الزخرف

سورة الزخرف

مكية آياتها تسع وثمانون (بسم الله الرحمن الرحيم حم والكتاب المبين) حم حرف من الاسم الأعظم والكتاب المبين يعني القرآن الواضح وقوله: (وانه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم) يعني أمير المؤمنين & مكتوب في الحمد في قوله: اهدنا الصراط المستقيم قال أبو عبد الله & هو أمير المؤمنين & وقوله: (أفنضرب عنكم الذكر صفحا) استفهام أي ندعكم مهملين لا نحتج عليكم برسول الله صلى الله عليه وآله أو بامام أو بحجج وقوله (وكم أرسلنا من نبي في الأولين وما يأتيهم من نبي - إلى قوله - أشد منهم) يعنى من قريش (بطشا ومضى مثل الأولين) وقوله (الذي جعل لكم الأرض مهدا) أي مستقرا (وجعل لكم فيها سبلا) أي طرقا (لعلكم تهتدون) يعني كي تهتدوا ثم احتج على الدهرية فقال: (والذي نزل من السماء ماء بقدر فانشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون) وقوله: (وجعل لكم من الفلك والانعام ما تركبون) هو معطوف على قوله " والانعام خلقها لكم فيها دف ء ومنافع ومنها تأكلون " وقوله: (لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين) قال: فإنه حدثني أبي عن ابن فضال عن المفضل بن صالح عن سعيد بن ظريف (سعد بن طريف ط×عن الأصبغ بن نباتة قال: أمسكت لأمير المؤمنين عليه السلام بالزكاب وهو يريد أن يركب فرفع رأسه ثم تبسم، فقلت له: يا أمير المؤمنين رأيتك رفعت رأسك ثم تبسمت؟

قال: نعم يا اصبغ أمسكت لرسول الله صلى الله عليه وآله كما أمسكت لي فرفع رأسه ثم تبسم فسألته عن تبسمه كما سألتني وسأخبرك كما أخبرني أمسكت لرسول الله صلى الله عليه وآله بغلته الشهباء فرفع رأسه إلى السماء وتبسم فقلت: يا رسول الله رفعت رأسك إلى السماء وتبسمت لماذا؟

فقال: يا علي انه ليس من أحد يركب فيقرأ آية الكرسي ثم يقول: " أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه اللهم اغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت " إلا قال السيد الكريم " يا ملائكتي عبدي يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري اشهدوا اني قد غفرت له ذنوبه " وقوله: (وجعلوا له من عباده جزءا) قال قالت قريش: إن الملائكة هم بنات الله ثم قال على حد الاستفهام (أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا) يعني إذا ولدت لهم البنات (ظل وجهه مسودا وهو كظيم) وهو معطوف على قوله (وجعلوا لله البنات) (سبحانه ولهم ما يشتهون) وقال أيضا في قوله " سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين " قال حدثني أبي عن علي بن أسباط قال: حملت متاعا إلى مكة فكسد علي فجئت إلى المدينة فدخلت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام فقلت جعلت فداك اني قد حملت متاعا إلى مكة فكسد علي وقد أردت مصر فأركب بحرا أو برا؟

فقال: بمصر الحتوف وتفيض إليها أقصر الناس اعمارا قال النبي صلى الله عليه وآله: لا تغسلوا رؤوسكم بطينها ولا تشربوا في فخارها فإنه يورث الذلة ويذهب بالغيرة ثم قال لا، عليك ان تأتي مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فتصلي فيه ركعتين وتستخير الله مائة مرة ومرة فإذا عزمت على شئ وركبت البحر أو إذا استويت على راحلتك فقل: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، فإنه ما ركب أحد ظهرا فقال: هذا وسقط إلا لم يصبه كسر ولا وثى (1) ولا وهن وان ركبت بحرا فقل حين تركب: بسم الله مجريها ومرسيها، فإذا ضربت بك الأمواج فاتك على يسارك وأشر إلى الموج بيدك وقل: أسكن بسكينة الله وقر بقرار الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال علي بن أسباط: قد ركبت البحر فكان إذا هاج الموج قلت كما أمرني أبو الحسن عليه السلام فيتنفس (2) الموج ولا يصيبنا منه شئ، فقلت: جعلت فداك وما السكينة؟

قال: ريح من الجنة لها وجه كوجه الانسان طيبة وكانت مع الأنبياء وتكون مع المؤمنين.

