الشورى

سورة الشورى

مكية آياتها ثلاث وخمسون (بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم حم عسق) هو حروف من اسم الله الأعظم المقطوع يؤلفه رسول الله صلى الله عليه وآله أو الإمام & فيكون الاسم الأعظم الذي إذا دعا الله به أجاب ثم قال: (كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم) حدثنا أحمد بن علي وأحمد بن إدريس قالا: حدثنا محمد بن احمد العلوي عن العمركي عن محمد بن جمهور قال: حدثنا سليمان بن سماعة عن عبد الله بن القاسم عن يحيى بن مسيرة (ميسرة ط×الخثعمي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول حم عسق اعداد سني القائم وقاف جبل محيط بالدنيا من زمرد أخضر فخضرة السماء من ذلك الجبل وعلم كل شئ في عسق.

وقال علي بن إبراهيم في قوله: (تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض) قال للمؤمنين من الشيعة التوابين خاصة، ولفظ الآية عامة ومعناه خاص وقوله: (وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها) قال: أم القرى مكة سميت أم القرى لأنها أول بقعة خلقها الله من الأرض لقوله " ان أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا " وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله (يتفطرن من فوقهن) أي يتصدعن وقوله (لتنذر أم القرى) مكة (ومن حولها) سائر الأرض وقوله (وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير) قال: فإنه حدثني الحسين بن عبد الله السكيني عن أبي سعيد البجلي (النحلى ط×عن عبد الملك بن هارون عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: لما بلغ أمير المؤمنين عليه السلام امر معاوية وانه في مائة الف قال من أي القوم؟

قالوا من أهل الشام، قال عليه السلام لا تقولوا من أهل الشام ولكن قولوا من أهل الشوم هم من أبناء مضر لعنوا على لسان داود فجعل الله منهم القردة والخنازير، ثم كتب عليه السلام إلى معاوية: لا تقتل الناس بيني وبينك وهلم إلى المبارزة فان أنا قتلتك فإلى النار أنت وتستريح الناس منك ومن ضلالتك وان قتلتني فأنا إلى الجنة ويغمد عنك السيف الذي لا يسعني غمده حتى أرد مكرك وبدعتك، وأنا الذي ذكر الله اسمه في التوراة والإنجيل بمؤازرة رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنا أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وآله تحت الشجرة في قوله: " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ".

فلما قرأ معاوية كتابه وعنده جلساؤه قالوا: والله قد أنصفك، فقال معاوية والله ما أنصفني والله لأرمينه بمائة الف سيف من أهل الشام من قبل ان يصل إلي، ووالله ما أنا من رجاله، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول والله يا علي لو بارزك أهل الشرق والغرب لقتلتهم أجمعين، فقال له رجل من القوم فما يحملك يا معاوية على قتال من تعلم وتخبر فيه عن رسول الله صلى الله عليه وآله بما تخبر؟

ما أنت ونحن في قتاله إلا على الضلالة!

فقال معاوية: إنما هذا بلاغ من الله ورسالاته والله ما أستطيع أنا وأصحابي رد ذلك حتى يكون ما هو كائن.

