المناقشات الكلامية

اذا القينا نظرة على مؤلفات المتكلمين، والموضوعات التي دار البحث والجدل حولها، قروناً طويلة، حيث اشغلت الكثير من الاذهان، واستنزفت الكثير من القوى والثروات ونتيجة لذلك ذهبت الكثير من الطاقات البشرية سدى، وبحثنا عن مدى علاقتها بالموضوعات التي حث القرآن الكريم على التفكير فيها والتحقيق حولها، لرأينا بأنه لاتوجد أي قرابة وعلاقة بينهما، فقد دار البحث والجدل سنوات طويلة، حول هذه الموضوعات التي لاتعتمد على اساس اسلامي، واما الموضوعات التي حث القرآن الكريم على البحث والتحقيق حولها، فلاتزال محتفظة بحيويتها وقوتها، حتى جاء آخرون، واخذوا على عاتقهم القيام بهذه المهمة، واندفعوا برغبة جارفة للبحث حولها، فأصبحت لهم المكانة الرفيعة، في الدنيا، ومن المخجل حقاً لنا ان نكون ملزمين، بالتعلم منهم، لنتلقى من غيرنا دروس القرآن الكريم وتعليماته الحية.

وقد ذكرنا سابقاً، ان الانسان كلما كان اكثر دقة وعمقاً في التفكير والبحث حول الموجودات في العالم، سيكتشف الانسجام والترابط الموحد، والنظام الواحد، والتلاحم الذي يربط بين اجزاء العالم ومكوناته، وسيعرف ان كل موجود، بل وكل ذرة، وان امتلكت طاقة، وحركة معينة، ولكنها ليست مستقلة في مسيرتها، بل انها مترابطة مع سائر الاجزاء، فهناك علاقات وثيقة تشد بين الاجزاء كلها، ولكل جزء هدف معين، في نطاق هذه المجموعة، ومهمة في هذا المدار، وبهذه الرؤية الموحدة، يكون للعالم حكم الوحدة الواحدة.