قوله (أو من ينشؤا في الحلية) أي ينشؤا في الذهب (وهو في الخصام غير مبين) قال إن موسى عليه السلام أعطاه الله من القوة ان أرى فرعون صورته على فرس من ذهب رطب عليه ثياب من ذهب رطب، فقال فرعون أو من ينشؤا في الحلية أي ينشؤا بالذهب وهو في الخصام غير مبين قال: لا يبين الكلام ولا يتبين من الناس ولو كان نبيا لكان بخلاف الناس قوله (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا) معطوف على ما قالت قريش إن الملائكة بنات الله في قوله: وجعلوا له من عباده جزءا فرد الله عليهم فقال: (اشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون) وقوله (ان هم إلا يخرصون) أي يحتجون (يخمون ط×بلا علم وقوله (بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة) أي على مذهب (وإنا على آثارهم مهتدون) ثم قال عز وجل (وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه انني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني) أي خلقني (فإنه سيهدين) أي سيبين لي ويثيب ثم ذكر الأئمة عليهم السلام فقال (وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون) يعني فإنهم يرجعون أي الأئمة إلى الدنيا ثم حكى الله عز وجل قول قريش (وقالوا لولا نزل هذا القرآن) يعني هلا نزل هذا القرآن (على رجل من القريتين عظيم) وهو عروة بن مسعود والقريتين مكة والطايف، وكان جزاؤكم (جزاهم ط×ما تحتمل الذباب، وكان عم المغيرة ابن شعبة فرد الله عليهم فقال: (أهم يقسمون رحمة ربك) يعني النبوة والقرآن حين قالوا لم لم ينزل على عروة بن مسعود ثم قال الله (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات) يعني في المال والبنين (ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون) فهذا من أعظم دلالة الله على التوحيد لأنه خالف بين هيأتهم وتشابههم وإراداتهم وأهوائهم ليستعين بعضهم على بعض لان أحدا لا يقوم بنفسه لنفسه والملوك والخلفاء لا يستغنون عن الناس وبهذا قامت الدنيا والخلق المأمورون المنهيون المكلفون ولو احتاج كل إنسان أن يكون بناءا لنفسه وخياطا لنفسه وحجاما لنفسه وجميع الصناعات التي يحتاج إليها لما قام العالم طرفة عين لأنه لو طلب كل إنسان العلم ما قامت الدنيا ولكنه عز وجل خالف بينهم وبين هيأتهم وذلك من أعظم الدلالة على التوحيد.

وقوله: (ولولا أن يكون الناس أمة واحدة) أي على مذهب واحد (لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون) قال: المعارج التي يظهرون بها (ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون وزخرفا) قال البيت المزخرف بالذهب فقال الصادق عليه السلام: لو فعل الله ذلك لما آمن أحد ولكنه جعل في المؤمنين أغنياء وفي الكافرين فقراء وجعل في الكافرين أغنياء وفي المؤمنين فقراء ثم امتحنهم بالأمر والنهي والصبر والرضى قوله: (ومن يعش عن ذكر الرحمن) أي يعمى (نقيض له شيطانا فهو له قرين) وقوله (فاما نذهبن بك فانا منهم منتقمون) قال فإنه حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن يحيى بن سعيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: فاما نذهبن بك يا محمد من مكة إلى المدينة فانا رادوك إليها ومنتقمون منهم بعلي بن أبي طالب عليه السلام قوله (وسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون) قال: فإنه حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي عن أبي الربيع قال حججت مع أبي جعفر في السنة التي حج فيها هشام بن عبد الملك وكان معه نافع بن الأزرق مولى عمر بن الخطاب فنظر نافع إلى أبي جعفر عليه السلام في ركن البيت وقد اجتمع عليه الناس فقال لهشام: يا أمير المؤمنين من هذا الذي تتكافأ عليه الناس؟