قال: وبلغ ذلك ملك الروم وأخبر ان رجلين قد خرجا يطلبان الملك فسأل من أين خرجا؟

فقيل له رجل بالكوفة ورجل بالشام، قال: فلمن الملك الآن فأمر وزراءه فقالوا تخللوا هل تصيبون من تجار العرب من يصفهما لي، فاتي برجلين من تجار الشام ورجلين من تجار مكة فسألهم عن صفتهما فوصفوهما له ثم قال لخزان بيوت خزاينه اخرجوا إلي الأصنام فأخرجوها فنظر إليها، فقال: الشامي ضال والكوفي هاد، ثم كتب إلى معاوية ان ابعث إلي اعلم أهل بيتك وكتب إلى أمير المؤمنين عليه السلام ان ابعث إلي اعلم أهل بيتك، فاسمع منهما ثم انظر في الإنجيل كتابنا ثم أخبركما من أحق بهذا الامر وخشي على ملكه، فبعث معاوية يزيد ابنه وبعث أمير المؤمنين الحسن ابنه عليهما السلام فلما دخل يزيد على الملك أخذ بيده وقبلها ثم قبل رأسه ثم دخل عليه الحسن بن علي عليهما السلام فقال: الحمد الله الذي لم يجعلني يهوديا ولا نصرانيا ولا مجوسيا ولا عابدا للشمس والقمر ولا الصنم ولا البقر وجعلني حنيفا مسلما ولم يجعلني من المشركين تبارك الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين، ثم جلس لا يرفع بصره، فلما نظر ملك الروم إلى الرجلين اخرجهما ثم فرق بينهما ثم بعث إلى يزيد فأحضره ثم أخرج من خزائنه ثلاثمائة وثلاثة عشر صندوقا فيها تماثيل الأنبياء وقد زينت بزينة كل نبي مرسل فأخرج صنما فعرضه على يزيد فلم يعرفه ثم عرض عليه صنما صنما فلا يعرف منها شيئا ولا يجيب منها بشئ ثم سأله عن أرزاق الخلائق وعن أرواح المؤمنين أين تجتمع؟

وعن أرواح الكفار أين تكون إذا ماتوا؟

فلم يعرف من ذلك شيئا ثم دعا الملك الحسن بن علي عليهما السلام فقال: إنما بدأت بيزيد بن معاوية كي يعلم انك تعلم ما لا يعلم ويعلم أبوك ما لا يعلم أبوه فقد وصف لي أبوك وأبوه ونظرت في الإنجيل فرأيت فيه محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله والوزير عليا عليه السلام فنظرت في الأوصياء فرأيت فيها أباك وصي محمد رسول الله صلى الله عليه وآله.

فقال له الحسن: سلني عما بدا لك مما تجده في الإنجيل وعما في التوراة وعما في القرآن أخبرك به إن شاء الله تعالى، فدعا الملك بالأصنام فأول صنم عرض عليه في صورة القمر فقال الحسن عليه السلام: هذه صفة آدم أبو البشر ثم عرض عليه أخرى في صفة الشمس فقال الحسن عليه السلام: هذه صفة حواء أم البشر ثم عرض عليه آخر في صورة حسنة فقال: هذه صفة شيث بن آدم وكان أول من بعث وبلغ عمره في الدنيا الف سنة وأربعين عاما، ثم عرض عليه أخرى فقال: هذه صفة نوح صاحب السفينة كان عمره ألفا وأربعمائة سنة ولبث في قومه الف سنة إلا خمسين عاما، ثم عرض عليه آخر فقال: هذه صفة إبراهيم عريض الصدر طويل الجبهة ثم عرض عليه صنما آخر فقال: هذه صفة موسى بن عمران وكان عمره مائتين وأربعين سنة وكان بينه وبين إبراهيم خمسمائة عام (1) ثم اخرج إليه صنما آخر فقال: هذه صفة إسرائيل وهو يعقوب ثم اخرج إليه صنما آخر فقال: هذه صفة إسماعيل ثم اخرج إليه صنما آخر فقال: هذه صفة يوسف بن يعقوب بن إسحاق ابن إبراهيم ثم اخرج إليه صنما آخر فقال: هذه صفة داود صاحب المحراب (الحرب ط×ثم اخرج إليه صنما آخر فقال: هذه صفة شعيب ثم زكريا ثم يحيى ثم عيسى بن مريم روح الله وكلمته وكان عمره في الدنيا ثلاثة وثلاثين سنة ثم رفعه الله إلى السماء ويهبط إلى الأرض بدمشق وهو الذي يقتل الدجال.

