات إلى أرضنا هذه كلمة مشدود بالقوة الجاذبة، بحيث لولاها لتصادمت السماوات والأرضون فيما بينهن وهذه القوة كالأسطوانة لكننا لا نراها كما قال عز اسمه: ورفع السماء بغير عمد ترونها. وقبل مدة، كان من مذهب الفلاسفة خلو الجو بين السماء والأرض من كل شئ وجودي وعبروه ب? " الخلاء " ولكن لما حان عصر الصاروخ أبطلت هذه الفكرة عمليا، لان صعود الصاروخ لا يمكن بدون شئ موجود في الجو إذ هو يرمي مادة نارية إلى تحته ومن أجل اصطكاكها بالفضاء توجد اهتزازات في الصاروخ فتتصاعد إلى فوق وهذا دليل عملي على أن هناك اتصالات مادية من كل السماء إلى الأرض ولا وجود للخلاء المحض كما فرضوه سابقا فهو مما نطق به الإمام الرضا عليه السلام قبل الاستكشافات الجديدة بألف عام أو أزيد بقوله " فهي محبوكة إلى الأرض " ثم لمزيد إيضاح هذا المعنى شبك بين أصابعه كما في الخبر. ج. ز.