فقال هذا نبي أهل الكوفة هذا محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فقال نافع: لآتينه فلأسألنه عن مسائل لا يجيبني فيها إلا نبي أو وصي نبي أو ابن وصى نبي، فقال هشام: فاذهب إليه فسله فلعلك أن تخجله، فجاء نافع واتكأ على الناس ثم أشرف على أبي جعفر عليه السلام فقال يا محمد بن علي اني قد قرأت التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وقد عرفت حلالها وحرامها وقد جئت أسألك مسائل لا يجيبني فيها إلا نبي أو وصي نبي أو ابن وصي نبي، فرفع إليه أبو جعفر عليه السلام رأسه فقال سل فقال أخبرني كم بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وآله من سنة فقال أخبرك بقولي أو بقولك قال أخبرني بالقولين جميعا فقال اما بقولي فخمسمائة سنة واما بقولك فستمائة سنة قال فأخبرني عن قول الله " وسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون " من ذا الذي سأل محمد وكان بينه وبين عيسى خمسمائة سنة!

قال فتلا أبو جعفر عليه السلام هذه الآية " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا " فكان من الآيات التي أراها الله محمدا صلى الله عليه وآله حين أسرى به إلى بيت المقدس ان حشر الله الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين ثم أمر جبرئيل فأذن شفعا وأقام شفعا ثم قال في إقامته حي على خير العمل ثم تقدم محمد صلى الله عليه وآله وصلى بالقوم فأنزل الله عليه " وسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون " الآية فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله على ما تشهدون وما كنتم تعبدون قالوا نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وانك رسول الله صلى الله عليه وآله اخذت على ذلك مواثيقنا وعهودنا، قال نافع صدقت يا بن رسول الله يا أبا جعفر أنتم والله أوصياء رسول الله وخلفاؤه في التوراة وأسماؤكم في الإنجيل وفي الزبور وفي القرآن وأنتم أحق بالامر من غيركم.

ثم حكى قول فرعون وأصحابه لموسى عليه السلام فقال (وقالوا يا أيها الساحر) أي يا أيها العالم (ادع لنا ربك بما عهد عندك اننا لمهتدون) ثم قال فرعون: (أم أنا خير من هذا الذي هو مهين) يعني موسى (ولا يكاد يبين) فقال لم يبين الكلام ثم قال (فلولا ألقي عليه أسورة) أي هلا ألقي عليه أسورة (من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين) يعني مقارنين (فاستخف قومه) فلما دعاهم (أطاعوه انهم كانوا قوما فاسقين فلما آسفونا - إلى عصونا - انتقمنا منهم) لأنه لا يأسف عز وجل كأسف الناس وقوله (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) قال فإنه حدثني أبي عن وكيع عن الأعمش عن سلمة بن كهيل عن أبي صادق عن أبي الأعز عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله جالس في أصحابه إذ قال إنه يدخل عليكم الساعة شبيه عيسى بن مريم فخرج بعض من كان جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وآله ليكون هو الداخل، فدخل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال الرجل لبعض أصحابه أما يرضى محمد ان فضل عليا علينا حتى يشبهه بعيسى بن مريم والله لآلهتنا التي كنا نعبدها في الجاهلية أفضل منه، فأنزل الله في ذلك المجلس " ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يضجون " فحرفوها يصدون (وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون ان علي إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل) فمحي اسمه عن هذا الموضع (3) ثم ذكر الله خطر أمير المؤمنين عليه السلام وعظم شأنه عنده تعالى فقال (هذا صراط مستقيم) يعني أمير المؤمنين & وقوله (فاستمسك بالذي أوحي إليك انك على صراط مستقيم) حدثنا جعفر بن أحمد قال حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزلت هاتان الآيتان هكذا، قول الله (حتى إذا جاءنا - يعني فلانا وفلانا - يقول أحدهما لصاحبه حين يراه يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين) (4) فقال الله لنبيه قل لفلان وفلان واتباعهما (لن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم - آل محمد حقهم - انكم في العذاب مشتركون) ثم قال الله لنبيه (أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين فاما نذهبن بك فانا منهم منتقمون) يعنى من فلان وفلان ثم أوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وآله (فاستمسك بالذي أوحي إليك في علي انك على صراط مستقيم) يعني انك على ولاية علي وعلي هو الصراط المستقيم، حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا يحيى بن زكريا عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله & قال قلت له قوله: (وانه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون) فقال الذكر القرآن ونحن قومه ونحن المسؤولون (ولا يصدنكم الشيطان) يعنى فلانا لا يصدنك عن أمير المؤمنين (انه لكم عدو مبين) قوله (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) يعنى الأصدقاء يعادي بعضهم بعضا، وقال الصادق & ألا كل خلة كانت في الدنيا في غير الله فإنها تصير عداوة يوم القيامة وقال أمير المؤمنين &: وللظالم غدا بكفه (يكفيه عضة يديه ط×عضة وللرجل وشيك وللاخلاء ندامة إلا المتقين.

أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن شعيب بن يعقوب عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي & قال في خليلين مؤمنين وخليلين كافرين ومؤمن غني ومؤمن فقير وكافر غني وكافر فقير، فاما الخليلان المؤمنان فتخالا حياتهما في طاعة الله وتباذلا عليها وتوادا عليها فمات أحدهما قبل صاحبه فأراه الله منزله في الجنة يشفع لصاحبه، فقال يا رب خليلي فلان كان يأمرني بطاعتك ويعينني عليها وينهاني عن معصيتك فثبته على ما ثبتني عليه من الهدى حتى تريه ما أريتني فيستجيب الله له حتى يلتقيا عند الله عز وجل فيقول كل واحد منهما لصاحبه جزاك الله من خليل خيرا كنت تأمرني بطاعة الله وتنهاني عن معصية الله، واما الكافران فتخالا بمعصية الله وتباذلا عليها وتوادا عليها فمات أحدهما قبل صاحبه فأراه الله تبارك وتعالى منزله في النار فقال يا رب فلان خليلي كان يأمرني بمعصيتك وينهاني عن طاعتك فثبته على ما ثبتني عليه من المعاصي حتى تريه ما أريتني من العذاب فيلتقيان عند الله يوم القيامة يقول كل واحد منهما لصاحبه جزاك الله من خليل شرا كنت تأمرني بمعصية الله وتنهاني عن طاعة الله قال ثم قرأ & " الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين " ويدعى بالمؤمن الغنى يوم القيامة إلى الحساب يقول الله تبارك وتعالى عبدي!

قال: لبيك يا رب قال ألم أجعلك سميعا وبصيرا وجعلت لك مالا كثيرا؟

قال: بلى يا رب، قال: فما أعددت للقائي؟

قال: آمنت بك وصدقت رسولك وجاهدت في سبيلك، قال: فماذا فعلت فيما آتيتك؟

قال: أنفقت في طاعتك، قال: ماذا أورثت في عقبك؟

قال: خلقتني وخلقتهم ورزقتني ورزقتهم وكنت قادرا على أن ترزقهم كما رزقتني فوكلت عقبي إليك، فيقول الله عز وجل صدقت اذهب فلو تعلم ما لك عندي لضحكت كثيرا.

ثم يدعى بالمؤمن الفقير فيقول يا عبدي!