ثم عرض عليه صنما صنما فيخبر باسم نبي نبي ثم عرض عليه الأوصياء والوزراء فكان يخبر باسم وصي وصي ووزير وزير ثم عرض عليه أصناما بصفة الملوك فقال الحسن عليه السلام: هذه أصنام لم نجد صفتها في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان فلعلها من صفة الملوك فقال الملك: أشهد عليكم يا أهل بيت محمد انكم قد أعطيتم علم الأولين والآخرين وعلم التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وألواح موسى عليه السلام ثم عرض عليه صنما يلوح، فلما نظر إليه بكى بكاءا شديدا، فقال له الملك ما يبكيك؟

فقال: هذه صفة جدي محمد صلى الله عليه وآله كثيف اللحية عريض الصدر طويل العنق عريض الجبهة، أقنى الانف، أفلج الأسنان حسن الوجه قطط الشعر طيب الريح حسن الكلام فصيح اللسان، كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، بلغ عمره ثلاثا وستين سنة ولم يخلف بعده إلا خاتما مكتوب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وكان يتختم بيمينه وخلف سيفه ذا الفقار وقضيبه وجبة صوف وكساء صوف كان يتسرول به، لم يقطعه ولم يخطه حتى لحق بالله!

فقال الملك: إنا نجد في الإنجيل أنه يكون له ما يتصدق به على سبطيه فهل كان ذلك؟

فقال له الحسن عليه السلام: قد كان ذلك، فقال الملك فبقي لكم ذلك؟

فقال لا، فقال الملك أول فتنة هذه الأمة غلبا أباكما - وهما الأول والثاني - على ملك نبيكم، واختيار هذه الأمة على ذرية نبيهم، منكم القائم بالحق الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر.

قال: ثم سأل الملك الحسن & عن سبعة أشياء خلقها الله لم تركض في رحم، فقال الحسن & أول هذه آدم ثم حواء ثم كبش إبراهيم ثم ناقة صالح ثم إبليس الملعون ثم الحية ثم الغراب التي ذكرها الله في القرآن، قال: ثم سأله عن أرزاق الخلائق، فقال الحسن &: أرزاق الخلائق في السماء الرابعة ينزل بقدر ويبسط بقدر ثم سأله عن أرواح المؤمنين أين تكون إذا ماتوا؟

قال: تجتمع عند صخرة بيت المقدس في كل ليلة جمعة وهو عرش الله الأدنى منها بسط الله الأرض واليها يطويها ومنها المحشر ومنها استوى ربنا إلى السماء أي استولى على السماء والملائكة، ثم سأله عن أرواح الكفار أين تجتمع؟

قال: تجتمع في وادي حضرموت وراء مدينة اليمن ثم يبعث الله نارا من المشرق ونارا من المغرب ويتبعهما بريحين شديدتين فيحشر الناس عند صخرة بيت المقدس فيحشر أهل الجنة عن يمين الصخرة ويزلف الميعاد وتصير جهنم عن يسار الصخرة في تخوم الأرضين السابعة وفيها الفلق والسجين فتفرق الخلائق من عند الصخرة فمن وجبت له الجنة دخلها ومن وجبت له النار دخلها وذلك قوله " فريق في الجنة وفريق في السعير " فلما اخبر الحسن & بصفة ما عرض عليه من الأصنام وتفسير ما سأله التفت الملك إلى يزيد بن معاوية وقال: أشعرت ان ذلك علم لا يعلمه إلا نبي مرسل أو وصي مؤازر قد أكرمه الله بمؤازرة نبيه أو عترة نبي مصطفى وغيره فقد طبع الله على قلبه وآثر دنياه على آخرته وهواه على دينه وهو من الظالمين.

قال: فسكت يزيد وخمد قال: فأحسن الملك جائزة الحسن واكره وقال له: ادع ربك حتى يرزقني دين نبيك فان حلاوة الملك قد حالت بيني وبين ذلك وأظنه سما مرديا وعذابا أليما، قال: فرجع يزيد إلى معاوية.

