الحجر

سورة الحجر

مكية

الجزء (14) آياتها تسع وتسعون (بسم الله الرحمن الرحيم الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين) حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن رفاعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كان يوم القيامة نادى مناد من عند الله لا يدخل الجنة إلا مسلم فيومئذ يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ثم قال (ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الامل) اي يشغلهم (فسوف يعلمون) وقوله (وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم) اي اجل مكتوب ثم حكى قول قريش لرسول الله صلى الله عليه وآله (وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر انك لمجنون لو ما تأتينا بالملائكة ان كنت من الصادقين) اي هلا تأتينا فرد الله عز وجل عليهم فقال (ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين) فقال لو أنزلنا الملائكة لم ينظروا وهلكوا ثم قال (ولو فتحنا) أيضا (عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت ابصارنا بل نحن قوم مسحورون ولقد جعلنا في السماء بروجا) قال منازل الشمس والقمر (وزيناها للناظرين) بالكواكب (وحفظناها من كل شيطان رجيم إلا من استرق السمع فاتبعه شهاب مبين) قال لم تزل الشياطين تصعد إلى السماء وتتجسس حتى ولد النبي صلى الله عليه وآله وروي عن آمنة أم النبي صلى الله عليه وآله انها قالت لما حملت برسول الله صلى الله عليه وآله لم اشعر بالحمل ولم يصبني ما يصيب النساء من ثقل الحمل ورأيت في نومي كأن آتيا اتاني فقال لي قد حملت بخير الأنام ثم وضعته يتقي (قابض ك) الأرض بيديه وركبتيه ورفع رأسه إلى السماء وخرج مني نور أضاء ما بين السماء إلى الأرض ورميت الشياطين بالنجوم وحجبوا من السماء ورأت قريش الشهب تتحرك وتزول وتسير في السماء ففزعوا وقالوا هذا قيام الساعة واجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة وكان شيخا كبيرا مجربا فسألوه عن ذلك فقال انظروا إلى هذه النجوم التي يهتدى بها في ظلمات البر والبحر فان كانت قد زالت فهي الساعة وان كانت هذه ثابتة فهو لامر قد حدث وكان بمكة رجل يهودي يقال له يوسف فلما رأى النجوم تتحرك وتسير في السماء خرج إلى نادي قريش فقال: يا معشر قريش!

هل ولد منكم الليلة مولود؟

فقالوا لا فقال أخطأتم والتوراة قد ولد في هذه الليلة آخر الأنبياء وأفضلهم وهو الذي نجده في كتبنا انه إذا ولد ذلك النبي رجمت الشياطين وحجبوا من السماء فرجع كل واحد إلى منزله يسأل أهله فقالوا قد ولد لعبد الله بن عبد المطلب ابن، فقال اليهودي اعرضوه علي، فمشوا معه إلى باب آمنة فقالوا لها أخرجي ابنك بنظر إليه هذا اليهودي فأخرجته في قماطه فنظر في عينيه وكشف عن كتفه فرأى شامة سوداء عليه شعرات فسقط إلى الأرض مغشيا عليه فضحكوا منه فقال أتضحكون يا معشر قريش هذا نبي السيف ليبيدنكم وذهبت النبوة من بني إسرائيل إلى آخر الأبد وتفرق الناس يتحدثون بخبر اليهودي.

فلما رميت الشياطين بالنجوم وأنكروا ذلك اجتمعوا إلى إبليس فقالوا قد منعنا من السماء وقد رمينا بالشهب فقال اطلبوا فان امرا قد حدث في الدنيا فرجعوا وقالوا لم نر شيئا فقال إبليس انا له بنفسي فجال ما بين المشرق والمغرب حتى انتهى إلى الحرم فرآه محفوفا بالملائكة وجبرئيل على باب الحرم بيده حربة فأراد إبليس ان يدخل فصاح به جبرئيل فقال اخسأ يا ملعون فجاء من قبل حراء (فصار مثل الصد (1) ثم قال يا جبرئيل حرف أسئلك عنه؟