فيقول لبيك يا رب فيقول ماذا فعلت فيقول يا رب هديتني لدينك وأنعمت علي وكففت عني ما لو بسطته لخشيت ان يشغلني عما خلقتني له، فيقول الله عز وجل صدقت عبدي لو تعلم ما لك عندي لضحكت كثيرا، ثم يدعى بالكافر الغني فيقول ما أعددت للقائي؟

فيعتل، فيقول: ماذا فعلت فيما آتيتك؟

فيقول ورثته عقبي فيقول من خلقك؟

فيقول أنت فيقول من خلق عقبك؟

فيقول أنت، فيقول: ألم أك قادرا على أن ارزق عقبك كما رزقتك؟

فان قال نسيت، هلك، وان قال لم أدر ما أنت هلك، فيقول الله عز وجل لو تعلم ما لك عندي لبكيت كثيرا، قال ثم يدعى بالكافر الفقير فيقول يا بن آدم ما فعلت فيما أمرتك؟

فيقول: ابتليتني ببلاء الدنيا حتى أنسيتني ذكرك وشغلتني عما خلقتني له، فيقول له فهلا دعوتني فأرزقك وسألتني فأعطيك؟

فان قال يا رب نسيت هلك، وان قال: لم أدر ما أنت هلك، فيقول له: لو تعلم ما لك عندي لبكيت كثيرا.

قال علي بن إبراهيم في قوله (الذين آمنوا بآياتنا) يعني بالأئمة (وكانوا مسلمين ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون) اي تكرمون (يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب) أي قصاع وأواني (وفيها ما تشتهيه الأنفس - إلى قوله - منها تأكلون) فإنه محكم، واخبرني أبي عن الحسن بن محبوب عن ابن يسار عن أبي عبد الله & قال: إن الرجل في الجنة يبقى على مائدته أيام الدنيا ويأكل في اكلة واحدة بمقدار ما اكله في الدنيا، ثم ذكر الله ما أعده لأعداء آل محمد فقال: (ان المجرمين في عذاب جهنم خالدون لا يفتر عنهم وهم فيه مبسلون) اي آيسون من الخير فذلك قول أمير المؤمنين عليه السلام: " واما أهل المعصية فخلدوا في النار، وأوثق منهم الاقدام، وغل منهم الأيدي إلى الأعناق، وألبس أجسادهم سرابيل القطران وقطعت لهم مقطعات من النار، هم في عذاب قد اشتد حره ونار قد أطبق على أهلها، فلا يفتح عنهم أبدا، ولا يدخل عليهم ريح أبدا، ولا ينقضي منهم الغم أبدا والعذاب أبدا شديد والعقاب أبدا جديد، لا الدار زائلة فتفنى ولا آجال القوم تقضى ".

ثم حكى نداء أهل النار فقال ونادوا (يا مالك ليقض علينا ربك) قال اي نموت فيقول مالك (انكم ماكثون) ثم قال الله (لقد جئناكم بالحق) يعنى بولاية أمير المؤمنين عليه السلام (ولكن أكثركم للحق كارهون) والدليل على أن الحق ولاية أمير المؤمنين عليه السلام قوله: " وقل الحق من ربكم - يعني ولاية علي - فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا اعتدنا للظالمين - آل محمد حقهم - نارا " ثم ذكر على أثر هذا خبرهم وما تعاهدوا عليه في الكعبة أن لا يردوا الامر في أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال (أم ابرموا امرا فانا مبرمون - إلى قوله - لديهم يكتبون) وقوله (قل إن كان للرحمن ولد فانا أول العابدين) يعنى أول القائلين لله أن يكون له ولد وقوله (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله) قال هو إله في السماء والأرض، حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد بن الحسين عن الحسن ابن محبوب عن علي بن رياب عن منصور عن أبي اسامة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله عز وجل " وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله " فنظرت والله إليه وقد لزم الأرض وهو يقول: والله عز وجل الذي هو والله ربي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الله عز وجل.

وقال علي بن إبراهيم: (ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة) قال: هم الذين قد عبدوا في الدنيا لا يملكون الشفاعة لمن عبدهم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله (يا رب ان هؤلاء قوم لا يؤمنون) فقال الله: (فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون).


1- تنفس الموج: نضح الماء ج. ز.

2- وفى المصحف: ان هو الا عبد أنعمنا عليه.

3- الزخرف الآية 38.

4- أي الشدة.