وكتب إليه الملك انه من آتاه الله العلم بعد نبيه وحكم التوراة وما فيها والإنجيل وما فيه والزبور وما فيه والفرقان وما فيه فالحق والخلافة له وكتب إلى علي & ان الحق والخلافة لك وبيت النبوة فيك وفي ولدك فقاتل من قاتلك يعذبه الله بيدك فان من قاتلك نجده في الإنجيل ان عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وعليه لعنة أهل السماوات والأرضين.

واما قوله: (ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة) قال: ولو شاء ان يجعلهم كلهم معصومين مثل ملائكة بلا طباع لقدر عليه (ولكن يدخل من يشاء في رحمته الظالمون) آل محمد حقهم (مالهم من ولي ولا نصير) وقوله: (وما اختلفتم فيه من شئ) من المذاهب واخترتم لأنفسكم من الأديان فحكم ذلك كله (إلى الله) يوم القيامة وقوله (جعل لكم من أنفسكم أزواجا) يعني النساء (ومن الانعام أزواجا) يعني ذكرا وأنثى (يذرؤكم فيه) يعنى النسل الذي يكون من الذكور والإناث ثم رد الله على من وصف الله فقال: (ليس كمثله شئ وهو السميع البصير) وقوله: (شرع لكم في الدين) مخاطبة لمحمد صلى الله عليه وآله (ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك - يا محمد - وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى ان أقيموا الدين) أي تعلموا الدين يعني التوحيد وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت والسنن والاحكام التي في الكتب والاقرار بولاية أمير المؤمنين عليه السلام (ولا تتفرقوا فيه) أي لا تختلفوا فيه (كبر على المشركين ما تدعوهم إليه) من ذكر هذه الشرائع ثم قال (الله يجتبى إليه من يشاء) أي يختار (ويهدي إليه من ينيب) وهم الأئمة الذين اجتباهم الله واختارهم قال (وما تفرقوا إلا من بعدما جاءهم العلم بغيا بينهم) قال لم يتفرقوا بجهل ولكنهم تفرقوا لما جاءهم العلم وعرفوه فحسد بعضهم بعضا وبغى بعضهم على بعض لما رأوا من تفاضل أمير المؤمنين عليه السلام بأمر الله فتفرقوا في المذاهب وأخذوا بالآراء والأهواء ثم قال عز وجل: (ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم) قال: لولا أن الله قد قدر ذلك أن يكون في التقدير الأول لقضي بينهم إذا اختلفوا وأهلكهم ولم ينظرهم ولكن أخرهم إلى أجل مسمى مقدر (وان الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب) كناية عن الذين نقضوا أمر رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال: (فلذلك فادع) يعني لهذه الأمور والدين الذي تقدم ذكره وموالاة أمير المؤمنين عليه السلام (واستقم كما أمرت).

قال: فحدثني أبي عن علي بن مهزيار عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: (أن أقيموا الدين) قال الامام (ولا تتفرقوا فيه) كناية عن أمير المؤمنين عليه السلام ثم قال: (كبر على المشركين ما تدعوهم إليه) من امر ولاية علي عليه السلام (الله يجتبي إليه من يشاء) كناية عن علي عليه السلام (ويهدي إليه من ينيب) ثم قال: (فلذلك فادع واستقم كما أمرت) يعني إلى أمير المؤمنين عليه السلام (ولا تتبع أهواءهم) فيه (وقل آمنت بما انزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم - إلى قوله - واليه المصير) ثم قال عز وجل (الذين يحاجون في الله) أي يحتجون على الله بعدما شاء الله ان يبعث إليهم الرسل والكتب فبعث الله إليهم الرسل والكتب فغيروا وبدلوا ثم يحتجون يوم القيامة على الله (فحجتهم داحضة) أي باطلة (عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد) ثم قال (الله الذي انزل الكتاب بالحق والميزان) قال الميزان أمير المؤمنين عليه السلام والدليل على ذلك قوله في سورة الرحمن (والسماء رفعها ووضع الميزان) قال يعني الامام، وقوله (يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها) كناية عن القيامة فإنهم كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وآله أقم لنا الساعة وائتنا بما تعدنا من العذاب إن كنت من الصادقين فقال الله: (ألا ان الذين يمارون في الساعة) أي يخاصمون وقوله: (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه) يعني ثواب الآخرة (ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب) قال: حدثني أبي عن بكير (بكر ط×بن محمد الأزدي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: المال والبنون حرث الدنيا والعمل الصالح حرث الآخرة وقد يجمعهما الله لأقوام وقوله: (ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم) قال الكلمة الامام والدليل على ذلك قوله (وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون) يعني الإمامة ثم قال (وان الظالمين) يعني الذين ظلموا هذه الكلمة (لهم عذاب اليم) ثم قال (ترى الظالمين) يعني الذين ظلموا آل محمد حقهم (مشفقين مما كسبوا) أي خائفين مما ارتكبوا وعملوا (وهو واقع بهم) أي ما يخافونه ثم ذكر الله الذين آمنوا بالكلمة واتبعوها فقال: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات - إلى قوله - يبشر الله عباده الذين آمنوا) بهذه الكلمة (وعملوا الصالحات) مما أمروا به.