قال وما هو قال ما هذا وما اجتماعكم في الدنيا فقال هذا نبي هذه الأمة قد ولد وهو اخر الأنبياء وأفضلهم قال هل لي فيه نصيب قال لا قال ففي أمته؟

قال بلى قال قد رضيت وقوله (والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي) اي الجبال (وأنبتنا فيها من كل شئ موزون وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين) قال لكل ضرب من الحيوان قدرنا شيئا مقدراء وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله " وأنبتنا فيها من كل شئ موزون " فان الله تبارك وتعالى انبت في الجبال الذهب والفضة والجوهر والصفر والنحاس والحديد والرصاص والكحل والزرنيخ وأشباه هذه لاتباع إلا وزنا، وقال علي بن إبراهيم في وقوله (وان من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم) قال الخزانة الماء الذي ينزل من السماء وينبت لكل ضرب من الحيوان ما قدر الله له من الغذاء وقوله (أرسلنا الرياح لواقح) قال التي تلقح الأشجار وقوله (وأنزلنا من السماء ماءا فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين) أي لا تقدرون ان تخزنوه (وانا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون) اي نرث الأرض ومن عليها وقوله (ولقد خلقنا الانسان من صلصال) قال الماء المتصلصل بالطين (من حمأ مسنون) قال حمأ متغير وقوله (والجان خلقناه من قبل من نار السموم) وقال هو أبو إبليس وقال الجن من ولد الجان منهم مؤمنون ومنهم كافرون ويهود ونصارى وتختلف أديانهم والشياطين من ولد إبليس وليس فيهم مؤمن إلا واحد اسمه هام بن هيم بن لاقيس بن إبليس جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فرآه جسيما عظيما وامرءا مهولا فقال له من أنت؟

قال انا هام بن هيم من لاقيس بن إبليس قال كنت يوم قتل هابيل غلاما ابن أعوام انهي عن الاعتصام وآمر بافساد الطعام فقال رسول الله صلى الله عليه وآله بئس لعمري الشاب المؤمل والكهل المؤمر فقال دع عنك هذا يا محمد!

فقد جرت توبتي على يد نوح ولقد كنت معه في السفينة فعاتبته على دعائه على قومه ولقد كنت مع إبراهيم حيث القي في النار فجعلها الله عليه بردا وسلاما ولقد كنت مع موسى حين أغرق الله فرعون ونجى بني إسرائيل ولقد كنت مع هود حين دعا على قومه فعاتبته ولقد كنت مع صالح فعاتبته على دعائه على قومه ولقد قرأت الكتب فكلها تبشرني بك والأنبياء يقرؤنك السلام ويقولون أنت أفضل الأنبياء وأكرمهم فعلمني مما انزل الله عليك شيئا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين عليه السلام علمه فقال هام يا محمد انا لا نطيع الا نبيا أو وصي نبي فمن هذا؟

قال هذا أخي ووصيي ووزيري ووارثي علي بن أبي طالب قال نعم نجد اسمه في الكتب " اليا " فعلمه أمير المؤمنين عليه السلام فلما كانت ليلة الهرير بصفين جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام قوله (وإذا قال ربك للملائكة انى خالق بشرا من صلصال) فقد كتبنا خبره (2) وقوله (وان جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم) قال يدخل في كل باب أهل ملة وللجنة ثمانية أبواب وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله " ان جهنم لموعدهم أجمعين " فوقوفهم على الصراط واما لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم فبلغني والله أعلم ان الله جعلها سبع درجات أعلاها: الجحيم يقوم أهلها على الصفا منها تغلي أدمغتهم فيها كغلي القدور بما فيها والثانية: لظى نزاعة للشوى تدعو من ادبر وتولى وجمع فاوعى والثالثة: سقر لا تبقى ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر، والرابعة: الحطمة ترمي بشرر كالقصر كأنها جمالات صفر، تدق كل من صار إليها مثل الكحل، فلا تموت الروح كلما صاروا مثل الكحل عادوا، والخامسة: الهاوية فيها ملك يدعون يا مالك أغثنا فإذا أغاثهم جعل لهم آنية من صفر من نار فيها صديد ماء يسيل من جلودهم كأنه مهل فإذا رفعوه ليشربوا منه تساقط لحم وجوههم فيها من شدة حرها وهو قول الله " وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وسائت مرتفقا " ومن هوى فيها هوى سبعين عاما في النار كلما احترق جلده بدل جلد غيره، والسادسة: السعير فيها ثلاث مائة سرادق من نار في كل سرادق ثلاث مائة قصر من نار، في كل قصر ثلاث مائة بيت من نار، وفي كل بيت ثلاث مائة لون من عذاب النار، فيها جبات من نار وعقارب من نار وجوامع من نار وسلاسل وأغلال من نار وهو الذي يقول الله " انا اعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا " والسابعة جهنم وفيها الفلق وهو جب في جهنم إذا فتح أسعر النار سعرا وهو أشد النار عذابا واما صعود، فجبل من صفر من نار وسط جهنم واما آثاما فهو واد من صفر مذاب يجري حول الجبل فهو أشد النار عذابا.