ثم قال: (قل لهم - يا محمد - لا أسألكم عليه أجرا) يعني على النبوة (إلا المودة في القربى) قال: حدثني أبي عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في قول الله " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " يعني في أهل بيته قال: جاءت الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: إنا قد آوينا ونصرنا فخذ طائفة من أموالنا فاستعن بها على ما نابك فأنزل الله " قل لا أسألكم عليه أجرا " يعني على النبوة " إلا المودة في القربى " يعني في أهل بيته ثم قال: ألا ترى ان الرجل يكون له صديق وفي نفس ذلك الرجل شئ على أهل بيته فلا يسلم صدره فأراد الله أن لا يكون في نفس رسول الله شئ على أهل بيته (أمته ط×ففرض عليهم المودة في القربى فان اخذوا اخذوا مفروضا وان تركوا تركوا مفروضا، قال: فانصرفوا من عنده وبعضهم يقول عرضنا عليه أموالنا فقال: قاتلوا عن أهل بيتي من بعدي، وقالت طائفة ما قال هذا رسول الله وجحدوه وقالوا كما حكى الله (أم يقولون افترى على الله كذبا) فقال الله (فان يشاء الله يختم على قلبك) قال لو افتريت (ويمحو الله الباطل) يعني يبطله (ويحق الحق بكلماته) يعنى بالنبي وبالأئمة والقائم من آل محمد (انه عليم بذات الصدور) ثم قال: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده - إلى قوله - ويزيدهم من فضله) يعنى الذين قالوا القول " ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله " ثم قال (والكافرون لهم عذاب شديد) وقال أيضا: قل لا أسألكم عليه اجرا إلا المودة في القربى قال: اجر النبوة ان لا تؤذوهم ولا تقطعوهم ولا تغصبوهم وتصلوهم ولا تنقضوا العهد فيهم لقوله تعالى " والذين يصلون ما امر الله به ان يوصل " قال: جاءت الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: إنا قد نصرنا وفعلنا فخذ من أموالنا ما شئت فأنزل الله " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " يعنى في أهل بيته ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله بعد ذلك: من حبس أجيرا اجره فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا وهو محبة آل محمد ثم قال (ومن يقترف حسنة وهي إقرار الإمامة لهم والاحسان إليهم وبرهم وصلتهم (نزد له فيها حسنا) أي نكافئ على ذلك بالاحسان وقوله (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض) قال الصادق عليه السلام: لو فعل لفعلوا ولكن جعلهم محتاجين بعضهم إلى بعض واستعبدهم بذلك ولو جعلهم كلهم أغنياء لبغوا في الأرض (ولكن ينزل بقدر ما يشاء) مما يعلم أنه يصلحهم في دينهم ودنياهم (انه بعباده خبير بصير) وقوله: (وهو الذي ينزل الغيث من بعدما قنطوا) أي يئسوا (وينشر رحمته وهو الولي الحميد) قال: حدثني أبي عن العرزمي ط (العزرمي م) عن أبيه عن أبي إسحاق عن الحارث الأعور عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: سئل عن السحاب أين يكون؟

قال: يكون على شجر كثيف على ساحل البحر يأوي إليه فإذا أراد الله ان يرسل ارسل ريحا فأثاره ووكل به ملائكة يضربونه بالمخاريق وهو البرق فيرتفع.

وقوله (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير) قال فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن منصور بن يونس عن أبي حمزة عن الأصبغ ابن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام قال سمعته يقول: إني أحدثكم بحديث ينبغي لكل مسلم ان يعيه، ثم اقبل علينا فقال: ما عاقب الله عبدا مؤمنا في هذه الدنيا إلا كان الله أحلم وأمجد وأجود من أن يعود في عقابه يوم القيامة وما ستر الله على عبد مؤمن في هذه الدنيا وعفا عنه إلا كان الله أمجد وأجود وأكرم من أن يعود في عقوبته يوم القيامة، ثم قال &: وقد يبتلي الله المؤمن بالبلية في بدنه أو ماله أو ولده أو أهله ثم تلا هذه الآية " وما أصابكم من مصيبة.

الخ " وحتى بيده ثلاث مرات، قال: فحدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رياب قال: سألت أبا عبد الله & عن قول الله عز وجل " وما أصابكم من مصيبة.

الخ " قال: أرأيت ما أصاب عليا وأهل بيته هو بما كسبت أيديهم؟

وهم أهل الطهارة معصومون!

قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يتوب إلى الله ويستغفره في كل يوم وليلة مائة مرة من غير ذنب ان الله يخص أولياءه بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب، قال الصادق &: لما ادخل علي بن الحسين & على يزيد نظر إليه ثم قال: يا علي بن الحسين وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم!

فقال علي بن الحسين عليهما السلام كلا!

ما فينا هذه نزلت وإنما نزلت فينا " ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل ان نبرأها ان ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم " فنحن الذين لا تأسوا على ما فاتنا من امر الدنيا ولا نفرح بما أوتينا وقوله: (وإذا ما غضبوا هم يغفرون) قال أبو جعفر &: من كظم غيظا وهو يقدر على إمضائه حشى الله قلبه أمنا وإيمانا يوم القيامة قال: ومن ملك نفسه إذا رغب وإذا رهب وإذا غضب حرم الله جسده على النار وقوله: (والذين استجابوا لربهم) قال: في إقامة الامام (وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم) اي يقبلون ما أمروا به ويشاورون الامام فيما يحتاجون إليه من امر دينهم كما قال الله " ولو ردوه إلى الرسول وإلى اولي الامر منهم ".

واما قوله: (والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون) يعنى إذا بغي عليهم ينتصرون وهي الرخصة التي صاحبها فيها بالخيار إن شاء فعل وإن شاء ترك ثم جزى ذلك فقال (وجزاء سيئة سيئة مثلها) أي لا تعتدي ولا تجازي بأكثر مما فعل بك ثم قال (فمن عفا وأصلح فأجره على الله) ثم قال (وترى الظالمين) آل محمد حقهم (لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل) اي إلى الدنيا حدثنا جعفر بن أحمد قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر & قال سمعته يقول: (ولمن انتصر بعد ظلمه) يعنى القائم & وأصحابه (فأولئك ما عليهم من سبيل) والقائم إذا قام انتصر (2) من بنى أمية ومن المكذبين والنصاب هو وأصحابه وهو قول الله (إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب اليم) وقوله (ترى الظالمين) آل محمد حقهم (لما رأوا العذاب) وعلي & هو العذاب في هذا الوجه (3) (يقولون هل إلى مرد من سبيل) فنوالي عليا & (وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل) لعلي (ينظرون) إلى علي (من طرف خفي وقال الذين آمنوا) يعنى آل محمد وشيعتهم (ان الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة الا ان الظالمين) آل محمد حقهم (في عذاب مقيم) قال: والله يعنى النصاب الذين نصبوا العداوة لعلي وذريته عليهم السلام والمكذبين (وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله ومن يضلل الله فما له من سبيل) وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر & في قوله (يهب لمن يشاء إناثا) اي ليس معهن ذكر (ويهب لمن يشاء الذكور) يعنى ليس معهم أنثى (أو يزوجهم ذكرانا وإناثا) جميعا يجمع له البنين والبنات أي يهبهم جميعا لواحد.