وقال علي بن إبراهيم في قوله (ونزعنا ما في صدورهم من غل) قال العداوة وقوله (لا يمسنا فيها نصب) أي تعب وعناء وقوله (نبئ عبادي) اي أخبرهم (اني انا الغفور الرحيم وان عذابي هو العذاب الأليم ونبئهم عن ضيف إبراهيم) فقد كتبنا خبرهم (3) وقوله (وقضينا إليه ذلك الامر) اي أعلمناه (ان دابر هؤلاء) يعني قوم لوط (مقطوع مصبحين) وقوله (لعمرك) اي وحياتك يا محمد (انهم لفي سكرتهم يعمهون) فهذه فضيلة (4) لرسول الله صلى الله عليه وآله على الأنبياء وقوله (ان في ذلك لآيات للمتوسمين وانها لبسبيل مقيم) قال نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم والسبيل طريق الجنة (وإن كان أصحاب الأيكة) يعني أصحاب الغيظة وهم قوم شعيب (لظالمين) وقوله (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم) قال فاتحة الكتاب أخبرنا أحمد بن إدريس قال حدثني أحمد بن محمد عن (عن محمد بن سنان ط) محبوب بن سيار عن سورة بن كليب عن أبي جعفر عليه السلام قال نحن المثاني التي أعطاها الله تعالى نبينا ونحن وجه الله الذي نتقلب في الأرض بين أظهركم من عرفنا فاماهه اليقين ومن جهلنا فامامه السعير، قال علي بن إبراهيم في قوله (الذين جعلوا القرآن عضين) قال قسموا القرآن ولم يؤلفوه على ما أنزله الله فقال لنسئلنهم أجمعين عما كانوا يعملون وقوله (فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين انا كفيناك المستهزئين) فإنها نزلت بمكة بعد ان نبأ رسول الله صلى الله عليه وآله بثلاث سنين وذلك أن النبوة نزلت على رسول الله يوم الاثنين واسلم علي يوم الثلاثاء ثم أسلمت خديجة بنت خويلد زوجة النبي صلى الله عليه وآله ثم دخل أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وآله وهو يصلي وعلي عليه السلام بجنبه وكان مع أبي طالب عليه السلام جعفر فقال له أبو طالب صل جناح ابن عمك فوقف جعفر على يسار رسول الله صلى الله عليه وآله فبدر رسول الله صلى الله عليه وآله من بينهما فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي وعلي وجعفر وزيد بن حارثة وخديجة يأتمون به فلما اتى لذلك ثلاث سنين انزل الله عليه (فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين انا كفيناك المستهزئين) والمستهزؤون برسول الله صلى الله عليه وآله خمسة: الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والأسود بن (المطلب ط) عبد المطلب والأسود بن عبد يغوث والحرث بن طلاطلة الخزاعي، اما الوليد فكان رسول الله صلى الله عليه وآله دعا عليه لما كان يبلغه من اذائه واستهزائه فقال اللهم أعم بصره واثكله بولده فعمي بصره وقتل ولده ببدر (وكذلك دعا على الأسود بن يغوث والحارث بن طلاطلة ط) فمر الوليد بن المغيرة برسول الله صلى الله عليه وآله ومعه جبرئيل عليه السلام فقال جبرئيل يا محمد هذا الوليد بن المغيرة وهو من المستهزئين بك؟