وقال علي بن إبراهيم في قوله (لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء - إلى قوله - ويجعل من يشاء عقيما) قال: فحدثني أبي عن المحمودي ومحمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن إسماعيل الرازي عن محمد بن سعيد ان يحيى بن أكثم سأل موسى بن محمد عن مسائل وفيها أخبرنا عن قول الله " أو يزوجهم ذكرانا وإناثا " فهل يزوج الله عباده الذكران وقد عاقب قوما فعلوا ذلك فسأل موسى أخاه أبا الحسن العسكري & وكان من جواب أبي الحسن اما قوله " أو يزوجهم ذكرانا وإناثا " فان الله تبارك وتعالى يزوج ذكران المطيعين إناثا من الحور العين وإناث المطيعات من الانس من ذكران المطيعين (4) ومعاذ الله أن يكون الجليل عنى ما لبست على نفسك تطلبا للرخصة لارتكاب المآثم قال: فمن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إن لم يتب وقوله (وما كان لبشر ان يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء) قال: وحي مشافهة ووحي إلهام وهو الذي يقع في القلب أو من وراء حجاب كما كلم الله نبيه صلى الله عليه وآله وكما كلم الله موسى & من النار أو يرسل رسولا فيوحى باذنه ما يشاء قال وحي مشافهة يعني إلى الناس ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان) روح القدس هي التي قال الصادق & في قوله " ويسألونك عن الروح قل الروح من امر ربي " قال: هو ملك أعظم من جبرئيل وميكائيل كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهو مع الأئمة ثم كنى عن أمير المؤمنين & فقال: (ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا) والدليل على أن النور أمير المؤمنين & قوله عز وجل (واتبعوا النور الذي أنزل معه) الآية حدثنا جعفر بن أحمد قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم قال: حدثنا محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر & في قول الله لنبيه صلى الله عليه وآله " ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا " يعني عليا وعلي هو النور فقال (نهدي به من نشاء من عبادنا) يعني عليا عليه السلام به هدى من هدى من خلقه قال وقال الله لنبيه (وانك لتهدي إلى صراط مستقيم) يعني انك لتأمر بولاية علي وتدعو إليها وعلي هو الصراط المستقيم (صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض) يعني عليا انه جعله خازنه على ما في السماوات وما في الأرض من شئ وائتمنه عليه (ألا إلى الله تصير الأمور).

وقال علي بن إبراهيم في قوله: " وانك لتهدي إلى صراط مستقيم " أي تدعو إلى الإمامة المستوية ثم قال: " صراط الله " أي حجة الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض " ألا إلى الله تصير الأمور " حدثني محمد بن همام قال: حدثني سعد بن محمد عن عباد بن يعقوب عن عبد الله بن الهيثم عن صلت ابن الحرة قال كنت جالسا مع زيد بن علي & فقرأ وانك لتهدي إلى صراط مستقيم قال: هدي الناس ورب الكعبة إلى علي & ضل عنه من ضل واهتدى من اهتدى.


1- أي انتقم منهم.

2- أي هو وجه العذاب. ج. ز.

3- كأنه جواب تنزيلي يعنى إذا فرضنا كما فرض السائل من أن صيغة " يزوجهم " بمعنى الانكاح، يمكن اخذ المراد بطريق جائز كما بينه الإمام عليه السلام وإلا ظاهر الآية ان التزويج فيها بمعنى التثني بقرينة ما سبق. ج ز.

4- وثى: كعلى الأوجاع.