قال نعم وقد كان مر برجل من خزاعة وهو يريش نبالا له فوطى على بعضها فأصاب عقبه قطعة من ذلك فدميت فلما مر بجبرئيل أشار إلى ذلك الموضع فرجع الوليد إلى منزله ونام على سريره وكانت ابنته نائمة أسفل منه فانفجر الموضع الذي أشار إليه جبرئيل أسفل عقبه فسال منه الدم حتى صار إلى فراش ابنته فانتبهت فقالت الجارية انحل وكاء القربة، قال ما هذا وكاء القربة ولكنه دم أبيك فاجمعي لي ولدي وولد أخي فاني ميت، فجمعتهم فقال لعبد الله بن أبي ربيعة ان عمارة بن الوليد بأرض الحبشة بدار مضيعة فخذ كتابا من محمد إلى النجاشي ان يرده ثم قال لابنه هاشم وهو أصغر أولاده يا بني أوصيك بخمس خصال فاحفظها: أوصيك بقتل أبى درهم الدوسي فإنه غلبني على امرأتي وهي بنته ولو تركها وبعلها كانت تلد لي ابنا مثلك ودمي في خزاعة وما تعمدوا قتلى وأخاف ان تنسوا بعدي ودمي في بني خزيمة بن عامر ودياتي (رثاثى ك ودياني خ ل) في ثقيف فخذه ولأسقف نجران على مائنا دينار فاقضها ثم فاضت نفسه ومر ربيعة بن الأسود برسول الله صلى الله عليه وآله فأشار جبرئيل إلى بصره فعمي ومات، ومر به الأسود بن عبد يغوث فأشار جبرئيل إلى بطنه فلم يزل يستسقي حتى انشق بطنه، ومر العاص بن وائل فأشار جبرئيل إلى رجليه فدخل عود في أخمص قدمه وخرج من ظاهره ومات ومر به الحرث ابن طلاطلة فأشار جبرئيل إلى وجه فخرج إلى جبال تهامة فاصابته من السماء ديم استسقى حتى انشق بطنه وهو قوله الله " انا كفيناك المستهزئين ".

فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله فقام على الحجر فقال " يا معشر قريش يا معشر العرب أدعوكم إلى شهادة ان لا إله إلا الله وانى رسول الله وآمركم بخلع الأنداد والأصنام فأجيبوني تملكوا بها العرب وتدين لكم العجم وتكونوا ملوكا في الجنة " فاستهزؤوا منه وقالوا جن محمد بن عبد الله ولم يجسروا عليه لموضع أبى طالب فاجتمعت قريش إلى أبى طالب فقالوا يا أبا طالب ان ابن أخيك قد سفه أحلامنا وسب آلهتنا وافسد شباننا وفرق جماعتنا فإن كان يحمله على ذلك العدم جمعنا له مالا فيكون أكثر قريش مالا ونزوجه اي امرأة شاء من قريش، فقال له أبو طالب ما هذا يا بن أخي؟

فقال: يا عم هذا دين الله الذي ارتضاه لأنبيائه ورسله بعثني الله رسولا إلى الناس، فقال يا بن أخي ان قومك قد اتوني يسألوني ان أسئلك ان تكف عنهم، فقال يا عم لا أستطيع ان أخالف امر ربي فكف عنه أبو طالب ثم اجتمعوا إلى أبي طالب فقالوا أنت سيد من ساداتنا فادفع الينا محمدا لنقتله وتملك علينا، فقال أبو طالب قصيدته الطويلة يقول فيها: ولما رأيت القوم لا ود عندهم وقد قطعوا كل العرى والوسائل كذبتم وبيت الله يبرؤ محمد (نبرئ محمدا ط) * ولما نطاعن دونه ونناضل ونسلمه حتى نصرع حوله * ونذهل عن أبنائنا والحلائل فلما اجتمعت قريش على قتل رسول الله صلى الله عليه وآله وكتبوا الصحيفة القاطعة جمع أبو طالب بني هاشم وحلف لهم بالبيت والركن والمقام والمشاعر في الكعبة لان شاكت محمدا شوكة لأبثن عليكم بني هاشم فأدخله الشعب وكان يحرسه بالليل والنهار قائما على رأسه بالسيف أربع سنين، فلما خرجوا من الشعب حضر أبا طالب الوفاة فدخل إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يجود بنفسه فقال: يا عم ربيت صغيرا وكفلت يتيما فجزاك الله عني خيرا أعطني كلمة اشفع لك فيها عند ربي، فروي انه لم يخرج من الدنيا حتى اعطى رسول الله الرضى، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لو قمت المقام المحمود لشفعت لأبي وأمي وعمي وأخ لي كان مواخيا في الجاهلية.

وحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن سيف بن عميرة وعبد الله بن سنان وابن أبي حمزة الثمالي قالوا سمعنا أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهم السلام يقول لما حج رسول الله صلى الله عليه وآله حجة الوداع نزل بالأبطح ووضعت له وسادة فجلس عليها ثم رفع يده إلى السماء وبكى بكاءا شديدا ثم قال: يا رب انك وعدتني في أبي وأمي وعمي ان لا تعذبهم بالنار، قال فأوحى الله إليه اني آليت على نفسي ان لا يدخل جنتي إلا من شهدا ان لا إله إلا الله وانك عبدي ورسولي ولكن ائت الشعب فنادهم فان أجابوك فقد وجبت لهم رحمتي، فقام النبي صلى الله عليه وآله إلى الشعب فناداهم وقال يا أبتاه ويا أماه ويا عماه فخرجوا ينفضون التراب عن رؤوسهم فقال لهم رسول الله ألا ترون إلى هذه الكرامة التي أكرمني الله بها فقالوا نشهد ان لا إله إلا الله وانك رسول الله حقا حقا وان جميع ما اتيت به من عند الله فهو الحق فقال ارجعوا إلى مضاجعكم.

ودخل رسول الله صلى الله عليه وآله إلى مكة وقدم إليه علي بن أبي طالب صلى الله عليه وآله من اليمن فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ألا أبشرك يا علي!

فقال أمير المؤمنين بأبي أنت وأمي لم تزل مبشرا، فقال ألا ترى إلى ما رزقنا الله تبارك وتعالى في سفرنا هذا واخبره الخبر (5) فقال له علي عليه السلام الحمد لله قال وأشرك رسول الله صلى الله عليه وآله في بدنته أباه وأمه وعمه ثم قال الله (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون) أي بما يكذبونك ويذكرون الله (فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين) أخبرنا احمد ابن إدريس قال حدثنا أحمد بن محمد عن محمد بن سيار (سنان ط) عن المفضل بن عمير (عمر ط) عن أبي عبد الله عليه السلام قال لما نزلت هذه الآية (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين) قال رسول الله صلى الله عليه وآله من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات، ومن رمى بنظره إلى ما في يد غيره كثر همه ولم يشف غيظه، ومن لم يعلم أن لله عليه نعمة لا (الا خ ل) في مطعم أو ملبس فقد قصر عمله ودنا عذابه ومن أصبح على الدنيا حزينا أصبح على الله ساخطا ومن شكى مصيبة نزلت به فإنما يشكو ربه، ومن دخل النار من هذه الأمة ممن قرأ القرآن فهو ممن يتخذ آيات الله هزوا، ومن اتى ذا ميسرة فيخشع له طلب ما في يده ذهب ثلثا دينه ثم قال ولا تعجل، وليس يكون الرجل يسأل من الرجل الرفق فيجله ويوقره فقد يجب ذلك له عليه ولكن يراه انه يريد بتخشعه ما عند الله ويريد ان يحيله عما في يده.


1- الصد بالضم والفتح جبل أو سحاب مرتفع، وفى بعض الروايات انه صار مثل العصفور. ج ز.

2- فراجع ص 37 من هذا الكتاب.

3- راجع ص 334 ج 1.

4- يعني ان الله اقسم بحياته صلى الله عليه وآله. ج. ز.

5- اي الخبر المذكور سابقا من إجابة أبيه وأمه وعمه صلى الله عليه وآله وسلم. ج. ز.